|
اشكال التنظيم المجتمعي والتحول الالي؟(1/2)
عبدالامير الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 7602 - 2023 / 5 / 5 - 14:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يوم وقع التحول الالي، اهملت دون ان تعالج او يجري التوقف عندها للتحري في مستقبلها، العديد من الجوانب الحيويه والاساسية، ومنها وبمقدمها مسالة التنظيم المجتمعي الذي كان وظل معتمدا ابان الطور اليدوي، واستقر على صيغ الكيانات المحلية والامبراطوريات، وانساق تشكلها وتراتبياتها وديناميات عملها، الامر الذي صار ابان الانقلاب الالي البرجوازي بمثابة ايقونه تحولية نموذجية كانها نهائية، مع ماقد بلغته الدولة الوطنية / القومية ( الامة / الدولة ) الاوربية، وقوامها، سواء الدينامي او مايعود الى المجال الخارج عن نطاق السلطة المباشرة، من ديمقراطية وليبراليه، واجمالي الفضاء المجتمعي المتحرر من نطاق وبوتقة الامرية السلطوية المباشرة. ونعلم بالطبع ان المتغير المشمار اليه اعلاه، قد توافق مع حالة تعاظم غير مسبوق في الديناميات المجتمعية، بالذات في البلدان التي حدث بين ظهرانيها الانقلاب الالي بصيغته الاولى المصنعية، والتي افضت على سبيل المثال لان تنتقل جزيرة معزوله مثل بريطانيا الى " امبراطورية لاتغيب عن ممالكها الشمس"، الامر المرهون بالمتغير الاستثنائي الالي، فالامبراطوريات التي من هذا النوع، والتي كان خليفتها يمكنه ان يخاطب الغيرم قائلا " امطري حيثما شئت فانت في ارضي"، قليلة على مستوى المعمورة، وهي التي كانت تمتاز بعلووتيرة الديناميات الاستثنائي ابان الطور الادنى اليدوي، وبمقدمها واولها ارض الرافدين التي اوجدت ليس الكتابه، والدولاب، والعربه، والشرائع( القانون)، فحسب وسط حشد من المنجزات التاسيسية الكبرى، بل ابتدعت "الامبراطورية" كمفهوم وواقع، لم يكن له سابقة قبل سرجون الاكدي 2334/2279 ق ـ م الذي خرج من بقعة غاية في الصغر في نهايات ارض سومر جنوبا، ليحتل عيلام، وارض الشام، والاناضول، ويعبر البحر المتوسط الى جزيرة كريت، مصرحا " انا حاكم زوايا الدنيا الاربع" اي انا حاكم العالم. وهنا في هذا الفصل حدث ايضا ان تم التوقف نكوصا، دون ظاهرة الابتكارية الامبراطوريه وتحولها الى كينونة متكرره، ابرزها بعد سرجون الاكدي، بابل عاصمة العالم القديم، وبغداد عاصمة العالم الوسيط على مدى مدى خمسة قرون، وعلاقة هذا المظهر بالديناميات المجتمعية ونوعها، ومحركاتها الازدواجية الارضية/ اللاارضوية، واصطراعهما الكياني الازدواجي المحكوم لقانون الدورات والانقطاعات، وبهذا غاب عن الاحاطة اهم مظهر اجتماعي من اجمالي معطيات الظاهرة المجتمعية، ماقد ابقى العقل البشري كما مقدر له ومكتوب عليه، بحال مفارقة مستمرة، هو فيها اقل وادنى قدرة من ان يقارب الحقيقة المجتمعية، الامر الذي استمر الى الوقت الراهن، حتى مع ادعاء الغرب ازاحتة النقاب عن الظاهرة المجتمعية. وبينما ظلت النقصية القصورية الاساسية المومى اليها سارية طيلة الطور اليدوي من تاريخ الانتاجية المجتمعية، فلقد استمرت اليوم متخذه اشكال تمظهراخرى، فلم تلحظ علاقة البيئة ووحدة الكائن البشري معها، واختلافاتها النمطية، وتعددها، ومن ثم المترتبات التنظيمية المتعلقة بها، في حين تعدى الامر اليوم هذا الحيز، ليضاف اليه التعرف على التحول الجديد ومترتباته على المجتمعات، فلم نقع على معنى ودلالة ما مقوقع من اثرعلى المجتمعات مع بروز عامل ثالث من غير نوعها، قابل للاستخدام الواعي من قبل بعض مكوناتها، او منها مجتمعة، مع