أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - كاظم المقدادي - لمناسبة الخامس من حزيران- يوم البيئة العالمي تجاهل التلوث البيئي في العراق ستكون له نتائج كارثية وخيمة















المزيد.....


لمناسبة الخامس من حزيران- يوم البيئة العالمي تجاهل التلوث البيئي في العراق ستكون له نتائج كارثية وخيمة


كاظم المقدادي
(Al-muqdadi Kadhim)


الحوار المتمدن-العدد: 509 - 2003 / 6 / 5 - 15:20
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


                       

    في الخامس من حزيران/يونيو من كل عام، يحتفل العالم بيوم البيئة العالمي،منذ عام 1972-ذكرى إفتتاح مؤتمر ستوكهولم حول البيئة الإنسانية ومصادقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار تأسيس برنامج الأمم المتحدة للبيئة UNEP. ويعد هذا الاحتفال إحدى الوسائل الرئيسية التي لجأت منظمة الأمم المتحدة إليها من أجل العمل على زيادة الوعي بقضايا البيئة و تحفيز القيادات السياسية والعامة على العمل من أجل الحفاظ عليها وصونها. ويهدف برنامج الأمم المتحدة للبيئة بوجه عام بلورة البعد الإنساني لقضايا البيئة وذلك من خلال تمكين الناس من لعب أدواراً فاعلة من أجل تحقيق التنمية المستدامة العادلة، وترسيخ أهمية دور المجتمع في تغيير أنماط السلوك والعادات السلبية في التعامل مع البيئة وتحفيز مبدأ الشراكة حتى تنعم الشعوب بمستقبل أكثر أمناً ورفاهية.
   إنطلاقاً من البعد الإنساني،وإستجابة لدعوة الأمم المتحدة  بإستغلال يوم البيئة العالمي من أجل مراجعة وتقييم أوضاعنا البيئية "لعلنا نتدير بروية كيفية العمل من أجل البيئة"، نلفت الإنتباه، في هذه المناسبة الهامة، الى مشكلة التلوث البيئي، وتحديداً التلوث الإشعاعي، الذي طال البيئة العراقية في السنوات الأخيرة، ولعبت الولايات المتحدة دوراً كبيراً فيه.
   علماً بان الانعكاسات البيئية للحرب علي العراق لأول مرة تتصدر اهتمامات وزراء البيئة العرب،وذلك خلال إجتماعهم في 2 / 6  في بيروت، في اطار اختيار الامم المتحدة هذا العام لبنان مقرا للاحتفال بيوم البيئة العالمي. ولأول مرة أيضاً لفت الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسي الي" ان الاجتماع سيطلق تقريرا اعده برنامج الامم المتحدة للبيئة عن الحالة البيئية المتدهورة في العراق".وأكد ان التقرير " سيكون بداية لعمل اكثر شمولية لدراسة الاوضاع البيئية المتدهورة في العراق يتم تحت رعاية جامعة الدول العربية". من ناحيته شدد وزير البيئة اللبناني فارس بويز علي ضرورة دراسة تأثير الحرب ضد العراق علي البيئة.ودعا الي " توحيد الرؤية العربية في المواضيع البيئية علي الرغم من عدم اكتمال التنسيق في السياسة لتأثره بعوامل دولية واقليمية"("فرانس بريس"-بيروت، في 3/6/2003).

