أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - هَلُمَّ التَّو السّاعَة العَجَل















المزيد.....

هَلُمَّ التَّو السّاعَة العَجَل


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7641 - 2023 / 6 / 13 - 15:09
المحور: الادب والفن
    


... كانا آثنيْن، أحدهما يعتمرُ عمامة مدورة مفككة، هبط جزؤها الكبير على كتفيه نتيجة كثرة الحركة ربما أو آللامبالاة؛ والثاني حاسر آلرأس بلا شعر تقريبا إلا من ضفيرة طويلة معقودة في شكل عُرْوات مترابطة تتدلى خُصْلاتُها المتماسكة على صدره جهة اليسار.يقفان على عتبة أحد القبور القديمة المستوية وأديمَ الأرض.ذُو آلعمامة يحفر ينبش. آلآخر يمسك مصباحا زيتيا "لامبا" باهتة ترتعد فتيلتُه في شحوب خافت.يعلق حول رقبته شيئا مثل آللُّوبان مثل أخلاط العقيق أو ما شابه.زحفنا على بطنيْنا وصدريْنا مطرقي آلرؤوس تجدف أيدينا غمار الأشواك وآلأعشاب العطرية القصيرة.كان الشبحان يهمهمان بكلام غير مسموع .. تقدمنا أكثر ...

_ إيـلْ تَكُّـودْ طَفْريِّي هَللي .. ما كان علاش تخافْ أنْحَرْ لعيشتْ خْ لمطاعسين أنزَرْ ماينْ غْـرَا يينْ .. والله بَابَتْوَنْ يِـطَـا تْبَعْرَمْ .. (لا تخفْ اتبعني فقط سوف نفسد على هذين المعتوهيْن عزيمتهما تبا لهما) قال صاحبي ..

انحرفنا يسارا تَقُودُنا غريزتُه المتقدة إلى أمكنة أكثر سترة .. ماذا لو حاولنا إخطار الناس كي يتدبروا ما يفعلون .. لا يا صاح (يا أمَدَّكولْ) .. "..هذا العراك عراكنا الخاص علينا مواجهته .." .. هذا ما آقترحتُه في سري وذاك ما خمنتُه كرد فعل منه لمبادرتي، وقبل أن أعمد إلى أي حركة أحادية، أمعنتُ آلنظر إلى سبل الوصول إلى المنزل هناك وسط البلدة، فوجدتُ السبل كلها فارغة من العابرين والمتسامرين والرائحين وأصحاب متأخرات المهام الليلية، مظلمة موحشة مُشَجَّرَةً تخفي هواما وغيلانا وفزاعات حقيقية، فتراجعتُ .. ضربتُ صفعا عن كل خواطر المبادرة.اِخترقنا غابة البلوط جنوب المقبرة .. تجرأنا .. دنونا حتى كدنا نلامس بعض الشواهد المسطحة المطموسة .. إننا لا نُرَى .. هذا أكيد .. هكذا كان يقيننا .. اِرتجت الأرض رجا خفيفا في البداية .. مرقت سحلية .. سُمِـعَ صوتُ حفيفِها بين الخشاش .. طَار طائر تالف من مكان ما .. طـابْ طااابْ .. يصدح كعادته في فضاءات غير معلومة بصفير متواتر مضبوط الوقفات ... التفتَ آلرجلان، ربما خافا .. فركتُ عينيَّ .. أتْلَعَ صاحب (اللامبا) عنقه البارز المديد، فبدَا بياضه تحت ضوئها البرتقالي الشاحب أحمرَ محتقنا كأعناق بُغاث آلفلوات.صرخ آلآخـرُ ناظرا حوله بحذر...

_ كُــوزْتْ تَـنْـفْـلاَرْتْ أَوَشْ .. إيـسْ تْـريتْ أَدَخْ نَــزْرِيــنْ .. (اخفتِ الضوء يا ملعون .. هل تريد فضحنا ؟؟ )

جذبه بعنف من ضفيرته بيد واحدة، بينما ظلت الأخرى تمسك المعول تُلوح به في الفراغ ...

