|
الفساد أنواع وإن اختلفت الأسماء !
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 7622 - 2023 / 5 / 25 - 01:11
المحور:
الفساد الإداري والمالي
من بين الصفات التي تُكسب الاحترام والتقدير والشعبية الكبيرة لكافة الناس والمسؤولين عن الشأن العام منهم على وجه الخصوص، التعفف والنزاهة ونظافة اليد ، وغيرها من الصفات النادرة -في البلاد العربية والمغاربية والإسلامية - ندرة المسؤول المنشغل بمشاكل من تولى تسيير شؤونهم من الناس العاديين ، المتفاني في خدمتهم ، الذي لا يرى في منصبه وجاهة ، ولا يتخذ مكانته فرصة لخدمة الذات وتحقيق المغانم الشخصية ، التصرفات -التي صقلتها التنشئة السليمة ،المنزلية والمدرسية والاجتماعية-التي تُدخل منتهجيها في زمرة الوطنيين الصلحاء ، وتعّمق في قلوبهم الولاء والانتماء للوطن والإخلاص و التفاني في حبه ، وترّسخ في نفوسهم قيّم المسؤولية الوطنية ، وتبعدهم عن عوالم الفساد وآثاره المدمرة لبنيان المجتمع والعاصفة بقوته ومتانته ، وتقيهم شرور مظاهره الاجتماعية الغير الأخلاقي المتأصلة في الأفراد والجماعات –إلا من رحم ربي- وتحميهم من الوقوع في سلوكياتها الإجرامية التي يقع في محذورها بعض ضعاف النفوس ومهزوزي الإيمان بالله والوطن، ممن هم في مواقع السلطة -مسؤولين حكوميين وموظفين ومنتخبين - الذين يهدد مصالحهم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب ،ويكرهون استثمار الطاقات البشرية ومنح أصحاب الكفاءة ما يستحقون من الامتيازات والمكانة والاحترام والتشّجيع وتقدير إنجازاتهم وتطّوير مهاراتهم ، كأهم أس وركيزة للتطور الحقيقي للمجتمعات التي تنقلها من الجمود والتقوقع وغياب المشاركة في صنع الحضارة المحلية ، إلى الإنتاجية والإبداع المؤدي لزيادة النمو الاقتصادي في كافة القطاعات. فإذا كان للفساد كل هذه القدرة على تدمير المجتمعات والعصف بقوتها ومتانتها ، فإن الأدهى منه هو مقابلته بالسكوت والتغاضي -الذي لا يقل عنه في الجرم الذي لا يجوز السكوت عنه أبدًا - لما له من آثار سلبية كثيرة على الفرد والمجتمع، التي تصيبه بالانهيار والتدهور ، وتفقد أفراده الشعور بالأمن والأمان والاستقرار، وتنشر في صفوفه القلق والخوف والتوتر والاضطراب والغضب وفقدان الثقة بالنفس ، وانعدام السيطرة عليها ، وديوع الشك في كل العلاقات المجتمعية ، وشيوع الكثير من الأخلاق المذمومة التي تبعد أفراد المجتمع عن روح الألفة والتعاون والصداقة وتحول المجتمع إلى غابة لا قانون فيها ولا أخلاق ولا عدالة، ولذلك فعندما يتعلق الأمر بالفساد، ليس هناك حل وسط إلا محاربته بكل جدية ، لأن كل تخاذل أو تماطل أو تسويف من أي جهة كانت، فهو دعم ضمني له ، وتشجيع لأصحابه ، وفتح لأبوابه ، و تقوية وتنشيط لمجاله ، وإطالة لعمره الذي لا يمتد ولا يعمر إلا إذا تخاذل الشرفاء عن فضح الفاسدين ، وتساهل المسؤولين في لجمهم وشكمهم ، ما يجعل الفاسدين يأمنون العقاب ، ويتزايد عددهم ، وتقوى شوكتهم ، ويستشري شرهم في جسد الدولة ، ويتفاقم خطرهم في جميع مفاصلها، ويتفرعنون في كل المجالات ،إلى درجة لا يقوى احد على شكمهم أو الحد من غلواء فضائحهم المعروفة والمفضوحة ، والتي