التلوث باليورانيوم المنضب
     في حرب تحرير الكويت وطرد القوات الصدامية الغازية، عام 1991، إستخدمت القوات الأميركية وجربت لأول مرة في ميادين القتال " الحية" ذخيرة اليورانيوم المنضب Depleted Uranium ضد القوات العراقية في جنوب العراق، مخلفة  ما بين 320 و 800 طن من الركام في الأراضي الجنوبية العراقية. ولم تسمح لخبراء الأمم المتحدة بتقييم نتائجه البيئية والصحية. ولم تقم بإزالة الركام المنتشر في جنوب العراق والكويت، رغم  تحذير هيئة الطاقة الذرية البريطانية UKAEA من مخاطره.وتأكيد الجمعية العلمية الملكية البريطانية Royal Society والعديد من العلماء المستقلين، ومنهم: الألماني سيغفرت-هورست غونتر، والأميركي دوج روكي، والبريطاني كريس بسبي، والكندي هاري شارما، والأميركي أساف دوراكوفيتش،والبريطاني داي وليامز، وغيرهم، لمخاطر السلاح المذكور، الصحية والبيئية، مؤكدين بأنه مصنع من نفايات نووية، وله تأثير مركب- إشعاعياً وسام كيمياوياً، ويمكنه ان يسبب السرطان، وتلف الكليتين، والكبد، وجهاز المناعة، وغير ذلك.وكل هذا وغيره ألحقه  بالشعب العراقي على نحو بالغ، مهدداً حاضره ومستقبله، لكون تأثيره لن يقتصر– بحسب العلماء- على الجيل الحالي، بل والأجيال اللاحقة.
    وبالرغم من كل ما سببه سلاح اليورانيوم في العراق والبوسنة وكوسوفو وأفغانستان،والمطالبة بمنع إستخدامه، وإعتباره من الأسلحة المحرمة دولياً، إستخدمه البنتاغون مجدداً في الحرب الأخيرة على العراق وبكميات تجاوزت 3-6 أضعاف، وبقوة زادت  فاعليته، عقب تحديثه، بـ 350- 600 مرة، مقارنة بما إستخدم في عام 1991.
   والأمر المحير والغريب،إن لم نقل المريب، وادارة بوش تعتبر نفسها  صديقة، ومحررة  للشعب العراقي من  النظام الدكتاتوري الهمجي، وتدعي أنها تتمنى للعراق الخير والتقدم والإزدهار، بينما ترفض إزالة ليس فقط مخلفات حرب عام 1991،المنتشرة في جنوب العراق، بل ومخلفات الحرب الأخيرة، المضروبة بذخيرة اليورانيوم المنضب، التي تنشر حالياً  في أرجاء العراق. ورفضت أيضاً تحذير المدنيين، وخاصة الأطفال، من مغبة الإقتراب من الركام المذكور، بذريعة أنه  " غير مضر"، وأنه "لا دليل" علمي عن أضرار سلاح اليورانيوم على الصحة والبيئة، بينما يعلم خبراء البنتاغون  جيداً، قبل غيرهم، كم ذخيرته خطرة، صحياً وبيئياً، قدر فاعليتها التدميرية للمدرعات.ولن يستطيعوا حجب الحقيقة مهما واصلوا التضليل والكذب..وإلا فلماذا قرر البنتاغون " إخضاع كافة الجنود الأمريكيين العائدين من العراق لفحص طبي، وتشمل الفحوص الصحية الجنود والبحارة والطيارين ومشاة البحرية الأمريكية (المارينز)، حيث يقوم كل عسكري أمريكي خلال شهر واحد من العودة للولايات المتحدة بملء استمارة صحية، ومراجعة بياناتها مع مسؤول طبي، مع توفير عينة دم للفحص"- حسب وكالة"الأسوشيتد برس" .وتهدف الإجراءات الجديدة لمواجهة ظهور أية عوارض صحية محتملة بين القوات المشاركة في الحرب(" سي أن أن"، في 3/6). بينما لم يبرروا عدم إستجابة الإدارة الأميركية، لليوم، لطلب برنامج الأمم المتحدة للبيئة، المقدم في 24 نيسان/أبريل الماضي، بالسماح لخبرائه بدخول العراق فوراً لإجراء مسح ميداني شامل لتقييم المخاطر البيئية الناتجة عن استخدام أسلحة مزودة بمواد كيماوية سامة او يورانيوم منضب، مع ان رئيس البرنامج د.كلاوس توبفر نبه الى ان صحة العراقيين  معرضة للخطر بسبب القذائف الخارقة للدروع المحتوية على اليورانيوم المنضب، التي استخدمت في حربي عام 1991، وعام 2003 ..!!
التسرب الإشعاعي
