أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - احمد الحمد المندلاوي - .ذاكرة نوروزية بمندلي















المزيد.....


.ذاكرة نوروزية بمندلي


احمد الحمد المندلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 7628 - 2023 / 5 / 31 - 22:38
المحور: الصحافة والاعلام
    


# رحلة نوروزية لنا في عام 2012م مع الأهل في مندلي بعد فراق طويل .
الإحتفال بعيد..
عادة قديمة متمركزة في مندلي؛و في بلدان عديدة. ومعنى نوروز (اليوم الجديد) مع نسائم الربيع و رائحة القدّاح.
تستعد العوائل في مندلي لهذا اليوم قبل حلوله بشهر،إذ يحضرون الجلية و هي (حنطة منقوعة في الحليب ثم تقلى على الصاج) بعدها تخلط مع السمسم،وتسمّى شعبياً بـ(كَه نمه شيره- حبيّة) ويحضرون الكرزات والحلويات والبيض الملون بألوان ازاهير الربيع؛ ويستحضرون لأولادهم الثياب الربيعية الممتازة
(قماش مقلم)؛ويخرجون الى خارج المدينة في صبيحة يوم 21 آذار (الأول من فروردين) من كل سنة الى طاحونة ميرزا ضمن منطقة كپرات-كپري؛ عند بستان رزوق آغا؛ ومنها الى احضان البساتين فيفرحون؛ ويبتهجون ويلعبون الألاعيب المختلفة الشعبية كالجوبية والساز والدبكات، والطبل يدق، والناي يعزف و الزورنا..
والكل في هرج ومرج، وفرح وحبور.
و في ليلة النوروز يتمّ إشعال النيران فوق السطوح ابتهاجاً لهذا اليوم الجديد،رمزاً لإنتصار الثائر الكوردي كاوه الحداد على الملك الآشوري الجائر الضحّاك(جمشيد).
وبعد انتهاء اليوم يرجعون الى بيوتهم والفرح والسرور قد أخذ منهم مأخذه، وهم في نشوة وابتهاج.
نوروز هذا العام أختلف عندي كليّاً عن بقية السنين فلم أرَه في مسقط رأسي منذ أكثر من عشرين سنة بسبب الهجرة،ومن ثم السكن في العاصمة بغداد،وحرمتُ بذلك من نسائم نوروز و طيب الأرض و ضحكة الزهور البريّة لنا..وعندما قرّر الأهل قضاء عطلة النوروز - في أرض الآباء و الأجداد هكذا كنّا نخاطب الأولاد والأحفاد الذين بلغ تعدادهم (30) فرداً، وافقتُ بلا تردّد على ذلك وهرعنا الى الاستعداد للسفرة التي تهواها الروح قبل العين.
(السيّارة،الأطفال،والمتاع و غير ذلك)،و هكذا فعل بقيّة العائلة ،إنطلقنا جميعاً الى مهد الصبا و مرتع الطفولة فرحين بذلك و أداعب أحفادي بقولي المشهور لدينا (هيّا الى أرض الآباء و الأجداد)،ونحنُ في السيّارة نتناول شيئاً من الكرزات،و الفواكه،والحلويات،ولا سيما ما صنعته البي بي الكبيرة (الكليجة المندلاوية) ذات طعم خاص يرجعني الى أيام الطفولة ونحن نركض الى منطقة (ميرزا) على مشارف قرية كپرات -کپری الجميلة و الساقية الجمیلة(قزه)،وحقول الحنطة و الشعير و نقطف أزهار (كل بابونك الصفراء- الإقحوان الطبيعي؛ و النرجس) .
خرجنا من بعقوبة،و واجهتنا قطعة المرور المدونة عليها (كنعان - بلدروز- مندلي)والأطفال يقرأون الأسماء بصوت عالٍ مع صخب و تصفيق.
عبرنا كنعان و أحدهم ينادي:
وصلنا مندلي..فأجبته:
هذا حي مندلي في كنعان،وليس مندلي..هكذا فعل بنا النظام البائد جعلنا شذر مذر.ولكن نعمّر المدن حيث ما كنّا (نحنُ أهالي مندلي)..أهل المحبة و التعايش السلمي و الجمال.
نعمّر المدن و البلدان..
وصلنا بلدروز وأكثر أحبابنا وأهالينا في حي مندلي في بلدروز،و ما زلنا في الطريق الى أرض الآباء والأجداد،
وصلنا منطقة الجسر و النهر..ثمّ معمل الطابوق،و تبة روميل،و قطعة المرور يساراً تشير الى الإمام گرزالدين و حاج يوسف (عليهما السلام)..وكانت أسراب السيارات كثيرة عند مدخل المدينة حيث بقينا أكثر من نصف ساعة كي نجتاز نقطة السيطرة.
و لكن تمتعنا بزيارة السيد رحمن (ع) والمقبرة الكائنة هناك..وقراءة سورة الفاتحة على ارواح موتانا (رحمهم الله) في مشارف محلة بوياقي العريقة ..
ها نحن على مشارف المدينة شارع يوصل الى مدينة مندلي،الأرض خضراء بألوانها الزاهية؛ والسماء زرقاء صافية تداعبها أشعة الشمس الذهبية،بينهما سلسلة تلال حمرين بلونها اللازوردي في ظلال جبال پشتكوه العالية،ويميناً يأخذنا الطريق الى قرى قره لوس المعروفة،والذي يمتد الى خانقين..ونسيم نوروز يغازل وجوهنا؛ و الأرض أصبحت سجادة خضراء مع زهور صفراء حيناً و بنفسجية حيناً آخر لتزين هذه السجادة ،اتجهنا يميناً نحو سدّ مندلي و(كومة سنگ)،وأسراب السيارات تملأ الطريق ذهاباً و إياباً ،ونحن كنا عائلة كبيرة (30 فرداً) نبحث عن مكان مناسب للأستراحة و تناول طعام الغداء الذي جلبناه معنا،فلم نعثر على ذلك فالأماكن الجيدة كلها محجوزة من قبل العوائل المندلاوية القادمة من بغداد و بلدروز و كنعان و غيرها من المدن العراقية..
