|
حقوق الانسان المسلم : التخلف أوّلا
عماد حبيب
الحوار المتمدن-العدد: 1718 - 2006 / 10 / 29 - 11:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أكاد أقتنع يوما بعد يوم و بالدليل القاطع أن الانسان العربي المسلم متخلّف جيتنيّا بطبعه. و إن كان التخلّف بكلّ تجلياته سمة واضحة في الشرق عموما، يطال العرب و الكورد و الأمازيغ و غيرهم، مسلمين كانوا او مسيحيين او يهودا أو حتى بوذيين لو وجدوا، و لكن العربي المسلم تحديدا يمتاز بأن كلّ عوامل التاريخ و الجغرافيا تكاتفت لتسجنه في سجن كبير اسمه أغلال القيم البالية و عقليّة التمسّك بها حتى الموت و محاربة كلّ من نادى بنقدها. تجعله الوحيد الذي تنادي فئة منه برفض الحريّة و الديمقراطية و حقوق الانسان الكونيّة و ابتداع بدلا منها حقوقا للانسان المسلم تجعل منهم في النهاية استمرارا لما كان عبر عصور الانحطاط : عبدا متخلّفا لا عقل له و لا كرامة يقدّس أوثانه و يرتع غيره في خيرات بلده.
عاملان رئيسيان ساهما في رقي الجنس البشري من مرتبة الحيوان و انتقاله إلى مرتبة الانسان و سيادته على الأرض : التكيّف مع الطبيعة لضمان حياته، و تغييرها و التحكّم فيها و استغلالها لضمان رفاهيّته. و منذ انهيار الامبراطورية العربية الاسلامية، تخلّى العرب المسلمين عن كل فطرة للتغيير و رفض الواقع و استسلموا للغزاة و للطبيعة القاسية التي قست عليهم يوما بعد يوم، صار التكيّف هو القاعدة، و الجمود هو وسيلة البقاء على قيد الحياة. و البقاء على قيد الحياة وسيلة لضمان الجنة في العالم الآخر و لا شيئ أكثر. و هذا الحل الغيبي، الفردي في النهاية هو الباقي الى حد الآن و عندكم الحركات الجهادية و الاحزاب الاسلامية السياسية تأكد ما أرمي اليه.
هو حل فردي لأن مفهوم الدين و الحساب و الثواب و العقاب فردي، حتى و لو مورس الدين جماعيّا، و غيبي لأنه يستمدّ وجوده من نصوص سماويّة لا مجال لمحاولة فهمها أو ايجاد منطق لها أو مناقشتها، فالله الذي خلقنا أدرى بمصلحتنا منا و لا يجوز لنا سوى ان نصدّق أن ما في هذه النصوص (قرآن، أحاديث قدسية، أحاديث نبويّة ...) هو كلامه الذي وصلنا سليما غير محرّف و علينا أن نطيعه، حتى و لو كان من صنف ارموا انفسكم في البحر. لازال هناك من نخبنا، و من قضاتنا و من مفكرينا و "علماءنا" من يؤمن أنه لا مجال للشك في زواج الشياطين من نساء الأنس و أن الزوج لو أتى زوجته دون أن يستر عورتها فالشيطان شيباشرها معه و يكون ابنه مشتركا بينهما. و الموضوع منشور في كبرى الصحف المصرية و القومية. لازال هناك من يقول بأهميّة حفظ الانساب و تعدد الزوجات و الطلاق الذي بيد الرجل وحده لحفظ كيان الأسرة، مناديا بالغاء مجلّة الأحوال الشخصية التونسية و التي تعتبر و موضوعيا أملا و هدفا لكل نساء هذا الشرق، و هذه الأخيرة كانت من ضمن ردود السيد بريك (هو نفسه الذي ينشر أن الحجر سيقول يا مسلم هذا يهودي وارئي فاقتله) ضمن حملة الحجاب المباركة.
ما يكتب عن الحجاب و النقاب نفسه و طريقة تناوله دليل آخر على أن حقوق الانسان المسلم هي فقط حقه في طاعة أولي الأمر منه، ترهيبا و ترغيبا و ضربا على المؤخرة بعصي ميلشيات الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. بقدرة قادر تحوّل زي دخيل، و أكررها دخيل إلى : زي تقليدي تونسي، شرعي، أمر رباني تلبسه الحرائر، لا يحق لمخلوق مناقشته أو مناقشة مولانا الامام فيه. و إن فعل فهو : كافر، جاهل، متواطئ مع الحكومة، أو ليس برجل اذ يرضى أن تكون أمه أو أخته لحما مكشوفا (و هذا ما قاله مفتي استراليا أدام الله عزه عن كل امرأة لا تلبس هذه الخرقة).
