|
تطبيقات مبكرة لهوية السرد في الذاكرة الرافدينية/ القاصان محمود جنداري وجمعة اللامي نموذجين
محمد خضير سلطان
الحوار المتمدن-العدد: 1720 - 2006 / 10 / 31 - 08:18
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
أخضعت سوسيولوجيا المعرفة التاريخ بوصفه واقعة سرديةالى مظاهر البحث العلمي المعاصر ، من خلال تراكم المعلومات و التحليل داخل حقل التجاور البنيوي للعلوم الذي ينتج بدوره التحديد المفاهيمي لحقب معرفية تأريخية و أنسانية ، ينتمي أليها السرد ))الوقائع الكلامية )) و يتسم بأفقها الفكري و مستوى تقدم الحياة على جميع الصعد .لقد ساعد حقل التجاور البنيوي للعلوم في هذا المجال في سبيل المثال على أنتشال علم السومريات من تراكم العلوم الاشورية والبابلية بالتدقيق في طبيعة اللغة الاكدية كلغة سامية و طبيعة الايقاع الصوتي و الاسلوبي والتداولي في اللغات الشرقية القديمة . أنصب أهتمام علم السومريات فيما بعد بالاستناد الى الاختلاف الناشئ بين لغة السومربين في الشكل المسماري و شكل اللغات السامية ،((و الذي زاد من أهتمام الباحثين ما ترك لهم زملاؤهم في القرن السابع عشر و الثامن عشر ، فلم يكن أحد يعرف شيئاً حتى منتصف القرن التاسع عشر عن السومريين أو حتى عن و جود شعب بهذا الأسم له لغته و حضارته في وادي الرفدين و كانت المعلومات تؤكد بأن الاشوريين هم مبدعو الكتابة المسمارية حتى شكك- هنكس- في عام 1850 في عدم ملائمة الخط المسماري لطبيعة اللغات السامية (( (1) وبذلك عملت مظاهر البحث العملي على ترك الساحة مفتوحة بأستمرار على المزيد من الدقة العلمية لتكوين البنى السردية الرافدينية و أعطاء صورة للذات الانسانيةعلى نحو ما في ضوء النتائج المتضافرة لان عمليات البحث تجري من قبل الاخر الغربي او الاميركي ، و عملية ترك الساحة مفتوحة أيضاً من أجل أن تتخلخل هذه العلاقات التي تقوم عليها البنى ، في حالة ظهور نتائج جديدة ، تهتز لها الهوية السردية الأنسانية و تؤدي الى نفي تصورات سابقة و تستحدث وقائع كلاميه وملحمية جديدة مثلما حدث في أكتشاف ملحمة كلكامش كأقدم نص ملحمي في العالم مما أستدعى الشطب لملاحم يونانية مماثلة وأحلال نتائج جديدة تلقي المزيد منه الضوء من أجل ضبط التصورات و المفاهيم ، و يشبه الدكتورمحمد آركون )هذا الأكتشاف و تأثيره على العلوم الانسانية بثورة كوبر نيكوس في الذات المعرفية و تأثيراتها في المجالات العلمية ،واشار روجيه غارودي ايضا الى اكتشاف هوية سرد ملحمية بعمق مضاف لهذا فان عمق الحقبة التي كانت الالياذة ،تحدد فيها السرد الانساني معرفياً شطبت وحلت معها حقبة كلكامش في أعادة صورة الذات الانسانية بواسطة عمقها الزمني ، أي قبل الف وخمسمائة سنة من ذلك التعيين . و هكذا يستمر التاريخ في سياقة السردي الذي تتحدد به صورة الذات الانسانية و الهوية و تنفتح في النتائج العلمية على تحولات البحث . أذن ما هي الهوية السردية الرافدينية ؟ أذا كانت هذه الدراسة تعتمد النص الأدبي و القصصي على وجه التحديد الذي هو الأخر يعتمد عل متون حكائية من الخارج )) الافق الاجتماعي و التاريخي ((فأنها أي الدراسة ، تبدأ من الخارج – خارج النص الادبي –و في ضوء البعد الاجتماعي المعرفي – سوسيولوجيا المعرفة -، أذ تنغمر الذات أو تتخفى في البعد السردي للوقائع ، سواء في لوح مقروء أم في المخيلة الشعبية ، و تتحدد علاميتها من خلال صيغ السرد و ظرفيته التاريخية ، أي أن الحصيلة العلامية ، أنتاج القول و الملفوظ الشفاهي ، تشكل سمات السرد و تخفي وراءها ذات السارد أو القائل فرداً أو جماعة ووهما أو حقيقة ،، و لأن طبيعة الوقائع و ظرفيتها التاريخية تحتم شكلاً من أشكال التعبير ، تبدو الذات هي الاخرى رهن هذه التاريخية بالرغم من تبديها المستمر في أشكال جديدة ، غير أن الشكل الذي تندرج فيه هو الذي يميزها في البناء الفني مع أبقاء أمكانية الفصل بين الذاتي و الموضوعي ، و النص والخطاب، الاني و التاريخي ، وتعد العملية مثل البعد التركيبي للأ قكار أذا ما كانت هذه الافكار خارج اللغة فلا تستطيع أن تجد أطاراً مناسباً لها و في نفس الوقت لا تستطيع اللغة أن تنفي وجود الفكرة المجردة التي لا تتمكن من صياغتها . أن الذات الفردية أو الجماعية لا تتشكل من ما هيات الوقائع الطوبوغرافية و اللغوية و أنما تتجاوزها الى أرتسام الهوية السردية و أنتاج معنى مستمر في التبدي المستمر بعرى الوقائع . فما أن تتشمع الذات في ظرفية حقب عميقة حتى يذوب الشمع بأفول المراحل و تنطلق من عقالها في تبد جديد عبر الاحقاب الطويلة و عسى أن يكون المدى الحداثي في علامات الصيرورة الثلاث في الحداثة الزراعية و الصناعية و العصر الحديث دليلاً على التشكل المستمر . و هذا التبدي و التشكل المستمر و الظروفي للذات يسميه الدكتور فتحي التريكي هو تمط بين الولاده و الموت ، الظهور و الاختفاء ، المنقطع و المتصل داخل تماسك الحياة ، فأذا كان السرد و هماً فهو يستمد مرجعياته من المفهوم الميتافيزقي عن الوجود و أذا كان حقيقة فيستمد مرجعياته من المفهوم الانطولوجي أو يكون مزدوجاً ، مناوراً بين المستويين متمطياً بين الزمن و الوجود و يؤلف بين ذات ساردة ووقائع معاشة . يوضح بول ريكور ايضا بواسطة مفهوم السردية تاريخية الفرد فهو يرى أن الهوية السردية تتجاوز( الماهو) لتصبح ذات الكائن في تغيراته و تحولاته داخل تماسك الحياة نفسها ، فالفرد يبني هويته بواسطة سردها للأحداث : أي أنه يقوم بأختصار هذه الأحداث وهمية أو حقيقية و سيصبح هذا السرد بالنسبة للفرد أو الجماعة تاريخاً مجدياً يعطي للحياة تماسكها في تمط بين ولادة وموت لعل الاستشراق في اطواره الاولية ، لا يستطيع ان يلم بالهوية السردية الرافدينية ( صورة الذات المرتبطة بالوقائع ) في تاريخ حضارة وادي الرافدين الا في ضوء الأشارات الورادة في النصوص المزمارية من التوراة التي جاءت بذكر بعض المدن القديمة أو بعض كتابات المؤرخين اليونانيين و الرومانيين عن بابل وأكد و آشور ،، اذن، لا ينشأ السرد من طبقات الرمال التي تجثم على القلاع و المعابد و القصور و لا من المجاهيل التي تقترحها مخيلة البدو والريفيين في أقبية الزمان ، أنها نوافذ محكمة الأغلاق بالرمال المتراكمة على عالم قديم .... مختفٍ بل أن المحاولات الاستشراقية بدات باستنطاق الرمل وذاكرة البدو والمهاجرين من أطراف المدن ...... وبعد قرون غابرة استحدثت وقائع جديدة سنأتي على ذكرها في قصة الثلاثية الثالثةللقاص جمعة