|
قراءة فيكتاب (محاضرات في تاريخ النقد عند العرب)
عبدالله بير
الحوار المتمدن-العدد: 7636 - 2023 / 6 / 8 - 11:15
المحور:
الادب والفن
كتاب (محاضرات في تاريخ النقد عند العرب) تأليف كل من : د. ابتسام الصفار و د. ناصر حلاوي مكتبة اللغة العربية، بغداد، العراق. الطبعة الثانية : 1999 عدد الصفحات : 376 القراءة: عبدالله ثير الجزء الثاني الفصل الرابع ابن سلام الجمحي و نظرية الطبقات يعتبر ابن سلام الجمحي أول ناقد منهجي في تاريخ النقد العربي، فكتابه (طبقات فحول الشعراء)يعتبر أول مؤلف نقدي موجود يستند إلى نظرية ( الطبقات)، جعل منه بعض مؤرخي النقد العربي أول ناقد متخصص يصدر عن منهج مستقيم و روح علمية. ولأن ابن سلام لم يكن أول من كتب في طبقات الشعراء فقد سبقه في ذلك أبو عبيدة معمر بن المثنى، غير أن ضياع كتاب هذا الأخير توجه الأنظار إلى ابن سلام كأول ناقد بصفته أول من ألف في الطبقات. عاصر ابن سلام أبو عبيدة المتوفي عام ( 208) للهجرة، و الثابت عند المؤرخين أن ابن سلام استفادة من آراء أبو عبيدة في تقسيمه لطبقات الشعراء، إلى ثماني طبقات من قبل الإسلام إلى العصر الأموي و الإختلاف الموجود بينها أن ابن سلام وضع شعراء المراثي في طبقة خاصة و سماها( اصحاب المراثي) و هكذا ابتكر ابن سلام أساس آخر في توزيع الشعراء عدا الذي اتفق مع أبو عبيدة في توزيعهم حسب قدمهم من الشعراء المخضرمين إلى المحدثين و هو الغرض من الشعر و ثم اعتمد على أساس آخر وهو البيئة الذي أفرد الشعراء القرى العربية طبقة مستقلة. لم يدرج ابن سلام معاصريه من الشعراء في أي طبقة لأنه كان من متمسكين بالشعر العربي القديم و متعصب لها. اختلف ابن سلام مع أبي عبيدة في توزيع الشعراء في طبقات فاختلف عدد الشعراء في طبقة عند إثنان، و لكن الاختلاف البارز في هذا التوزيع هو تحديث طبقات جديدة من قبل ابن سلام كطبقة ( اصحاب المراثي) أو طبقة شعراء ( القرى العربية). و السؤال هنا، ماهي المعايير النظرية التي اعتمد عليها ابن سلام في توزيعه الشعراء على الطبقات؟ اعتمد ابن سلام على عدة نقاط في توزيعه من بينها أولاً الأساس التاريخي في توزيع الشعراء، فنظر إلى شعراء قبل الإسلام بمعزل عن شعراء ما بعد ظهور الإسلام لأنهم في نظره حقبة أدبية مميزة في أسلوب حياتها و لغتها و شعرها. ثانياً، الأساس الفني للشعراء أي فنية الشعر عند الشاعر. ثالثاً، التناظر و التماثل فعلى سبيل المثال فصل ابن سلام حسان بن ثابت على شعراء المدينة لأنه كثير الشعر جيد. رابعاً، اعتمد على غزارة الشعر و طول القصائد مع اقترانها بالجودة دليل مقنع على فحولة الشاعر وطول باعه في النظم. و الجودة عند ابن سلام تعني جودة في اللفظ أو المعنى أو التركيب أو الصورة. اعتمد ابن سلام على مقاييس أخرى منها المعنى و الابتداع و الجدة و السبق، من أمثلة على ذلك أمرىء القيس الذي سبق الكل في الوقوف على الديار، و التشبه النساء بالظباء و ما إلى ذلك. من ناحية أخرى، وضع ابن سلام شروطاً معينة