|
مفهوم الجودة التعليمية كشعار تضليلي خدمة للمؤسسات المالية االدولية
عبدالرحيم قروي
الحوار المتمدن-العدد: 7630 - 2023 / 6 / 2 - 16:21
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
حسب معرفتي المتواضعة بالتاريخ السياسي وعلاقته بالسياسة التعليمية منذ فجر الاستقلال الشكلي . فان حزب الاستقلال له قدر من المسؤولية فيما وصلت اليه المنظومة التعليمية من تردي اليوم ودلك بتربعه على وزارة التربية الوطنية لعقود وبطبيعة الحال كمنفذ لسياسة الدولة في هدا المجال فان له من المسؤولية في التخلي عما سطرته الحركة الوطنية من مطالب لأهداف مبدئية وبالخصوص التعميم والمجانية والاجبارية لكل اطوار التعليم . وعوض التشبث بها تم الرضوخ لسياسة البنك الدولي فتم العصف بها تدريجيا رغم دفاع المغاربة المستميث وبالحديد والنار على هذه المكاسب . .وما شهدته أغلب الإنتفاضات في التاريخ المغربي لما بعد الاستقلال الشكلي خصوصا في 23 مارس 1965 وما تلاها في 81 و83 و90 و2011.......كان في معظمه بسبب السياسة التعليمية وتملص الدولة من التزاماتها الوطنية اتجاه المدرسة المغربية ودورها التربوي التنويري ......وفي الغالب كان هذا الرفض لسياسة الدولة في المجال التربوي كجزء للاجهاز العام على المكاسب الوطنية بالتدرج رضوخا لتوجهات البنوك الدولية والمؤسسات الامبريالية بمباركة وتنفيذ من الكومبرادور ممثلا في وزارات تناوب عليها حزب الاستقلال . فحاول بكل استماتة إقالة الدولة أو التخفيف من التزاماتها اتجاه التعليم .وفي حالة عجزها يتدخل رئيس الدولة الحسن الثاني آنذاك لفرضها تحت غطاء الندوات والمناظرات الوطنية التي تم عقدها في هدا المجال خصوصا . مناظرات افران الأولى وما تلاها ل تطويع ذلك الرفض الشعبي وتشبثه بمكسب الإجبارية والمجانية والتعميم بجميع الأساليب . بل أن حزب الاستقلال نفسه قد تناوب على رئاسة الحكومة في شخص عزالدين العراقي وغيره . ولا زال يشارك الحكومة والتي فرضت هذا الوضع التعليمي الكارثي منذ الاستقلال الشكلي لوطننا الحبيب . وبالموازاة مع ذلك تم تخلي الدولة عن دور الفلسفة كحصن للتفكير العقلاني بمحاربتها وإغراق البرامج التعليمية بالتفكير الوهابي وذلك بتغليب ما يسمى بالدراسات الإسلامية لانشاء قطيع من التافهين ضحايا فكر العنعنة وهو ما سماه الباحث السوسيلوجي محمد جسوس "بأننا اصبحنا نساهم في خلق جيل من الضباع" .هدا فضلا عن أن سياسة التبعية لفرنسا كممثل للاستعمار الجديد جعل من المناهج التربوية مجرد حقل للتجارب "كوباي" تستفيد منه هي في مجال البحث العلمي والتربوي . بينما تستفيد طغمة السماسرة من الدعم المالي لتسطو عليه وتنسحب دون ان تستفيد المدرسة الوطنية ولو بالقليل من نتاءج البحث . فضلا عما يشوب هده الوزارة من فساد امتد حتى الى الكتاب المدرسي بالارتجالية نتيجة وسيادة الصفقات التجارية في غياب أي حس تربوي وفي وفي غفلة من الاستاد المعني والمحتك بالموضوع ميدانيا اكثر من غيره . هدا غيض من فيض . وفي ظل هدا طبعا لن ننتظر الا الحضيض التربوي والمعرفي . ولن تسود إلا الرداءة بدل الجودة التي يتحدثون عنها كشعار لتمرير مخططات التصفية تحت غطاء الإصلاح أو الإقلاع.........