اللامي واتحفت الذاكرة الرافدينية لكنها أزاء الرمال تمتلك صورة الصدمة الأولية لأثر ملغز في عالم آخر مبهم وكما جاء في قصة العصفور (زو) للقاص الراحل محمود جنداري .)) فالنوارس في البحر تحلق في فضاءات بعيدة والنوارس في معبد ماري هي صور / و صور في أفاريز من الجص الأبيض،و معبد ماري الذي تغطيه رمال الصحراء ، كان يخبىء في جدرانه الجصية المزينة، رسوم النوارس/ وصور في أفاريزمن الجص الابيض ولاعجب الفرق ليس كبيرا بين نوارس البحر والصحراء ومعبد ماري )) الفرق في الاستعاده السردية بين الاثر الذي تطمره الصحراء والاثر المستعاد في السرد .....فكيف اذا ازيحت طبقات الرمال من زقورة اور واروقة قصر خرسباد وأالتمعت اعين الثيران المجنحة الرابضة قرب بوابات القصر بضوء الشمس ثانية بعد قرون طويلة ؟كيف نستعيد ذاكرة الاحداث لأكتشاف الذات وتجاوز الصورة الاولية الفردية لاثر الرمال المتمطية بين ولادة وموت بتعبير التريكي ؟هل يكفي ان نربط بين الذاكرة الميثيولوجية والدينية والمعاصرة ام نستتبع نهايات الطوفان السومري في قصة الطوفان التوراتية؟ هل هي ذاكرة نفي لاثبات نص وطمر)نصوص في البحر الميت( ام هو اختزال من صور متخفية. ان السرد الوقائعي الرافديني نشأ في صورته البدئية الاولى )من بطون كتب المؤرخين والرحالة اليونانيين والرومان الذين كتبوا من مدن العراق القديمة ووصفوا الانهارواحوال الملاحة والري واخبار الملوك والصعاليك والجنائن المعلقة والقصص والاساطير ومنهم هيرودتس والجغرافي الشهير سترابو واشار كتاب التوراة الى الكثير من معالم بابل وأكد و آشور واخبار ملوكها وبدأت الرحلات في العصر الحديث في أهتمام السياح والرحالة الاوربيين في القرن السابع عشر فأستنسخوا نماذج من الكتابات المنقوشة ونقلوها الى بلدانهم ومنهم الرحالة بوشوم الذي اقام في بغداد بين عام 1785-1790 وكان اول من ازاح الانقاض عن اسد بابل وأعطى وصفا مجملا لاجزاء من بوابة عشتار ).انهم يطأون عالما جديدا من عمق الذات الانسانية ويسردون واقعة التاريخ في الفكر المعاصر، ساعدهم في ما تبين لهم في الكشف ، ان سكان وادي الرافدين حريصون على تدوين وحفظ مختلف الجوانب من حياتهم اليومية فمقبرة أور الملكية الجماعية أثر موتى واللوازم التي دفنت معهم أثر الحياة والسرد . لقد اسبغ العقل الغربي على واقعة التاريخ طرائقيته وهدفيته في البحث والتحليل .ولم تاخذ بعدها التكاملي خارج الغرب وترعرعت في ظل تبلور مفاهيم وممارسة حضارة الغرب في تكاملية المسار الاجتماعي /المعرفي بينما تحيا شعوب الشرق انحسار مساراتها على جميع الصعد مذ طمرت فيها الحضارات الاولى، مما استلزم التحرر البدئي والسعي نحو التكامل في المسار الاجتماعي/ المعرفي باستحضار رموز التاريخ المكانية وربطها بالذات والهوية المعاصرة ترافقها نهضة ايقاظية في وعي الذات التاريخي. ان منطقة العالم في أسيا وافريقيا التي هي منشأ الحضارات السابقة تطرح مشروع املها التنويري ضمن المنظور المعاصر وتسعى اليه في مسيرة الكبوات والاستطالات والامحاء والاخفاق واستعادة قراءة الواقع وعبور الاخطاء ....لذا فأن الهوية السردية الانسانية هو برنامج الغرب الثقافي عبر تكاملية مشروع في ابعاده الاساسية والطريق الطويل للنهوض الاجتماعي - المعرفي هو البرنامج الثقافي لمنطقة العالم الاسيوي والافريقي نحو بعدة التكاملي . ان صورة الذات وهوية السرد محكومة بالمسارات كلها .وعلى هذا الاساس تبدأ عملية الحوار الداخلي على مسنوى الواقع وتكريس ارادة الفعل والرهان على وعي الذات التاريخي ،،،،،، والنص الادبي واحد من المسارات في الفضاء الاجتماعي .يمثل تلك المواضعة ويعمل على تجسير الفجوات بين المتخيل والمرئي والمعلن والخفي .بين الممكن والمستحيل للقبض على الرؤيا في طريق علاقتها ضمن خط التاريخ
.حقبتان من السرد تميزت الحقب السردية الرافدينية بحقبتين اساسيتين تحملان صفاتهما المتفاوتة فتتصف الحقية الاولى بالمكان الخفي بلا ذاكرة والثانية بالذاكرة الموصولة بالمخيلة الشعبية .الحقبة الاولى ترتكس في الرمال منذ عصور ما قبل الميلاد الضائعة في الزمن والتي حددتها الاشارات هنا وهناك منذ المزامير التوراتية وحتى استقرار صورتها في العهد الاستشراقي المعاصر..هذه الحقبة التي تكمن في اوابد افكارها،،الذاكرة المفقودة حتى تمت بعض السيطرة على الاوابد بازاحة الرمال ...والحقبة الثانية تبدأ في اعقاب القرن السابع الميلادي واعقاب عام 1258-. وتتصف هذه الحقبة بانها متصلة في ذاكرة الناس، أخذ تها ألقبا ئل المهاجرة من ذاكرة بقايا المدن بعد انهيار امبراطورية بغداد 1258 بعد أن استقرت في طفحها من الأ طراف ، أي أن ثمة صفة سردية منقطعة غير قابلة للاستنطاق وترتكس في الرمال القديمة وصفة سردية متصلة تبدأ من فجر الاسلام وتنتهي بانهيار بغداد وتستجد في ذاكرة مهاجري أطراف المدن والجزبرة العربية. ان هذين الحقبتين السرديتين تعقدان خطوطهما الموجية وسماء الرؤيا في العصر الحديث ومنهما تتم حالة الاستنطاق والفهم .... لقد عبر القص العراقي(موضوع البحث) وبالاخص مرحلة الستينيات في التجريب الفني في دفع الرؤية السردية الى منطفة جديدة فقد أستبدلت المناظير وأضيىء المتخيل بشحنات مضافة بحيث صار المشروع الستيني المشروع المبكر في الساحة المعرفية والفضاء الاجتماعي وتصبح تطبيقاتة ريادية في هذا المجال .وطبعا هذا لايشمل الريادية القصصية لكتابة القصة وتاريخها في العراق .واذا كانت ثمة كتابة تتناول الذاكرة الرافدينية قبل المشروع الستيني فأنها تمثل أفرادها وعلى نطاق مبكر جدا .. سنورد مثالين من القص العراقي الستيني وتطبيقاتهما .الاول في الذاكرة المنقطعة للقاص الراحل (محمود جنداري)في قصة القلعة والثاني في الذاكرة المتصلة للقاص (جمعة اللامي) في قصة الثلاثية الثالثة. ولعل القصتين تتناظران في محتوى القلعة . وتختلفان في أنعكاس منظورها على كل نص فهناك قلعة الحقبة السردية الاولى في قصة جنداري الاولى اوالتي يستطلع سردها القصصي من معالم المكان وهنا قلعة الحقبة الثانية في قصة اللامي يستطلع سردها القصصي من المخيلة المجتمعية الريفية. يتجه السرد في قصة القلعة للقاص الراحل جنداري الى وصف صورة المدينة الغابرة من عهد ما قبل الطوفان حتى غدت تلا عاليا يلوح من بعيد ويزداد أرتفاعا منذ خمسة آلاف سنة ثم يتلبس الوصف صورة القلعة التي صارت مدينة لها أسم القلعة وتقابلها حانة،وتحت الحانة قبو عميق مظلم ، تصل ممراتة السرية بمجرى النهر الخالي