أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - كاظم فنجان الحمامي - ليلة واحدة مع جنيات الهور














المزيد.....

ليلة واحدة مع جنيات الهور


كاظم فنجان الحمامي

الحوار المتمدن-العدد: 7633 - 2023 / 6 / 5 - 09:01
المحور: سيرة ذاتية
    


هذه حكاية واقعية من حكايات الأهوار، بطلها صبي قوي البنية صلب العود من فتيان البو محمد. اسمه (بحر). .
نشأ (بحر) محروماً من حنان الأم. ترعرع في بيئة فقيرة قاسية، حيث الأهوار ومتاهاتها المائية الغامضة، وغاباتها القصبية الكثيفة. لكنه كان أنموذجاً استثنائياً في الصبر والتحمل وفي المواقف الصعبة، وكان قريباً من رجال القرية الذين تربطهم به أواصر العمومة. . يساعدهم في أعمالهم اليومية، ويذهب معهم في رحلات الصيد، وأحيانا يدفع معهم القارب، ويشاركهم في نشاطاتهم المعتادة. يتظاهر أمامهم بالقوة والفتوة واليقظة، لكنه كان يشعر بفقدان الاهتمام. .
رافقهم كعادته في يوم من الأيام إلى بقعة عميقة معروفة بغزارة اسماكها. فنشروا شباكهم هناك قبل مغيب الشمس، ثم هموا بالرجوع إلى قريتهم بذريعة تناول العشاء، تاركين الفتى (بحر) وحده في المكان الذي نصبوا فيه شباكهم. قالوا له: أنهم سيعودون بعد قليل ويجلبوا له عشاءه. فلم يكن له أي خيار سوى تصديقهم والاقتناع بكلامهم. فأبدى بعض الشجاعة في الصمود ومواجهة الأخطار . .
تركوه وحده ورحلوا، ثم خيم الظلام وسط هذه المتاهات المخيفة، كان شارد الذهن. يلتفت يميناً وشمالاً، يفزعه نقيق الضفادع، وتخيفه قفزات الأسماك بين أعواد البردي، وترعبه الأصداء القادمة من بعيد. أصوات يختلط فيها العويل والنواح، وتتراءى له عيون الجنيات تتربص به بين عيدان القصب. ظل الليل كله يجفل من كل حركة حوله. يذرف الدموع من دون ان يدري. لم يكن يشعر بالجوع، ولم تكن لديه أي رغبة بالنوم. بدا واضحاً ان القوم تجاهلوه وغدروا به، فتركوه وحده هناك في مواجهة الاهوال المحتملة. .
تسارعت دقات قلبه، كانت أصابعه ترتجف من البرد والخوف والجوع والألم. امضى وطراً من الليل وسط الوساوس والهواجس. تداهمه الظنون وتخنقه الأجواء المخيفة، كان يهتز خوفا من سماع صرصرة حشرات الظلام، وبطبطة طيور الوز المهاجر. .
هناك من يراقبه خلسة ويزحف ورائه، وأحيانا يهمس في إذنه. كان يكلم نفسه فيقول: كلا هذا خيال. لكنه كان يشعر بشيء يلاحقه، ويتبع خطواته ويقترب منه. كان يسمع صوتاً خافتاً يهمس من خلفه. يخاطبه قائلاً: أنت أنت يا (بحر) أنتظر قليلاً، سوف تفترسك جنيات الهور، فلم تستطع قدماه أن تحملانه من شدة الخوف. .
نظر إلى السماء المتلالئة بالنجوم. تقوقع في مكانه. وأوشك قلبه ان يتوقف. وبينما كان جسده يرتجف، التفت إلى الخلف ببطء من شدة القلق. نظر بأطراف عينه اليمنى، فلمح شيئاً يقفز في الماء ويختفي وراء حزمة البردي، ثوانٍ من الصمت كان يُخير فيها نفسه بين المكوث في مكانه، أو البحث خلف كومة البردي ليرى مصدر الصوت. ثم رأى رداءً أبيضاً يرفرف في الهواء. يظهر ويختفي خلف جذع شجرة محترقة تختبىء وراءها الأشباح. .
ظل (بحر) يذود وحده ويقاوم ويقاوم حتى طلوع الفجر. كان ضياء الفجر هو المنقذ من هذا الكابوس المخيف. وكانت الشباك ممتلئة بالأسماك. . ظل بحر ينتظر ابناء عمومته الذين عادوا بوجوههم الغادرة، وقلوبهم المتحجرة، وابتساماتهم الماكرة، ليجدوه صامداً جلداً يقظاً كما الأسد في عرينه. كان واضحا انه انتصر عليهم كلهم، ونجح في أصعب الاختبارات. .
بعد عشرات الأعوام صار هذا الفتى رمزاً وقدوة للقبيلة كلها. وقد منحه الله السعادة والطمانينة وراحة البال. .



#كاظم_فنجان_الحمامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطنطل في الميثولوجيا العالمية
- أحدث محاور النقل العابر للقارات / ج 4
- أحدث محاور النقل العابر للقارات / ج 3
- أحدث محاور النقل العابر للقارات / ج 2
- أحدث محاور النقل العابر للقارات / جـ 1
- منظمات عراقية من نسيج مختلف
- كتب أهملها أصحاب الاختصاص
- الحرية في فرنسا للفرنسيين فقط
- رسائل التخاطر الروحي بين أهلنا
- الحرب الصربية الكوسوفية على الأبواب
- كتاب: شريعة حمورابي
- الذكاء الصناعي: آخر المؤتمرات المرتقبة
- الفوز بنسبة 52.14%
- الرابح الثاني في الحرب الاوكرانية
- الرابح الأول في الحرب الاوكرانية
- أحزاب وحدوية مزقت الأمة
- الهويريني: فيلسوف مهاجر إلى الله
- اسلحة لإبادة مجاميع بشرية مستهدفة
- قيم وأعراف مفقودة
- جسور أخفاها الإعلام المُسيس


المزيد.....




- مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا ...
- وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار ...
- انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة ...
- هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟ ...
- حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان ...
- زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
- صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني ...
- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف ...
- الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل ...
- غلق أشهر مطعم في مصر


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - كاظم فنجان الحمامي - ليلة واحدة مع جنيات الهور