أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نهاد ابو غوش - إسرائيل تستثمر الجريمة للسيطرة على فلسطينيي الداخل















المزيد.....

إسرائيل تستثمر الجريمة للسيطرة على فلسطينيي الداخل


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 7642 - 2023 / 6 / 14 - 11:56
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


نهاد أبو غوش
في الثامن من حزيران، فُجع فلسطينيو المناطق المحتلة عام 1948 بالجريمة المروّعة التي نفذتها عصابات الإجرام المنظم في قرية يافة الناصرة قرب مدينة الناصرة عاصمة الجليل، وراح ضحيتها خمسة مواطنين بينهم أطفال، ليصل عدد ضحايا هذه الجرائم المتواصلة في صفوف فلسطينيي الداخل إلى أكثر من مئة قتيل قبل ان ينتصف العام 2023.
الجريمة أخرجت الدوائر الحكومية الصهيونية عن صمتها المعهود، لتتذكر بعد طول تجاهل وإهمال مسؤوليتها الرسمية تجاه استفحال هذه الظاهرة، فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طلع بتصريح مُسجّل ادعى فيه أن حكومته مصممة على وقف سلسلة جرائم القتل، ليس فقط من خلال تعزيز دور الشرطة ولكن أيضا بمساعدة جهاز المخابرات الداخلية المعروف ب"الشاباك". نتنياهو كان يرد بذلك على اتهامات منتشرة بأن حكومته لا تفعل شيئا للحد من هذه الجريمة، بل إن يد "الشاباك الطويلة" مسؤولة إلى درجة كبيرة عن نشوء هذه الظاهرة وتفاقمها.
القيادات والمؤسسات العربية في الداخل تتهم السلطات الصهيونية الحاكمة بكامل المسؤولية عن ارتفاع معدلات الجريمة في الوسط العربي الفلسطيني، وقد نظمت هذه الهيئات وابرزها لجنة المتابعة العليا التي تضم جميع التشكيلات والقوى الفاعلة في صفوف فلسطينيي الداخل، عديد الفاليات الاحتجاجية ومن خلالها حمّلت الجهات الرسمية كامل المسؤولية إن بسبب تقاعس الشرطة وتغاضيها عن جرائم القتل وعصابات الإجرام، ولمعرفة الجميع أن السلاح المستخدم في هذه الجرائم يتسرب من مخازن الجيش الإسرائيلي، (وبالتالي فإن تتبعه ومعرفة أماكن وجوده هو أمر يسير مع انتشار المجسات الأليكترونية المستخدمة في تتبع الهواتف الخليوية والمركبات)، أو بسبب ضلوع الشرطة المباشر كما اعترف بذلك المراقب العام لجهاز الشرطة يعقوب شبتاي خلال جلسة تقييم مهنية عقدتها قيادة الشرطة في حزيران 2021، وكان الغرض من ذلك التقييم حينئذ فحص مدى خطورة انتشار السلاح في أوساط العرب في إسرائيل خشية انتقال هذه الأسلحة لأيدي منظمات المقاومة. السر الذي كشفه شبطاي كان معروفا للقاصي والداني حيث أقر في تلك الجلسة التي نقلت وقائعها القناة 12 العبرية، بأن معظم المسؤولين عن الجرائم الخطيرة في الوسط العربي هم من العملاء المتعاونين مع جهاز الشاباك، وأن ايدي الشرطة مكبلة في التعامل مه هؤلاء لأنهم يتمتعون بنوع من الحصانة.
وقد اعترف عضو كنيست يميني يدعى ألموغ كوهين في تصريحات بثتها مؤخرا عدد من القنوات العبرية، أن السلطات الأمنية الإسرائيلية تتغاضى عن جرائم حيازة وتوزيع المخدرات التي يقوم بها بعض المجرمين في حال قبولهم بالتجسس على المواطنين العرب وتقديم معلومات أمنية للشاباك.
سيطر تنامي ظاهرة الجريمة على اهتمامات الناس ووسائل الإعلام والنخب والأحزاب السياسية العاملة في صفوف العرب، بل استخدمت ذريعة محاربة الجريمة لتبرير انضمام قائمة الجناح الجنوبي للحركة الإسلامية برئاسة منصور عباس لما أسمي حكومة التغيير برئاسة الثلاثي بينيت- لابيد- غانتس بين يونيو 2021 وحتى سبتمبر 2022، وبالطبع لم يتحقق أي إنجاز ذي معنى خلال عهد هذه الحكومة وظل مؤشر جرائم القتل في تصاعد مستمر حيث سجلت في العام 2022 مئة وتسع جرائم، ومئة وإحدى عشرة جريمة في العام 2021، ومئة جريمة في العام 2020، وثلاث وتسعون جريمة في العام 2019، وهكذا فإن استمرار الأمور على حالها يمكن أن يؤدي إلى قفزات نوعية أخرى في معدلات الجريمة.
تفكيك المجتمع لتسهيل السيطرة
وترى أوساط سياسية وأكاديمية أن دولة إسرائيل تسعى إلى تفكيك المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل لإبقائه أسيرا لتناقضاته الداخلية ولتسهيل السيطرة عليه، ومنع تطور وعي الفلسطينيين بأنفسهم كاقلية قومية، وخشية تحولهم إلى قوة مؤثرة لصالح شعبهم في معادلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