من الماء الذي يجري فيه الهواء المسعور تارة والدم تارة اخرى من قنوات متعددة ويكمن تحت المجرى النهري قبو آخر للمحفوظات السرية يسميه النص)التاريخ المحنط( وفي ما بين المشاهد من فسحات فنية،يلتقط الراوي بعض الحشوات الاسطورية التي تقوم على متون حكائية متعددة تفضي احتمالاتها الى النشوء والخلق والتكوين وتنصهر في وحدة النص. ان ما يميز القصة القصيرة في المستوى الفني هو التكثيف الذي من احد مظاهره التركيب المزجي للصور المتتابعة فضلا عن تناميها في اطار الاحداث داخل النص ،فأذا كانت التركيبة المزجية للصور في قصة القلعة قد اتقنت ببراعة فنية في طريقة وصف صورة المدينة واحلال صورة القلعة / المدينة وبث ثيمات متعددة في الاطار العام ،فان التكثيف الفني في قصة الثلاثية الثالثة للقاص اللامي جعله يستخدم الملامسة البصرية للنص في طباعة بعض المقاطع الانتقائية بالحرف الغامق لتثبيث النقلة فالحشوات الاسطورية التي يثبتها نص جنداري وترتسم على افاريز النص ..تاخذ مساراً آخر في قلعة اللامي اذ تختلط حكايات مدينة النخيل بالمبنى القصصي فكل حكاية تمتلك انتقائيتها على وفق النسيج النصي من المخيلة الريفية .. تتناظر القصتان في تعيين موقع الوصف للقلعة في مساحة النص فالقلعة في نص جنداري تبدأ من قرب نهاية القصة ومن قلعة اللامي يبدأ الوصف في المقطع الثالث والاخير ،في أيضاح صورة مدينة النخل المجترحة من روح البساتين ،فهي أرض بكر وازهار برية من الداخل متشابكة وخلاء واسع تنتصب فيه القلعة ،ان الروح تعلو والبساتين تشتبك حول القلعة ،انها لاتشبه مدينة ما قبل الطوفان وما بعده انها اجتراح قرى ثانية على عتبات العصر الحديث، غير أنهما قلعتان قائمتان في الرؤية السردية ومتركزتان في وعي الذات التاريخي كما هو مطروح في افكارهما. ان قلعة جنداري تختزن التشخص الدلالي للذات في مكان غابر ،في رمال واوابد افكار تأبى الاستنطاق وذاكرة منقطعة منذ ازمان سحيقة لتتسلل الرؤيا من الحانة - المكان الافتراضي-الذي لايمتلك ماهية زمانية قدر ما يكون شاملا ومن النهر وحركتهما في السياق الرمزي والاسطوري وثقل الزمن الجاثم على المكان والاشياء ،وليغدو الدبيب الانساني بحثا عن منقذ او خلاص ويحدث اختراقا وثقوبا في القلعة الجاثمة ، ومع ذلك فان -الندل القدامى-ورؤيتهم السائرة ينتظرون الجمرة الملكية وهي تحرق طابق الورق الاخيرمن المدينة اوتخرق ممر المحفوظات السرية ،ان رؤيا الذات السردية هي التي تحوم وتشخص دلاليا في البحث عن منقذ ومعالجة معاصرة فالحانة تشبة مخطوطة المدينة المستعادة ومكان لوحيها وتجميع لأنشطاراتها . وجاء في النص ))كائنات صاعدة كثيرة ،حاشدة دون توقف، وتختنق المدينة حتى تبدو مكفهرة هابطة الى جحيم العالم السفلي، وجوه مرتعدة ،مقطبة ،بائسة،تتطلع من ملايين الفتحات الصغيرة في كل الاسوار(( في قلعة اللامي ذاكرة موصولة يقوم فيها التشخص الدلالي للذات في رمز اخر مقابل القلعة وهو القلعة الحجرية-السجن-الذي يفضي الى خارج الاسوار بينما قلعة جنداري تفضي الى ممر المحفوظات والتاريخ المحنط وتبقي أشتعال الجمرة الملكية كمستوى للرؤيا خارج الاسوار، والقلعة الحجرية تتداخل مع التركيب المزجي للمشاهد ليفضي بعد ممرات طويلة وقصيرة