محيي المسعودي
الحوار المتمدن-العدد: 7614 - 2023 / 5 / 17 - 16:12
المحور:
الصحافة والاعلام
الصورة التي تشكلت في وعيي عن الصحافة بعد هذه السنين تختلف عما قرأته وتعلمته بل وحتى ما عملت به. اذ يبدو لي أنْ لا صحفي في العالم يستطيع التخلص من جميع انتماءاته الاجتماعية والدينية والايدولوجية والتجرّد من عواطفه واحاسيسه ورغباته واندفاعاته واعيا او في - اللاوعي- ما يعني انه لا بدّ ان يقع تحت تأثير احدى هذه الحالات وهو يحرر خبرا او تحقيقا او اي منتج صحفي , وعندها يسقط العمود الفقري للاعلام وهو - الحياد - قد يكون الصحفي مهنيا بامتياز وملما بعمله وقادرا على التخلص من انتماءاته وسواها , ولكنه في حال (اللاوعي) يصعب عليه الانتباه , وعليه لا بد لاحدى الحالات ان تتملكه – لانه انسان - فيظن ان منتجه الاعلامي " مثاليا " وحقيقة مجردة خالية من التأثر .
وإذا وِجد صحفي مثالي او محايد بالمطلق، فانه سوف يصطدم بمؤسسة اعلامية لديها من الاسباب والحالات ما يُعيق حياديته ويضرب مثاليته. وما بين الصحفي وقدرته على الحياد ومؤسسته المحكومة بمصالح واسباب تُصعّب حياديتها. ارى ان لا مادة صحفية مكتوبة بحياد وموضوعية ونظيفة تماما من الخروقات او العيوب التي تواجهها. وقد بدا جليا لنا ذلك اثناء الحرب الأخيرة بين روسيا وأوكرانيا , فقد اصطف الاعلام الغربي كله وراء رواية حكوماته السياسية وصار يرددها ويعززها دون أي معيار مهني . لا بل وصل الحال ان سمعنا ورأينا اعلاميين يتركون مشاعرهم واتماءاتهم الدينية والعرقية تقودهم في تغطية الاحداث الحربية والإنسانية في ذلك المكان , ما كشف لنا حقيقة مفادها ان حرية الاعلام الغربي وحياديته ومصداقيته ومهنيته هي أشياء شكلية ( فزاعة ) هدفها تضليل الناس , الا ما ندر اذ لم يخلو هذا الاعلام من شخوص قليلين جدا وبعض المؤسسات الأقل من الشخوص , ظلت ملتزمة بمهنيتها وحيادها وحافظت على مصداقيتها .
#محيي_المسعودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