أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد العرجوني - نحو إزالة مصطلحي -الوطن- و -المواطن-؟














المزيد.....

نحو إزالة مصطلحي -الوطن- و -المواطن-؟


محمد العرجوني
كاتب

(Mohammed El Arjouni)


الحوار المتمدن-العدد: 7608 - 2023 / 5 / 11 - 18:23
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قديما، سواء خلال حضارة ما بين النهرين أو عند الإغريق أو الرومان كان الحديث عن État-cité. وفي بحثنا عن مفهوم هذا المصطلح المزدوج، نفهم أن الأمر يتعلق بمجموعة من الأحرار (مع إمكانية امتلاكهم للعبيد) كانوا يستقرون بمكان ما، فيؤسسون هكذا مجتمعا سياسيا مستقلا عن مجموعات أخرى اختارت أمكنة أخرى لها، كما هو الشأن مثلا بالنسبة لأثينا وسبارطة، على سبيل الذكر. لهم حكومتهم وقوانينهم ودينهم وعاداتهم، وبطبيعة الحال يتمتعون بحقوقهم داخل المجموعة وعليهم واجبات عليهم القيام بها اتجاه مجموعتهم. وهكذا أصبحت كلمة cité مرتبطة بكل ما هو تنظيم خاص  بالأحرار. وبالمناسبة لابد من الإشارة إلى أن الإغريق والرومان كانوا يطلقون كلمة "برابرة" على كل من هو خارج cité. أي من لا ينتمي لتجمعهم المنظم.
وحينما نريد ترجمة كلمة cité إلى العربية، نجد صعوبة. فهناك من يترجمها ب: المدينة والتي تعني ville. لكن حينما نبحث نجد أن هناك فرق بين : cité و ville. فنجد بأن ترجمتنا قد تزيغ عن المعنى الحقيقي ل: cité. لأنها قد تفقد الكلمة حمولتها الثقافية. فما هو الفرق بين المدينة =Ville و cité ؟ المدينة تعني المكان فقط ببناياته، أما عند استعمالنا كلمة cité، فنعني خاصة، زيادة على المكان، تلك الحمولة الثقافية الاجتماعية، أي هناك أناس انتظموا  اجتماعيا تحت سقف من قانون ودين وعادات يضمن لهم حقوقهم ويفرض عليهم واجبات. فكيف إذن نترجم كلمة cité كي تحمل في جوفها فكرة التنظيم الاجتماعي والسياسي الخ... كما سبق الذكر، لأنها كانت تعتبر دولة ؟ فقد نترجمتها ب: تجمع حضري. لأن فكرة تواجد أناس مُعبر عنها ب: تجمع، كما تعبر كلمة "حضري" على فكرة التنظيم، لأن الحضر تقوم على الهندسة المعمارية وعلى ساكنيها المستقرين سواء بالمدينة أو القرية، مقابل البدو الذين يعيشون على الترحال الدائم ولا يستقرون. وكلمة الحضر تحيلنا أيضا على الحضارة حيث تكون المدينة مرتبطة بكل ما يضفي عليها قيمة التنظيم الاجتماعي والسياسي والقانوني والديني والهندسة المعمارية الخ... لكن في ثقافتنا تتكون هذه الجماعة المستقرة من مجموعة قبائل، تجتمع على شكل فيدرالية. وهو ما تلاحظه بعض الدراسات في المغرب فإن كل قبيلة كانت في ما مضى تخضع لقانون يحرص على تطبيقه شيخها كرئيس للجماعة، ثم الفدرالية تحرص على تطبيق القانون الذي يسري على الجميع من خلال مجلس فيدرالي مكون من شيوخ القبائل. وقد يتشكل هذا التجمع الحضري بالمغرب مثلا بمجموعة "قصور"، أي أحياء ولكل قبيلة قصرها. وقد أثبتت بعض البحوث أن هذه المجموعات التي تسكن القصور التي تشكل المدينة، كان لها دستور يدبر حياتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. وكان الشخص الساكن