رحيم فرحان صدام
الحوار المتمدن-العدد: 7605 - 2023 / 5 / 8 - 14:55
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ان شيخ المستشرقين الالمان لم يأتي بجديد، سواء في تفسيره لظاهرة الوحي بشكل عام ، وظاهرة الوحي النازل على النبي بشكل خاص ، أو بيان ترتيب نزول الوحي ، فقد كان فيما يتعلق بالمسألة الاولى سائرا في نهج المشركين والملحدين في عصر النبي الاكرم في أتهامه بقول الشعر ، وأخذه القرآن من غيره من الثقافات من غيره من الثقافات المعاصرة له من اليهودية والمسيحية والجاهلية ، ولا يخفى ابضا سير نولدكه على المادي الذي ساد الاوساط الغربية في حركتها المناوئة للميتافيزيقيا بعد عصر النهضة ، وحتى في هذه الحالة لم يرق الى وضع النبي في مكانته المناسبة ، وقصر في تقييم الانجازات التي حققها على المستوى المادي ؛ ولذلك لا يمكن أن نصف نولدكه في عداد المستشرقين المنصفين .
إعادة إنتاج الاستشراق
إنّ أقصى ما توصّلت إليه المقاربة التّاريخيّة الموضوعيّة في تفسير ظاهرة النبوّة، هو ما صاغه المستشرق الألماني تويودور نولدكه ( 1836 / 1930 م ) في مؤلّفه الضّخم " تاريخ القرآن " الذي أصدره سنة 1860 و ترجم إلى العربيّة في طبعته الأولى سنة 2004 م، و قد تبيّن بعد هذه التّرجمة أنّ الجميع عالة عليه في ذلك. و ملخّص هذه المقاربة أنّ " جوهر النّبيّ يقوم على تشبّع روحه من فكرة دينيّة ما تسيطر عليه أخيرا فيتراءى له أنّه مدفوع بقوّة إلهية ليبلّغ من حوله من النّاس تلك الفكرة على أنّها حقيقة آتية من الله …" (ص 5).
وقد كانت تعتريه في وحدته وغربته أثناء التحنّث في الجبال والكهوف حالات من الغيبوبة والاضطراب النّفسي المرضي تنزاح به إلى عالم الأحلام والرّؤى ولكن "أعوزته القدرة على التّجريد المنطقي إعوازا شبه تامّ . لهذا السّبب اعتبر ما حرّك نفسه أمرا موحى به منزلا من السّماء ولم يختبر اعتقاده إطلاقا بل اتّبع الغريزة… اعتبر هذه الغريزة صوت الله الذي أتاه وهذا ما ينتج الفهم الحرفي الظّاهر للوحي الذي يقوم عليه الإسلام …" (ص 6).
واعتبر نولدكه "أنّ الإسلام في جوهره دين يقتفي آثار المسيحيّة أو بعبارة أخرى أن الإسلام هو الصّيغة التي دخلت بها المسيحيّة إلى بلاد العرب كلّها" (ص 8)،
كما اعتبر أنّ أفضل ما في الإسلام نشأ على منوال التّعاليم اليهوديّة والمسيحيّة فـ"إنّ محمّدا حمل طويلا في وحدته ما تسلّمه من الغرباء وجعله يتفاعل وتفكيرَه ثمّ أعاد صياغته بحسب فكره حتّى أجبره أخيرا الصّوت الدّاخلي الحازم على أن يبرز لبني قومه…" (ص 4).
#رحيم_فرحان_صدام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