لدارس الشعر باعتبار الشعر صناعة و ثقافة كسائر العلم و الصناعات و من بين شروطه كثرة مدراسة الشعر، نجعل لصاحب العلم بالشعر خصصتين أساستين: هما الفراسة ( أي القدرة على النظر في بواطن الأمور و الصدق في الرواية، فالنسبة إليه الناقد البصير بالشعر و الشعراء يستطيع في وقت نفسه أن يميز صحيح الشعر من منحوله. كان ابن سلام شبه صناعة الشعر بصناعة تميز الدينار بهرجه و زائفة من صحيحه). يعزو ابن سلام ضياع شعر العرب القديم أي فترة ما قبل الإسلام إلى ثلاثة أسباب: أولها، عدم وجود الكتابة و الدواوين. ثانيهما، هلاك حملة الشعر و ضاع معهم شعر كثير. ثالثهما، عدم وصول بعد اشعار بعض الشعراء مثل شعر ابي سفيان بن حارث. اهتم ابن سلام بصحيح الشعر و الوصول إليه و قد وضع لذلك هدف أُسساً غامضة تعتمد على الرواية الأهل العلم لهذا النشاط الادبي. واجه منهج ابن سلام انتقاداً واضحاً من معاصره و من أتى بعده و يمكن تلخيص هذه الانتقادات في جملة من النقاط: 1- رفض ابن سلام شعراً منسوباً لعاد و ثمود، و رفض بعض شعر من بعض الرواة. 2- اتهام ابن سلام لابن حمادة باختلاف منهجي بين كل من مدرسة بصرة و مددرسة الكوفة في رواية الشعر و اختلاف مصادرهما. 3- إغفاله عن ذكر كبار شعراء إسلاميين و أمويين مثل الكميت و الطرماح. 4- عدم تعرضه لمكانة شعراء القرى العربية. 5-عدم امتلاك ملكة أدبية في تحليل الشعر. 6- عدم الاعتماد الدراسة التحليلة و تبيان الأسس المشتركة و السمات الغالبة في طبقات فهي نظرية صعبة. الفصل الخامس الجاحظ و مفهوم اللفظ و المعنى هو أبو عثمان عمر بن بحر الجاحظ( 160-255)هـ. أشهر أدباء القرن الثالث الهجري و أغزرهم نتاجاً فيما ألف و كتب. و اعظم كتاب العربية فيما تناوله من موضوعات فكرية و أدبية و اجتماعية، كان أدبياً و موسوعياً نهل من الثقافة العربية القديمة ما خلق فيه طبعاً عربياً اصيلاً و ذوقاً فنياً رفيعاً و أحاط بثقافات عصره إحاطة شاملة و واعية. كان مثقفاً تستهويه القراءة و المطالعة و تحفز الرغبة في المعرفة إلى تتبعها في خطائها دون أنفة أو غرور. كان العقل هو الوسيلة في الإقناع و المجادلة عند الجاحظ وهو منهج المعتزلة، و طريقة فصيحة رصينة مما جعل من أعماله سهلة القراءة و الفهم لدى العلماء و العامة، إن منهج الجاحظ في عرض أفكاره هو منهج الإستطراد حيث خلط بين الجد و الهزل في أعماله مما أدى إلى أن يكون عرضه للنقد من قبل القدماء و المحدثين و لكن كان هذا النقد في الأساس نتيجة لعدم فهم أسلوبه. إن الناقد للشعر يجب أن يتصف ببعض الصفات أو أن يكون لديه بعض القدرات لتناول الب و تحليله و فهمه و إبراز عناصر الجمال و الإساءة فيه، و لا يمكن أن يقوم بها أي قاريء أو سامع للشعر أذ لابد أن يتوفر فيه شروط معينة منها معرفته معرفة دقيقة هو الإطلاع على اللغة العربية و أسرارها و اختلاف دلالات الألفاظ باختلاف المعاني، فهمه الجيد لكلام العرب، فللعرب أمثال و اشتقاقات و أبينة و موضع كلام يدل عندهم على معانيهم