تسير بالبلاد إلى الهاوية ، كما هو حال الفساد في بلادنا الذي توحشه في كل مكان وبين كافة الشرائح التي تهافتت عليه غالبتها – إلا من رحم ربي- حتى كثر وتكاثر إلى أن وصل إلى حدود لا منطقية ولا معقولة ، جعلت المتأمل لحال مجتمعنا ، المهتم بهمومه ، ليصاب بقدر كبير من الذهول ، وتضيع خيوط عقله في زحمة الأجواء المثقلة بغيوم التوتر الخانقة المخيمة عليه من جراء ما يحفل به من سلبيات فساد المال العام العديدة التنوع ، الذي لم يتغلغل زعماؤه في المناصب الحكومية والمؤسسات التشريعية التكتلات البرلمانية والأحزاب والجمعيات الخيرية و جمعيات المجتمع المدني ، لإخفاء وصمة خزي وعار ما ارتكبوه في حق الشعب والوطن -الذي يعتبرونه شطارة و"فهلوة وقفوزية"- ولكن للإفلات من العقاب حتى يتمكنوا من الحفاظ على امتيازاتها المختلفة ، التي أضحى المرء مرغما أمام وطأة قبحها الجلي والمفضوح ،ألا يتوقف عن ترديد المثل الشعبي المصري:"يا فرعون مين فرعنك ، قال ما لقيتش حد يلمني." والذي ينطبق تمام الانطباق على حال بلادنا التي كثر فيها عدد الفاسدين وتضاعف بين المسؤولين الحكوميين من كل الأصناف والمراتب والدرجات، وارتفع منسوب الفساد بين المنتخبين بكل أنواعهم وتصنيفاتهم البرلمانين ومسيري الجماعات ومجالس العمالات ، دون محاسبة أو متابعة ، رغم وجود المجلس الأعلى للحسابات وتقديمه لآلاف الملفات التي تدين الكثيرين . [email protected]حميدطولست مدير جريدة"منتدى سايس" الورقية الجهوية الصادرة من فاس رئيس نشر "منتدى سايس" الإليكترونية رئيس نشر جريدة " الأحداث العربية" الوطنية. عضو مؤسس لجمعية المدونين المغاربة. عضو المكتب التنفيذي لرابطة الصحافة الإلكترونية. عضو المكتب التنفيدي للمنتدى المغربي لحقوق الإنسان لجهة فاس مكناس عضو المكتب التنفيدي لـ "لمرصد الدولي للإعلام وحقوق الإنسان .
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
موروثات انشغالنا عنها بما لا يشبهها من الممارسات
-
ليس المشكل في التعرف على الظواهر، لكن في معالجتها. !
-
الإنسان لا يعيش حاضره منفصلاً عن ماضيه.
-
ليس المغاربة وحدهم هم من وينتقدون الأعمال الدرامية الرمضانية
...
-
في انتظار تظاهرة فاتح ماي في مصر.
-
-كاينة ظروف-والمعلومات المغلوطة المفسدة لعقول.
-
مسلسل -كاينة ظروف- والتبرع بالأعضاء !
-
ما قدهم المذاهب الموجودة زيدهم المذهب المغامسي !
-
مسلسلات رمضانية بنكهة نسائية
-
من الطقوس الرمضانية الكرنفالية !
-
حملة مدفوعة بأسباب طائفية !
-
الفوز الذي لم يكن صدفة ولا ضربة حظ !
-
ترشيح المغرب لتنظيم كأس العالم لسنة 2030
-
حتى لا تتراجع وضعية -الواف- ويخفت بريقه أكثر !
-
أخبار السوق على وجوه السواقة !
-
الواقع يُفرز الحقيقة من الْوَهم !
-
لماذا كل هذا التحامل على الموتى من الفنانين؟ المغفور له الفق
...
-
المغرب يحتضن الموندياليتو في انتظار كأس إفريقيا للأمم.
-
لا للتغاضي عن الأوضاع الصعبة التي تستوجب التصحيح !
-
السيف لا تقارن بالعصا!
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
The Political Economy of Corruption in Iran
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|