أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جدو جبريل - تمحيص القرآن بواسطة النظرية الرياضية للرموز















المزيد.....



تمحيص القرآن بواسطة النظرية الرياضية للرموز


جدو جبريل
كاتب مهتم بالتاريخ المبكر الإسلامي والمنظومة الفكرية والمعرفية الإسلامية

(Jadou Jibril)


الحوار المتمدن-العدد: 7624 - 2023 / 5 / 27 - 08:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تمحيص القرآن بواسطة "النظرية الرياضية للرموز"(* )
"جان جاك والتر" (**)

(* ) - Théorie des Codes
(**) - "جان جاك والتر" - Jean-Jacques W-alter-- مهندس خريج مدرسة المناجم في باريس ، عمل بشكل رئيسي في مجال التكنولوجيا ، ويدير اليوم شركة للبحث والتطوير التكنولوجي . تسلط خلفيته المهنية الضوء على إدارة شركة بحث وتطوير ، بالإضافة إلى كونه مؤلفًا لعشرات الكتب ، في مجالات متنوعة مثل السياسة والدين والعلوم. من بين هذه الكتب ، تم نشر خمسة كتب قبل سن التقاعد القانوني ، وخمسة أخرى بعد ذلك بفترة طويلة. تابع دورة جامعية في علم الإسلام حتى الدكتوراه دافع عن أطروحته في ديسمبر 2013 وسنه يفوق 70 سنة.
______________________________
ملحوظة: أقتبس هذه الورقة من "سلسلتي الإلكترونية": السردية والموروث الإسلاميان: من أجل أرضية للتمحيص
الكراس 3 ، كتابات غربية حول أصول القرآن و الإسلام ، المعروضة بموقع "أمازون"- الرابط
https://www.amazon.com/-/ar/dp/B0C545QNJ5/ref=sr_1_43?qid=1685154734&refinements=p_n_publication_date%3A1250226011&s=books&sr=1-43
_____________________

تتيح العلوم الحديثة تمحيص "فرضية" أن القرآن قد خضع لعملية تطوير تدريجية، بدأت على وجه الخصوص من النصوص المكتوبة باللغة الآرامية.

إن تطور العلم يتسارع بشكل كبير. إنه يزعج اليوم وباستمرار أقسامًا كاملة من أفكار المسلمين ومعتقداتهم، والتي ظلوا يعتبرونها "نهائية راسخة ومطلقة" لا يمسها باطلا.

في هذا الإطار العام، وضع الكثير من الباحثين قضية "تشكيل الإسلام والقرآن" ، وهي ذات الإشكالية التي سعى "والتر" إلى فحصها وتمحيصها بأدوات جديدة لتجديد آفاق البحث.

هذا الموضوع ليس سهلا ، وإنما معقد ( بمفهوم "إدكار موران" (*) - Edgar Morin – لـ "التعقيد")، لأن هناك العديد من الآراء والأطروحات التي ظهرت خلال الخمسة عشر بخصوصه، كما هناك تداخل عدة عناصر ومختلفة النوعية والآفاق والطبيعة، تمس الجزء والكل والعلاقات المتحركة بينهما. مما قد يؤدي إلى الكثير من الالتباسات.
_____________________
(*) - "إدغار ناحوم" ، المعروف باسم "إدغار موران" (1921 – 2022) ، عالم اجتماع وفيلسوف فرنسي. منذ خمسينيات القرن العشرين، احتلت مكانة بارزة في علم الاجتماع. إنه عالم اجتماع "للفكر المعقد" - Sociologue de la pensée complexe - يعرّف طريقته في التفكير على أنها "بنائية" - constructiviste - ويقول: "هذا يعني أنني أتحدث عن تعاون العالم الخارجي وعقلنا، لبناء الواقع".
___________________________

قبل القرن الحادي والعشرين ، كانت "المعارف والمعلومات" الخاصة بالقرآن وسيرورة تكوينه وميلاد الإسلام واستكماله، تستند فقط إلى مراجع ووثائق وروايات السردية والموروث الإسلاميين ، وكلها تم بلورتها تحت سيطرة الخلفاء والقائمين على أمور المسلمين . كما أن أغلبيتها الساحقة متأخرة زمنيا عن تاريخ النشأة المفترض ، وتحكي قصة قرنين أولين قد مضيا. وكلها تقعدت على التقاليد الشفوية ، التي يُفترض ( من طرف المؤمنين) نقلها شفهيا بالتمام والكمال دون تحريف أو تغيير، وذلك لمدة قرنين أو ثلاثة قرون أحيانا.

