أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - إنهم يكذبون بدعوى أحترام التأريخ.















المزيد.....

إنهم يكذبون بدعوى أحترام التأريخ.


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7607 - 2023 / 5 / 10 - 02:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


التاريخ الدين والذات المجتمعية قومية أو ثقافية هي أبرز ما جلب للإنسان في كل مكان إشكاليات تنازع وصراع مرير من أجلها، فعنوان التأريخ العريض بكل ما يحمله من إرث وتراكم غير نقي ولا صادق وجملة من الفخاخ والألغام ساهم بدور في تأزيم حال الإنسان، وساهم بشكل جلي في تأجيج الكثير من المشاعر المتسمة ببواعث الكراهية ورفض الأخر ومحاولة تطبيق نوعا من العنصرية أو تزييف الواقع لمصلحة مالك القوى والمتحكم بها، الدين أيضا ضاع في متاهات التاريخ ما ضاع في متهات الأنا الفردية والجمعية وشكل محورا من محاور أزمة الإنسان الوجودية التي لم يجد ولن يجد لها حلا دون أن يعيد الدين امكانه الطبيعي كعلاقة فردية معرفية حرة، أما الذات المجتمعية أو الهوية التي يحملها كل مجتمع ويتمحور داخلها مدافعا عنها من الداخل المحصور بين الرغبة في الأستعلاء والحاجة للأخر، فأنها مما تزيد من أزمة التاريخ والدين وتضيع عليها أثقالا معرقلة وناكصة أيضا، بهذه الإشكاليات الثلاث ما زال الإنسان ينتقل من حال إلى حال وبالمجل كل المحاولات تصب في الأخر بمصاعب وتضييق من حرية الإنسان الطبيعية والوجودية.
هذه المقدمة أردت منها الدخول إلى ما يشكل أزمة إشكالية حقيقية وعميقة مما يخشى منه أو من إثارتها لتعارضها مع الكثير المترسب في العقلية العربية الإسلامية تحديدا، فالعقلية الإسلامية العامة من غير العربية تتأثر بشكل مباشر بأزمة العقلية العربية الإسلامية التي تم التلاعب بها وتغريرها وجرها إلى ما لا يحمد نتائجه ولا يمكن أن تصحو من أثاره ولو بعد حين، مشكلة المسلمين عموما اليوم وفي الأمس والمتوقع في الغد هي في إشكالية العقل العربي المأزوم أصلا، الذي لا يتوانى في التأثر السريع بعوامل ومتغيرات الدين والتاريخ والهوية، فيخوض فيهن صراعا طويلا ومرا دون أن يحاول تفكيك هذه العوامل وفهم الحركة الجوهرية التي تحاول جره إلى مواطن الضعف والهوان، وللتدليل على ما أقول أستعرض هنا إشكالية سبق وأن أشرت لها سريعا ودون تركيز بحثي، وهي قضية ما يعرف بالخلافة الإسلامية بعد عصر الراشدين، وحقيقة هذه الخلافة وقربها وبعدها عن المسمى والواقع، فجوهر الخلافة يرتكز على قواعد الأستخلاف الشرعية المستندة إلى قواعد أساسية في الدين الإسلامي، والذي يدعي هؤلاء الخلفاء أنهم متمسكون بها، فالخلافة تكون أما بالنص عليها أو على الخليفة، أو بأختيار نموذج أو ألية مقررة سلفا وفق خيار الأفضل والأقرب والأكثر تمثيلا للمستخلف منه.
عند أنتهاء ولاية أخر الخلفاء الراشدين عام 60 للهجرة أنتهى عصر الشورى والذي يعد خيارا أساسيا في إدارة شؤون المجتمع المسلم كدولة ونظام وصورة من صور الحكم الديني المتوافق مع الخط العام لإرادة الدين، شكل أنتقال هذه السلطة من شكلها الديني المعتمد على قرب المواصفات العامة والخاصة للمستخلف من المستخلف منه إلى الملكية القائمة على غلبة السيف والقوة، قد أخرج مفهوم الخلافة من دائرة الإلزام إلى دائرة الإهمال والترك، وقد تبدلت النظرية السياسية الحاكمة وتغيرت وتحولت معها إلى شكل أخر لم يكن في أساسيات الدين ولا متفقا مع منهج أمرهم شورى، بل تم فرض الواقع السياسي نتيجة تفاعلات خارجية وصراع دموي وسياسي أنتهى تماما بقطع الصلة بينه وبين الدين، فتولى الحكم ملك سياسي وليس شخصا من داخل الدائرة الدينية المؤهلة للشورى، وهذا ثابت بالمخاطبات والسجالات التي كانت تدور بينه وبين أخر الخلفاء الراشدين، والمنشورة عنهما في كتاب نهج البلاغة، فلا معاوية من أهل الحل والعقد، ولا ممن كان له السبق في الإسلام، وليس مطيعا لأمام زمانه الخليفة والذي دخل معه في صراع وتمرد على أسس الدولة ونظامها، فمعاوية بالنهاية خارج عن القانون وأشتراطات الولاية الرسمية، وخارج عن الطاعة التي هي ركن من أركان الإيمان الشرط الأساسي بالخلافة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) النساء 59).