و أداتهم. بحث الجاحظ هذه الشروط لدى العاملين في هذا المجال للمعاصرين له من أمثال الأصمعي و الأخفش و أبي عبيدة و محمد بن عبد الملك الزيات و لكنه لم يجد تلك الشروط فيهم حسب ما نقله إبن رشيق عن راي الجاحظ في ذلك. فوجد كل واحد منهم مهتم بجانب معين فمثلاً كان الأصمعي متخصصاً في علم اللغة و أبو عبيدة في أخبار الشعراء و قبائلهم، مما يعني أنه لا تتوفر فيهم شروط الناقد حسب راي الجاحظ، و يأتي هذا الرأي عند الجاحظ نتيجة بحث و خبرة طويلة من خلال مصاحبته للعماء و الادباء. لم يعجب الجاحظ طريقة و اسلوب القدماء في النقد بل كان له شروطه الخاصة به كما يقول هو( ورايت عامتهم و قد طالت مشاهدتي لهم لايقفون إلا على الألفاظ المتخيرة أو المعاني المنتخبة و على الألفاظ العذبة و المخارج السهلة و الديباجة الكريمة و على الطبع المتمكن و على السبك الجيد و على كل كلام له ماء و رونق و على المعاني التي غذا صارت في الصدور عمرتها و اصلحتها من الفساد القديم و فتحت للسان باب البلاغة و دلت الأقلام على مدافن الألفاظ و أشارت إلى حسان المعاني و رايت البصر بهذا الجوهر من الكلام في رواة الكتاب اعم و على السنة حذاف الشعر اظهر). راي الجاحظ أن العامة لا يمكن أن يكونوا نقاداً لانهم يفتقدون أساساً شرطاً مهماً هو الذوق الرفيع الذي يميز بين البديع المخترع و الرديء المقلد، أو بين اللغة الشعرية القبيحة و الأخرى فصيحة، أي أن شروط الجاحظ للناقد تتميز بأن يكون أهلاً للنقد و مطلعاً على عدة مجالاات فيها اللغة و البلاغة و الذوق الفني و اصالة العمل العمل الأدبي. و بهذه النقطة يعتبر الجاحظ من الأوائل الذين لفتوا الإنتباه إلى البحث عن سر الإجادة في النص الأدبي، ناقش كثيراً هذه المسألة ووضع شروطاً خاصة للنص الجييد منها إقامة الوزن، و تخير اللفظ و سهولة المخرج و كثرة الماء و صحة الطبع. و يعتبر هذه مشاركة متواضعة في تطر النقد الأدبي العربي ، و كانت خطوة كبيرة في قراءة النصوص الأدبية. ماهي الشروط الجاحظ للألفاظ؟ من الشروط المهمة للفظ عند الجاحظ كما هو مبين في كتابة (البيان و التبين) الفصاحة و البلاغة و هما شرطان مهمان للنص الجيد عنده، و يقصد بهاتين الكلمتين حسب قوله( كما لا ينبغي أن يكون عامياً و ساقطاً و سوقياً فكذلك لا ينبغي أن يكون وحشياً) أن يكون اللفظ جزلاَ و ليس غربياً و لا سوقياً مبتذلاً و أن يكون مستقيماً لا تخرج دلالته على استعمال العرب. و قد راى الجاحظ أن من عيوب الألفاظ أن توفر الطبع و عدم التلكف في استعمال الألفاظ و الابتعاد عن استعمال الغريب من الألفاظ و الذقيلة التي تأتي من اجتماعها مع غيرها و تقاربها معاً بالحروف مما جعلها متنافرة ثقيلة بالنطق. هل إختلاف البيئة تؤدي إلى إختلاف الألفاظ؟ يقول الجاحظ في (البيان و التبين) ( كلام الناس في طبقات، كما أن الناس أنفسهم في طبقات) وفي موقع آخر في نفس الكتاب يقول( وأهل الأمصار إنما يتكلمون على لغة النازلة فيهم من العرب و لذلك تجد الاختلاف في الألفاظ من الألفاظ أهل الكوفة و البصرة و الشام) مما يعني أن الجاحظ لاحظ أن الاختلاف في البيئة يسبب في اختلاف الألفاظ و هذا يؤثر في الأدب أيضاً، أي أن الألفاظ التي يستعملها شاعر في البادية مختلف عن الألفاظ التي يستعملها شاعر في حاضرة ما. الفصل السادس إبن قتيبة و قضية الصراع بين القديم و الجديد تأثر ابن قتيبة بنظرة الجاحظ و اهتم بالمعاني و الألفاظ و مخارج الحروف نتيجة لذلك قسم الشعر على أربعة أاضرب: 1- ضرب منه حسن لفظه و جاد معناه. 2- ضرب منه حسن لفضه و حلا فإذا أنت فتشته لم تجد هناك فائدة في المعنى. 3- ضرب جاد معناه و قصرت ألفاظه. 4- أما ضرب الأخير فهو الذي افتقدت فيه الشواهد و الأشعار إلى صورة المعاني و جمال الألفاظ و تندرج تحته كل الأشعار الرديئة. أكثر ما أثار الجدل بين النقاد الذي عاصره هو الضرب الثاني حيث ناقشه الكثير ممن عاصره لأن برأي الكثيرين أن الشعر إذا نثرت و أعيدت إلى معانيها الحرفية التي خطرت في ذهن الشاعر أول مرة قد تفقد بهاءها فلا يبقى بين شاعر و شاعر إلا في مدى ابداعه في إبراز المعنى المألوف إبرازاً جميلاً يبدو و كأنه جديد يخطر أول مرة في ذهن الشاعر أو السامع. القديم و الجديد: اهتم ابن قتيبة بمسألة القديم و الحديث في الشعر و هذا تم من خلال كتابه (الشعر و الشعراء) و من أهم مميزات هذا الكتاب أن ابن قتيبة لم يكتفي بنقل آرأء غيره من الكتاب في هذه المسألة بل طرح آرأئه و دافع عنها ووضحها بالتفصيل. وضع ابن قتيبة مقياس الجودة أساساً في تقييم الشعر و الشعراء لإختيارها في كتابه و ترجمة لأصحابها ملغياً بذلك عدة مقايس التي كانت قد وُضعت من قبل سابقه من المؤلفين و الرواة و من أهم النقاط التي اعتمد عليها ابن قتيبة في ذلك : 1- الحكم بموضوعية على الأشعار دون التأثر بآراء العلماء المسبقة و الإبتعاد عن تقليدهم. 2- عدم التأثر بمكانة الشاعر الإجتماعية. هنا دعا ابن قتيبة إلى اختيار الجيد من الأشعار بغض النظر عن زمانه الذي عاش فيه أو مكانته الاجتماعية أو السياسية، بذلك كان رأيه انصافاً للشعر محدثاً مرحلة التطبيق العملي في إشراكهم في تراجم كتابه و الإختيار لهم و كانت حجته في ذلك : 1- أن الله لم يقصر العلم و الشعر و البلاغة على زمن دون زمن و لا خص له قوماً دون قوم بل جعل ذلك مشتركاً مقسوماً بين عباده في كل دهر. 2- أن كل قديم كان محدثاً في زمانه كما أن كل ما يعد محدثاً في زمن ما سيصير قديماً بمرور الأيام و السنين. بنية القصيدة: دعا ابن قتيبة غلى تجديد الشعر العربي بدعوة الشعراء الخروج عما هو مألوف في الشعر العربي و قال ( فالشاعر المجيد مَن سلك هذه الأساليب و عدل بين هذه الاقسام فلم يجعل واحداً منها أغلب الشعر و لم يطل فيمل السامعين و لم يقطع و بالنفوس ظمأ إلى مزيد) كما هو معروف في الشعر العربي القديم أن يكون افتتاح القصيدة بالبكاء على الأطلال و الإنتقال فيها إلى الغزل أو الأغراض الأخرى للشعر، لذلك دعا ابن قتيبة إلى التنوع و الخروج من المألوف