إن المصحف الذي بين أيدينا اليوم (القرآن) نفسه - حسب الكثير من الأبحاث والباحثين – لم ينج من فرضية "التأخر الزمني نسبة لزمن النشأة". فالنسخة الحالية للمصحف لم تثبت بشكل قاطع ونهائي - حسب جملة من الأبحاث العصرية - إلا في زمن الوزير ابن مقلة (1)، بعد ثلاثة قرون من وفاة محمد (2).
(1) - ابن مقلة الشيرازي (272 هـ - 886 م - 939 م - 328هـ) وزير عباسي، خطاط وكاتب، وشاعر. كان من أشهر خطاطي العصر العباسي وأول من وضع أسس مكتوبة للخط العربي. في سنة 316 هـ تم عزل علي بن عيسى عن الوزارة وخلفه أبو علي بن مقلة. يٌعتقد بأنه مخترع خط الثلث، لكن لم يبق أي من أعماله الأصلية. عمل ابن مقلة للخلفاء العباسيين، إذ تولّى الوزارة للمقتدر بالله سنة 316 هـ ثم نقم عليه ونفاه إلى بلاد فارس عام 318هـ.
(2) Dominique et Marie-Thérèse Urvoy, L’Action psychologique dans le Coran, Cerf, 2007, p. 12.
و"ماري" هذه هي التي أشرفت على أطروحة " والتر".

وخلال هذه القرون الثلاثة، وخاصة القرن الأول - حسب جملة من الباحثين الغربيين - حصل تغيير في النص: فقد أمر الخلفاء مرتين على الأقل بإتلاف وتجميع جميع الوثائق الأصلية و"المصاحف الموجودة "، واستبدالها بنسخة موضوعة تحت سيطرتهم، وأعلنوها "النسخة الأصلية" - القانونية الوحيدة دون سواها.
ويقر الموروث والسردية الإسلاميان (المسلمون) أن الحروب الأهلية هي المسؤولة - بشكل أو بآخر- عن اندثار كل تدوينات القرنين الأولين للإسلام. في حين يعتبر العديد من الباحثين الغربيين، أن هذا غير مرجح، لأنه في نفس المنطقة وفي نفس الوقت، لم تختف الوثائق والمخطوطات باللغات الأخرى (غير العربية)، اللاتينية واليونانية والعبرية والسريانية والأرمنية والجورجية والقبطية.
ومنذ سنوات ، قام عدد من المؤرخين الغربيين ، ولا سيما "هارالد موتسكي" (3) - Harald Motzki - و"ألفريد لويس دي بريمير" (4) - ، باستكشاف مصادر معاصرة لمحمد ، أو بعده بقليل ، مكتوبة بلغات غير عربية ، الجورجية ، الآرامية ...
_______________________
(3) انظر:
Harald Motzki, The Biography of Mahomet. The Issue of the Sources. Introduction, Bleyde-Boston-Cologne, Brill Academic Publisher, 2000.
موتسكي (1948-2019) عالم في الدراسات الإسلامية - "إسلامولوجيا" اهتم ب تدر بنقل الأحاديث النبوية. كان أستاذاً للدراسات الإسلامية في جامعة نيميغن- Nijmegen- في هولندا.
(4) – انظر:
Alfred-Louis de Prémare, Les fondations de l’islam, Seuil, 2002
"ألفريد لويس دي بريمير" ( 1930 - 2006 ) ، مؤرخ وباحث فرنسي ومتخصص في اللغة والثقافة العربية وفي تاريخ الإسلام.
_________________________________________________

وتحتوي هذه النصوص - التي لم يتم استغلالها في السابق - على تلميحات أو عناصر وصفية أو حكايات تتعلق بمعتقدات أتباع محمد وممارساتهم وأفعالهم وتصرفاتهم وحروبهم. إن "المقتطفات غير المقصودة من المعلومات" التي تضمنتها هذه النصوص، غير الإسلامية، قيّمة للغاية إذ يعود تاريخها إلى بدايات الإسلام أو في وقت قريب ولاحق مباشرة. وتكمن أهميتها أنها لم تكتبت بفعل سيطرة سياسية أو لغرض مصلحي . لذا اعتبرت كتابات وشهادات تتمتع بمصداقية "أقوى" من مصداقية المراجع الإسلامية المكتوبة بعد قرنين، وأحيانًا بعد ثلاثة قرون، تحت إشراف وإمرة الخلفاء. ..
هناك أداة أخرى، هي استخدام النظرية الرياضية للرموز، التي تم تطويرها منذ منتصف القرن العشرين. إن العلوم الرقمية وأجهزة الكمبيوتر وبرامجها، والإنترنت... تعتمد لجعل ما يوصف بـ "بالمعجزات الرقمية " أو "معجزات الكمبيوتر" ممكنة التحقيق. وتنطبق هذه النظرية الرياضية أيضًا على النصوص المكتوبة.

عرض تقديمي
منذ النصف الثاني من القرن العشرين ، استندت جميع تطورات الحاسوب إلى "النظرية الرياضية للرموز" وتقعدت عليها. كما تنطبق هذه النظرية أيضًا على النصوص المكتوبة لتمحيصها وتكوين فكرة عن مصدرها، لا سيما بخصوص معرفة هل صاحبها واحد أو أنها صادرة عن أكثر من مصدر. وقد سجلت درجة كبيرة من الصدقية واليقينية خلال تجريبها على النصوص لعدة سنوات لاسيما خلال الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة بخصوص البرقيات والنصوص الشفرة. ومن المعلوم أن لكل مؤلف خصائص أسلوبية لا يدركها ، ولكن يمكن للرياضيات تحديدها – بفضل هذه النظرية - بدرجة كبيرة من الدقة . ويمكن التساؤل هل هذه الخصائص، المحددة في نص واحد، موجودة في نص آخر؟ ومن شأن هذا أن يجعل من الممكن معرفة ما إذا كانت الأجزاء المختلفة من نفس الكتاب قد كتبها مؤلف واحد أم عدة مؤلفين؟.