_ إيـزْ غَـايَـدْ أفَـنْـمْـشَـاوَرْ أتْـنَـسْـكَـرْ .. سْـكـيوْسْ غَـرَّكْ أيِــيـوْسْ وَاشْ .. رَارْ لَعْقَـلْ .. ( أهذا ما آتفقنا عليه .. اجلس الأرض يا آبن الحرام ركزْ جيدا في شغلك ... )

وضع آلة الحفر جانبا.عمد إلى صندوق من خشب معلق في غصن سنديانة حذاء القبر (دْكجْ أوسكلو زْتاتْ طَامْطَلْتْ) .. فتحه .. أخرج منه ما يشبه طُـرْسا سميكا قديما...

_نَكْ أكَّانْ أنَفَالْ إيوِيغْدِ ديدي أمْـسُوضْ أيْينْفْعُو أَسْتُخْلُو ربي تَكَـتَّـادْ .. يَغْزي بلا لفايَتْ .. (أنا الأحمق الذي يستعين بمعتوه مثلك .. لعنك الله بطولك الفراغ غير النافع ... )

صاح في وجه صاحبه الذي أذعن للأمر بخنـوع ...

_إتِيدْ دَاري (احدرْ قليلا) .. أقاسَحْ الراسْ .. أعوذُ بالله من المععمرين .. قْطَعْ لْحَسْ سْقَارْ ...

جعل يتفحص الطرسَ، فإذا بطُرُوس أخرى أصغر فأصغر تطفر بين يديه .. أقعى مترنحا يقلبها ..

_أرَبي .. عْلى مولانا .. هــااا .. هٌـــووو .. هييي ...

حتى وصل بغيته في إحدى الصفحات الموسومة بريشة طير عملاقة .. وضعها في إحدى ثنايا رزته مصـوِّبا عينيه جهة المكتوب وهو يتمتم بكلام غير مفهوم هَـازا هامته يُلَوحُ بها وبعمامته يسارا يمينا كَـمَنْ يترنم على إيقاع معين يسرع حينا يبـطئ ...

_رمضانهم ولى هذا عيدكم حَلَّ وقت خلاصكم المرتقب هيا آخرجوا يا صحاب آنبجسوا من معاقلكم أحرارًا سالمين تغنمون ...

راح يجمجم يصرخ بملء قواه شاهرا ذراعَيْه إلى السماء ..

