أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الميزان الثابت التقني المستلزم لفهم النص القرآني ح1















المزيد.....

الميزان الثابت التقني المستلزم لفهم النص القرآني ح1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7611 - 2023 / 5 / 14 - 04:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هل ينجح العقل الإسلامي الديني في تجاوز إشكالية التحرر من الكهنوتية الكلاسيكية وسطوة المعبد لينطلق في فضاء التجديد والتحرر بقواعد عقلية ومنطقية رافقت القرآن في نزوله وسماها الكتب بالميزان؟، فالميزان هو الأداة المعيارية الضرورية للقياس العقلي والمنطقي والنظر فيما نؤمن به أو نعتقد به أو نجعله من مصفوفات الفكر الإسلامي، والميزان من طبيعته التقنية أن يحوي كفتين متأرجحتين، أولا للدلالة على أن أحدهما لا بد أن يساوي الأخر في الأستواء وقطع التأرجح كنتيجة للقياس والمعايرة والموازنة، لأن الله يقول في الكتاب أن كل شيء موزون وأن كل شيء بحساب وقدر معلوم، والثانية ولأن فيه كفة معروفة ومحددة وثابتة ومتفق عليها وعلى قياسها فتصبح هي الدالة والثانية المستدل بها ، والكفة الأخرى هي المطلوبة لنا "موضوع" والمطلوب قياسه والأستعلام لمدى مطابقته للوزن والتحديد، هذه العملية في جانب كبير من الفكر الإسلامي وتحديدا في مذهب كبير ورئيسي منه يتجنب الأستنباط بواسطة القياس الموزون بدواعي متهافتة لا تمت للمنطق العقلي بصلة، فالميزان المترافق للقرآن ونصوصه يعتمد نظره كلية عامة شاملة تصلح لقياس أي فكرة أو موضوع بتجرد عن ظرفها أو مع ظرفها بشرط أن يعتمد كقانون خالي من الأعتباطية والقياسات الأنتقائية والشاذة.
بعض الفقه الإسلامي أعتمد القياس المنطقي الأرسطي كطريق للاجتهاد في واحدة من وسائل أستنباط الحكم الشرعي من خلال الأدلة التفصيليـة، سواء أكانت النصوص المستنبط منها هي من النصوص المحكمة أو من النصوص المنقولة كحديث، هذا الطريق متأخر عندهم في الترتيب ولم يعتبر كطريق أساسي كما هو مطلوب من خلال النصوص التي أشارت إلى ترابط النص القرآني واقترانه بالميزان (اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ ۗ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) ﴿١٧ الشورى﴾)، فكلاهما الكتاب والحق مقرونة كمفاهيم بالميزان كدليل على الأستواء والأستقامة والعدل، إذا الحق من وجهة أخرى هدف الميزان الذي تكرر هذا التحديد في أكثر من نص (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ۚ)، إن التأكيد على ربط الكتاب بالميزان والحق إنما هو تحديد من جهة الديان أن النص محكوم بهما لا يقبل أن يخرج في الأستدلال على قصدية ومراد النص خارجهما ولا يمكن أستخدام أي وسيلة قبلها لإدرام المعنى والغائية من النص وحكمه التام.
الإشكالية التعظيمية التي تخرج الأشياء والمواضيع من دائرتها الأصلية من خلال ما يعرف بالأجتهاد والتأويل الباطني الأعتباطي، قد أبعد مفهوم الميزان والحق عن مكانهما ووظيفتهما عند البعض حين أشار للميزان على أنه ليس الأداة الأصولية التي تعني في ظاهر النص أنها المستلزم المنطقي والعقلي له، وأشار فيها بغلو متعمد وأحيانا بسذاجة كهنوتية إلى جهة بشرية محددة وأعتبرها هي الميزان، فهذه الفئة البشرية ستكون الحاكمة على النص وعلى الحكم سواء أتفقنا معها أو أختلفنا، فهي بهذا التخريج ستكون لها العلية والحكم في بيان الحكم الشرعي أكثر من الكتاب، دون النظر إلى أن الكتاب باقي ودائم والميزان معه أما الجهة البشرية فهي محكومة بالفناء والأنتهاء ولا يمكن ربط النص بحالة متغيرة مقابل ثابت مطلق.
ولمعرفة الميزان بناء على ما قدمنا وأنه ليس الجهة البشرية التي خصها البعض بالتخصيص، لا بد من الرجوع للقرآن الكريم لمعرفة ماهية الميزان والدلالات التي يمنحها وجوده في مرافقة النص كدليل للفهم والأستدلال ومن ثم الأستنباط والتقرير الحكمي، فقد وردت كلمة الميزان في القرأن الكريم مرارا وبصيغ متعددة تشير إلى أمرية المفهوم ووجوب أعتباره أساس وقاعدة لصحية العمل ومقدار توافقه مع إرادة وهدف وغاية النص، فمثلا لو قرأنا النصوص التالية سنعرف أهمية الميزان والوزن في إدراك ليس مفاهيم النص بل كل العملية الوجودية منذ بدء حركتها وإلى ما يشاء الله:.
• وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ ﴿٧ الرحمن﴾. فالميزان هنا وجودي متعلق بالكيفية والتكوين ووضع المعدلات الكونية التي تحكم الوجود ومنها السماء بالمفهوم الخاص والمفهوم العام.
• وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ ﴿١٩ الحجر﴾. هذه حكمها حكم ما قبلها وبنفس الدلالات والغايات والموضوع.
• أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ ﴿٨ الرحمن﴾. والطغيان هنا أن يترك الميزان عمدا دون مبرر أو حتى دون سبب مما يعني لجوء الإنسان لوسائل أخرى بدل الميزان.
• وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ ﴿٩ الرحمن﴾, هذا أمر وجوبي بدي أن يكون الميزان هو الأداة التي تحكم القسط العدل الوجوبي في كل مناحي القياس وهذا الحكم مطلق غير مقيد.
• وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴿٣٥ الإسراء﴾. في مباحث سابقة قلنا أن غاية الدين انحصر في خير الإنسان وإصلاح وجوده بالتي هي أحسن، هنا يشير النص لهذه الجهة "الخير" كون التمسك بالميزان هو الأحسن في تأويل الفكرة والموضوع والغاية.
• وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ ﴿٤٧ الأنبياء﴾. النص هنا يشرح الغاية من الموازين ومنها نعرف أن لكل موضوع ميزان كيفي متناسب معه ولا يوجد مفهوم أو ماهية واحدة للميزان عدى الماهية المعنوية والتقييمية المتعلقة بالوظيفة، وبالتالي فالميزان وإن كان واحدا بالمعنى الكلي لكنه أيضا يتبع موضوع في حدود ما يوزن ولا يمكن حصره إذا بجهة واحدة بناء على تأويل شخصي أو غاية ما.
• اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ ۗ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ ﴿١٧ الشورى﴾. هذا النص أصلا يتعلق بأصل البحث وكيفية أرتباط الميزان بالنص.
• لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴿٢٥ الحديد﴾, وهذا تكرار وتأكيد للمعنى السابق وأن مع كل كتاب ينزل الميزان ذاته مع تعدد الرسل واعدد الكتب يبقى الميزان واحد، وهذا مدرك من خلال الصياغة اللغوية للنص رسلنا والكتلي أي كتاب الرسول المتعدد.
من أستعراضنا لبعض آيات الوزن والميزان يتضح وبشكل جلي أن الميزان هو الأداة الأولى والأخيرة التي على العقل البشري أستخدامها لإدراك كل معادلات الوجود أولا، ولذات الطريقة عليه أن يجعله الأداة الرئيسية والأساسية في البحث عن كليات المعاني والمقاصد من النص، منها الحكمية بشقيها المولوي والإرشادي أو تلك التي تتعلق في أستعراض شؤون حياة البشر لكنها لا ترتب أحكاما أو تضع حدودا ما، الميزان هنا إذن ليس خيارا ثانويا ولا يمكن حصره بالقياس الأرسطي بل هو مجموع مفاهيم الكتاب عندما يستعرض مفهوما أو موضوعا محددا من خلال حصر المعنى المحدد بالمبنى المحدد دون إخراج هذا عن هذا، أو محاولة تقريب تأويلي أو تفسير في حدود الهوى البشري الذي لا يوافق الميزان ولا يقاس به.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحزان الفرح
- مرة أخرى في نقد الفكر الديني الموضوع والمزيف 2
- مرة أخرى في نقد الفكر الديني الموضوع والمزيف
- إنهم يكذبون بدعوى أحترام التأريخ.
- الدجل الديني والتدليس العقائدي وسائل في صراع السياسة والسلطة
- عالم الكهنة والأكاذيب المقدسة
- عطش نهر
- ولاية الفقهية السنية والشيعية ومصدرها الأعتقادي
- صناعة الوهم وزيف التصور
- حديث العجب
- أغنية سومرية لامرأة بغدادية
- حكاية الكهنة
- تقاسيم عشق
- سلاما على الأنبياء والشعراء حين يعلنوا الحب شرعة السماء
- القاعدة والأستثناء في نصوص القرآن بين المطلق والمقيد. 1
- لست داعية ولا رجل دين بل محب لله 10 والأخيرة
- لست داعية ولا رجل دين بل محب لله 9
- لست داعية ولا رجل دين بل محب لله 8
- أنقذيني من وهج الحريق
- لست داعية ولا رجل دين بل محب لله 7


المزيد.....




- تثبيت تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي 2025 لمت ...
- دول عربية وإسلامية تحتفل بأول أيام عيد الفطر
- دول عربية وإسلامية تحتفل الاثنين بأول أيام عيد الفطر (صور+في ...
- عشرات الآلاف يتوافدون إلى المسجد الأقصى لأداء صلاة العيد وسط ...
- إقامة صلاة عيد الفطر المبارك بإمامة قائد الثورة الإسلامية
- في العيد.. تنزيل تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصنا ...
- رسائل تهنئة عيد الفطر مكتوبة بالاسم للأصدقاء والأقارب 2025 . ...
- الإمارات تحكم بالإعدام على 3 أوزبكيين قتلوا حاخاما يهوديا
- بزشكيان يهنئ الدول الإسلامية بحلول عيد الفطر
- بن سلمان يبحث مع سلام مستجدات الأوضاع في لبنان ويؤديان صلاة ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الميزان الثابت التقني المستلزم لفهم النص القرآني ح1