الحرب في اوكرانيا مفترق طرق ( 1 )

آدم الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 7620 - 2023 / 5 / 23 - 11:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

قبل تناول تفاصيل الأزمة و الأحداث المرافقة للحرب الجارية حاليا على الأرض الأوكرانية لابد من معرفة الجذور التاريخية لهذا الصراع و يمكن اختصارها بالفقرات التالية :
اولا : كان الاتحاد السوفيتي السابق اتحادا من 15 جمهورية سوفيتية , في الفترة السوفيتية و تحديدا في عهد الرئيس السوفيتي نيكيتا خروتشوف , و هو من اصول اوكرانية , قررت الحكومة السوفيتية سنة 1954 و لأسباب معظمها ادارية و تنظيمية بحتة استقطاع جزيرة القرم من جمهورية روسيا السوفيتية و ضمها الى جمهورية اوكرانيا السوفيتية و بذلك تحولت جزيرة القرم بسكانها , الذين غالبيتهم من القومية الروسية , الى ارض اوكرانية و اصبح سكانها مواطنين اوكرانيين ناطقين باللغة الروسية , لم يكن في تلك الفترة أي فرق إن كانت جزيرة القرم ضمن اوكرانيا أو ضمن روسيا فالجمهوريتان هما ضمن الاتحاد السوفيتي .
ثانيا : نفس ما جرى لجزيرة القرم كان قد حصل قبلها لإقليم الدونباس و مناطق روسية أخرى , ففي زمن الزعيم السوفيتي فلاديمير لينين تم استقطاع هذا الإقليم و مناطق اخرى من روسيا السوفيتية و ضمها الى اوكرانيا السوفيتية و بذلك تحول هذا الإقليم و هذه المناطق بسكانها , الذين هم من القومية الروسية , الى ارض اوكرانية و سكانها الى مواطنين اوكرانيين ناطقين باللغة الروسية .
بعض التقارير التي تبحث عن ظروف تلك المرحلة تقول أن لينين قرر اجراء تلك التعديلات على الحدود بين روسيا و اوكرانيا لزيادة نسبة الطبقة العاملة " البروليتارية " في اوكرانيا حيث كانت تلك المناطق صناعية و للصناعات الثقيلة و فيها نسبة عالية من العمال بعكس مناطق غرب اوكرانيا التي كان معظم سكانها من الفلاحين و بذلك نجح لينين بهذه الخطوة في تقوية نفوذ الحزب الشيوعي السوفيتي في اوكرانيا السوفيتية .
ثالثا : لم يكن في الحسبان في تلك الفترة السوفيتية أن الاتحاد السوفيتي سيأتي يوم عليه و يتفكك و تصبح هنالك مشاكل قومية و عرقية و مناطق متنازع عليها بين الجمهوريات السوفيتية السابقة , لقد حصل ما حصل و تفكك الاتحاد السوفيتي و ورث الجيل الحالي مشاكل صنعتها الأجيال السابقة تسببت في التناحر بين مكونات هذه الجمهوريات ...!
رابعا : سكان جزيرة القرم و اقليم الدونباس و مناطق اخرى في شرق اوكرانيا هم في غالبيتهم من القومية الروسية و عددهم بالملايين , بعض الإحصائيات تتحدث عن عدد يزيد عن 7 ملايين , و هم ليسوا من المهاجرين الذين استوطنوا هذه الأرض بل هم السكان الأصليين لهذه الأراض .
خامسا : بسبب صعود القوميين الأوكرانيين المتعصبين الى السلطة في اوكرانيا بدعم من امريكا و بعض حلفائها و بشكل خاص بريطانيا بدأ منذ سنة 2014 نوع من انواع الصراع القومي بين مكونات الشعب الأوكراني , حيث قامت الحكومة المركزية في كييف التي سيطر عليها التيار القومي الأوكراني المتشدد بإصدار قرارات حرمت المكون الروسي في شرق اوكرانيا من ابسط حقوقه الثقافية و القومية منها الدراسة بلغتهم الأم " الروسية " و النتيجة هي أن الأوكرانيين من القومية الروسية او ما يسمونهم بالأوكرانيين الناطقين باللغة الروسية اصبحوا دعاة انفصال عن أوكرانيا و لا يريدون العيش ضمن الدولة الأوكرانية حين يحكمها قوميون أوكرانيون متعصبون و العودة الى وطنهم الأم " روسيا " و هذا حق من حقوقهم الإنسانية التي اقرتها الأمم المتحدة تحت بند حق الشعوب في تقرير مصيرها .
الحكومة الأوكرانية تريد الان استعادة جزيرة القرم و كامل إقليم الدونباس و مناطق اخرى شرق اوكرانيا بعد اجبار القوات الروسية على الخروج من هذه المناطق و معها الناطقين باللغة الروسية , بمعنى اوضح :
أن حكومة زيلينسكي تريد استعادة هذه المناطق بلا سكانها الأصليين ... !
و لأن توجهات حكومات الدول الغربية و خصوصا امريكا تحركها مصالحها , وقفت هذه الحكومات بجانب حكومة زيلينسكي في مطالبها .
أمريكا لم توافق على اعطاء الأوكرانيين من القومية الروسية حق تقرير مصيرهم على ارضهم مثلما حصل في يوغسلافيا السابقة التي تم تفكيكها من قبل قوات حلف الناتو لأن استقطاع اراضي من اوكرانيا و ضمها الى روسيا يتعارض مع المصالح العليا للولايات المتحدة الأمريكية .
لو كان تقسيم أوكرانيا يخدم المصالح الأمريكية لوافقت امريكا على التقسيم دون أي تردد , سياسة الإدارة الأمريكية و الحكومات الغربية عموما لا تحكمها المبادئ و إنما تحكمها المصالح .
هنالك بعض الأسئلة قد توضح الأمر :
لماذا يحق للناتو بقيادة امريكا تقسيم يوغسلافيا بالقوة العسكرية الى جمهوريات مستقلة و الى تقسيم بعض هذه الجمهوريات الى اجزاء و لا يحق لروسيا تقسيم اوكرانيا استنادا الى نفس مبادئ حق تقرير المصير ...؟
الجواب : يحق لأمريكا و للناتو ما لا يحق لغيرهم ... !
لماذا يحق لأمريكا نصب صواريخ نووية في اراضي حلفائها الأوربيين قريبة من الأراضي الروسية و موجهة الى قلب الدولة الروسية و لا يحق لروسيا نصب صواريخ في كوبا القريبة من الأراضي الأمريكية .
الجواب : مثل هذه الأمور لا يحكمها المنطق و انما تحكمها القوة .... كن قويا تستطيع فعل ما تشاء .

(( يتبع ))

#آدم_الحسن (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات