أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عادل الامين - الحقيقة والجمال














المزيد.....

الحقيقة والجمال


عادل الامين


الحوار المتمدن-العدد: 1717 - 2006 / 10 / 28 - 07:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مقدمة : كان "وحيد" الجميل يمتلك مرآة ، هذه المرآة يعلوها الصدأ ، حتى أنه كان يرى فيها صورة مشوشة ومبهمة لنفسه ، صورة باهتة لا تدل أبداً على حقيقته ، أخذ وحيد يجلي هذه المرآة الصادئة ، ومع مرور الأيام أخذت في اللمعان ، فماذا رأي عندما نظر إليها ؟.. رأي نفسه ، كان جميل جداً ، ثم أمعن في جلي المرآة ونظافتها ، ماذا رأى هذه المرة؟! رأى الجمال فقط ، ذلك الجمال والسحر الذي يغلف الأشياء ، الجمالي الرباني .

هذه المرآة التي كان يمتلكها وحيد هي مرآة الكون التي في قلبه أما وحيد فهو الإنسان الذي كان الصدأ يغطي قلبه ، لذلك كان لا يرى حقيقة الجمال الإلهي الذي يغلف الأحياء والأشياء "كن جميلاً ترى الوجود جميلا" (1) .

إن الكون الذي نعيش فيه مظهره مادي ومخبره روحي وفطرة الإنسان الطيبة تبحث دائماً عن الحقيقة والجمال(2) وتستشفها في كل المحسوسات حوله ، لماذا قلنا الحقيقة أولاً والجمال ثانياً ؟ إن للمعاني غير المنظورة قيمة جمالية يمكن أن يرمز لها الإنسان بشيء محسوس ، مثلاً رمزنا إلى الحقيقة بالشمس وللجمال بالقمر ، فمنذ الأزل أضحت الشمس رمزاً للحقيقة والقمر رمزاً للجمال بما أن القمر يستمد ضوءه الفضي الساحر من الشمس ، كان لا بد أن يستمد الجمال سحره من الحقيقة ، لذلك نجد الجمال ليس قيمة مجردة بل تستمد عناصر من الحقيقة . إذاً ما هي الحقيقة ؟ لنرى ذلك من منظور أفلاطوني معاصر (الكهف الأفلاطوني) ونرجع لنضرب مثلا بالسينما ذلك الواقع السحري الذي يشبه حياتنا كثيراً ، عندما نجلس على مقعدنا في دار السينما نحملق في الشاشة البيضاء ، لحظات ثم تظلم القاعة وينبعث أمامنا عالم حقيقي يضج بالحركة والحياة ، لكن هل ما نشاهده موجود حقيقة أمامنا ؟ إنه في الحقيقة ليس أمامنا بل انعكاس لعالم خلفنا مجرد ظلال وأشباح فقط . فالحياة التي نعيشها بريق زائف يخدع الإنسان سرعان ما ينقضي ويستيقظ الإنسان من هذا الحلم الجميل .. ويواجه الحقيقة !!

ماذا عن الجمال ؟ إذا أردنا أن نعرف الجمال لا بد من تصنيفه إلى نوعين من الجمال : الجمال الحسي وهو الجمال الذي يحدث إختلاجات في الجسد أو بمعنى أدق في النفس وهذا جمال المخلوقات المحسوسة كلها ، هذا النوع من الجمال يزول بزوال المؤثر ، النوع الثاني الجمال المعنوي ، هذا الجمال الذي تجسده القيم غير المنظورة في المجتمع الإنساني (الأخلاق) ويسمى الجلال ويبقى تأثيره بعد زوال المؤثر ، فنحن دائماً نذكر المآثر الحميدة لأناس طواهم الموت منذ دهور .