تم الاعتماد على مصحف القاهرة (1924)، وكان ضروريا إعداد "خوارزميات" تتطلب مستويات عالية في العلوم الرياضية لتنفيذ هذه الأطروحة. وانطلقت فكرة "جان جاك والتر" من تطبيق "النظرية الرياضية للرموز" على نص القرآن لمعرفة هل "الجهة " المؤلفة له "جهة واحدة وحيدة" أم "جهات متعددة ومختلفة " ؟ وأيضا - من منطلق أن القرآن هو كلام الله حسب السردية والموروث الإسلاميين - هل كل ما هو وارد في المصحف الذي بين أيدينا اليوم – هو "كلام الله" ( أي منبعه مصدر واحد) أم لا ؟ وإن كان مصدره غير واحد وحيد، بكم هي عدد تلك المصادر المختلفة وتموقعها في السلم الزمني وما هو امتداد الفترة الزمنية لاستكمالها على الشكل الذي يوجد عليه اليوم؟

ومن نتائج هذا العمل غير المسبوق، يقول "جان جاك والتر" إن تطبيق "النظرية الرياضية للرموز" كشفت له بوضوح عن عدة "جهات مؤلفة" وعن "تواريخ مختلفة للكتابة" امتدت فترتها الزمنية 200سنة على الأقل. وهكذا اعتبر "جان جاك والتر" أن النتائج التي خلص إليها عمله البحثي تسلط أضواء جديدة على "الإسلام الأول وطبيعته وتاريخه" ، و"تقدم الإسلام اليوم كما لم يسبق له مثيل".

"النظرية الرياضية للرموز"

لقد تطور علم الرياضيات بشكل كبير خلال القرن الماضي، وزاد عدد النظريات من 8000 في عام 1900 إلى 800000 في عام 2000.

وتطورت "نظرية الرموز" - التي تم تقعيدها خلال الحرب العالمية الثانية - لفك رموز الرسائل الألمانية النازية، أكثر فأكثر. مما جعل من الممكن دراسة "كل شيء يسمى رمزا" ، ولا سيما النص المكتوب (قائمة العلامات). فكل نص له خصائصه (الخاصة به) ولكل مؤلف خاصته. والرياضيات تجعل من الممكن الإشارة إليها وتحديدها وتعيينها ، لأن لكل كاتب توقيع معين وفريد. يتم تطبيق طريقة التحليل والتحقق هذه في العديد من المجالات اليوم.

ينفرد كل مؤلف بخصائص أسلوبية قد لا يعرفها هو نفسه، ولكن يمكن "للرياضيات" تحديدها من حيث لا يدري. وبالتالي يمكن تحديد - رياضيا - هذه الخصائص في نص واحد، والقيام بفحص هل هي موجودة في نصوص أخرى. كما يمكن القيام بفحص جملة من الكتابات لمعرفة هل هي تعود لمؤلف واحد. إن هذا يجعل من الممكن معرفة ما إذا كانت أجزاء مختلفة من نفس الكتاب قد كتبها مؤلف واحد أم عدة مؤلفين. وفي بعد الحالات قد تسمح النظرية الرياضية للرموز بتأريخ النص موضوع التمحيص.

تتكون "النظرية الرياضية للرموز" من فحص النص كلمة كلمة، جملة جملة، قطة نقطة، فاصلة فاصلة... لاستخراج نوع من "خوارزمية الهياكل النحوية" قادرة على كشف "التوقيع المميز" لمؤلفه. وهو توقيع تم فك تشفيره مسبقًا من خلال نصوص أصلية للمؤلف نفسه.

ومن خلال تطبيقها على القرآن، من المتوقع أن تظهر "خصوصية" - توقيع - صاحبه ("مؤلفه").
ويمكننا أيضًا استخدام نظرية الرموز لتأريخ النص.

فحوى الأطروحة
دافع "جان جاك والتر" أطروحته في سنة 2013 تحت إشراف السيدة البروفيسور "ماري تيريز أورفواي " (5) - Marie Thérèse Urvoy - يجمع البحث بين "النظرية الرياضية للرموز" والمعلومات حول الإسلام من القرنين الأولين للإسلام وبيئته الثقافية والدينية.
_________________________________
(5) - "ماري تيريز أورفواي" ( من مواليد 1949 في دمشق - سوريا) ، فرنسية متخصصة في "علم الإسلام"- Islamologie . أستاذة فخرية في "علم الإسلام" ، تاريخ الإسلام في العصور الوسطى ، اللغة العربية الفصحى والفلسفة العربية، في المعهد الكاثوليكي لـ "تولوز" . كانت أيضًا أستاذة مشاركة في مدرسة الدكتوراه بجامعة "بوردو" الثالثة ، وكذلك عضوًا في لجنة تحرير مجلة - Islamochristiana - التي ينشرها المعهد البابوي للدراسات العربية والإسلام. تتناول كتبها ومقالاتها مجالات فقه اللغة ، وتاريخ الفكر العربي ، والتصوف الإسلامي ، والقرآن ، ومساهمة المسيحيين العرب من الشرق ، ومن الأندلس في الفكر الفلسفي والديني والعلمي. هي زوجة "دومينيك أورفواي" - Dominique Urvoy - ، أستاذة باحثة في الفكر والحضارة العربية . وقد عملت على مسألة "أسس النصوص" – " la question des établissements des textes" - ، وهي مسألة معقدة تشمل المخطوطات من مصادر مختلفة ، مع مقارنة النسخ المخطوطة والمحررة ، والهدف هو اختراق فقه اللغة - "فيلولوجيا" - في مشكلة المنطق الداخلي للنص. إنها مسألة تمييز القطاعات التي تجعل من الممكن الارتقاء في مسار التمايز نحو أصل ممكن.
________________________________________________