   ولعل الأغرب، هو موقف الإدارة الأميركية اللاأبالي واللامسؤول  من التلوث الإشعاعي، الذي  حصل في اواخر نيسان /أبريل الماضي في العراق عقب عمليات السلب والنهب، التي جرت هناك، وطالت المواقع النووية العراقية، أمام أنظار القوات المحتلة، وأسفرت عن سرقة المئات من الحاويات والبراميل والصناديق المخصصة لحفظ الملوثات، وسكب محتوياتها، ولم تقم  بأي أجراء جدي لإيقافها، ولا  لدرء مخاطر التلوث الإشعاعي، مع أن إختصاصيين أميركيين تأكدوا-كما سيرد- من التسرب الإشعاعي، وبأجهزة أميركية لقياس الإشعاع .. ليس هذا فقط،  وإنما واصلت، وعلى مدى 6 أسابيع، المماطلة في الإستجابة لطلب الوكالة الدولية للطاقة الذرية  IAEA  بدخول العراق فوراً للتأكد من المواد المفقودة  من المواقع النووية المسجلة لديها، وتقدير حجم التلوث الإشعاعي المتسرب، والحد من أخطاره على المواطنين، ضاربة عرض الحائط بالتحذيرات التي أطلقها العديد من إختصاصيي الوكالة المذكورة، وقبلهم خبراء  في هيئة الطاقة الذرية العراقية، من إحتمال تعرض بغداد الى تلوث إشعاعي خطير، بعد الإنتشار السريع لكميات كبيرة من النفايات المشعة من مواقع خزنها داخل مبنى الهيئة وفي محيطها، والى كثير من البيوت والى الأحياء السكنية المجاورة والقريبة، وتأكيداتهم بان  موجة السلب والنهب الواسعة، التي سببها غياب السلطة المركزية، وموقف اللامبالاة الذي وقفته القوات الأميركية، وبضمنها القوة التي كانت موجودة داخل مقر الهيئة، قد شملت المقر ومحتوياته النووية.
    وكان خبراء عراقيون، ومنهم: المهندس الكيمياوي مهدي نعيم طارش، والإختصاصي بالفيزياء الإشعاعية علي حسن عزيز، والمهندس النووي  د.حامد الباهلي والخبير البيولوجي د. محمد زيدان، ناشدو، إدراكاً منهم للخطر الماثل، القوات الأميركية المحتلة، والجهات الدولية المعنية، وفي المقدمة منها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التدخل فوراً لدرء الخطر والسيطرة عليه، وتوفير الحماية للمواطنين منه، وإجراء مسح شامل في المنطقة، ومن ثم في المحافظات الأخرى، للتأكد من عدم إنتقال التلوث اليها.وتأكيداً لخطورة الوضع جاء التقرير الميداني المصور، الذي أعده مراد هاشم، وبثته قناة " الجزيرة" الفضائية القطرية، مساء 26/ 4، وكشف عن معدلات عالية للإشعاع المتسرب في المنطقة المحيطة بمقر هيئة الطاقة النووية العراقية في التويثة.والأمر ذاته ينطبق على مخزن النفايات النووية الذي يحتوي على كميات كبيرة من المركبات والمساحيق والمواد المشعة، وقد تسرب بعضها بالفعل.وأكد التقرير أن خطراً حقيقياً ومرعباً انطلق من هناك، لن توقفه- بحسب تحذير العلماء،الذين إلتقاهم- أي حدود، ما لم يتم تداركه. وقد ظهرت أولى نتائج ما حدث في المناطق المجاورة لمقر هيئة الطاقة ، حيث تعرض المواطنون لجرعات متفاوتة من الإشعاع، بسبب استخدامهم للحاويات الملوثة.وسجلت أجهزة القياس معدل عالٍ من الإشعاع  في منازلهم وعلى مواشيهم وطيورهم.ونبه الخبراء الى ان عمليات التطهير، التي تنظم بجهود المتطوعين من خبراء الهيئة، محدودة، وأن محاولة الأهالي التخلص من التلوث بطرق غير صحيحة أدت  إلى نشره في رقعة أوسع.وحذروا أيضاً من ان مواد كيميائية قاتلة وغازات سامة وبكتيريا وجراثيم تستخدم للأغراض التجريبية فقدت، وقد إختفى البعض من حاويات النظائر المشعة، والبعض الآخر لا يزال معرضاً للسرقة.
    وتفاقمت المشكلة أكثر في ظل الشلل التام لهيئة الطاقة النووية العراقية- المسؤولة عن مثل هذه الحوادث، بسبب الإنفلات الأمني، وإنتظار الوكالة الدولية للطاقة الذرية السماح لها للقيام بما يمليه عليها واجبها وإلتزاماتها المهنية، وعدم قيام القوات المحتلة بأي إجراء جدي مطلوب،لاسيما وان سراق البراميل والحاويات كانوا يجهلون  خطورة محتوياتها، فنقلوا التلوث الإشعاعي الى بيوتهم، وعرضوا عوائلهم، والآخرين، لخطره. ولجهلهم أيضاً  تصرفوا مع محتوياتها بطرق عشوائية مختلفة، ألحقت أضراراً بالبيئة العراقية، قد تتعدى أخطارها الحدود العراقية-بحسب خبير نووي، حيث كان البرميل الواحد يحتوي على 300-400 كغم من اليورانيوم المشع، من النوع المسمى" الكعكة الصفراء"- بحسب د.حامد الباهلي، وقد سكبت، إما على الأرض، او في نهر قريب، او في بالوعات منزلية، وإستخدموا البراميل الفارغة، الملوثة بالإشعاع، لحفظ الماء، ولجمع الحليب، ونقلوا منه، بواسطتها، كميات كبيرة  الى معامل تصنيع الألبان، وشربوا من الماء، والحليب، وتناول الآخرون الأجبان الملوثة بسببها..
    والطامة الكبرى أن القياسات الإشعاعية،التي أجراها الخبير النووي المهندس الدكتور حامد الباهلي للعشرات من البيوت المحيطة بمقر هيئة الطاقة الذرية العراقية، أثبتت تسرب التلوث الإشعاعي الى كل مكان، حتى في الأفرشة، والملابس، ووجده في أزرار ملابس طفلة بعمر 10 سنوات.وكان بدرجة خطيرة جداً، إذ بلغ  30 ملليرات في الساعة، بينما الجرعة المسموح بها هي 02،0 ملليرات،أي أكثر منها بحدود 500-600 مرة.وكان التلوث  بيورانيوم  "الكعكة الصفراء"، الذي هو أقل خطراً من التلوث  بنظائر مشعة، كانت محفوظة في حاويات، وكان شكلها جذاباً، جميلاً وبراقاً، يغري الإنسان العادي فيتصورها عملة معدنية، أو تحفة ثمينة.وهذه النظائر المشعة الخطرة  نهبت أيضاً، ونقلت الى البيوت، ولامسها الأطفال، وربما إنتقلت  الى عدة أماكن، والجميع  يجهل خطورتها كمادة  مشعة، ستسبب لهم، ولذويهم، وللآخرين، مخاطر صحية كثيرة. فكل من لمسها او إقترب منها معرض لخطر الإصابة بالسرطان، والأورام الخبيثة، والتشوهات الولادية وغيرها- ليس بالضرورة الآن، وإنما بعد أشهر، أو بضعة سنوات.
   لقد نهبت من مقر التويثة أعداداً  كبيرة من حاويات المواد المشعة، بحيث لم يبق منها سوى حاويتين إثنتين فقط، من مجموع المئات. علماً بأنه كان يوجد في التويثة قبل الحرب نحو طنين من اليورانيوم المنخفض التخصيب، ونحو 500 طن من اليورانيوم الطبيعي، وكميات أقل من مادة السيزيوم عالية الاشعاع، والكوبالت، والسترونيوم العالي الإشعاع، والكاسيوم، المخزنة في التويثة. والكاسيوم 137 هو مسحوق عالي الاشعاع يتميز بخطورة خاصة اذا استخدم فيما يطلق عليه "القنبلة القذرة". وقد عثر في عام 1987 على عبوة منه في ساحة لالقاء المخلفات في البرازيل، أدت الى اصابة 249 بالاشعاع ومقتل اربعة- بحسب "رويترز"، في 27/5, 2 / 6/ 2003.
سبعة مواقع نووية تضررت
   ما حصل في التويثة حصل في الكوت، وفي أماكن أخرى،.حيث تبين ان 7 مواقع نووية عراقية تعرضت للنهب والسلب. وقد زار مواقع التويثة صحفيون من " واشنطن بوست" و " نيويورك تايمز" و وكالة" فرانس بريس" و "الحياة" وغيرها.وذكرت تقارير صحفية اميركية ان فريقا اميركيا رفيع المستوى من الخبراء النووين تأكد من حصول تسرب إشعاعي. وكان فريق أميركي صغير قد  مر، في 7/4/2003  بمركز التويثة، واقترح  زيادة عدد حراسه. وفي 11 / 4 وضعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قائمة بالمواقع النووية، وطلبت حماية مركز التويثة، معتبرة إياه  واحداً من مركزين اثنين يحتاجا لحماية طارئة من اللصوص. وفي 3 / 5 تفقد  فريق للبنتاغون المركز المذكور، وعثر على مواد مشعة مبعثرة في أرجاء الموقع. وأفاد مراسل لصحيفة "واشنطن بوست"، رافق الفريق، بأن جنوداً أمريكيين في الموقع أكدوا تدفق العشرات على المكان على مدى أسبوعين.وقال بارتون جلمان أن الفريق العسكري الاميركي، بعد شهر من التردد، توجه الى مستودع خاص بالفضلات المشعة، ووجد ان الموقع قد تم نهبه بشكل كبير.من جهته زار مراسل لصحيفة " نيويورك تايمز" الموقع، وشاهد مواد مشعة مخزنة بطريقة غير آمنة ودون أي إجراءات تحول دون سرقتها أو العبث بها. ونقلت الصحيفة، في 4/5، عن ريك توركوت- أحد أعضاء فريق الخبراء الاميركى المعروف باسم " فريق الدعم المباشر" بأن المادة الاشعاعية المكتشفة تمثل خطورة على الصحة أكثر من أى شيء أخر.
    وعبرت هيئة الطاقة النووية العراقية عن بالغ قلقها إزاء الأعراض الصحية المحتملة على أهالي المنطقة، واحتمال ظهور بعض الأعراض المرضية بين السكان. وقد التقى خبراء عراقيون بمسؤولين أميركيين، لأول مرة، في 21/5، لدراسة أبعاد القضية، والتوصية بدراسة المنطقة المحيطة بمجمع التويثة النووي- بحسب   "الأسوشيتدبرس". وأشار الخبراء العسكريون الأميركيون، في أعقاب معاينة الأضرار التي لحقت بالمنشأة، إلى إختفاء 20 في المائة من المواد المشعة الخطرة التي كانت مخزنة هناك.وألقى الخبراء العراقيون باللائمة على القوات الأميركية لفشلها في التعجيل بحراسة المنشأة الحيوية ومنع تعرضها للسلب. وقال الباحث محمد الحمداني: "كانوا يعرفون بوجود مواد مشعة في المنشأة، وكان واجبهم حمايتها". وأجرى الخبراء الأميركيون تقديرات لمدى الأضرار التي أصابت المنشأة، غير أن ذلك لم يتضمن إجراء بحث صحي حول مدى تأثير تلك المواد على المناطق المجاورة وسكانها.