و كأن الأرض مزروعة بالناس كالحقول و الأزهار،و نتنفس من ريح طلع النخيل مع طيب الزهور.
واتجهنا الى قلعة عز الدين النقيب (رحمه الله ) لغرض الإستراحة،ونحن في قرية (پتكوكر) الغافية على ضفاف نهر صغير،وتعلوها مأذنة جامع (الأبرار-السلام)،أدّينا الصلاة و الحمد لله؛ والأطفال في هرج و مرج مع ألاعيبهم البريئة.
قررنا الذهاب الى قرية كبري لنحطّ رحالنا هناك ..
فنزلنا عند منطقة (جوارآسياو – بالعربية أربع طواحين) وهنا نهر صغير يسير بهدوء و وقار وكأنّه يسرد لنا قصة الآباء والأجداد وحياتهم البسيطة الحالمة..
أخذ الأطفال يلهون بماء النهر و قطف الزهور؛والمكان كان بين النخيل، قمنا نجلب الحطب لأعداد الطعام و تهيئة الشاي،آه ما أجمل الطبيعة و الأرتماء في أحضانها الدافئة .
حقاً كان طعاماً طيباً في - أرض الآباء والأجداد – و بحضور الأهل،فقلت مع نفسي:
كما للحضارة محاسن جمّة،ولها مساوئ أيضاً.
بدأنا بلعب (كرة القدم) و مداعبة الأطفال الصغار ونحن نسمع من هنا وهنا الدبكات الكوردية و أغاني (كتان كتانة) و غيرها من الأناشيد الفلكلورية،وتمرّ السيارات المختلفة،وكذلك الدراجات البخارية و الهوائية،والخيول أيضاً..
مشاهد لطيفة بقيت متعلقة في الذاكرة.
حان وقت العصر و لابّد لنا من إستراحة، رجعنا الى مدينة مندلي،بإتجاه منزلنا القديم في محلة قلعة بالي مقابل الحسينية (حسينية الزهراء "ع")والصغار يسألوننا هذا بيتنا خرائب وأنقاض،فإذا بي أترنّم مع نفسي:
كان لي دارٌ هنا في ربوةٍ فمحاها السَّيلُ في ليلٍ بهيمْ
بلبلٌ يشدو معي في ساحِها لحنَ حبّ فوق قيثار قديمْ
تركنا المدينة الى دور قلم حاج حيثُ ينتظرُنا الأخ العزيز الأستاذ عامر فرمان
وفي طريقنا نسلّم على هذا و ذاك من أصدقائنا و محبينا..
شربنا الشاي للمرة العاشرة،ونحن مقابل المكان الأثري (مقام علي).
آن الغروب والشمس في الأفق،وكما قال الشاعر الرصافي:
نزلت تجرُّ الى الغروب ِذيولا ..
صفراء تشبه عشقاً مبتولا..
حضرنا الصلاة في جامع الإمام الحسين (ع) بإمامة الشيخ أحمد الساعدي(حفظه الله)،و ألقى بين الصلاتين كلمة رائعة تطرق فيها الى كيفية الإنتخابات المحلية للمحافظات.
كانت ليلة رائعة و نحن في ضيافة الأستاذ عامر، قضيناها بالأحاديث الشيّقة فمن الأدب الى الرياضة ،الى النكات البريئة،الى التطور البطئ الذي يحدث في البلدة،الى قصص أيام زمان،والنساء لهنَّ أحاديثهنَّ أيضاً.. و لكن في جناح خاص بهنَّ.
كانت ليلة هادئة بلا ضجيج،وبلا دخان المولدات،نهضت صباحاً نشطاً وقلت في نفسي:
آه لم أنم مثل هذه النومة منذ ما يقارب ربع قرن من حياتي،وهكذا تمرُّ ساعات الضحى ونحن نداعب الطبيعة و هي تداعبنا مع قهقهة الصغار،وقمنا بزيارة أهالينا ما استطعنا،و قفلنا راجعين الى بغداد و الساعة تشير الى الرابعة عصراً ..و كانت الكاميرا (آلة التصوير) لا تقف لحظة بيد أصغر أولادي (علي محمد) لإلتقاط صور تذكارية لهذه الرحلة النوروزية،و هكذا إنتهت الزيارة النوروزية لربوع مندلي - أرض الآباء و الأجداد – و لكنها لم تنتهِ في ذاكرتنا.
و في نهاية هذا المطاف أودّ أن أشير الى إنَّ منظمة الأمم المتحدة أقرّت في عام 2009م في قرار لها جعل عيد نوروز عيداً للتراث العالمي غير المادي ،والذي يعود تاريخه الى خمسة آلاف سنة.و كثير من الشعوب الآسيوية يحتفلون بهذا اليوم أيضاً،و قد بلغ تعداد الذين احتفلوا به عام 2012م أكثر من 300 مليون نسمة،وهو عيد بهيج قديم،جعله الله مباركاً علينا وعلى شعبنا و عراقنا ،ويعود كلّ عام علينا بخير و يمن و أمان و إزدهار..يا رب العالمين.
*الصورة الأولى قرب دارنا في (سر جو)-قلعة بالي
* من منشورات موسوعة مندلي لعام 2012م
*ارشفة المقال رقم 2023/ 1856م-موسوعة مندلي الحضارية-بغداد
-------------------------------٢٦



