|
بين لبنان و إسرائيل 2
خليل قانصوه
طبيب متقاعد
(Khalil Kansou)
الحوار المتمدن-العدد: 7631 - 2023 / 6 / 3 - 14:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نواصل هذا البحث إنطلاقا من ملاحظتين أو بتعبير أدق من معطيين مثبتين و بالتالي ليس من حاجة لأدلة و براهين على حقيقتهما و استطرادا على تأثيرهما و على العوامل المنتجة لهما .يمكننا إختصارهما : 1ـ التناقض بين سلطة الحكم في شبه الدولة العربية من جهة و أحزاب و منظمات الحركة الوطنية في شبه الدولة هذه من جهة ثانية . كون الطرفان يسعيان ، نظريا على الأقل ، فالسلطة في شبه الدولة تعمل عادة ، بتنسيق كامل أو جزئي ، مع دولة الإنتداب أو تحت إشراف الأمبراطورية . 2 ـ التناقض فيما بين الأحزاب و منظمات الحركة الوطنية من جهة و التناقض الأساس بينها وبين التيارات الدينية التي تهب بين الفينة و الفينة ، رياحها في ميدان السياسة ، ثم تخبو عندما تضعف تلك الأحزاب و المنظمات الوطنية و يُحكم النظام قبضته على الأوضاع في البلاد . نكتفي بهذه التوطئة تمهيدا لمداورة سؤال أساس من وجهة نظرنا نختصره بالقول : ماذا حل بأحزاب و منظمات الحركة الوطنيىة و فصائل منظمة التحرير الفلسطينية الذي تحالفوا فيما بينهم ، في لبنان في ظاهر الأمر ،دعما لنضال الشعب الفلسطيني من جهة و للتخلص من النظام الطائفي كخطوة نحو نظام وطني يضع في مقدمة مهامه التربيبية و التوعية ،يحكم باسم المواطنين دفاعا عن مصالحهم حاضرا و مستقبلا. لا نظن أننا بحاجة لأن نطيل و نتوسع لكي نذكّر بالشواهد و الإثباتات على أن متغيرات و متبدلات طرأت على مكونات منظمة التحرير الفلسطينية و الحركة الوطنية اللبنانية التي عرفناها في سنوات 1970 . فمن نافلة القول أن فصائل خرجت و أخرى طردت و نفيت من المسرح . السؤال هنا لماذا ؟ لا شك أن الإجابات كثيرة و مختلفة . نحن هنا لسنا بصدد مقاربة هذا الموضوع بكل تفاصيله ، فهذا الأمر يتعدى حدود قدرتنا و مؤهلاتنا ، و لكن رأينا أن طرح هذا السؤال واجب لا مفرمنه . هذا لا يعني أنه لم يستوقفنا و ما يزال يشغلنا تفكرا و تحليلا ، حيث أوصلنا ذلك إلى عناصر إجابات من المحتمل أن تساعد على الفهم . لذا سنحاول تلخيصها في ما يلي : ـ لا شك في أن هناك فصائل وطنية اضطرت اضطرارا لتعليق " نضالها " نتيجة توقف الدعم الذي كانت تتلقاه من جهات خارجية و داخلية ، و لكن هناك فصائل توقفت نتيجة الإختلاف بين قادتها ، في تقييم تجربة الحرب الأهلية الفاشلة في لبنان . و هنا لا بد من كشف العلاقة بين الدعم ، الذي كان ثم توقف من جهة و الفشل و هو في حد ذاته هزيمة فكرية و مادية في الوقت نفسه ، من جهة ثانية. ـ من المعروف أن بعض فصائل الحركة الوطنية اللبنانية تعرضت لإعتداءات من منظمات مسلحة طائفية تمكنت في نهاية المطاف من إسكاتها و إلغائها و الحلول مكانها و من إعادة تجميع أجزاء شبه الدولة و من الأمساك بالسلطة بعد إنعاش النظام الطائفي . يمكننا القول في هذا الصدد أن قيادة منظمة التحرير الفلسطينية اتبعت ضد الفصائل الفلسطينية التقدمية و الوطنية ، نفس النهج الذي سارت عليه الميليشيات الطائفية في لبنان ضد أحزاب الحركة الوطنيية ، حيث همشت الجبهة الشعبية على سبيل المثال . هنا أيضا يتساءل المرء عن الغاية من عمليات الفرز التي جرت في لبنان و على الصعيد الفلسطيني ، و عن القوى و الجهات التي أوحت به و شجعت عليه . هذه مسألة ذات أهمية كبيرة ، قياسا على النتائج التي اسفرت عنها بعد التمهيد لها بواسطة لوثة الدولار النفطي ثم التطبيع مع الدولة الصهيونية و صولا إلى حروب تفكيك المجتمعات الوطنية الناشئة في البلدان العربية و نسف ركائز دعائم الدولة الوطنية المحلومة . ولكن لا ننسى أن كثيرين من المناضلين الوطنيين ، في لبنان و فلسطين ، بذلوا تحت رايات الفصائل المحظورة أقصى التضحيات من أجل تحرير أوطانهم و تحرر شعوبهم .