حريّة الانسان المسلم هي فقط كما قال محمود درويش حريّة المساجين في تنظيف أعلامهم من براز الطيور و حقوق المرأة المسلمة هي حقّها في طاعة زوجها لا شيئ أكثر.
لذلك، و على صدى هذه الحملة المباركة التي يتصور أصحابها أنها الغزوة التي ستغير مجرى التاريخ، أبارك مسبّقا لرجال تونس عودتهم لحضيرة الايمان و لشرقهم البائس، عفوا، الروحاني، الغارق في تخلّفه الذي يسمّى تراثا. فالجماعة تنادي من الآن بالغاء مجلة الاحوال الشخصية، أولا و قبل كلّ شيئ. و تحارب لأجل حقوق الإنسان المسلم، و ضع سطرا تحت مسلم، فحقوق الأنسان كما نعرفها لا تصلح لنا و ليست من شرع الله في شيئ، كما يراه اسلاميونا على الأقل، لذلك فتح الله عليهم بحقوق الاسلام المسلم و هي حقوقه في اقامة شعائره و تغطية جسد امرأته حتى لا تكون لحما مكشوفا و لا شيئ أكثر.
و بشراكن يا حرارئر تونس فالذي تنادي به بعضكن اليوم بصفته حريّة شخصيّة، سيفرض على الجميع غدا و بالقوّة ، فالإمام لا يرضى لكن أن تدخلن جهنم و بئس المصير و هو العليم بمصلحتكن و بشرع الله و هو الذي يحميكن من غزو الغرب الكافر الثقافي الذي يسقط يوما بعد يوما في الحضيض. و على كلّ حال فقد بشرنا الرسول أنه سيأتي يوم يسود في اسلامنا العالم و نقضي على هذا الغرب الكافر حتى يأتي يوم يقول فيه الحجر يا مسلم هذا يهودي يختبئ ورائي فتعالى و اقتله.
ابقوا قابلوني.
#عماد_حبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإرهاب و الحجاب و حفرة طالبان
-
عري
-
بشراكم يا مسلمين
-
دعوة للإنحلال الأخلاقي
-
عبد و مخبر و حرامي
-
إلاّ الخيانة
-
هي الحرب بترا،
-
العمل خير من الصلاة
-
حوار صوفي
-
ظل ايروس المائي
-
هل الإسلام هو المشكلة ؟
-
هيفاء : نحتاج دروسا في الإغراء لشباب هذه الأمّة
-
رامبوالعربي: اغتيال الفن و مصانع التخلّف
-
و لمذا المذيعة عارية ؟
-
رمى الله النرد و انسحب
-
القصيدة التافهة
-
العلمانية يا غجر
-
لا بغايا و لا خاضعات
-
جراحة لإصلاح ختان الإناث
-
أزرق نوتردام
المزيد.....
-
الجيش الأوكراني يتهم روسيا بشن هجوم بصاروخ باليستي عابر للقا
...
-
شاهد.. رجل يربط مئات العناكب والحشرات حول جسده لتهريبها
-
استبعاد نجم منتخب فرنسا ستالوارت ألدرت من الاختبار أمام الأر
...
-
لبنان يريد -دولة عربية-.. لماذا تشكّل -آلية المراقبة- عقبة أ
...
-
ملك وملكة إسبانيا يعودان إلى تشيفا: من الغضب إلى الترحيب
-
قصف إسرائيلي في شمال غزة يسفر عن عشرات القتلى بينهم نساء وأط
...
-
رشوة بملايين الدولارات.. ماذا تكشف الاتهامات الأمريكية ضد مج
...
-
-حزب الله- يعلن استهداف تجمعات للجيش الإسرائيلي
-
قائد الجيش اللبناني: لا نزال منتشرين في الجنوب ولن نتركه
-
استخبارات كييف وأجهزتها العسكرية تتدرب على جمع -أدلة الهجوم
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|