تعددت الدراسات والأبحاث الأكاديمية المتخصصة لتتبع مشكلات تنامي الجريمة في المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل المحتل عام 1948 والذي فرضت على مواطنيه الجنسية الإسرائيلية، ويجمع الباحثون على أن واقع التهميش والتمييز السلبي الذي يتعرض له العرب مسؤول عن تردي أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وذلك ما يشكل بيئة خصبة للجريمة، مع ارتفاع نسب الفقر وتدني مستوى الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية. وتشير دائرة الإحصاءات الإسرائيلية إلى أن نسبة الفقر في أوساط المواطنين العرب هي ضعف مثيلتها لدى اليهود (35.8% مقابل 17.7% علما بأن هذه النسبة الأخيرة تتركز لدى الجماعات الدينية المتزمتة – الحريديم).
هذا الواقع المتردي يتمثل في غياب وتراجع المؤسسات التي تقدم الخدمات النشاطية والرياضية والترفيهية للشبيبة، وارتفاع نسب البطالة وكذلك نسب الإعالة، وزيادة المتسربين من المدارس، والاكتظاظ السكاني مع تقليص مساحات الخرائط الهيكلية للبلدات العربية، وغياب أي خطط لبناء بلدات عربية جديدة باستثناء ما يخطط لبدو النقب الذي يأتي في سياق السعي لانتزاع أراضيهم.
وعلى عكس كثير من الشائعات المنتشرة والانطباعات المضللة عن ارتفاع نسبة التعليم في الوسط العربي، فقد أظهر بحث مفصل أجراه مركز "أهارون" للسياسات الاقتصادية التابع لجامعة آيخمان بمشاركة الباحثة العربية – الشركية ماريان تحاوخو، أن 70% من الطلاب العرب لا يستكملون درساتهم الثانوية، وأن 40% منهم لا يعملون ولا يتعلمون. كما أظهرت الدراسة أن 16% فقط من العرب يلتحقون بالتعليم الجامعي، مقابل 50% من اليهود.
في مواجهة الاتهامات المتكررة من قبل المواطنين العرب وممثليهم للسلطة الاسرائيلية وأجهزتها بالمسؤولية عن الجريمة، ينحصر رد الحكومة وأجهزتها في خيارين: الأول ذو طابع عنصري تمييزي ويقوم على اعتبار الجريمة في صفوف العرب أمرا طبيعيا ناشئا عن ثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم، وكثيرا ما يردد ضباط الشرطة والمسؤولون "الأمر لا يعدو كونه أن العرب يقتلون بعضهم بعضا"، ويذهب بعضهم إلى أعماق التاريخ العربي الجاهلي ليخلص أن ظواهر العنف والقتل وبخاصة ما يسمى القتل على خلفية الشرف والثأر هي ظواهر متاصلة في عقلية العربي وثقافته الصحراوية البدوية، بل إن هذه الخلاصة وردت في تقرير لجنة رسمية شكلها رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو عام 2019 برئاسة مدير مكتبه رونين بيرتس، حيث جاء في مقدمة التقرير أن هناك "من يعزو اسباب العنف والجريمة إلى العادات الثقافية للمجتمع العربي، وإلى العرف والسلوك الاجتماعي الراسخ منذ سنوات طويلة والذي يفضل التصرف بمعزل عن القانون".
يرد العرب على هذه الادعاءات بالإحصائيات والأرقام بأن معدلات الجريمة في أوساط عرب الداخل أعلى من مثيلاتها لدى مجتمعات عربية قريبة ومشابهة مثل الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن ولبنان بأكثر من ثلاثة أضعاف، وأن ذلك لم يكن ليتم لولا السياسات الرسمية التي تكتفي بالتغاضي عن الجريمة بل تشجعها.
الخيار الإسرائيلي الثاني يقوم على المقاربة الأمنية، أي عبر نشر مزيد من نقاط الشرطة والقيام بعمليات الدهم وحملات المطاردة والتفتيش والاعتقالات الاحترازية، وتعزيز سلطة ضباط الشرطة في اعتقال المشبوهين بدون أوامر قضائية، وتشديد الرقابة الأليكترونية، وتشكيل وحداث للمستعربين، وتكثيف اشكال التجسس والتنصت على المواطنين، وتقديم حوافز للوشاة وغير ذلك من وسائل تُجمع الفعاليات العربية على أنها لن تؤدي إلا إلى مزيد من معاناة المواطنين ولن تسهم في معالجة مشكلة الجريمة.
سبق أن شهدت المدن اليهودية انتشار ظواهر الجرائم المنظمة، وحروب الشوارع والتصفيات بين أجنحة العصابات المتصارعة، وقد نجحت حكومة أرييل شارون عام 2005 في القضاء على مراكز هذه الجريمة من خلال حزمة من الإجراءات الشرطية والاجتماعية والقانونية، فكان أن انتقلت مراكز هذه العصابات ببساطة من المراكز اليهودية للمراكز العربية.
يلخص النائب السابق وأستاذ القانون يوسف جبارين المسألة بأن موضوع الجريمة لم يكن يوما على جدول أعمال الحكومات الإسرائيلية، ويقول" إذا تعرض يهودي لهجوم من عربي فلا يستغرق الأمر في الغالب سوى ساعات ليتم العثور على المهاجم، بينما في 520 حالة إطلاق نار في أم الفحم ( وهي مدينة جبارين وثاني كبريات المدن العربية في الداخل) لم يتم تقديم لوائح اتهام إلا في 6 حالات!
وسبق للمفكر العربي عزمي بشارة أن لخص تعاطي الدولة الإسرائيلية مع المواطن العربي في كتابه "من يهودية الدولة إلى شارون: دراسة في تناقض الديمقراطية الإسرائلية" الصادر عام 2005، بالقول أن العلاقة التي تربط دولة إسرائيل بالفلسطيني هي علاقة أمنية بحتة، بحيث يكون الانشغال الإسرائيلي بالعربي انشغالا أمنيا تحكمه عقيدة أمنية ترى في العربي خطرا وتهديدا دائما للدولة ووجودها.



