أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد محبوب - غياب دولة المؤسسة الثقافية














المزيد.....

غياب دولة المؤسسة الثقافية


محمد محبوب

الحوار المتمدن-العدد: 1719 - 2006 / 10 / 30 - 09:53
المحور: المجتمع المدني
    


في دول الأتحاد الأوربي عموما تتوفر أمام المشروع الثقافي أمكانيات غير محدودة للتمويل وأن كانت هذه الأمكانيات تتفاوت من دولة الى أخرى ، المؤسسات الثقافية وصناديق التمويل التابعة للأتحاد الأوربي تدعم الكثير من المشاريع الثقافية ليس في البلدان الأوربية وأنما في الكثير من البلدان النامية والنائمة أيضا

كما تتولى وزارات الثقافة الأوربية وأدارات الثقافة المحلية في المدن والمئات من مؤسسات التمويل الثقافي دعم ألاف المشاريع الثقافية في كل عام ، ألمانيا مثلا لا تعد من البلدان الداعمة للمشروع الثقافي في المرتبة الأولى لكن تتوفر للمشروع الثقافي أكثر من أربعة ألاف مؤسسة تمويل تتوزع في أنحاء البلاد.

وتقوم لجان متخصصة بدراسة أوراق كل مشروع بصورة دقيقة حيث يركزون على أهمية الغرض من أقامة المشروع وأهدافه والمشاركين فيه والجمهور الذي ينبغي أن يتوجه أليه وآليات تنفيذه والنتائج المتوخاة منه وتفاصيل كثيرة يجري تمحيصها ومقابلات وأجراءات معقدة جدا وذلك من أجل قبول المشروعات الثقافية الأصيلة والقيمة التي يمكن أن تخدم الحركة الثقافية بعمق وصدق.

ونظرا لصعوبة وتعقيد الأجرءات المتبعة في تقويم المشاريع تستعين المؤسسات والجمعيات الثقافية بمكاتب أدارة ثقافية متخصصة ذات خبرة في هذا المجال لتتمكن من أقناع مؤسسات التمويل بدعم مشروعها وتتقاضى هذه المكاتب اجور عالية جدا لقاء خدماتها ، وفي هذا الصدد أذكر مثالا أعرفه عن قرب حيث أنفقت جمعية ثقافية حوالي واحد وعشرين ألف يورو من أجل أعداد ملف لمشروع ثقافي ( طلب ومرفقاته ) وتقدمت الى أكثر من مائة مؤسسة تمويل بهذا المشروع.

ولكن ماذا عن المشروع الثقافي العراقي !

بعد التغيير الذي حصل في العراق أنتعشت آمال المثقفين العراقيين في قيام دولة المؤسسة الثقافية التي تحرر المشروع الثقافي من السلطة وتمنح القرار الثقافي أستقلاليته بعيدا عن أرادة السياسي الذي أعتاد أن يوظف المشروع الثقافي لخدمة أغراضه السياسية ، ففي حقبة الدكتاتور صدام حسين كان يتم تسخير المشروع الثقافي لتمجيد شخص الدكتاتور ، ويتم التمويل بصيغة مكرمة من القائد أو راعي الثقافة الذي هو شخص الدكتاتور نفسه ، يتوجه عرابو المشاريع الثقافية بطلباتهم الشخصية منها والعامة التي غالبا ماتكون شفوية مشفوعة بالمديح والتوسل ودغدغة أوهام العظمة لدى الدكتاتور.

غير أن المثقف العراقي يشعر اليوم أن آماله تقوضت بعد أكثر من ثلاث أعوام حيث صارت دولة المؤسسة الثقافية محض سراب وتحولت وزارة الثقافة في العهد الجديد الى سلعة في سوق المحاصصات السياسية في ظل حكومة أسلامية تسيطر عليها الأحزاب الشيعية والسنية ، حكومة لا تؤمن بأهمية الثقافة الحرة في بناء المجتمع ، سياسيون جدد نهلوا ثقافتهم من الحسينية أو المسجد ، ثقافة دينية أيديولوجية لاتقيم للأبداع الأنساني وزنا وتعتبر الأبداع نوع من بلبلة الفكر لدى الفرد الذي يراد له أن ينصهر ويذوب تماما في ثقافة الحسينية والمسجد.