الى أمتداد مائي شاسع، توزعتة الطراريد الصغيرة والابلام العشارية و المراكب ذات الصواري وسفن الصيد الرشيقة وممالك الطير والشجر وألاف من الناس يطلقون أصواتهم للريح، أنهم وأن كانوا خارج الاسوار ألا أنهم في الواقع رؤيا محايثة وعودة من حلم قديم وجمرة ملكية متقدة. أن القاص الراحل جنداري يبحث في سؤال الوجود بواسطة أحدث تفسيرات التوثين أمام مداهمة الخوف ويعزو ذلك الى أن أهل المدينة واجهوا هجوم سبعة أسود جاثعة فعمدوا الى الحيلة والصبر فقدموا لها قطعاً من لحم الماعز المدجن والخنازير حتى شبعت وهدأ زئيرها لكنهم صنعوا اقفاصآ لها وطافوا حولها فصارت اوثانا والقاص اللامي يحول الرؤيا الخرافية الناجمة من الخوف الداهم والمجهول في غياهب التاريخ الى مقدس يتخطى الخوف في التركيبة المزجية فالاقدام على القلعة هو اقتحام فضاء السجن من الداخل فصار المشهد الاخير اقداما على القلعتين والتشوف الى رؤيا خارج الاسوار كما ان القاص اللامي بطريقتة المزجية البارعة استطاع ان يماهي عدة شخصيات في شخصية هدفية واحدة لتكون الشخصية المتخيلة والمرئية التي تقدم على القلعة او التي تتبدى في كشوف عرفانية في سماء البساتين. ان المشروع القصصي الستيني وفي هذه المرحلة من تجريبه الفني يوضح مفهوم السردية باستحضار الوقائع وخزنها في الذاكرة الرافدينية والقدرة على تطويعها واستنطاقها في النص كما يوضح اكثر بان رمال اشور اكثر قدرة على الاستنطاق من رمادها الدفين. الاحالات. ــــ 1-سومر اسطورة وملحمة/:الدكتور فاضل عبد الواحد علي / الفصل الاول. 2- محمد اركون /نقد الفكر الديني. 3-د.فتحي التريكي /نحو مقاربة جديدة للهوية/مجلة المسار/العدد-44 /اكتوبر/نوفمبر 1999 4-المصدر السابق . 5-عصر المدن/محمود جنداري /زو العصفور العاصفة. 6-سومر اسطورة وملحمة /الفصل الاول. 8-الثلاثية/جمعة اللامي/قصص قصيرة /بغداد/1979ا
7-عصر المدن/محمود جنداري/ دار الشؤون الثقافية العامة /بغداد/1994/مجموعة قصص.
#محمد_خضير_سلطان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العلامة حسين علي محفوظ/ لم اقو على السياسة ولو بحمل عصاي بعد
...
-
قراءة في مسودة مشروع قانون لهيئة الاعلام العراقي-- الطرائق ا
...
-
رواية (سبت يا ثلاثاء) لزيد الشهيد/ النموذج الاخير في البناء
...
-
حيوا المجازين ......نصيحتان للبرلمانيين قبل لقائهم بالناس
-
تعريف وحوار المعضلة العراقية على طاولة مفكر عراقي
-
الالف توقيع
-
الاحساس بالزمن
-
من يؤيد الاحتلال ؟من يقف ضد الفاشية؟
-
تصل او لاتصل.....رسالة الى اربيل
-
الوجه الغائب عن تحليل الديمقراطية العراقية/هدم الكهف واطلاق
...
-
الديمقراطية العراقية -صورة اولية لصنع الذات وتحققها على الار
...
-
تلازم صحة القرار السياسي مع الارتقاء الامني
-
احزان مرحة
-
العائدون من المقابرالجماعية/جمهورية فاضل الديمقراطية العادلة
-
نسق الثقافة والمتغير الاجتماعي محاولة في نقد المفارقة
-
النظر الى الاعلام العراقي
-
برنامج تلفزيوني /ثالث النهرين / الحلقة الاولى محنة الاختيار
-
هجير الذهب او الصورة الاخيرة
-
الواضح الغامض في العراق
-
طائف العراق كالمستحيل
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|