قولا ويتم تغييبها سلوكا ومضمونا وواقعا تعليميا . وقد امتد هدا حتى الى الجامعة بعد ان كانت حصنا للوطنية الصادقة بقيادة المنظمة العتيدة "اوطم" قبل عسكرة الجامعة وافراغها من محتواها النضالي الوطني والمعرفي والتربوي الحقيقي ..... وفي الاخير يكتمل المخطط بالضربة القاضية للمدرسة العمومية بخلق اوليغاشية تربوية جشعة لايهمها الفعل التربوي بقدر ما يهمها جمع الثروات على حساب ميزانية الأسرة المغربية بدعم من الدولة . عقاريا بالتفويت التفضيلي للمنشآت والأرضي والاعفاء الضريبي بل وغض الطرف عن استغلال المستخدمين ولا نقول الاساتدة بدون أدنى ضمانة قانونية . في غياب أي حماية أو ضمانة اجتماعية بما فيه التغطية صحية أو راتب قار يضمن كرامة رجل التعليم . مقابل منتوج تربوي يغلب الشكل على المضمون خصوصا فيما يتعلق بالمدارس التي تؤم الفئات المجتمعية متوسطة الدخل . حتى أصبحت مدارس "اللوكس الاجتماعي" والتي لا تختلف عن مدارس البعثة الفرنسية الملاذ الوحيد لمن يريد "الجودة الشكلية " لأبنائه وطبعا لن يكون هذا "الامتياز" . مقابل الحق الوطني . سوى من حق ابناء الطبقة الساءدة والتي تسيطر على الجزء الكبير من خيرات الوطن وترواثه والتي لا تصل حتى الى نسبة 5/100 . ولكي تكتمل الحلقة وتتحقق الغاية اللامستقبلية سينج هذا الوضع التعليمي الاستاذ الرديئ ليقوم بدور تمريرالرداءة مقابل الجودة المتغنى بها تنفيذا للاستراتيجية الطبقية المسطرة لللدولة ولت تعيد انتاج ليس فقط نفس الهياكل الاقتصادية والاجتماعية بل تعصف بالمجتمع ككل معرفيا وأخلاقيا وتربويا وه ما انتج هدا الوضع الكارثي لوطننا . وكما يقول المثل المغربي "بوك طاح من الخيمة مشى مائل" في ظل جعل الاستاذ هو المشجب الذي تعلق عليك كل الخيبات ومراحل الفشل نتيجة لتصفية المكاسب الوطنية في المجال التعليمي وغيره . والحقيقة أن الأستاذ ليس هو المسؤول عن الوضعية الكارثية التي أصبح عليها التعليم بل هو بدوره مجرد ضحية قد يتحول بفعل تكوينه في بيئة فاسدة بداية من التعليم الأولي إلى الجامعة وما بعدها . أن يتحول إلى جلاد صغير يساهم في إفساد الجودة التي من اللازم أن توفرها كل مدرسة تحترم فيها الدولة نفسها ومواطنيها . لنخلص في الأخير أن ضعف المستوى اللغوي والمعرفي لدى رجل التعليم كان استثناء في الأمس القريب . أما اليوم فقد أصبح يقارب القاعدة بسبب ضرب الأسس المصيرية للمدرسة المغربية بتملص الطبقة السائدة من كل التزاماتها الوطنية تدريسيا بجميع الوسائل وقد يصل ذلك إلى مستوى المكائد . لصالح المؤسسات المالية الأمبريالية . إضافة الى الاستئساد السياسي والاقتصادي للطبقة السائدة .