    وفي 22 / 5 أمرت وزارة الصحة العراقية بالمباشرة فوراً في دراسة تتعلق بمدى التأثيرات الصحية على أهالى المنطقة المجاورة لمركز التويثة النووي، الذي تعرضت مواده المشعة إلى السرقة والسلب.وأثارت الأوضاع بالقرب منه  ردود فعل دولية ساخطة ومنتقدة إزاء خطورة المواد التي تمت سرقتها بواسطة اللصوص من التويثة مثل اليورانيوم، والتخوف من احتمال التخلص من تلك المواد المشعة في المناطق السكنية المحيطة.
   وبدأ سكان المنطقة في الشكوى من أمراض تتفاوت أعراضها من الإجهاد والطفح الجلدي. فيما حذر الخبراء المختصون من أعراض صحية خطيرة قد يتعرض لها الذين مكثوا لفترات طويلة داخل موقع تخزين المواد العالية الإشعاع (" سي أن أن"، في 22 / 5 / 2003).
إستجابة أميركية مشروطة
    بعد الذي حصل، وتفاقم المشكلة، نتيجة لتجاهل الإدارة الأميركية لتحذيرات متكررة من د. محمد البرادعي- رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وإعلانه:" ثمة وضعا اشعاعيا وانسانيا ملحا يتطور هناك استنادا لتقارير شهود عيان" ("رويترز"، في 2 / 6)، إستجابت الولايات المتحدة لطلب ا لوكالة المذكورة ، بعد أكثر من شهر من تقديمه، وتكراره لمرات عديدة، للتحقق مما حصل في المواقع النووية العراقية. وأعلنت الوكالة  انها سترسل في 30 او 31/ 5.بعثة علمية الى العراق، تسغرق مهمتها إسبوعين. بيد أن سفر البعثة  تأجل فجأة الى يوم 6 / 6 لأسباب تتعلق بالجانب الأميركي.عندئذ توقع أحد الدبلوماسيين الغربيين ان  الوكالة ستكون مقيدة، ولا يسمح لها بالتعامل مع المسائل المتعلقة بقضايا الصحة والسلامة النووية. وفي 2/6  أكدت الوكالة الدولية  بانه سيسمح لها بدخول اماكن محدودة فقط في العراق. وشكا دبلوماسيون في فيينا في احاديثهم الخاصة من ان الوكالة تضطلع فقط بمهمة حساب الحاويات او المواد المشعة المفقودة، ولا يمكنها قياس درجة التلوث الاشعاعي او الاطلاع على تقارير عن اعراض اصابة بالاشعاع بين سكان المناطق القريبة.وأكدت ميليسا فليمنج- المتحدثة باسم الوكالة " التفتيش سيقتصر على (الموقع ج) وهو منشأة تخزين المواد النووية، حيث سيقومون بالتعرف على المواد النووية، والتحقق منها، وتأمينها" ("رويترز" ، في 2/6). وقد حدت الولايات المتحدة- بوصفها قوة الاحتلال في العراق- من مهمة الفريق المكون من سبعة مفتشين، وحصرتها في إحصاء حاويات المواد المشعة المفقودة، وإعادة تعبئة المواد المشعة بشكل آمن. ولن تتضمن مهمة الفريق قياس التلوث البيئي الناجم عن الحادث أو مراجعة التقارير الخاصة باحتمال إصابة السكان القريبين من الموقع بأمراض بسبب التعرض للإشعاع النووي. كما سيمنع الفريق من دخول المجمع الرئيسي لمركز أبحاث التويثة ودخول ستة مواقع نووية أخرى يعتقد أنها نهبت في فترة الفوضى التي عمت بعد انتهاء الحرب("بي بي سي اونلاين"، في 4/6).
   والسؤال،الذي يطرح نفسه بإلحاح:
   ما دامت ستقتصر مهمة خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التابعة للأمم المتحدة، بتحديد المفقودات،لا أكثر، ولن يسمح لهم  بتقييم حجم التلوث الإشعاعي، والحد من إنتشاره،  وإنقاذ المواطنين من خطره، كي لا تعطي القوات المحتلة- كما يبدو لي- مستمسكات تدين تقصيرها، فلم إذن كل هذه الضجة، والجهد الذي بذلته الوكالة الدولية ومديرها، والنفقات،التي ستصرف، وستقتطع من أموال الشعب العراقي ؟!!
 ----------                                                                                 
* طبيب وباحث عراقي مقيم في السويد