من الشعر. حالات الشاعر و بواعث قول الشعر. عين ابن قتيبة الأوقات التي يجب أن يحاول الشاعر في قول الشعر لأن الشعر كما هي مع بقية النشاطات الفكرية للإنسان تتعرض إلى الخمول فيعاني الشاعر من عصيانها و يخيم الجدب و القحط في إنتاجه و رأى ابن قتيبة أن أحسن الأحوال لقول الشعر في أول الليل قبل تغشى الكرى و منها صدر النهار قبل الغداء و منها يوم شرب الدواء و نها الخلوة في الحبس و المسير. الفصل السابع إبن المعتز و نظرية البديع وهو عبدالله بن المعتز بالله الخليفة العباسي ولد عام (247الهجري/ 861الميلادي) في بغداد، و كان أدبياً و شاعراً و توفى عام ( 296 الهجري/ 959 الميلادي)، و إبن المعتز أحدث شعراء البديع و أحد أئمة الشعر المحدث، و كان له دور هام في دراسة الشعر المحدث من خلال مؤلفه (طبقات الشعراء- رسالة في محاسن شعر أبي تمام و محاسنه) و بتألفه للبديع رسم نهجاً جديداً لتذوق شعر الحديث. و لشعر ابن المعتز ميزتان واضحتان: 1- ميله إلى البديع و التشبيهات المبتكرة. 2- التأنق في اللغة الشعرية. أعجب النقاد و الشعراء في عصره في إيجادته الفني النظم و النثر، ووصفوا أقتداره على إختراع المعاني بأسلوب بليغ جميل، وكان ميله إلى التشبيه و إبداعه فيه سر أعجاب النقاد و الباحثين به، كما قال ابن رشيق ( بأنه قد انتهى إليه التشبيه و سر صناعة الشعر)، كثر آراء النقاد فيه في صناعة التشبيه. تأثر به الشعراء من بعده من أمثال ابن الرومي و يعتبر ابن المعتز اتجاهاً فنياً عرف به في عصره. كان اهتمام ابن المعتز بالبديع كبيراً حيث الف كتاباً باسم ( البديع) و فصل القول فيه و ذكر فنونه و شواهده. لقد عرف ابن المعتز البديع بأنه( أسم موضوع لفنون الشعر و يذكرها الشعراء و نقاد المتأدبين منهم، فأما العلماء باللغة و الشعر القديم فلا يعرفون هذا الأسم و لا يدرون ماهو و ما جمع فنون البديع و لا سبقني إليه أحد). و قد كان صادقاً في قوله هذا فقد قيل أن مسلم ابن الوليد المتوفي (208الهجري) كان يطلق أسم البديع أو اللطيف على ما سمي فيما بعد بالبديع و قد أشار ابن المعتز إلى النوع الخامس من أنواع البديع الذي سماه بالمذهب الكلامي و قد سبقه الجاحظ في الأنواع الأربعة الأولى في كتابه ( الحيوان). سبب تأليفه الكتاب: ولو أن هناك رأياً تقول بأن ابن المعتز ألف هذا الكتاب كرد على ما دخل على الثقافة العربية من المفاهيم اليونانية و تلمس البعض لقواعد البلاغة في التصنيفات اليونانية، إن الغاية الأساسية في تأليف كتابه هو عصبيته لقومه و إثبات أن المحدثين ليسوا هم مَن اخترعوا البديع إنما كان موجوداً في الشعر القديم و ليس حسب ما فهموهه المحدثون إن الغاية من الكتاب كان الدفاع عن القدماء، اختلف النقاد في الغرض الأساسي لتأليف هذا الكتاب. و لكن للمؤلف رأي يمكن أن سبق إليه الآخرون هو أن تأليف كتاب البديع من قِبل ابن المعتز هو الدفاع عن الشعر المحدث بوعي علمي، و رأى أن دوره لا يتم إلا عن طريق ترسيخ هذا الفن الذي عيب على المحدثين استعماله بوضع أصوله، وإرجاعه إلى القدماء و الأوائل الذين ملكوا الساحة الأدبية و حكموا آراء النقاد و المتعصبين ضد هذا الشعر المحدث، فهو من أنصار المحدثين، و كان هذا الكتاب خطوة جديدة في قضية القديم و الحديث من الشعر. منهج الكتاب ( كتاب البديع لإبن المعتز): قسم ابن المعتز أنواع البديع أول كتابه إلى خمسة أبواب وهي الإستعارة و التجنيس و المطابقة و رد الإعجاز الكلام على ما تقدمها. و الباب الخامس هو المذهب الكلامي، و بعد أن أنهى الحديث و شواهده كتب عبارة( انتهت أبواب البديع، إلا أن هناك بعد هذه العبارة يقوم ابن المعتز بسرد أبواب جديدة و عددها ثلاثة عشر باباً هي: الالتفاف و الاعتراض و الرجوع و حسن الخروج، و تأكيد المدح بما يشبه الذم و تجاهل العارف و الهزل يراد به الجد، و حسن التضمين، و التعريض و الكناية و الاعراض في الصفة و حسن التشبيه و لزوم مالايلزم و أخيراً حسن الابتداء.قد يكون حسب رأي المؤلف أن يكون هذا الجزء الثاني من الكتاب إذا قورنت بالأبواب الخمسة الأولى. تناول ابن المعتز من الشواهد ما كثر منها من كتاب الله و السنة الشريفة و قول الشعراء الأوائل و الشعر الجاهلي و حلل و درس ما فيها من البديع و مسألة التشابه في الشعر بين الشعراء و مسألة سرقة الشعرية و الإستعارة من الشعراء، لم يتناول الكتاب الأعمال الشعرية فقط بل ضم أيضاً الأعمال النثرية من الرسائل و أقوال النبي و الصحابة و النصوص النثرية من العصرين الأموي و العباسي كشواهد على البديع. و قام من خلال هذا الكتاب بالفصل بين جيد من الشعر و الرديء منه و ذكر محاسن شعر بعض الشعراء، يتناول أيضاً الألفاظ الغريبة في الشعر و قد عاب بعض الشعراء في استعمال غريب الألفاظ من لغة العرب. نجد من كل هذا أن أهم آراء ابن المعتز النقدية، الإهتمام بما شغلت بال النقاد و الشعراء المحدثين و هي ما عرف عن الشعراء العباسيين من عنايتهم بلغتهم الشعرية و تأنقهم في إختيار ألفاظهم و الباسها حلل البديع من جناس و الطياف و الاستعارة، و قد أدرك ابن المعتز هذه القضية لكونه ناقداً مهتماً بقضية فنية تبناها هو في أشعاره و أدركها بذوقه الرفيع في أشعار معاصريه.
#عبدالله_بير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة في كتاب (محاضرات في تاريخ النقد عند العرب)
-
الحرب الاوكرانية و عصر جديد
-
العودة إلى البيت
-
قصة قصيرة : بائعو الهوى
-
توظيف السيرة و الاسطورة في القصة القصيرة قصص -باندورا - للكا
...
-
التيه بين اغتراب الواقع و ماض مغترب قراءة في مجموعة قصائد (
...
-
قراءة في كتاب - تأسيس ميتافيزيقا الاخلاق -
-
عودة إلى السماء
-
المحاكاة
-
ذكريات سرور
-
صديقي لم يكن ارهابيا
-
قراءة في كتاب السيميولوجيا و التواصل
-
فتاة من طينة الذهب
-
ندم اللقاء
-
قد لا يأتي الأمل أبداً
-
الذي لي ليس لي دائماً
-
الخير يأتي اولاَ
-
العباءة
-
افتح قلبك لتسمع روحك
-
الظل
المزيد.....
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|