وأمام غياب دولة المؤسسات الثقافية يظل المشروع الثقافي يتيما يبحث عمن يأخذ بيده وسط تجاذبات حكومة رجال الدين من الشيعة والسنة الذين يعتبرون المشروع الثقافي خصما لهم ، في ظل هذا الخراب السياسي الذي يعلو فيه صوت البندقية على كل شيء ، يتعطل المشروع الثقافي ، ربما بأستثناء الزعيمين الكرديين الطالباني والبرزاني الذين يدعمان العديد من المشاريع الثقافية هنا وهناك وصار يتوجه أليهم الكثير من أصحاب المشاريع والحاجات من المثقفين العراقيين ، فأن قادة المشاريع السياسية في العراق من الأسلاميين والعلمانيين يعانون من قطيعة تامة مع الثقافة والمثقف.

وعندما كتبنا عن أسلوب بعض المثقفين العراقيين في تأمين التمويل اللازم لمشروعهم في عقد مؤتمر للمثقفين المغتربيين فأننا لم نكن نعني أدانة اشخاص هؤلاء المثقفين كما فهم البعض بل أدانة الحالة ، حالة غياب دولة المؤسسات الثقافية الأمر الذي يضطر هؤلاء وغيرهم الى التوجه دائما نحو مام جلال أو كاكة مسعود نظرا لمايتمتع به الزعيمان من تقدير لأهمية الثقافة والمثقفين ، في وقت تكاد تخلو فيه أبواب مسؤولين آخرين من المثقفين والعلماء.

المشروع الثقافي لازال واقفا عند أبواب السلطان مستجديا مكرمة من هنا ومرحمة من هناك ، الحسينية والمسجد صادرا دور المؤسسة الثقافية ، المثقف أخلى الساحة تماما لرجل الدين والأخير تحول الى سياسي وصار يهيمن على القرار السياسي والثقافي معا ، يتم ذلك كله في غياب دولة المؤسسة الثقافية.



#محمد_محبوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عراقيون وألمان يبحثون ثقافة التسامح بين الأديان والطوائف في ...
- الحرب القذرة
- التاسع من نيسان .. يوم للتحرير والإحتلال
- مستقبل شيعة العراق
- عصابة الإنتخابات في ألمانيا تتوعد العراقيين بالملاحقة القضائ ...
- رسالة محبة الى الدكتور كاظم حبيب
- ومن .. يساند الإحتلال
- متى يستوعب الإسلاميون الشيعة الدرس
- ليس بالإمكان أحسن مما كان
- ويحدثونك عن إجتثاث البعث
- بعد فاجعة جسر الأئمه .. مراحعات لابد منها
- الأقوياء الثلاث المدججين بالسلاح
- الشيعه والدوله هل يرتكب شيعة العراق الخطأ القاتل الثالث
- جمهورية شيعستان الإسلاميه


المزيد.....




- الخارجية الفلسطينية: تسييس المساعدات الإنسانية يعمق المجاعة ...
- الأمم المتحدة تندد باستخدام أوكرانيا الألغام المضادة للأفراد ...
- الأمم المتحدة توثق -تقارير مروعة- عن الانتهاكات بولاية الجزي ...
- الأونروا: 80 بالمئة من غزة مناطق عالية الخطورة
- هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست ...
- صربيا: اعتقال 11 شخصاً بعد انهيار سقف محطة للقطار خلف 15 قتي ...
- الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
- -الأونروا- تنشر خارطة مفصلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة
- ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر ...
- الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد محبوب - غياب دولة المؤسسة الثقافية