أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الكيميائي حسين - أمي في السماء














المزيد.....

أمي في السماء


الكيميائي حسين

الحوار المتمدن-العدد: 7637 - 2023 / 6 / 9 - 02:24
المحور: الادب والفن
    


تدحرجت كرة الأرض نحو القبو المظلم ، لا حدود لهذا العالم تُرسم في مخيلتيّ ، ابتلعتُ كل شيء حتى الأرض بمحتوياتها لم تنفذ من معاناتيّ ، اهرب موقعًا وحدتيّ بسليلًا من أجزاء روحيّ ، اركضُ و اركض بعيدًا نحو النقطة التي كشفت عن نفسها بجوٍ غائمًا صغيرة الحجم داخل قبويَّ ، أنزلت ستائر نافذتيّ كالذي يطليّ لوحًا من الخشب مفصل الشقوق طوال عدة سنوات دون توقف أو أخذ روية ليهدأ بها روعيَّ . تتداخلات اشعة الشمس مع بعضها مُشكلةً حزمًا متنافرة بعد أن انتظرها امام نافذتيّ منذ الشروق لغاية الطمع في اختراق عالميَّ ، هجمت دفعة واحدة مصوبةً أزقة الظلام كاشفةً عن بقايا الالاميّ و ما فعلهُ الدهر تحديًا برأبطةِ جأشيّ ، ضمن اللحظة الأولى تسألتُ عدة مرات أو عدة تساؤلات في مرات لا تحصى ، هل تدرك الشمس ما تفعلهُ فيَّ ؟ لا أم نعم ؟ هل نستحق ذلك النور ؟ أم نرغب بالبقاء منعزليّن ؟ هل العزلة سوف تنقذنا من استغلال العقل ؟ لا أجوبة حصرية لتلك الأسئلة . رأيت ذلك المنظر بأمِ عينيَّ ! كالضوء الخاطف لوهلة المتعة في سفرِ العاطفة . لقد كانت تَعيسة يقضُم الحُزن قلبَها المُنهك ، تَنتفض أسفل جلدها الرقيق كالذَبيحة ، و أخيلةٌ مُرعبة تنسلُ من الجُدران تُمعِنُ في تَرويعها ، تَجعل الصقيع يَتضخم في أوصالها و يُجمد الدم في العروق ، وكمن يجزُ عنقهُ بسيفٍ من خشب ، تتكوَّر كالجنين في الزاوية البعيدة ، و تنخرط في بكاءٍ هستيريّ ! . " أمي ماذا بكِ ؟ " " لا شيء يا ابني "
كانت تتألم من فرط حنانها الأسري و تعقدُ روحها المرحة في شكلٍ مدور واضعةً يديها الناعمة الرقيقة حول ساقيها ، خافضةً رأسها المطعم بالشيب الأبيض الناصع اللؤلؤي ، لم اسمع سوى صوت انينها باكيةً و اما تلك الدموع البريئة تنسدل بشرارةِ حول اشداقها المتوردة ، حسبتُ عددها تارة و فجأة غلبتنيّ دموعيّ معها فلم أستطع إيقاظ روحيّ ، جرت انهرِ الدموع بشكلًا يفوق العادة ، تساقطت تلك الرحمة نحو الأرض لتحيِّ تلك البقعة الوعرة . " أمي أرجوكِ ماذا بكِ ؟ انتِ تقتلنيّ قلبي ببكاءكِ " " لا شيء ، لا أبكي انا يا عزيزي " لم أستطع محاولة الإلحاح فقد خرجت من قبويّ اللعين تاركةً خلفها ابنها المقعدُ و المعاناة الضاحكة و صراعات عقليّ في زاوية الغرفة و صيحاتّ روحي للنجدة .
جلستُ ارقب النافذة و الاجواء الصباحية امام تصاعد موجات البحر المتراطمة ، افكر و افكرُ و لا استطيع الكلام لعجزِ احبال صوتيّ ، انها أمي ! عانَت طيلة حياتها من العزلةِ الذاتيّة ، و لا رفيقَ لها سوى النافذة المُطلة على البَحر كالتالي في قبويَّ ، و كالرهينة التي تبحثُ عن مخرج ، تتأمله بشغف ، تراهُ كحضنٍ شاسعٍ يبتلع عذاباتها مع كُل موجة ، إلى أن جاء اليوم الذي إمتلكت فيه الجُرأة لتودع إمرأةً من الماضي تُشبهها ، و عند حلول الفجر ، طغَت على حواسها الحاجةُ للإحتواء التام ، الحاجةُ للتحرر و كَسر قيد اللَّحم بجسدها و الذات ! حطّمت النافذة ، إرتدَت السَماءَ معطفًا والبحر إنتحارًا ، و خرجت إليهِ ولم تَعُد ليّ أميّ .



#الكيميائي_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الكيميائي حسين - أمي في السماء