إن مبادئ تحليل النظرية المطبقة على القرآن أدت إلى نتائج -على أقل تقدير- مقلقة جدا، ومستفزة جدا للسردية والموروث الإسلاميين.

لقد عضضت أطروحة "جان جاك والتر" - "مخبريا بشكل من الأشكال" - المزاعم القائلة : إن الذين يقرؤون القرآن أدركوا بذكاء وبُعد نظر، أن جمع السور والآيات لا يتبع أي "قاعدة بارعة" تتناسب مع "القدرة والكفاءة المطلقتين واللامتناهيتين" الخاصة بالله تعالى.
قاد هذا البحث "جان جاك والتر" إلى صياغة ستة استنتاجات وصفها بأنها "مؤكدة" :
1- يرجع تأليف "نص القرآن" إلى ما لا يقل عن ثلاثين «جهة"، على الأكثر «مائة"، وعلى الأرجح "خمسين".
2 - تم تأليف "نص القرآن" على مدى أكثر من مائتي عام ( قرنين).
3 – التمييز أو الفرق بين السور المكية والسور المدينة هو مصطنع من طرف النحويين وليس له دلالة تاريخية.
4 - تم تنصيب محمد كنبي مؤسس للإسلام خلال فترة لا تتجاوز 60 سنة بعد وفاته.
5 - إن علم اللاهوت الإسلامي ليس بأي حال من الأحوال بدعة، إنه يطابق "اللاهوت الناصري"- la théologie nazaréenne - "جهة واحدة" من الجهات المؤلفة للنص القرآني الخمسين المذكورة هي مصدر جميع الآيات التي جاءت من "اللاهوت الناصري".
6 - إن "أساس الإسلام الأول" ليس التوحيد، بل هو "مناهضة المسيحية".

محتويات الأطروحة
"النظرية الرياضية للرموز"- القرآن في الإسلام - القرآن الذي يراه الغرب - الأدوات التي تم إنشاؤها - الحلقة المفرغة - التحقق الرياضي من النتيجة - مفتاح واحد يفتح ثلاثة أقفال - التجمعات - مكة والمدينة - عدد مؤلفي القرآن - الآرامية - المواعدة - خاتمة
من الأمثلة الكثيرة – الواردة في الأطروحة - لتوضيح نتائج الفحص والتحليل عن طريق "النظرية الرياضية للرموز ":
- مثال سورة البقرة آية 282:
((يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيۡنٍ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗى فَٱكۡتُبُوهُۚ وَلۡيَكۡتُب بَّيۡنَكُمۡ كَاتِبُۢ بِٱلۡعَدۡلِۚ وَلَا يَأۡبَ كَاتِبٌ أَن يَكۡتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ ٱللَّهُۚ فَلۡيَكۡتُبۡ وَلۡيُمۡلِلِ ٱلَّذِي عَلَيۡهِ ٱلۡحَقُّ وَلۡيَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُۥ وَلَا يَبۡخَسۡ مِنۡهُ شَيۡـٔٗاۚ فَإِن كَانَ ٱلَّذِي عَلَيۡهِ ٱلۡحَقُّ سَفِيهًا أَوۡ ضَعِيفًا أَوۡ لَا يَسۡتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلۡيُمۡلِلۡ وَلِيُّهُۥ بِٱلۡعَدۡلِۚ وَٱسۡتَشۡهِدُواْ شَهِيدَيۡنِ مِن رِّجَالِكُمۡۖ فَإِن لَّمۡ يَكُونَا رَجُلَيۡنِ فَرَجُلٞ وَٱمۡرَأَتَانِ مِمَّن تَرۡضَوۡنَ مِنَ ٱلشُّهَدَآءِ أَن تَضِلَّ إِحۡدَىٰهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحۡدَىٰهُمَا ٱلۡأُخۡرَىٰۚ وَلَا يَأۡبَ ٱلشُّهَدَآءُ إِذَا مَا دُعُواْۚ وَلَا تَسۡـَٔمُوٓاْ أَن تَكۡتُبُوهُ صَغِيرًا أَوۡ كَبِيرًا إِلَىٰٓ أَجَلِهِۦۚ ذَٰلِكُمۡ أَقۡسَطُ عِندَ ٱللَّهِ وَأَقۡوَمُ لِلشَّهَٰدَةِ وَأَدۡنَىٰٓ أَلَّا تَرۡتَابُوٓاْ إِلَّآ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً حَاضِرَةٗ تُدِيرُونَهَا بَيۡنَكُمۡ فَلَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ أَلَّا تَكۡتُبُوهَاۗ وَأَشۡهِدُوٓاْ إِذَا تَبَايَعۡتُمۡۚ وَلَا يُضَآرَّ كَاتِبٞ وَلَا شَهِيدٞۚ وَإِن تَفۡعَلُواْ فَإِنَّهُۥ فُسُوقُۢ بِكُمۡۗ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ وَيُعَلِّمُكُمُ ٱللَّهُۗ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ )).
سورة الفاتحة:
((بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ (1) ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ (2) ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ (3) مَٰلِكِ يَوۡمِ ٱلدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ (5) ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ (6) صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ (7) )).

"(...) تكفي القراءة المبنية على الحس السليم البسيط لتستنتج سريعًا أن بين من كتب الآية 282 من سورة البقرة بأسلوب ملتوي بعيدًا عن التصرفات المنسوبة إلى العليمين ، وبين الشخص الذي كتب الآية 282 من سورة البقرة. في أصل سورة الفاتحة ، التي تحتوي على 7 آيات موجزة فقط ، هناك فجوة أسلوبية ونحوية ، مع ظهور تذبذبات متقطعة في درجة الدقة وعدم الدقة".

- إن لم تكن سورة "الفاتحة" هي الأقصر ، فإنها تتبعها الأطول "البقرة" ، حيث تضم 286 آية ، قبل إفساح المجال لسلسلة من السور التي تليها. لا يوجد ترتيب معين ، سواء من الناحية الكمية أو النوعية ، إذا كانت "النظرية الرياضية للرموز «توضح ذلك تمامًا ، فإن الفطرة السليمة تستنتجها أيضًا.

- هل الله الخبير العليم ، خالق الكون اللامتناهي ، غير منظم لدرجة أنه يملي الآيات والسور غير متكافئة من حيث النوعية والكم؟
- وبحسب نتائج هذه الدراسة ، فإن القرآن قد "تألف" على مدى أكثر من 200 عام.

كان التجميع الأخير على يد عثمان بن عفان، الخليفة الثالث بعد أبي بكر وعمر، وكانت عملية تجميع ما كان مدونا على وسائل بدائية. و تم التجميع بعد مرور 60 عامًا من وفاة النبي محمد ، مع إضافات وملاحق تم إعدادها مع الفتوحات من قبل سلسلة من الخلفاء لتقعيد الشرعية والعهود المتتالية باسم "السماوات"، التي احتكرها المسلمون نهائيا "باسم آخر رسالة سماوية بعد أن تم إقفال أبواب الوحي نهائيا" وبعد أن ظهرت "خير أمة أخرجت للناس"!
ولكن لماذا انتظر المسلمون ستة عقود لتجميع وترتيب كلام الله وإضافة أو حذف أو تغيير عبارات؟ (6).
____________________________
(6) - لم تجب "النظرية الرياضية للرموز" على هذا السؤال. وقد قدمت الباحثة التونسية "هالة الوردي" جوابها على هذا السؤال في كتابها "أيام محمد الأخيرة" (2016). في الواقع ، بعد وفاة آخر رسول - هو الذي نشر فكرة أنه قد تم إرساله إلى الأرض في مهمة أخروية ، أي كمخلص للبشرية التي ستشهد نهاية العالم والحكم الأخير ، فإن عرب مكة والمدينة ، الذين آمنوا به وتبعوه إلى ساحات القتال (الجهاد) الشرسة ، شعروا بالارتياح عندما عاينوا أن موت "الرسول السماوي" لم تؤد إلى نهايتهم ، وأن نهاية العالم لم تحن بعد! وبهذا المعنى، فجأة "بموت محمد يموت الإسلام أيضًا"! كان من الضروري انتظار الجيل القادم لإعادة تنشيط الأسطورة.
___________________________________

الطريقة التي أخذ بها "والتر"
وفقًا للسردية والموروث الإسلاميين ، إن القرآن من عند الله ، وهذا قبل خلق الكون - الذي وجد قبل 14 مليارًا كما نعرف اليوم علميا.
سورة آل عمران: 26 -
(﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾)
قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ
يعتبر "والتر" أن الله لم يقل هذه الآية وإنما قالها رجل. ويشير أن هناك 535 آية لا يمكن أن يقولها الله ( هي الآيات التي تبدأ بـ "قل"). وحسب "والتر" أضيفت كلمة "قل" لتدل على أنه : ليس رجلاً يدعو الله ، لكن الله يبين صيغة الدعاء التي يريد سماعها. هكذا - عبر هذه هي الطريقة - التي تحفظ لفظة "قل" مقولة أن القرآن كله "قاله الله". وتم اعتماد هذه الإضافة بعد 120 سنة وفاة النبي محمد (حوالي 750 م )، وازداد استخدامها. ثم في عام 833 م ، منعها الخليفة العباسي ، والخليفة التالي أيضًا ، والخليفة الثالث مرة أخرى (7) . ثم في 847، فرضها الخليفة التالي مرة أخرى بعد تبني نظرية القرآن المخلوق.
____________________________________
(7) - المأمون ( 814 م - 833 م)، المعتصم (833 م - 842 م) - قيل إن المأمون أوقف فتنة خلق القرآن ورد القول بخلق القرآن. وعرفها البعض بـ محنة خلق القرآن وهو فكر انتشر في عهد الخليفة العباسي المأمون من قبل فرقة المعتزلة والتي تدّع أن القرآن مخلوق وكلام الله مخلوق وأول من قال به الجهم بن صفوان، واقتنع بهذا الرأي الخليفة المأمون وطالب بنشر هذا الفكر وعزل كلِّ قاضٍ وعالم لا يؤمن بهِ. كان جهم بن صفوان (78 هـ ، 696م - 128 هـ ، 746 م ) مشتغلا بعلم الكلام، وقال أن كلام الله إنما هو صفة فعل كسائر الأفعال التي تحدث في العالم وهي أيضا من خلقه، وترتب على ذلك القول بخلق القرآن. وكل هذه المعتقدات ورثتها عنه وزادت عليها فرقة المعتزلة التي ظهرت مع منتصف القرن الثاني الهجري، ولكن الجهم يختلف عن المعتزلة في بضع المسائل .
_________________________________________________________