اختلاف نسبة ودرجه القدرة المتاحة على الاستخدام لاجل تحوير البنية المجتمعية من خارجها، بمعنى اسقاط وحدة، البيئة / الكائن البشري السارية منذ بدء تبلور المجتمعات حتى حينه. وكل هذا متوقع وبديهي، فالكائن البشري الالي، او الذي تتطابق رؤاه مع التحول الانقلابي الجديد لاتتاتى مع المتغير الحاصل وفي ساعته، فالعقل او اعقال الحالة هو بالطبيعة لاحق عليها، وثمرة التفاعل معها قبل ادراكها، بينما يظل الكائن البشري وقتها، وكما في حالتنا يدويا اعقالا في حال انتقال اعقالي، قد ياتي مشحونا باسباب التوهمية والفبركة التخيلية، واصطناع المفاهيم واعتمادها في غير موضعها، وهو ماقد ميز ماعرف بالعصر الحديث الاوربي، وماقد تعزز بفعل مارافق هذا الحدث الانقلابي من منجزات شاملة في الميادين المختلفة، هي بالاحرى من نوع او نتيجه الاثر المتولد عن الالة وانعكاسها على اجمالي الديناميات والفعالية المجتمعية المنفصلة عن العملية العقلية التي هي حكما، حصيلة ونتيجه متاخرة اجمالية، تشتمل حتى على المنجز والاكتشاف الآني. هل بالامكان ياترى بناء عليه اسقاط فكرة الاطلاقية التي تطاول حد التقديسية لما شاع ومازال شائعا عن المنجز الاوربي الحديث، مبرئة اياه من اي احتمالية قصور وبدائية ادراكية موضوعيه، قد تخفي ابعادا اخرى هائلة على مستوى المتحقق، حتى بالنسبه للاله بحدذاتها واحتمالية تحولها، الامر الواجب التفكير به لولا سطوة النموذج والمثال المترسخ اليدوي، فالاله تعامل اليوم وكانها الوسيلة الانتاجية اليدوية، من دون تفريق بين ماهو بيولوجي انتاجي وماهو منفصل ك"اخر" خاضع لاحتمالية التغيير بذاته، وضمن اشتراطات تفاعلية بعينها، قد تكون تلك التي تنشا عن الاصطراعية الحالة اليوم بين الالة والبنية المجتمعية اليدوية، مادام العنصر الجديد صار متاحا. هذا ولقد غدونا اليوم امام مثل هذه التحولية بوضوح، فالالة لم تعد تلك "المصنعية" الاولى، وقد حلت محلها التكنولوجيا الانتاجية، ماينبغي ان يوجه نظرنا لاحتمالية قد تكون مفتوحة هي بالاحرى تحولية متقابلة مجتمعية/ الية، بحيث تصبح المنطلقات الحداثوية المعتمدة باعتبارها نموذج "التقدم" وماعداها ومايخالفها "رجعيا" مجرد اعتقاد ابتدائي يطابق لحظته، مكرسا اللحظة مع الوحدانية الاوربية موقعا ونتائج، من دون تصور اوسع على مستوى المعمورة لاحتماليات انبلاج دفعات وحالات انقلاب الية مراحليه اخرى، مثل الانقلاب التكنوتروني في القارة الجديدة ومجتمعيتها المفقسة اليوم خارج الرحم التاريخي، مع بقاء لابل الابقاء على توهمية الانتساب للغرب وتاريخيه، لاسباب وموجبات وجودية اضطرارية، مايعني احتمالية تكرار اشكال من التحولية في المجال الالي المجتمعي، يفترض ان لايغلق الباب دونها تعسفا او اعتباطا. ومن اكثر الدلالات على توهمية الغرب التعسفية الراهنه، الاصرار على استمرارية النموذجية الاوربية الغربية الحداثية بعد انتهاء صلاحيتها منذ القرن المنصرم، ومع الحرب العالمية الثانيه وهيمنه الايديلوجيات بعد انتكاس وتوقف مفعول الفلسفة، وهو مايؤدي اليوم الى اسباغ صفات خارقة التضليلية على حالة مثل امريكا، لاعلاقة لها بالمجتمعية التاريخيه اصلا تكوينا، فلا طبقات هنا، ولا اي شكل محدد بنيوي، وقد قام على سحق وابادة 60 مليون من السكان الاصليين، ونمطهم المجتمعي البيئي التاريخي، استنادا الى المصادرة الالية/ الابراهيمة( سنبني مدينه على جبل) شعار البوريتانيين على سواحل القارة الجديده، وباسم رسالية ابادة لماقبله، تشيطن الارادة الالهية، وتصادرها لتجعل منها غاية امبراطورية هيمنيه لاكينونه ذاتيه من دونها، ومن دون "الرسالية" التوهمية، التي بموجبها تم ذبح الستين مليون هندي احمر وسمع بوش اوامر الخالق له بمحو العراق. ومن اغرب الغرابات ان تاتي لحظة مع القرن المنصرم الامريكي، يصير عندها الغرب الحداثي الطبقوي بحاجة الى من يمنحه التبرير والديمومة النموذجية، وقت يجد الغرب الاوربي وفي واحدة من اكثر حالات التطامن الايهامي، مصادقا ضمنا على منح صفته وتكوينه وتاريخانيته، لموضع حري بالتوقف الاستثنائي،لابل ويسهم في تمرير خديعته الكاذبه، كظاهرة غير مسبوقة، وغير مكشوف عنها النقاب، مايوجب التساؤل اذا كان الغرب الاوربي بالفعل يملك حدا ادنى من اشتراطات الامانه العلمية امام حالة خرق تاريخي استثنائي للظاهرة المجتمعية منذ ابتداء تبلورها، هذا عدا عن السعي لطمس الجوانب الاساس في الظاهرة المذكورة ومايترتب عليها وعلى حضورها. وهكذا يتكرس تراكما حال من الانتقالية التاريخية الكبرى الالية، من دون منظور انقلابي آلي من نوعها، ومع هيمنه الرؤى والادراكية المرتكزة الى الطور الاسبق الانتاجي المجتمعي، تنشا حالة من التناقضية القصوى الانتقالية، المنطوية على مخاطر مبهمه مصدرها التفارق بين المعاش والموعى، اكثرها احتمالية كوارثية، هيمنه نوع من التصورات البدائية الاولية بصفتها منظومه وعي وتفسير جمودي واطلاقي، ظل يغمر العالم ويشوش جملة بنيته الاعقالية ازاء ذاته ووجوده، بالاخص حين يتعلق الامر بالممكنات والنتائئج المترتبه على المسار الواقعي غير الموعى. وبما خص علاقة المجتمعية بالتحول الالي، فان احتمالية ان لم تكن حتمية التشكل الالي وتنقله حالات وانواع، من شانه ان يعمل مجتمعيا، وبالذات وخصوصا على مستوى علاقة الوسيلة الجديدة والمتحورة، بالبنية المجتمعية الانتاجية الجسدوية الحاجاتيه اليدوية، وصيغتها المتبقية الى اليوم، بانتظار القفزة الاخيرة من تحولات الاله الذاهبة الى التكنولوجيا، قبل "التكنولوجيا العليا". الطور النهائي للتشكلية الالية، والمقصد الاساس الذي بدات الاله اصلا، ووجدت لكي تصله وتبلغ مشارفه، وقت تقع حالة التفارق بين المجتمعية بصيغتها التي عرفاها منذ بدء تبلور المجتمعية، ووسيلة الانتاج المستجده الملائمه لصيغة مجتمعية اخرى. ـ يتبع ـ
#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-الربيع العربي-والكتاب الكوني الرابع؟)2/2)
-
-الربيع العربي-والكتاب الكوني الرابع؟(1/2)
-
بابداد
-
ملحق:( نخبة الوطن كونية العراقية)
-
النخبة الوطنية العراقيه متى تظهر؟(2/2)
-
النخبة الوطنية العراقيه متى تظهر؟(1/2)
-
-بغداد- الاخرى ونهاية الموت الجسدي؟
-
-بغداد- لاتحيا ولاتموت ونهاية الموت الجسدي؟
-
بانتظار -وطنية- مابعد النهرين التحوليّة؟؟/5
-
بانتظار -وطنية- مابعد النهرين التحوليّة؟؟ / 4
-
بانتظار-وطنية- مابعد النهرين التحولية؟؟/3
-
بانتظار-وطنية-مابعد النهرين التحوليّة؟؟/2
-
بانتظار-وطنية- مابعد النهرين؟؟/1
-
-بابداد- ونهاية الموت الجسدي؟
-
نهاية او موت الموت الجسدي؟
-
متى نتحرر من سلطة الارض؟/3
-
متى نتحرر من سلطة الارض؟/2
-
متى نتحرر من سلطة الارض؟/1
-
البقائية والتحوليّه: مفهومان للحضارة والوجود/4
-
الزلزال وانتهاء امد الامان الارضي؟*
المزيد.....
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
-
-استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله-
...
-
-التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن
...
-
مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|