أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - أنت مصري؟ سلِّم على -عادل إمام-














المزيد.....

أنت مصري؟ سلِّم على -عادل إمام-


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 7618 - 2023 / 5 / 21 - 12:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كنتُ في المملكة العربية السعودية عام ١٩٩٩. وفي أحد المولات كنت أقفُ مع صديقتي السورية نتحدث. بعد كلمات قليلة نطقتُها، توقف رجلٌ من الشرق الأقصى، كان يسير مع أسرته، ثم جاء نحوي مسرعًا ودون مقدمات قال لي بعربية متعثّرة: "أنت مصري؟" فقلتُ له: “نعم أنا مصرية.” فابتسم بسعادة وقال: “تعرفي عادل إمام؟ سلم عليه!” فابتسمتُ ووعدته بأن أفعل لو التقيتُ. ولم ألتق به لأفي بوعدي إلا بعد تلك الواقعة بثمان سنوات. كنتُ في طريقي إلى "مهرجان جرش" بالأردن، لتقديم أمسية شعرية، على متن الطائرة التي تُقلُّ الفنان "عادل إمام"، والفنانة "شيرين سيف النصر"، وفرقته لتقديم مسرحية "بودي جارد" في المهرجان. ولم أنس أن أنقل له تحية الرجل الآسيوي، فابتسم ابتسامته الشهيرة وقال: “مبيجيش ليه؟ مش يبقى يجي؟!"
حين لا تعرفُ بلدًا ما: فلم تزره ولم تقرأ عنه، فإن هذا البلد بكامله يدخلك، أو تدخله، عبر بوابة "الفن". فحين تسمعُ كلمة "هولندا"، ولم تزرها أبدًا، سوف تفكّر تلقائيًّا في "ڤان جوخ"، وترتسم على صفحة عقلك طواحيُن الهواء وحقول القمح. وحين تسمعُ كلمة "النمسا" فورًا سوف يعزف أوركسترا عقلك افتتاحيةَ السيمفونية الأربعين للعبقري "موتسارت"، والتي استلهمها "الرحابنةُ" لتشدو على نغمها "فيروز" أغنيتها الجميلة: "يا أنا يا أنا أنا وياك/ صِرنا القصص الغريبة/ واتسرقت مكاتيبي/ وعرفوا إنك حبيبي." وإذا سمعتَ اسمَ "مصرَ"، ولم يسعدك حظُّك لتزورها، ولم تكن قد قرأت عن تاريخها العريق وصناعتها أولى وأهم وأرقى حضارات الأرض، فسوف ترتسمُ على شاشة عقلك صورة "أم كلثوم" تقفُ بشموخها ملكةً مُتوّجة تشدو: “ظالمُ الحُسن شهيُّ الكبرياء" كما كتبها العبقري: “إبراهيم ناجي"، ومَوْسقها العبقريُّ: “رياض السنباطي". أو يجلجلُ في خاطرك صوتُ "يوسف وهبي" يقول: "ما الدنيا إلا مسرحٌ كبير"، أو "فؤاد المهندس" يغنّي: “أنا واد خطير" من كلمات "حسين السيد"، ولحن الأسطورة "محمد عبد الوهاب" الذي يدهشنا في موسقة الأغاني الكوميدية الخفيفة، تمامًا كإدهاشه لنا في تلحين أعقد القصائد وأعلاها كعبًا! ودون شك سوف يصافحُك وجهُ "عادل إمام" وهو يقول: “بلد بتاعة شهادات صحيح!”، أو "أنا أضيف؟!!! دنا غلباااان!"، وعشرات الجمل الشهيرة الأخرى التي غرسها "عادل إمام" خلال ستين عامًا من الأفلام والمسرح والدراما كسرت حاجز المائة وسبعين عملا.
"عادل إمام" ظاهرةٌ فنية مصرية لها أثرها البالغ وبصمتُها القوية في تاريخ الدراما المصرية. خلال أفلامه طرح وناقش همومَ المجتمع، ورفع إصبعَ الاتهام في وجه أخطر أدران المجتمع. العشوائيات وأزمة الإسكان: "كراكون في الشارع"، فصامية التطرف: “الإرهابي"، السلام المجتمعي: “حسن ومرقص"، الرفض الشعبي للتطبيع مع إسرائيل: “السفارة في العمارة"، الانشطار المجتمعي: “عمارة يعقوبيان"، الفساد والاتجار بالدين: “طيور الظلام"، الوطنية: “اللعب مع الكبار"، الاسترقاق: “المنسي"، استغلال الجهل والعَوز: “رجب فوق صفيح ساخن"، و"عنتر شايل سيفه"، البيروقراطية: “الإرهاب والكباب"، فساد الأخلاق وإفساد القيم المهنية: “الأفوكاتو:، وغيرها العديد والعديد من المشاكل المجتمعية التي تُعثر المجتمعات وتعوّق نهوضه وتُسلط الأعمالُ الضوء عليها حتى يختصمها وجدانُ المُشاهد ويعالجها المجتمع، في مقابل القيم العليا التي تتسرّب إلينا خلال أبطال تلك الأعمال، وتستقر في وجدان المشاهد. وهنا لابد من تقديم التحية للعبقري "وحيد حامد". نجح "عادل إمام" في استصراخ "المسكوت عنه" من أدران الواقع المصري، وتسليط الضوء على هموم المواطن البسيط وأحلامه وصراعه من أجل التحقق. وتلك واحدة من أهم رسائل الفن وأخطرها. لكن عبقرية "عادل إمام" تتجلى في أنه يقدّم الكارثة في إطار لا يخلو من كوميديا، فيجعلك تبتسم وأنت تتجرّع كأس المرارة، حين تتأمل أحداث العمل وتبحثُ عن نفسك بين أبطاله، ولا شك أنك واجدٌ نفسك هنا أو هناك، في عمل ما من أعمال "عادل إمام".
لا شك أن القوى الناعمة، هي السفيرُ الأغزرُ سَفرًا والأسرعُ وصولا لجميع بلدان العالم، والأعمقُ أثرًا وتأثيرًا في نفوس الشعوب، والأبرعُ تمثيلا لبلاده في عيون الغرباء. القوى الناعمة، المتمثلة في الفنون الستة: “المسرح، الموسيقى، الشعر- العمارة، النحت، التشكيل"، ثم السينما، بوصفها الفن السابع، هي الصوة الأولى التي ترتسم في رأسك عن بلد لم تزره. لأن البلدَ الذي لم تزره، يبادرُ هو بزيارتك في بيتك عن طريق الفنون السبعة، والسينما هي الأسرع وصولا إليك. في عيد ميلاده الثالث والثمانين، الذي احتفل به المصريون بالأمس ١٦ مايو، أقول للزعيم: “شكرًا على الخيوط المحورية التي نسجتها على قماشة الفن المصري الغنية بعظماء فنانيها. كل عام وأنت جميل كما أنت".