حسب "والتر"،
هناك 135 آية أخرى في القرآن لا يمكن أن يكون قد قالها الله وإن لا تحتوي على لفظة "قل" التي أريد أن تكون أصلية في النص القرآني.
فمتى تم "إضافة" هذه الآيات؟
يجيب "والتر":
في الوقت الذي تم فيه حظر نظرية "القرآن المخلوق"، وتحديدًا لإثبات أنها محظورة.
ثم يستنتج، معلنا: "لذلك يمكننا أن نعتقد أن هذه 135 آية كُتبت بين 833 و 847 م ".

فهل هناك طريقة للتأكد من ذلك وكيف ؟
يجيب "والتر" بالإيجاب. يدعي أنه يمكن للمرء دراسة هذه الآيات الـ 135 ، ومعرفة ما إذا كان مؤلفها هو نفسه في باقي القرآن وذلك باستخدام "نظرية الرموز" الرياضية.

يسأل "والتر" نفسه السؤال التالي: هل "مؤلف" 135 آية هو نفسه بالنسبة لبقية القرآن؟

جوابه هو لا. ويضيف، وهذا يسمح لنا أن ندعي، أن هذه الآيات قابلة للتأريخ، أي فيما بين سنتي 833 و 847 م (8).
____________________________________
(8) - (ملاحظة من عندي: يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه الآيات تظهر أم لا في المخطوطات (الأصلية) قبل سنة 833 م، وبذلك يحسم الأمر).
________________________________________________

وبحسب "والتر" ، فإن القرآن قد تشكل على مدى 200 عام من قبل حوالي 50 "كاتبًا". وكانت مساهمة كل منهم مختلطة فيما بينها. ويضيف أن هناك نوع من "فوضى" في ترابط الكثير من النص القرآني وهذا أمر مدهش للغاية: على سبيل المثال، يتم توزيع قصة نوح في 40 مكانًا، وقصة موسى في أماكن أكثر من ذلك بقليل. وكلها مفككة، ولا يوجد ترتيب زمني أو منطقي. وبالنسبة إليه، السبب أضحى واضحًا (50 "مؤلفًا"). لكن من الصعب جدًا العثور على جميع "أجزاء" كل "مؤلف" إذا اختلطت آيات كل من "المؤلفين" مع آيات كل من المؤلفين الآخرين.

للعثور على هؤلاء "المؤلفين" ، استخدم "والتر" الموضوعات التي تناولها القرآن والتي كانت معروفة جيدًا في تاريخ الشرق الأوسط في ذلك الوقت (التلمود ، والذي اقتبس القرآن منه بعض ما ورد فيه ، والأساطير اليونانية ، والعبرية ، والمسيحية ، والأبوكريفا (9) ... ).
______________________________________
(9)- عند تحليل "الأبوكريفا" المسيحية ، يؤكد المؤرخ "سيمون كلود ميموني" على حقيقة مفادها أن "الأبوكريفا" كانا في الأصل تتمتع بشرعية مساوية لشرعية النصوص المعتبرة "قانونية "، و من الوجهة التاريخية ، يرى أنه من الأفضل عدم اعتبار "الروايات الكنسية" ( المعتمدة – القانونية) أعلى درجة من "الأبوكريفا" ( الروايات التي تم وصمها بالهرطقة في وقت لاحق). في وقت كتابتها - نهاية القرن الأول وطوال القرن الثاني - كان لكلاهما بالتأكيد نفس الوضع اللاهوتي، إلى لحظة التي تم فيها "التقنين". قبل ذلك ساد شكل من التنوع العقائدي الوفير - والذي تم محوه جزئيًا عن طريق "التقنين" - إذ ازدهرت الروايات المختلفة إما لمعارضة اتجاهات هامشية معينة (والتي ستصبح "هرطقات") ، أو للدفاع عن اتجاهات غالبة معينة (والتي ستصبح "أرثوذكسية").
__________________________________________________________

ومن خلال اعتماد عنصر وارد في الأبوكريفا ، أو بعض صيغ الدعاء ، قالم "والتر" بتجميع الآيات. ومن خلال تجميع الآيات محص "توقيعاتها" - استنادا على نظرية الرموز - لمعرفة ما إذا كانت تأتي من "مؤلف" واحد أو من عدة " مؤلفين".