إن تركيبة الإنسان من روح وجسد هي العلة الفاعلة فيه التي تجعله يشعر بقيمة الجمال بنوعية إن تركيبة الإنسان الغريبة من روح أزلية وجسد فاني تولد في نفسه الأحساسيس المتناقضة والمبهمة عن الجمال ، فالإنسان العادي يسعى لتحقيق السعادة المطلقة باستغلال جسده وإنهاكه في المتع الحسية وقد يسبب له ذلك آلاماً شديدةً لأن القيمة المحدودة للجسد لا يمكن أن تعطي سعادة مطلقة ، لذلك نرى بعض الناس في سعيه لهذه السعادة المرجوة يسحل روحه ويسحبها بعنف في أوحال الحياة ومباهجها الزائفة . كيف نحصل على السعادة المطلقة ؟! .. إن السعادة الحقيقية في الحب ، لأن الحب من خصائص الروح ، ينبع الحب في منطقة النفس ، هنا يجب علينا أن نعرف النفس ، إنها البرزخ الذي يربط بين الروح والجسد إذا رمزنا للروح والجسد بقطبي مغناطيس ، الجسد من أسفل والروح من أعلى ، النفس تحتل منطقة الوسط وتتدرج سبع درجات في سلم المعاني السامية ، وهي كالآتي من أسفل إلى أعلى (النفس الأمارة ، النفس اللوامة ، النفس الملهمة ، النفس المطمئنة ، النفس الراضية ، النفس المرضية ، النفس الكاملة) والنفس الكاملة الأخيرة كما لها نسبي يتفاوت فيه الناس ، إن الحب الذي ينشأ في منطقة النفس حباً جسدياً مرتبطاً بالجنس لغرض الزواج وإثمار الولد وذلك للمحافظة على النوع الإنساني ثم يسمو هذا الحب ويتدرج إلى حب المخلوقات ثم يرتفع في المراقي السامية إلى حب واجد الموجودات "الله جل جلاله" لذلك فالدعوة للسعادة هي دعوة إلى مزيد من الحب ، حتى يفيض الكأس ، وإقصاء الكراهية والحقد لأنها تسود حواشي القلب ، أيها الإنسان إن الكأس لا يتسع لمشروبين إملأ الكأس بخمر الحب وادره على الجميع ، دعك من الخمر المغشوشة التي يجسدها النفاق ، الذي هو آفة الآفات ، إن النفاق شجرة لا تثمر إلا الشوك ، فكن صادقاً مع نفسك ومع الآخرين فيستقيم الميزان وتنعم بالسعادة الحقيقية .

إن أول الحقائق التي يجب أن يعرفها الإنسان هي حقيقة نفسه ، الإنسان الذي يجهل حقيقة نفسه لا بد أن يجهل حقيقة الآخرين ، فيسيء معاملتهم وتتشوه مرآة قلبه . هناك أربع أنواع من مرايا القلوب ، البعض يملك مرآة مقعرة تعظم له الأشياء التافهة وهذا هو الشخص المنافق ، البعض يملك مرآة محدبة تصغر له الأشياء العظيمة وهذه مرآة المغرور والبعض يملك مرآة مهشمة تريه الأشياء مشوهة وهذه مرآة الجاهل ، والبعض الأخير يملك مرآة مستوية تريه الأشياء على حقيقتها وهذه مرآة الإنسان الواعي ، أيها الإنسان تأكد أي نوع من المرايا تملك وأبدأ معنا رحلة البحث عن الذات ، عن ذلك الفردوس المفقود "إن المسرح الحقيقي الوحيد هو ما كان مرآة للحياة ، حيث يجيء كل إنسان ليشاهد ويتأمل ، يتأمل عصره ، ويجعل من نفسه في ذات الوقت صورة عالمية للنوع البشري "(3) .



(1) إيليا أبو ماضي - شاعر لبناني
(2) حمزة محمد الحسن من ديوان . " RISE OF SUNSET"
(3) فرانسيس أمبير – أدب التمرد .



#عادل_الامين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرية داروين واشكالية الحلقة المفقودة
- الطيب والشرير والقبيح
- اني جاعل في الارض خليفة
- قطار الشمال الآخير
- (3-3)النقل والعقل
- نسبية المعرفة(2-3)ا
- نظرية المعرفة(1-3)ا
- ميتافيزقيا الزمان والمكان
- حكاية حليمة الصومالية
- الدين والاخلاق عبر العصور
- نوستالجيا
- الانسان اولا
- .........الطاووس
- العراق وسباق المسافات الطويلة
- موت شاعر
- الرأسمالية ليست نهاية التاريخ
- قصة قصيرة:.........الكلب........
- الاصولية المزعومة والعلمانية المفترى عليها
- العراق والسودان في مخيلة النخبة العربية
- الدولة الدينية والدولة المدنية-الحلقة الاولى


المزيد.....




- رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق ...
- محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا ...
- ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة، ...
- الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا ...
- قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك ...
- روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
- بيع لحوم الحمير في ليبيا
- توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب ...
- بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
- هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عادل الامين - الحقيقة والجمال