وتشجيع ودعم الثقافة الرجعية المبتدلة التافهة مقابل التخلي عن الفلسفة التي تؤسس لتعليم ينشذ العقلانية والبحث العلمي للنهوض بالوطن والمستوى الحضاري للإنسان على أسس مثينة. بدل ما هو سائد الآن من ضرب للقيم الأخلاقية وجمالية وكل قيمة مضافة من أجل دعم رافعة التطور . بل تبخر حتى ما تبقى من تلك القيم التقليدية حتى المرتبطة بالثقافة الاقطاعية . والتي كنا ننتقدها في مراحل النهضة الفكرية والسلوكية المتشبعة بثقافة التحرر الوطني والعالمي . مع الأسف فالأنظمة السائدة لطبيعتها الرجعية لاتنهب فقط خيراتنا بل تفسد علينا كل مظاهر حياتنا وتذهب بكل المكاسب وكل طموحات ابنائنا وأجيالنا القادمة فإلى أين نحن نسير وأشباه المثقفين وسياسيي سمسرة الخردة لايهمهم سوى مراكمة الأرباح النقدية والعينية ووهم الامتيازات لهم ولأبنائهم من منح وسفريات ورفاهية سطحية.....على حساب الغالبية العظمى من أبناء شعبنا تحت يافطة النضال السياسي والنقابي والحقوقي ومجتمع المدني مفترى عليه إسما ودلالة . في خدمة جديدة للاستراتيجية الجديدة للأنظمة السائدة في ظل عولمة المعلومة وانتشار وسائل الاعلام الفاضحة لكل كبيرة وصغيرة من وسائل القمع فأصبح دور التضليل والتوجيه السياسي يمارس من داخل الاحزاب والتنظيمات التي تدعي الوطنية والنضال وخدمة الجماهير وهي في العمق لاتخدم إلا نفسها مقابل الخدمة الجليلة للحكام مقابل الفتات إما نقدا أو عينا أو امتيازا .فهل بقي شيئا لهذا الوطن!!!!!!
#عبدالرحيم_قروي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خطاب الى من يتهم الشعب بالقصور.بينما يبيث خادما للقصور مقابل
...
-
في الحياة ما يستحق الذكرى 3
-
المجد لنصفنا من كاسرات ضلع الاستبداد
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 1
-
رسالة غير مشفرة لأصحاب الرسالة
-
للعبودية حمالات أوجه
-
من حفريات ممارسة النقد والنقد الذاتي 1
-
الاخلاق خارج نظرية الصراع الطبقي لاتضمن التغيير
-
في الحياة ما يستحق الذكرى2
-
في الحياة ما يستحق الذكرى1
-
دور الأحزاب اليسارية بين المواطنة ومفهوم الرعية
-
اللهم أجرني من صلاتهم
-
محدودية أسلوب المقاطعة في غياب استراتيجية تغييرية 2
-
محدودية أسلوب المقاطعة في غياب استراتيجية تغييرية
-
كلمة جندي معرفة مجهول في وطن -باك صاحبي-
-
ضرورة الارتقاء بالوعي للجماهير عوض مسايرة طبيعتها المحافظة
-
في الكرامة والمهنية ما يستحق الدكرى
-
بين التاكتيك والاستراتيجية يكمن الشيطان
-
هل تمكن محمود درويش من إخراج ناجي العلي من لندن انتقاما من ص
...
-
-دربالة الاموي-وويلات الحركة اليسارية في المغرب.
المزيد.....
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
المزيد.....
-
نَقْد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2
/ عبد الرحمان النوضة
-
اللينينية والفوضوية فى التنظيم الحزبى - جدال مع العفيف الأخض
...
/ سعيد العليمى
-
هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟...
/ محمد الحنفي
-
عندما نراهن على إقناع المقتنع.....
/ محمد الحنفي
-
في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟...
/ محمد الحنفي
-
حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك
...
/ سعيد العليمى
-
نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب
/ عبد الرحمان النوضة
-
حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس
...
/ سعيد العليمى
-
نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|