إذا من الجرائم التي أرتكبت تاريخيا وعلى أساس ديني وأعتمادا على الهوية أن يوصف النظام الملكي العربي في الشام على أنه خلافة على منهج النبوة، وفي الحقيقة هو ملكية أرستقراطية عنصرية تقليدية لا تختلف عن أي نظام حكم ملكي أخر وإن تذرع الملك بكونه أمير المؤمنين أو سمى نفسه أو سمي الخليفة، هذا لا يغير من حقيقة كون الدولة الأموية وما تلاها من دول وممالك لا علاقة لها بالدين ولا بالخلافة ولا حتى بالالتزام بالقواعد العامة السلوكية التي تخص الراعي والرعية في الإسلام، هذه الجريمة التاريخية لم يجرؤ أحد إلى اليوم أن يقول عن ما يسمى بالخلافة الأموية بمملكة أل سفيان ولا مملكة العباسيين أو بني العباس، وهكذا الوضع من بعدهم من ممالك كلها تدعي الخلافة، وأخرها الخلافة العثمانية التي خرجت من أبسط شروط الخلافة التي وضعها فقهاء السلطة أنفسهم في أن يكون الخليفة قرشيا، إذن هذه الجريمة لم تتعدى التاريخ وحده ولم تعتدي على الدين والمجتمع ولم تمس الهوية لكنها أصابت الإنسان المسلم بمقتل.
لذا لا عجب أن نرى اليوم هذا الكم الكبير من الكراهية للتاريخ وللدين وللهوية ولو أننا لا نفصد الكراهية التي تعني رفض الأخر ولا الكراهية المبنية على حب التمايز، بل للكراهية التي تمثل ردة فعل على جرائم ترتكب بأسماء وصفات وأحداث ووقائع لا تمت للإنسانية والمثل العليا بصلة، كراهية الموقف المبني على الضرر والنتائج السلبية التي تسوق مرة باسم الله والدين، ومره باسم المهنية التاريخية وضرورة التفاخر به لأنه نتاج فعل الأمة، والأمة مجرد تسمية تسحق تحت أقدام الملوك الطغاة مصاصي الدماء المجرمين السفاحين، ومرة باسم الهوية الضائعة والتائهة بين الأنتساب للعنصر والدم أو الأنتماء لقيم معرفية مثالية دين ومذاهب، لقد أجرم الطغاة وحلفائهم كهنة المعبد وتجار الدين مروجي النعرات الطائفية والعنصرية أن أفضل وسيلة لأستعباد أي مجتمع تتركز على ضرب أعمدة وجوده، والروافع التي تجعل من الفرد والمجتمع قيمة، لقد سلبوا منا كل القيم والبطولات والتضحيات لتسجل في سجل أبطال زائفين قضوا كل حياتهم بين مخادع النساء والجواري والخصيان والغلمان فاعلين ومفعولين بهم، وهم على منابرها أمراء المؤمنين وخلائف رسول الله، فلم يبقوا من أحترام لله ولا أحترام للدين وللرسول ولا للتاريخ ولا للهوية الكبرى.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدجل الديني والتدليس العقائدي وسائل في صراع السياسة والسلطة
- عالم الكهنة والأكاذيب المقدسة
- عطش نهر
- ولاية الفقهية السنية والشيعية ومصدرها الأعتقادي
- صناعة الوهم وزيف التصور
- حديث العجب
- أغنية سومرية لامرأة بغدادية
- حكاية الكهنة
- تقاسيم عشق
- سلاما على الأنبياء والشعراء حين يعلنوا الحب شرعة السماء
- القاعدة والأستثناء في نصوص القرآن بين المطلق والمقيد. 1
- لست داعية ولا رجل دين بل محب لله 10 والأخيرة
- لست داعية ولا رجل دين بل محب لله 9
- لست داعية ولا رجل دين بل محب لله 8
- أنقذيني من وهج الحريق
- لست داعية ولا رجل دين بل محب لله 7
- الليل الهارب
- لست داعية ولا رجل دين بل محب لله 6
- لست داعية ولا رجل دين بل محب لله 5
- لست داعية ولا رجل دين بل محب لله 4


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
- ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - إنهم يكذبون بدعوى أحترام التأريخ.