_ .. آآآهَاااوْ .. بحق أهْيَا شَرَاهْيَا أَدُونَايْ آلْ شَدَايْ شماخ أصباؤُتْ .. اظهروا لكم الأمان والتحيات الضامنات .. مهْ لَهْ صَهْ .. بيني وبينكم عهد الصمد لم يكن له كفؤا أحد .. افرنقعوا تجمعوا كونوا هنا معي .. هُولاَيِينْ هَلْهَشَا بَهْرُوشْ ميهْرُوشْ هُووهْ .. ميصر هُو ميصيص .. بارك الخالق فيكم لكم عليكم .. الله هُوهْ الله هُوه الله .. هوووهْ .. لكم عالمكم لنا عالمنا بينا بينكم مواثيق وعهود لا ننقضها لا تنقضونها .. هَااا .. هَاهَا هُوه .. بآسم مَنْ يتحكم بنواصيكم والأقدام بآختلاف الألسن واللغات وآلأصوات .. يا دُبَّارَ أدْبِرِ يا همعيلَ آنصرف .. يا مؤنس آلانس اقبل .. يا شمردل هُلَّ هُلَّ بآسم الملك آلأعلى سْرَافيلَ .. يا حاكم الخميس يا برق البروق يا برْقان اسطع بالشروق بآسم سلطان الملكوت مالك آلأعلى الجبروت يا سر آلأسرار يا قاهر الأقنان الفجار والأحرار .. قاصدكْ والمقصود الله .. أجب بالكلمات التامات وحقات السموات العُلَى وجبروت الأسفلين وآلآخـرة وآلأولى .. يا حاكم العُـمَّار ياصاحب العزة والشان هانَا الآنَ هنا هَانا جِيتْ .. هَانَا لَبيتْ النداء اوفيت بوعدي وهذه هديتك الكبرى .. أجبْ بحق يومك الميمون هذه ليلتك هذا أنت وتوابعك التُّبّـعُ خدَّامك المطيعين أطيعوا استجيبوا بحق هديتك الموعودة بحق ندرك هذا .. العَجَل العجَل ألوحَا .. أوفيتُ بوعدي فأين وعدك لي يا صاحب البرهان اظهـرْ ابرزْ شانك لي ليكْ لاَمَانْ .. لقد جُبتْهَا آلأرضينَ قمتُ بالطقوس كما أمرتني يا سيد الجبال .. ها هي فديتك بين يديك وها هودمك المنذور اقْضِ حاجتي بحق لَيَارُوشْ لَيَاخيمْ لَيَاخُورْ لَيَاروثْ لَيَاشْلشْ .. توكل أيها الروح أيها الاسم الخفي أيها الكوكب المحْرِقُ الثاقب القاصف القاصل .. هَـلُمَّ التو الساعة العَجَل ...

صار يرتعد يتززل يتحيرُ بشطحات غريبة يخبط برجليه الأرض، وعمامته تسبح في الهواء بعنف متصاعد.فتح صاخب الضفيرة (بابْ نْ طْغَـطَّاشْتْ) الحقيبة، أخرج منها مجمرة صغيرة، بمجرد أن ألقى فيها ما جذبت يداه من صُرّة ناوله إياها صاحبه، حتى تصاعدت أدخنة بروائح أعشاب تحترق ..

_هَـا هَـا هُـوه .. بآسم مَنْ بيده نواصيكم والرقاب .. بآختلاف الألسن واللغات وآلهمسات والزفرات .. يا دُبَّارَ أدْبِرِ يا همعيلَ آنصرف .. يا مؤنس آلأنس اقبل .. يا شمردل هُلَّ هُلَّ بسْم الملك الأعلى سْرَافيلَ .. يا حاكم الخميس يا حاكم الجُمعات والأيام والليالي الطافحات بتيجان الجاه العالي يا برق البروق يا براقان اسطع بالسطوع بآسم سلطان الجبروت مالك آلملكوت بيده ناصيتي ناصيتكم ناصية آلعالمين يا سر آلأسرار يا قاهر العبيد الفجار والأحرار ...

حروووف جعلتْ تتكسر من شدقيه كالزجاج .. صرخااات كالوجع كالتوسل الهائج ترن تصطك .. جعل يسترسل فيما هو فيه من هلوسات غارق ومرافقه في جو غير مألوف عابق بروائح عجيبة، منها ما عرفت وكثير منها لا عهد لي به ..

_قاصدكْ والمقصود الله .. أجبْ بالكلمات التامات وحقات السموات العلى وجبروت الأسفلين الحاضرين الغابرين .. يا حاكم العُمَّـار يا صاحب العزة والشان هااانَا جيتْ .. هَا نَـا لبيتْ النداء اوفيت بوعدي هذي هديتك الكبرى ..

ثُـم .. بإماءة خاطفة، ذهب ذو الضفيرة إلى خميلة مجاورة أحضر كيسا كبيرا يتحرك ...

_ارْزَمْ ارْزَمْ آجِّيفْتْ .. افتحْ لَعْقَــادْ ...

صاح صاحب الكلام الغريب.وما إنْ فعل التابع ما أُمِـرَ به حتى خرجت من الجراب كتلة تترنح بلا هداية .. إنه بشر إنسيّ مثلنا آمْ نتشني .. همس صاحبي .. أمعنا النظر مليا...

