أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سنية الحسيني - المسيّرات.. ما بين أوكرانيا وإسرائيل















المزيد.....

المسيّرات.. ما بين أوكرانيا وإسرائيل


سنية الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 7636 - 2023 / 6 / 8 - 12:23
المحور: القضية الفلسطينية
    


د. سنية الحسيني

ليست جديدة الاستخدام، فمنذ الحرب العالمية الأولى بدأ تطوير استخدام المسيّرات، والتي باتت تشكل اليوم سلاحاً استخبارياً وهجومياً شديد الخطورة والتأثير، في ظل التطورات التكنولوجية الحديثة، وتغير مفهوم الحروب التقليدي. أثار حدثان مهمان ضرورة العودة للتطرق لقضية المسيّرات، يتعلق الأول بالهجمات الأوكرانية داخل روسيا خلال الشهر الماضي، باستخدام تلك المسيّرات، في تطور ميداني مهم في هذه الحرب، والثاني يرتبط بإفصاح إسرائيل مؤخراً عن استخدامها لتلك المسيّرات، في ظل سعيها لتحقيق هدف بعينه، بعد عقدين من السرية وعدم الإقرار بذلك. ورغم عدم ارتباط الحدثين ظاهرياً، إلا أن هناك ما يجعلهما مرتبطين لأغراض التحليل، كما سيكشف هذا المقال.

خلال الشهر الماضي، وما بين مطلعه ونهايته، شنت مسيّرات، يعتقد أنها أوكرانية، هجمات داخل الأراضي الروسية، في تطور نوعي لمسار الحرب الروسية الأوكرانية. ففي مطلع الشهر الماضي وصلت تلك المسيّرات لمبنى الكرملين في موسكو، بينما وصلت في نهاية ذلك الشهر الى الحي الذي يقطن فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ضمن مناطق روسية أخرى تقع بالقرب من الحدود بين البلدين، ارتفع الهجوم عليها في الآونة الأخيرة. ورغم تصدي الدفاعات الروسية عالية القدرة للهجوم الأول، وقعت بعض الإصابات الطفيفة في الثاني. ونفى ميخايلو بودولياك مستشار الرئاسة الأوكرانية مسؤولية بلاده عن الهجمات، لكنه أكد على بدء الحرب داخل روسيا، وهو الأمر الذي وافق عليه أيضاً يفغيني بريغوجين رجل الأعمال الروسي المقرب من بوتين وقائد مجموعة فاغنر. جاء رد فعل بوتين على هذه الهجمات بالتقليل من شأنها، والتأكيد على القدرات الدفاعية الروسية في التصدي لمثلها. ورفض الرئيس الأميركي جو بايدن، وقيادات غربية أخرى هذا التطور الميداني في المعركة الدائرة، لعدم رغبتهم في تطور هذه الحرب إلى خارج حدود أوكرانيا، والاكتفاء بتعزيز قدرات التصدي والصمود الأوكراني، واستنزاف القدرات العسكرية الروسية ضمن الحدود الأوكرانية.

هناك عاملان يؤكدان على عدم إمكانية ذهاب هذا التطور الميداني وفق الإمكانيات الحالية إلى حد بعيد، يغير من معطيات اللعبة في هذه الحرب. يتعلق الأول بقدرات المسيّرات الأوكرانية التي ضربت الأهداف في روسيا، والتي تطير لساعات محدودة وتقطع مسافات ليست بالطويلة، ولا تقوى على حمل أوزان كبيرة من المتفجرات، وهو الذي يفسر محدودية الخسائر التي أحدثتها. في حين يتعلق العامل الثاني بحاجة الحكومة الأوكرانية لتقويض دعم الشعب الروسي الواسع لهذه الحرب، وهو يعيش حياة طبيعية، في حين يدفع الأوكرانيون أبهظ الأثمان، وهو ما سعت لتحقيقه الحكومة الأوكرانية بالفعل من خلال هذه الهجمات، والتي كان يفترض أن تسقط عددا من الضحايا لتحقيقه، وهو الأمر الذي لم تستطع تحقيقه مسيّراتها. فتحتاج المسيّرات سواء كانت استخبارية أو هجومية إلى بيئة مواتية لتكون فاعلة بالشكل المقبول، وهو ما تمتلكه إسرائيل في الحالة الفلسطينية على وجه التحديد، وتحاول الترويج له الآن، لرفع مبيعاتها وزيادة زبائنها، لكن السؤال المهم، هل تمتلك جميع دول العالم ما تمتلكه إسرائيل من بيئة مواتية لفاعلية عالية لهذا النوع من المسيّرات؟

تعتبر إسرائيل أول دولة في الشرق الأوسط تحصل على المسيّرات، كنتيجة مباشرة للالتزام العسكري الأميركي بتميزها عسكرياً عن جميع دول المنطقة. وكانت المسيّرات حكراً على الدول العظمى تحديداً طوال القرن الماضي، بدءاً بأميركا وبريطانيا ومروراً بألمانيا وروسيا. بدأت إسرائيل باستخدام هذا النوع من الطائرات نهاية العقد السادس من القرن الماضي، واستخدمته في حرب عام 1973 وفي الحرب مع لبنان في العام 1978. وفي مطلع الألفية الجديدة، وفي إطار التطورات التكنولوجية الهائلة في علم الاتصالات، ركزت إسرائيل على تطوير هذا النوع من الطائرات واستخدامها، في ظل امتلاكها لثلاث ميزات، وجودها كقوة احتلال مطلقة اليدين داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة تمكنها من العمل والتجربة والتطوير بحرية، لامتلاكها من بين دول قليلة أخرى لهذه التقنية وهذا النوع من الطائرات، في ظل عدم قدرة معظم البلدان المتوسطة الشبيهة بامتلاكها، ومساعدة ودعم أميركي عسكري واستخباري كبير، خصوصاً في ظل شن حربها على الإرهاب في المنطقة. إن ذلك يفسر اعتقاد البعض أن إسرائيل كانت أكبر مصدر للمسيّرات في العالم في العام 2013، كما يؤكد أنها من بين أكثر ثلاث دول في العالم امتلاكاً لها، بالإضافة لأميركا والصين.