***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الناجحون … ماذا يضعون على رؤوسهم؟
- طاووسيةُ الموسيقارِ الجميلةُ
- فضيلةُ الحذف ... والبخل في الكلمات
- سكنتُ على مقربةٍ من هذا العظيم!
- صانعُ الجُرم … والمشيرُ إليه!
- جميعُنا: ذَوو احتياجات خاصة
- رسائل جعفر العمدة
- غنّيتُ مكّةَ … وأعزَّ ربي الناسَ كلَّهمُ
- انشطارُ واجهةِ الهرم... في عيد الحياة
- أفطروا بأمانٍ … فنحن نحمي الوطنَ!
- سعفةُ نخيلٍ خضراءُ … من أجل مصرَ
- التوحّدُ .. التنمّرُ … الإناءُ المصدوع
- في اليوم العالميّ للتوحّد … قطوفٌ من عُمَر
- شنودة يعودُ إلى بيته … شكرًا للشرفاء!
- أبله فضيلة … صوتٌ صنع طفولتَنا
- في رمضان … نصومُ معًا!
- أيها الكبارُ … لن أحتفل ب عيد الأم
- مشروع الفُلك حدوتة مصرية
- هاني شنودة ... صانعُ الصِّبا والفرح
- زوجةٌ عظيمة ... لزوجٍ عظيم


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - أنت مصري؟ سلِّم على -عادل إمام-