حسن مدن
الحوار المتمدن-العدد: 7601 - 2023 / 5 / 4 - 15:01
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لا بأس لو كان عنوان هذا المقال «عودة فؤاد زكريا». لا فرق كبيراً في المعنى. نحن نعود إليه، أو بالأحرى نحن مطالبون بالعودة إلى ما خلفه من تراث تنويري خصب، وهو يعود إلينا دائماً بهذا التراث نفسه، الذي نحن في أمس الحاجة إليه، أمام حقيقة أن المهمة التي كرّس زكريا فكره وعمله في سبيل إنجازها، لم تنجز بعد، على الرغم من أنه ومن هم من طرازه من مجايليه أو من سابقيه وحتى من لاحقيه، وضعوا مداميك لها، لتغدو منارات نهتدي فيها ونحن نواجه ما نواجه من تحديات على غير صعيد على المستوى العربي عامة.
فؤاد زكريا (1927 – 2010) يعود إلينا عبر طبعة جديدة من كتابه المهم «التفكير العلمي» في سلسلة «عالم المعرفة» الشهرية التي يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في دولة الكويت. وصدورها عن هذا المجلس، وضمن هذه السلسلة بالذات، يحمل معنى كبيراً، فهي نفسها قد أصدرت طبعته الأولى في عام 1978، ولعل الكثيرين لا يعلمون أن فؤاد زكريا بالذات كان أحد مؤسسي هذه السلسلة إلى جانب أحمد مشاري العدواني، الذي أشرف عليها، فيما تولى زكريا موقع المستشار فيها ومعهما نخبة من الأكاديميين والمثقفين الكويتيين والعرب، وفاقت أعدادها حتى اليوم خمسمئة كتاب.
وفي التفاتة تكريم من هيئة تحرير السلسلة تجاه أحد أهم مؤسسيها، ارتأت إعادة إصدار هذا الكتاب بالذات من بين كتب زكريا، وجدير بالذكر أنها ليست المرة الأولى التي يجري الوقوف فيها أمام منجز الرجل وتراثه الفلسفي والفكري، فلقد فعلت ذلك مجلة «الهلال» المصرية حين أصدرت عدداً خاصاً منها عنه، بعنوان: «فؤاد زكريا رائد التنوير والعقلانية»، في إبريل/نيسان 2010، وبدورها نظمت مؤسسة سلطان بن علي العويس في الإمارات ندوة عنه أيضأ، في السنة نفسها بعنوان «فؤاد زكريا.. السيرة والمعارك والفكرية»، وجمعت الأوراق في كتاب صدر عنها تحت العنوان نفسه.
كل احتفاء بمفكرين وأدباء من معدن فؤاد زكريا واجب ويثير الغبطة، لأنه يذكّرنا بتراث مهم أريدَ له أن يهمّش وينسى، فغبطة مشابهة شعرنا بها حين نظم المجلس الأعلى للثقافة في مصر بالتعاون مع مؤسسة سلطان العويس ندوة عقدت في القاهرة قبل عام عن الراحل جابر عصفور، وسعدنا أيضاً بمنح جائزة الأمير عبدالله الفيصل للشاعر السعودي البارز محمد العلي، أحد أهم وجوه الحداثة الأدبية والشعرية في السعودية والمنطقة، ففي مثل هذا التكريم تخليد لفكر وأدب يزيدهما الزمن حضوراً، بما يخدم ما نحن في حاجة دائمة إليه من تجديد.
#حسن_مدن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