لم يأت تخلي إسرائيل مؤخراً عن صمتها باستخدام المسيّرات في مهماتها الاستخبارية والتجسسية والهجومية ضد الفلسطينيين بالصدفة. فبعد عقدين كاملين من الاستخدام الصامت للمسيّرات، في التجسس والاغتيال والقتل غير المشروع بحق الفلسطينيين، يأتي الترويج لهذا النوع من الطائرات الإسرائيلية الصنع اليوم، في ظل التطور الكبير في استخدامها والطلب عليها من قبل دول العالم، وزيادة مبيعات المسيّرات المصنعة صينياً وتركياً وايرانياً خلال السنوات الاخيرة. الا أن ذلك يستدعي لفت النظر لعدد من الملاحظات المهمة، أولها أن المسيّرات التي يستخدمها الاحتلال ضد الفلسطينيين، تأتي ضمن منظومة متكاملة الأبعاد تعمل بالتوازي والتكامل، ولن تعطي نفس النتيجة التي تتباهى بها إسرائيل في مناطق أخرى، إن عملت بشكل جزئي. فيختلط عمل تلك المسيّرات الاستخبارية والتي تقوم بجمع المعلومات، على مدار الساعة في فلسطين، كمهمة أساسية لإنجاح أي مهمة هجومية عند الحاجة. وتستخدم إسرائيل المسيّرات ضد الفلسطينيين سواء في جمع المعلومات، اذ يبقى هذا النوع من المسيّرات في سماء الفلسطينيين دون توقف، أو في مهاجمه أهداف محددة، كعمليات الاغتيال. كما تستخدم المسيّرات الانتحارية المتعددة الأشكال، والتي أقر الاحتلال باستخدامها مؤخراً في الضفة الغربية، والتي تستخدم في تتبع الأفراد والاغتيالات المركزة.

إن الوصول للفلسطينيين وتتبعهم واستهدافهم لا يتم فقط عبر المسيّرات، التي يروج الاحتلال لها اليوم ولإمكانياته بتطويرها، وإنما يقترن عملها أيضاً باستعانته بأدوات تجسسية أخرى، تنتشر داخل المدن والطرقات في الأراضي المحتلة، كالكاميرات المنتشرة في غالبية تلك الأراضي التي يسيطر الاحتلال عليها فعلياً، وتتبع الجولات ووسائل الاتصال والتواصل الأخرى، التي يتحكم بها الاحتلال بحكم الأمر الواقع. فالمسيّرات التي ستبيعها إسرائيل لأي بلد في العالم لن تحقق النتائج التي تحققها المسيّرات الإسرائيلية الصنع بأي حال من الأحوال، لأنه من المستحيل أن تمتلك أية دولة في العالم المعطيات المتوفرة للاحتلال في فلسطين.

يقودني ذلك إلى الملاحظة الأخيرة، وهي رسالة بينة للعالم بواقع حال الفلسطينيين، والذي يقر الاحتلال الإسرائيلي اليوم بممارسته ضدهم، فهذا الشعب الأعزل، الذي يقبع داخل أرض محاصرة، يسيطر الاحتلال على حدودها بإحكام، ويراقب التحركات داخلها بحرص مستدام، باستخدام آليات تجسس متعددة عالية الجودة، والتي تعد المسيّرات إحداها، ويصطاد أي تحرك مقاوم بسهولة، بآليات قمع عالية التقنية والدقة، يجعل الفلسطينيين في وضع مختلف عن أي شعب آخر يعاني، ويتطلب تحركاً دولياً حقيقياً لحماية هذا الشعب من إجرام احتلال فاق الحد.



#سنية_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منظمة التحرير الفلسطينية في الذكرى ال 59: معطيات ونتائج
- الانتخابات الرئاسية التركية.. معطيات ومؤشرات مُحْدِّدة
- تطورات الصراع العالمي القطبي إلى أين؟
- هل تُغير غزة معادلات الردع مع الاحتلال؟
- ولا تزال النكبة مستمرة لكن إلى حين
- نتائج الانتخابات التركية المؤثرات والمتأثرات
- الانتخابات التركية إلى أين؟
- حرب أهلية في السودان
- هل تتغير معادلات الصراع في فلسطين؟
- التعديلات القضائية ونذير الانقسام في بنيان كيان الاحتلال
- قراءة في وقائع مؤتمر معهد أبحاث الأمن القومي الاسرائيلي
- في ذكرى الغزو الأميركي للعراق: دروس لو نتعلم منها
- عن فرص نجاح الاتفاق السعودي - الإيراني
- الواقع الذي يجب أن يقف أمامه الفلسطينيون اليوم
- مستقبل مبادرات التهدئة في الأراضي الفلسطينية
- مستقبل التحالف الأميركي الأوروبي
- الاستيطان وخدعة الدولة الفلسطينية
- بلينكن… غير مرحب بك عندنا
- الإسرائيليون: في ما بينهم الخطر الوجودي
- الاتحاد الاوروبي والكيل بمكيالين


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سنية الحسيني - المسيّرات.. ما بين أوكرانيا وإسرائيل