#احمد_الحمد_المندلاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شاعر و مربٍ من مندلي
- من الأدب الكوردي الفيلي / ق101
- شهداؤنا ..سناؤنا ..10/2023م
- الى ولدي اُسامة..
- جور و ظلم الكورد الفيلية
- خيول في البراري..
- أهالي مندلجين- مندلي إلى الأستانة
- آخر مؤلف لأديب فيلي
- فهرست السينات / 2
- شهداؤنا ..سناؤنا ..9 /2023م
- شاعر.. قتلته حكمته..
- شهداؤنا ..سناؤنا ..8 /2023م
- شهداؤنا ..سناؤنا ..7/2023
- شب في القاموس الكوردي /1
- شهداؤنا ..سناؤنا ..6/2023م
- شهداؤنا ..سناؤنا ..5/2023م
- قالت حفيدتي شمس
- شهداؤنا ..سناؤنا ..4/2023م
- شهداؤنا ..سناؤنا ..3/2023م
- شهداؤنا ..سناؤنا ..2/2023م


المزيد.....




- 450 عامًا.. عمر صناعة الحبر الياباني بالأقدام.. ماذا نعرف عن ...
- ضبط عشرات الألعاب النارية في حقيبة محمولة بمطار في أمريكا
- بتصاميم مبهرة.. أنفاق مائية تربط جزرًا نائية بين أيسلندا واس ...
- أذربيجان: -عوامل خارجية مادية وفنية- وراء تحطم طائرة الركاب ...
- مدفيديف: لا يمكن التسامح مع ما فعلته السفينة النرويجية
- عشرات القتلى والمفقودين.. الجيش الإسرائيلي يدمر منزلا على رؤ ...
- عراقجي يكشف عن أهم أهداف زيارته للصين
- ألمانيا ـ دعوات لتكثيف المراقبة لمكافحة جرائم السكاكين
- أوكرانيا تخسر 600 جندي في محور كورسك خلال آخر يوم وإجمالي خس ...
- الرئاسة الفلسطينية تدين إحراق الجيش الإسرائيلي مستشفى كمال ع ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - احمد الحمد المندلاوي - .ذاكرة نوروزية بمندلي