لعزل "الأجزاء المختلفة" من أجل تمحيصها ، سار "والتر" على المنوال التالي:
في البداية ، طرح فرضية ليقوم بالتحقق من صحتها. علما أن هناك طريقتان - في الرياضيات - لحل مشكلة:

- طرح المشكلة لإيجاد الحل، (نقدم لك المشكلة وعليك إيجاد الحل)،
- إعطاء الحل للتحقق من أنه هو الحل الصحيح (نقدم لك الحل ومطلوب منك التحقق منه).
غالبًا ما يكون الصنف الثاني - وليس دائمًا - هو الأبسط والأسهل.
وبعد تجميع الآيات حسب الموضوعات شرع "والتر" في تمحيص كل مجموعة باستخدام نظرية الرموز للتعرف على "الخصائص الرياضية" ("تواقيع المؤلفين")، علما أن القرآن بأكمله لا يمكن أن ينصاع لمثل هكذا خطوة. مع الإشارة إلى أن "والتر" يتغاضى عن التمييز بين "القرآن المكي" و "القرآن المديني" زاعما أن هذا التقسيم لا يقوم على أساس.

بالنسبة له ، تم هذا الفصل - بين المكي والمدني - ، بعد مرور ما يقرب من 200 عام من وفاة النبي محمد، من قبل النحاة الفارسيين الذين صنفوا النص القرآني وفقًا للموضوعات بقولهم إن محمدًا - وفقًا للقصة للروايات - كان في مكة رئيس طائفة صغيرة، بينما في المدينة المنورة أصبح قائد جيش و رئيس "دولة جنينية". وحسب "والتر" ، فإن كل ما يتعلق بالحياة الخاصة للنبي كان مرتبطًا بمكة ، وكل ما يتعلق بالمجتمع (الدولة) كان مرتبطًا بالمدينة المنورة.

لا ينفي "والتر" أن الدراسة التي قام بها دراسة اهتمت بالشكل (شكلية - formelle ) ، إلا أنها كانت موضوع "أطروحة" عرضت على أنظار لجنة تحكيم ضمت مسلماً واثنين من علماء الرياضيات رفيعي المستوى ، قاموا بفحص الأساليب الرياضية المعتمدة. واعتبرت - هذه الأطروحة - صالحة ومقبولة "علميا" من قبل متخصصين في الدراسات الإسلامية - islamologues - وعلماء الرياضيات.

الاستنتاج العام:
يقول "والتر" إن القرآن تشكل على مدى ما يزيد قليلاً عن قرنين من الزمان ، تحت سيطرة الخلفاء وبمساهمة سلسلة من المشاركين.
إن كلمات "قل" هي استقراءات (interpolations – إضافات) بنفس طريقة ظهور كلمات أخرى في القرآن، وقدم "والتر" هذا المثال:
هناك 49 آية قرآنية تتحدث عن المسيح، لكن 4 آيات فقط تشير إلى محمد. هذه الآيات الأربع - يزعم "والتر" - هي من "مؤلف" واحد ، (أضيفت) لاحقًا ، ربما بعد 60 عامًا من وفاة النبي.
ورد اسم النبي (محمد)، في أربع آيات من القرآن:

(﴿ وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ﴾) - سورة آل عمران الآية: 144.
((مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ ولكن رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا )) - سورة الأحزاب الآية: 40.
(﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ على مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۙ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ﴾) - سورة محمد الآية: 2.

(( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذلك مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فاستوى على سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا )) - سورة الفتح الآية: 29.

حسب "والتر"، تدل نظرية الرموز على أن القرآن، ساهمت في تشكيله حوالي خمسين "جهة أو طرف" ، وذلك على مدى أكثر من قرنين من الزمان ، وهي بالضبط الفترة التي اختفت خلالها "التدوينات" العربية الخاصة بالنص القرآني والمتعلقة بتاريخ الإسلام ولاهوته.

تم تقطيع مساهمات كل من "الجهات أو الأطراف" الخمسين إلى أجزاء صغيرة ، وتركيبها عشوائيًا . ومن هنا - حسب "والتر" -كانت فوضى النص، حيث تتتابع الآيات بعضها البعض دون منطق أو تسلسل زمني. وهذا الاضطراب يلفت انتباه قراء القراء ، مسلمين كانوا أو غربيين، باستثناء " العلماء والفقهاء" الذين ابتكروا طرق وقواعد ومناهج - بل وعلوم كثيرة - للتعاطي مع القرآن انطلاقا من كونه " كلام الله" أو "كلام الله الحرفي" حسب البعض.