فمنهم من نفي و من خطف و لا يعرف عن مصيره شيئا و من قتل برصاص الأعداء و من قتل برصاص العصابات الطائفية ، فمن يتحمل مسؤولية هذا الدَّين الهائل ؟ ـ هذا كله من ناحية أما من ناحية ثانية فلابد من التفكر في مسألة هي في نظرنا أساسية ، يمكننا إيجازها على الشكل التالي : من المعروف أن الحركة التي قادها عزالدين القسام في سياق الإنتفاضة الشعبية الفلسطينية في سنة 1936 ضد إجراءات دولة الإنتداب البريطاني على فلسطين و تمادي المنظمات الصهيونية المسلحة في إقتراف الأعمال الإرهابية ، فشلت أمام أدوات القمع و البطش و الإعدامات . الغريب في الأمر أن النضال التحريري الفلسطيني يكاد يختصر اليوم ، بعد التصفيات و التحولات التي تعرض لها ، التي لمحنا اليها أعلاه ، بحركة قسامية ، بالرغم من تبدل الاوضاع عما كانت عليه في زمان القسام ،و بالرغم من تجارب حركات التحرير الوطني في البلدان المستعمرة و أصدائها في مجتمعات الدول الإستعمارية نفسها . من البديهي أن هذا المعطى فيما يخص القضية الفلسطينية ، ينطبق أيضا على الحالة اللبنانية أو قل إنه متصل بها و متفرع نحو كل الساحات العربية حيث يبحث الناس عن طريق إلى الحرية و الإستقلال و العيش الكريم . مجمل القول و قصاراه إن إمساك زمام الامور في السلطة و المجتمع ، من قبل الهيئات الطائفية التي تدعي استلهام الدين ، في أدائها السياسي ،جعل القضية الوطنية في بلدان العرب في عزلة عالمية فكريا و سياسيا ، محصورة ضمن حدود إنسانية صرِف : تعاطف مع النازحين ، المشردين ، الطفولة الجوع ،ألخ . لا بد من الإعتراف في الختام أن إسكات و إلغاء و تصفية الحركات الوطنية ، التي أطلت برأسها في سنوات 1970 تلازم مع هجرة و إغتراب سياسيين و فكريين ، , هذا اذكى صراعات داخلية عبثية الأمر الذي غيّب الأسباب عن النتائج أو بالأحرى عرّى المأساة من مسبباتها و خفّف عن الاعداء من أعباء أزماتهم على الصعيد المحلي و العالمي .
#خليل_قانصوه (هاشتاغ)
Khalil_Kansou#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بين لبنان و إسرائيل
-
حروب العرب بالقياس على الحرب في أوكرانيا
-
الجماعة الدينية و المجتمع الوطني
-
ملحوظات في تحولات حركة التحرير الوطني
-
كلنا نازحون (2)
-
عن الدين و الدولة
-
دولة غير وطنية
-
كلنا نازحون
-
سلاح الدولة و سلاح الجماعات
-
ملحوظات في موضوع الإتفاق السعودي الإيراني : توطين النازحين 2
-
ملحوظات في موضوع الإتفاق السعودي الإيراني : توطين النازحين
-
ملحوظات في موضوع الإتفاق السعودي الأيراني
-
الجماعة الإحتماعية
-
مصطلحات و مفاهيم مبهمة
-
صلاح عموري : فلسطيني منفي من فلسطينيته
-
الحرب المستحيلة
-
الإستعمار المتحول
-
بدعة لبنانية : - التقويم الرمضاني -
-
تصوّرات عن حروب متواصلة
-
القضية الفلسطينية في عهدة الأجيال مابعد الثالث
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|