ليلي عادل
الحوار المتمدن-العدد: 1720 - 2006 / 10 / 31 - 10:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ما هو العراق؟؟ و من هي بغداد...كلمات تحمل صوراً و اماكن و وجوه ...و معان ٍ ...فضلا عن تناقضات كبيرة و متكاملة تشوب تلك المعاني و مراحل متنوعة من الألم ..و من السعادة ...بغداد التي أعرف , هي تلك التي كنت أجوبها على رجلي ..مع صحبة من ابنائها و بناتها ..من محبيها ..نحفظ الخطوات و الأرصفة ..نسلم على أصحاب البسطيات و العرباين ..من الباعة المتنقلين ..نمشي دون إحساس بزمن أو بتعب ...من الوزيرية و شوارعها التي كانت مغطاة بالأشجار ..الى باب المعظم ..شارع الرشيد و سوق السراي ..و المحطة الأهم ..المتنبي ..الذي كنا نقضي فيه وقت غير محسوب نتيه بين عناوين الكتب التي تفترش الرصيف و الشارع ..نعيد حساباتنا المادية و ندرس ميزانياتنا لنرى ما يمكننا الحصول عليه من تلك الكنوز الورقية ...نتقاسم كتاب أو نتقاسم الديون لنخرج في النهاية محملين بكتب ننشغل بقرائتها ...ثم ننشغل بالجدل اللامتناهي حول ما قرأناه ..
وجوه عراقية نمر بها ..وجوه اليفة تشبهنا و تشبه من في بيوتنا ..طموحاتنا بريئه ..حداثة انفتاح ..ربما سفر لزيادة المعرفة ..لمسات من التطور على الحياة ..امنياتنا محدودة ..ان تدوم رفقتنا و ان نظل أبناء بغداد و تظل بغداد ..لنا ...
اليوم لم يبق لي من كل ذاك سوى حقيبة حملت فيها بعض من تلك الكتب ..صور تحفظ لي ذاكرتي و قطع قليلة من ملابس ..من بغداد..حملت الحقيبة و أدرت وجهي لبغداد التي لم أعد أعرفها ..بغداد التي أغلقت في وجهي شوارعها ..و غادرتها تلك الوجوه الأليفة التي كنت أعرفها ..تحولت الى وطن من الغربة و الغرباء ..أين هم صحبي ..أين تلك الأشجار ..تلك الشوارع الحميمة ..
صار الوطن في حقيبتي ..أحمله معي الى متاهات المجهول ..أين سأفرغ وطني و أضع رأسي المثقل بالهموم لأغمض عيني مطمأنه على اليوم و الغد ...و هل سيحمل لي الغد وعداً بوطن و راحة و مستقبل يكمل ما بدأت ..هل أجد رفقة كتلك و هل سيكون لي شارع و حائط و لوحة و مكتبة ..
حملت حقيبتي و خرجت من بيتي ..لم أودع شيء كأني سأخرج لساعات و أعود ..لم أستوعب فكرة انني لن أعود ..لم أستوعب ان الوطن سرق مني و من العراقيين ...غرّبنا و نحن في بيوتنا ..غرّب أولادنا ..
هنيئا لكم يا أبناء الخرائب ..فقد خربتم العراق و( هججتوا) أهله ,,و ها انتم تحيلوه كل يوم الى ذبيحة تنهشون منها كل يوم ..و لا تشبعون ...
#ليلي_عادل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