أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ثامر عباس - هل للدين علاقة بالاغتراب ؟!














المزيد.....

هل للدين علاقة بالاغتراب ؟!


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7635 - 2023 / 6 / 7 - 08:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نتعاطى ضمن هذا المقال مع مفهوم (الدين) من منطلق كونه (عقيدة) تحتوي على مجموعة من الوصايا المحددة والتعاليم الحصرية التي يؤمن بها الإنسان ويحاول مقاربة تفاصيل حياته وفقا"لشرائعها وتوجيهاتها ، وليس من منطلق اعتباره مجموعة (شعائر) تقام و(طقوس) تمارس من قبل هذه الجماعة أو تلك ، رغم ان كل اعتقاد ديني – وثني كان أو سماوي - لا يمكن له الاستغناء عن الفعاليات الشعائرية والممارسات الطقوسية تعبيرا"عن تفرده وخصوصيته . أي بمعنى إننا – في هذا الإطار – نتحدث عن (الدين) بصيغة الإيمان الثابت بالمطلق ، وليس (التدين) بصيغة الارتهان للنسبي والمتغير .
وبهذا المعنى ، فان صيغة السؤال المطروح في العنوان سوف تحتمل إجابتين : كلا ، ونعم . ففي الحالة الأولى التي اعتبرنا فيها أن الدين (عقيدة) تتمحور حول قضايا (اللاهوت) المفارق ، نستطيع الجزم بانعدام أية علاقة ما بين الاعتقاد الديني وبين الشعور بالاغتراب ، من حيث ان هذا الاعتقاد نابع من خيار طوعي لا إلزام فيه أو إجبار عليه . أما في الحالة الثانية ، والتي افترضنا فيها أن الدين لا يعدو كونه مجموعة من الشعائر والطقوس التي يمكن إدراجها تحت مسمى (التدين) ، والتي تتمحور حول شؤون (الناسوت) المحايث للواقع ، فان العلاقة – في هذه الحالة – غالبا"ما تكون متواشجة ومتلازمة ، وخصوصا"في المجتمعات التي تستغل فيها مشاعر الجمهور الدينية لأغراض المصالح السياسية والاقتصادية .
ولعل ما كرس هذا الانطباع ورسخه لدى عامة الناس حيال قضية التلازم القائم ما بين الشعور الديني وظاهرة الاغتراب ، ما نسب الى مؤسسا الماركسية (ماركس وانجلس) قولهما ان (الدين أفيون الشعوب) ، والذي فسّر على أنه (إدانة) صريحة لمظاهر الوعي الديني من حيث دوره السلبي في تبرير سياسات التفاوت والاستغلال الطبقيين ، فضلا"عن تأثيره إزاء حرمان المنتجين (العمال) من التمتع بثمار عملهم الإنتاجي والمطالبة بحقوقهم الإنسانية ، على خلفية تسويغ عملية الفصل ما بين المنتج – بكسر التاء – والمنتج – بفتح التاء – الأمر الذي تمخض عنها وترتب عليها (العملية) استحالة العلاقات الإنتاجية من طابعها الإنساني الى طابعها السلعي ، أو ما يسمى بعلاقات (التشيؤ) بين الإنسان المنتج من جهة ، وبين السلعة المنتجة من جهة أخرى .
وفي إطار هذه العملية الاجتماعية والاقتصادية والنفسية – وليس الدينية بالمعنى الذي قدمناه – فان من المرجح أن تتبلور لدى الإنسان المستغل اقتصاديا"والمضطهد سياسيا"مشاعر ما يسمى بظاهرة (الاغتراب) أو (الاستلاب) كما يرد في بعض الكتابات . بمعنى ان حالة (الانفصال) الوجداني التي يستشعرها الإنسان المقصود عن الواقع الاجتماعي المعيش ومن ثم يستبطن إيحاءاتها وتمثلاتها السلبية ، ليست هي بالضرورة نتاج (المعتقد) الديني الذي يعتنقه ويؤمن به على مستوى الوعي ، بقدر ما تكون حصيلة (تجاربه) الدينية التي قيض له خوضها على مستوى السلوك ضمن سياق اجتماعي معين ، ونسق ثقافي خاص ، ونظام رمزي محدد . ولعل مواقف الجماعات الإسلامية المختلفة من هذه المسألة تبدو شديدة الوضوح وحاسمة الدلالة ، لجهة التباين في مناسيب الانغمار بتلك المشاعر الروحية ، فضلا"عن التفاوت في مستويات الإحساس بوطأتها سوسيولوجيا"وسيكولوجيا"- ناهيك عن بعدها السياسي – كفيلة بتوضيح الصورة المشوشة وإبراز ملامحها الغامضة .
وهكذا ، فعلى الرغم من تماثل تلك الجماعات لجهة اعتقادها بوجود اله واحد (الله) وإيمانها (بدين) مشترك (الإسلام) – والأمر ذاته ينطبق على بقية الأديان الأخرى – إلاّ أنها حالما تشرع بالتعبير عن ذلك الاعتقاد وتجسيد ذلك الإيمان حتى تسارع لإظهار ميلها نحو الاختلاف ، بلّه الخلاف ، الذي غالبا"ما يكون مصدرا"للاستقطابات المتعصبة والحساسيات المتطرفة ، عبر تباين أنماط (التدين) التي تتبناها وتمارسها كل جماعة من تلك الجماعات الطائفية والمذهبية ، لاسيما على صعيد إقامة الشعائر وممارسة الطقوس وتفسير النصوص وتبني الرموز .
وإذا ما خلصنا الى استنتاج أن اقتران ظاهرة (الاغتراب) بنمط (التدين) لا تتأتى من (الدين) بذاته كاعتقاد شخصي ، بقدر ما تتأسس على طبيعة ما يتمثله وعينا الاجتماعي من رؤى وتصورات خاصة ، فان ذلك لا يعني تعميم هذا المعنى وفرض سريانه على مختلف القوى الفاعلة في المجتمع . فمن جهة الأطراف المسيطرة ، لا يشكل (الدين) ولا (التدين) بالنسبة لها مصدرا"لأي نوع من أنواع (للاغتراب) ، بل هي قد تستفيد من هذا الأخير لجهة منحها قدرة إضافية على تقوية مركزها وفرض إيديولوجيتها ، أما من جهة الأطراف المسيطر عليها فان الاعتقاد (الديني) غالبا"ما يختزل لديها الى مجموعة من الممارسات (التدينية) حيث تتخذ منها سبيلا"؛ إما (للاحتجاج) على سوء أحوالها أو (كسلوى) لانعدام حيلتها ، وفي كلا الحالتين تعبيرا"عن (الاغتراب) الإنساني الذي تكابده وتكتوي بلظاه