بالقصور، أي بالمدينة، ينعت ب: القصوري مقابل البدوي الذي يعيش بالترحال ولا يدخل المدينة /القصور إلا للتبضع. فكان ينعت ب: "العُروبي"، أي البدوي. فمصطلح "قصوري" قد يوازي مصطلح "citoyen"، لأنه هو أيضا يعيش في إطار قانون وعادات ودين الخ.. وحينما نقول قانون فنعني به ما هو مكتوب وموافق عليه من قبل مجلس القبيلة ثم مجلس الفدرالية. وقد نستخلص أن هذه القصور هي التي مهدت لمفهوم الدولة كما نعرفه حاليا بالمغرب.
هذا فيما يخص مفهومي citoyen و cité. فماذا عن مفهومي nation و patrie ؟
في بحثنا عن معنى مصطلح nation، يتضح أنها تعادل ما نعرفه في ثقافتنا، أي القبيلة، لأنها تطلق على مجموعة بشرية لها نفس الروابط الدينية والعرقية. وفي علاقتها بالدولة، فإن المصطلح يعني فكرة التجمع البشري بتلقائية، أما حينما نضفي عليه مفهوم الدولة فهذا يعني أن هذه المجموعة البشرية تعيش تحت نظام سياسي تنظمه القوانين. وقد تشكل مجموعة بشرية أو قبيلة وحدها دولة، وقد تتكون أيضا الدولة من عدة قبائل أو nations. وترجم هذا المصطلح بالأمة لأن هناك دائما ما يجمع أفرادها، كما هو الحديث عن الأمة العربية، حيث العامل الموحد هو اللغة أو الأمة الإسلامية حيث العامل الموحد هو الدين الخ... فنجد أيضا أن هذا المصطلح يأخذ مفهوم patrie، والذي كان في بدايته يعني أرض الأجداد والأسلاف بالنسبة لمجموعة بشرية. ثم أصبح له معنى بلد حيث تعيش مجموعة أو مجموعات تجمعها روابط لغوية ودينية وسياسية، له حدود مع الأراضي أو الأوطان التي تجاوره. وهو ما يقابله عندنا مصطلحا الموطن أو الوطن.
بعد هذه الإطلالة السريعة على مفاهيم المصطلحات المذكورة في لغتها الأصلية الفرنسية ومقارنتها مع ما هو متداول باللغة العربية، سواء كمصطلح عربي أصيل أو كمصطلح دارجي أو كمصطلح مترجم، يبدو أن الفهم الصحيح في استعمال مصطلح ما، متروك للسياق الخطابي. وهذا ليس حكرا على اللغة العربية فقط بل كما لاحظناه، يهم أيضا اللغة الفرنسية. وبطبيعة الحال هذا ناتج عن تلك الشحنة أو الشحنات الثقافية المختلفة التي تخترق المصطلحات من لغة إلى أخرى وهو ما قد يؤدي إلى مثاقفة إيجابية مادامت الترجمة، كما اعتبرها، ديبلوماسية الحضارات.
لكن، الآن ونحن نعيش فكرة "العالم عبارة عن قرية" نتيجة لهذا التقارب بين سكان الأرض بفضل تطور عميق في وسائل التواصل، سواء كانت وسائل الأسفار أو وسائل التواصل الاجتماعي من هواتف ومنصات تسمح باللقاءات الواقعية أو الافتراضية، في ظل كل هذا قد نستحضر ما قاله الفيلسوف روسو في كتابه Émile ou De l éducation:" يجب إزالة هاتين الكلمتين "الوطن" و "المواطن" من اللغات الحديثة." مادام  كوكب الأرض هو موطننا جميعا ولنا حقوق وعلينا واجبات.



#محمد_العرجوني (هاشتاغ)       Mohammed_El_Arjouni#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علاقة الطبيعة بمفهومي التنوير والظلامية
- -إيقاف- الديالكتيك عند انتصارات مزعومة
- بين الرأسمالية والاشتراكية


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد العرجوني - نحو إزالة مصطلحي -الوطن- و -المواطن-؟