تظهر نظرية الرموز أيضًا أن أجزاء القرآن المتعلقة بالمسيح (49 موقع) ومكانة المرأة وأفكار ومعلومات عن الجنة تأتي مباشرة من "الناصريين" - nazaréens - وهي طائفة يهودية مسيحية - تعتبر هرطقية - كانت منتشرة على نطاق واسع في الشرق الأوسط زمن محمد.
كانت اللغة "الليتورجية" للناصريين هي الآرامية، وكان "ثيودور نولديك" (10) - theodor Nöldeke- قبل غيره وهم كثر الآن - قد كشف انطلاقا من النطق القديم ، أن كلمة "قرآن" لم تأت من الجدر العربي "قرأ" - كما يقول النحويون المسلمون - ولكن من الآرامية "قريانا" ، التي تشير إلى مجموعة من النصوص "الليتورجية."
_____________________________________
(10) - (1836 - 1930 ) يعد شيخ المستشرقين الألمان. أتقن العربية، العبرية، والسريانية. حصل على الدكتوراه عام 1856 عن تاريخ القرآن. عين مدرساً للتاريخ الإسلامي عام 1861. وأستاذ التوراة واللغات السامية في عام 1864 . في بحثه حول تاريخ القرآن ألف كتاب: "تاريخ القرآن" (3 أجزاء: في أصل القرآن- جمع القرآن- تاريخ نصّ القرآن). من مؤلفاته : "تاريخ الشعوب السامية " " هل كان لمحمد معلمون نصارى"، "ملحوظات نقدية حول الأسلوب والتركيب في القرآن".
______________________________________________________

يذهب "والتر" إلى حد الإقرار أن الوثائق التي تم العثور عليها حديثًا، تظهر أن محمدًا لم يكن نبيًا ، بل كان أحد أمراء الحرب الذين وحدوا القبائل العربية من خلال "الناصرية". وقام الخلفاء الذين خلفوه بجمع وانتقاء والتحكم في الوثائق التي تشكل النصوص التأسيسية للإسلام ، ولا سيما القرآن.

تظهر المصادر غير العربية المجايلة لمحمد والطرق الرياضية الحديثة ( نظرية الرموز) أن القرآن هو "تركيب" تدريجي ، تطور على مدى مائتي عام - في الأصل انطلاقا من النصوص "الناصرية" - nazareenes - باللغة الآرامية المترجمة أو المعاد صياغتها إلى العربية ، والتي أضيفت إليها - تحت إمرة وسيطرة الخلفاء - نصوص مكتوبة باللغة العربية مباشرة. وقد حفزت هذه المجموعة من النصوص حروب الغزو التي خلصت إلى تشكيل الإمبراطورية الإسلامية بسرعة تكاد تكون غير مسبوقة في التاريخ - وهذا ما حير المؤرخين- كما ضمنت هذه النصوص صلابة هذه الإمبراطورية الفتية حيث اضطلعت بدور " الإسمنت الأيديولوجي" بامتياز.
إن ما آل إليه بحث "والتر" يدمر أغلب الأطروحات التي تقعد عليها الموروث والسردية الإسلاميان، وعلى رأسها أطروحة: القرآن "غير مخلوق" - أزلي - ، وهو كلام الله باللغة العربية نزل على محمد بين 620 و 632 م ، أي أن الإسلام "وحيًا إلهيًا" أصيلًا.
التأكيد على الاقتباسات من الآرامية الشائعة في النص القرآني ، بدءاً بكلمة "قرآن" التي تعني أصلا (مجموعة نصوص طقسية) ، ونفي ألوهية يسوع المسيح وإنكار الصلب، كل هذا يشهد على الأصل "الناصري" - Nazarene origin - للإسلام. فقد كان "الناصريون" طائفة يهودية مسيحية ترى في يسوع نبيًا عظيمًا لكنها أنكرت أنه ابن الله. كما تم إدخال "الأناجيل الملفقة" - Apocryphal Gospels -، والاقتباسات من التلمود ، وكذلك الأساطير اليهودية وبعض القصص المعروفة من تأليف بشر وردت في القرآن.



#جدو_جبريل (هاشتاغ)       Jadou_Jibril#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كسوف الشمس في 27 يناير 632: في تاريخ القرآن وفي حياة محمد -2 ...
- كسوف الشمس في 27 يناير 632: في تاريخ القرآن وفي حياة محمد -1 ...
- كتاب منذر سفر: هل القرآن أصيل؟ - 28 -
- كتاب منذر سفر: هل القرآن أصيل؟ - 27 -
- كتاب منذر سفر: هل القرآن أصيل؟ - 26 -
- كتاب منذر سفر: هل القرآن أصيل؟ - 25 -
- كتاب منذر سفر: هل القرآن أصيل؟ - 24 –
- كتاب منذر سفر: هل القرآن أصيل؟ - 23 -
- كتاب منذر سفر: هل القرآن أصيل؟ - 22
- كتاب منذر سفر: هل القرآن أصيل؟ - 21 -
- كتاب منذر سفر: هل القرآن أصيل؟ - 20 -
- كتاب منذر سفر: هل القرآن أصيل؟ - 19
- كتاب منذر سفر: هل القرآن أصيل؟ - 18
- كتاب منذر سفر: هل القرآن أصيل؟ - 17
- كتاب منذر سفر: هل القرآن أصيل؟ - 16
- كتاب منذر سفر: هل القرآن أصيل؟ - 15
- كتاب منذر سفر: هل القرآن أصيل؟ - 14
- كتاب منذر سفر: هل القرآن أصيل؟ 13
- كتاب منذر سفر: هل القرآن أصيل؟ - 12
- ورقة البردي نادرة من عصر الهيكل الأول


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جدو جبريل - تمحيص القرآن بواسطة النظرية الرياضية للرموز