#كاظم_المقدادي (هاشتاغ)       Al-muqdadi_Kadhim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأول من حزيران -عيد الطفل العالمي
- الولايات المتحدة والتلوث الإشعاعي في العراق
- الولايات المتحدة والبيئة العراقية
- الأمم المتحدة تحث على مواجهة التلوث وبقايا اليورانيوم المنضب ...
- كي لا تتكرر ماَسي اليورانيوم المنضب في العراق
- خامسة عشر عاماً على كارثة حلبجه.. والخطر ماثل
- للحقيقة والتأريخ وفاءاً لذكرى شهيد الشعب والوطن وصفي طاهر ور ...
- الحرب الأمريكية القادمة لن تجلب للعراقيين سوى الكوارث والمحن ...
- وكالات الأمم المتحدة المتخصصة وضحايا سلاح اليورانيوم المنضب ...
- وكالات الأمم المتحدة المتخصصة وضحايا سلاح اليورانيوم المنضب ...
- وكالات الأمم المتحدة المتخصصة وضحايا سلاح اليورانيوم المنضب ...
- وكالات الأمم المتحدة المتخصصة وضحايا سلاح اليورانيوم المنض ...
- وكالات الأمم المتحدة المتخصصة وضحايا اليورانيوم المنضب - الق ...
- صحيفة إستبيان لبحث علمي خاصة بالعراقيين
- مبروك لدعاة الحرب !!!
- لمصلحة من تشويه المواقف والحقائق ؟!
- - مبروك - عليكم جرائم البرابرة !!
- إدارة بوش وضحايا الحروب ومحكمة الجنايات الدولية
- كلام الناس والتدخين
- ضربة موجعة لوزارة الدفاع البريطانية والبنتاغون


المزيد.....




- الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص ...
- ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
- مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
- إيران متهمة بنشاط نووي سري
- ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟ ...
- هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
- عاجل | مراسل الجزيرة: 17 شهيدا في قصف إسرائيلي متواصل على قط ...
- روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة. ...
- مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
- مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ ...


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - كاظم المقدادي - لمناسبة الخامس من حزيران- يوم البيئة العالمي تجاهل التلوث البيئي في العراق ستكون له نتائج كارثية وخيمة