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبعد من هدم بناية وترويع مدينة
- عن المغيّر وجالود وترمسعيا وأخواتها
- بين الكلام والفعل
- عقيدة إسرائيل العسكرية: قتال لا يتوقف (2 من 2)
- عقيدة إسرائيل العسكرية: قتال لا تتوقف (1 من2)
- ليس بالصواريخ وحدها...
- ثأر الأحرار واستحالة إلحاق الهزيمة بالشعب
- عوامل خارجية وذاتية لإطالة أمد الانقسام
- الدفاع عن حرية الصحافة وحماية الصحفيين
- أصابع إسرائيلية تحرك الحرب في السودان
- عن رسالة محور المقاومة في يوم القدس
- العالم يتغير من حولنا
- مخاطر عبث الاحتلال بالمسجد الأقصى
- جولة من الصراع على القدس والأقصى
- وجود حكومة فاشية فرصة تاريخية لعزل إسرائيل وملاحقتها*
- نتنياهو يأخذ وقتا مستقطعا لاحتواء العاصفة
- إذن يستطيع بايدن الضغط على حكّام إسرائيل!
- شهوة السلطة أعمت نتنياهو عن إدراك الحقائق
- عملية حوارة وتصاعد المقاومة في الضفة
- تصاعد خطر المستوطنين وإجرامهم (2 من 2)


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نهاد ابو غوش - إسرائيل تستثمر الجريمة للسيطرة على فلسطينيي الداخل