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة العراقية وتعسّر كينونتها الحضارية
- الماضي وعلاقته بالدين
- الماضي وعلاقته بالاسطورة
- الوظيفة النقدية للخطاب الاعلامي
- انكفاء صيرورة (المواطنة) في وعي المواطن
- تفسير الأنماط الثقافية للشخصية العراقية
- الاسطوغرافيا العراقية والدعوة للتحول من الأعلى الى الأسفل
- المحنة العراقية : السلطة ضد الدولة
- مفارقات المثقف المؤدلج وفخ (الهجنة) الايديولوجية
- أرشيف الماضي وقاموس المعاني : قراءة في المقاصد والحدود
- السبق الحضاري في المجتمع المعطوب : فاعل عراقة أم عامل إعاقة ...
- الشخصية العراقية ورواسب الهجنة الايديولوجية
- القاع والقناع : احتباس الوعي بين التاريخ والايديولوجيا (حالة ...
- السياسة والفلسفة : تقارب أم تضارب ؟!
- الاطر الحضارية للعلوم الانسانية
- مفارقات المجايلة في سيكولوجيا الجماعات العراقية
- مجتمع الاصطناع .. وفقدان الأمثولة المعيارية
- مناقب الجمهور ومثالب النخبة !
- هل الى صحة العقل من سبيل ؟!
- العامل الاقتصادي وبندول الشعور الوطني


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
- ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ثامر عباس - هل للدين علاقة بالاغتراب ؟!