_ فَــكْـ لَقْيَـادْ سَـرْبي ...

هرق مزيدا من البخور في المجمرة...

_أجبْ بحق يومك الميمون هذه ليلتك لك أنت وتوابعك التُّبّـعُ خدَّامك المطيعين أطيعوا استجيبوا بحق هديتك الموعودة بحق ندرك هذا بحق ميقاتك هذا بحق ساعتك هذه .. العجل العجل ألوحَـا ...

قَـرَّبَ صاحب الخصلة المفتولة الهدية المزعومة من القبر يدفعها من ظهرها ليمسك آلآخـر يدها اليمنى ويسير بمعيتها إلى الوسط يجلسها ...

_رَبَّـعْ رَبَّــعْ غيم غيمْ سْكِـيـوَسْ سَـنْـفُـو ( اجلس ارتح )...

قال معنفا وأكمل ...

_أوفيتُ بوعدي فأين وعدك يا صاحب البرهان اظهرْ ابرزْ ليكْ لاَمَانْ .. لقد جُبْتُهَا آلأرضينَ قمتُ بالطقوس كما أمرتني يا سيد الوهاد والجبال .. ها هي فديتك بين يديك وها هو دمك المنذور اقْضِ حاجتي بحق لَيَـارُوشْ لَيَاخيمْ لَيَاخُورْ لَيَاروثْ لَيَاشْلشْ .. توكل أيها الروح المبجلة أيها الاسم الخفي أيها الكوكب المحْرِقُ الثاقب القاصف القاصل .. هَلُمَّ التو الساعة العَجَل ...



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دَمُ شَاعرٍ
- مُدَرسونَ نحنُ لسنا مطافئ
- غُودَااانْ / الصّبيحُون
- طابق الكرودا Tabak Lagroda
- مثل أرزية سامقة
- مُجَرَّدُ حَادِثٍ كَانَ يَعْبُرُ آلسَّبِيلَ
- لَمّا
- أنامل تنسج أنوار آلقمر
- فَعَلْتُهَا وَأَنَا مِنَ آلضَّالِّينَ
- مُوتْ لَارْضْ
- آدْيَاوِي المُوزيطْ نَغْ آدْيَاسْ دي المُوزِيطْ
- وَحِيدًا يَخُوضُ غِمَارَ آلْيَخْضُور
- آرَّتْ لْبَالْ
- أَمْخَطَا نْتَقْبِيلْتْ
- دُوسُونْ دُوزْ 212
- جَلَبَة
- تْرَاتَّاسْتْ Tratast
- قُبَيْلَ آلْحُلْمِ بِقَلِيلٍ
- في آنتظارِ قيامةٍ أخرى لا تبقِي ولا تذَر
- تَامَغْرَبِيتْ عْلَاشْ لا


المزيد.....




- -متحف البراءة-.. بوح باموق من الصفحات إلى أعين الزائرين
- ترددات قنوات الكرتون .. تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 على ...
- اطلع على موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 165 مترجمة عبر ق ...
- أغنية مصرية للأطفال تحقق مليار مشاهدة (فيديو)
- أثارت جدلا.. ليلى عبد اللطيف تتوقع مصرع فنان وتورط ممثل عربي ...
- إنزو باتشي: حرب إسرائيل هي تطهير عرقي، ونعيش مرحلة تاريخية م ...
- الليبي سعد الفلاح يهزم البلجيكي ساجورا بالضربة الفنية القاضي ...
- غارديان: هل كانت محاولة الانقلاب في بوليفيا مسرحية نظمها الر ...
- مصر.. تفاعل ومطالبات بمحاسبة المسؤولين عن إقامة حفل ابنة مذي ...
- شاومينج بيغشش.. تسريب امتحان اللغة الأجنبية الأولى ثانوية عا ...


المزيد.....

- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - هَلُمَّ التَّو السّاعَة العَجَل