أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - طريقة تقديم الألم في قصيدة -من أيتم النور في قلبي- عبد الله عيسى














المزيد.....

طريقة تقديم الألم في قصيدة -من أيتم النور في قلبي- عبد الله عيسى


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 7598 - 2023 / 5 / 1 - 00:21
المحور: الادب والفن
    


طريقة تقديم الألم في قصيدة
"من أيتم النور في قلبي"
عبد الله عيسى
" ما أيْتَمَ النُورَ في قَلْبي!
وأيْتَمَني!
مَا كَانَ لِي
لمْ يَعُدْ لِي.
يا إلَهِي !
كَأنّي صِرْتُ غَيْرِي .
يا إلَهِي !
كَأنّي لَسْتُ غَيْرِي
أقُولُ لِلْغَريبِ:
تَكَلّمْ كَي تَرَانِي
وَإنْ رَأيْتَنِي يا غَرِيْبُ
لا تَقُصَّ عَلَيَّ مَا رَأيْتَ.
أنَا ذَبِيْحَةُ الغَوثِ فِي مَكَائِدِ الآلِهَةْ.
مَا أيْتَمَ الأرْضَ في صَوتِ المُغَنّي الّذِي كُنْتُ!
ومَا أيْتَمَ القَطَا الّتِي عَلَّمَتْنِي الرَقْصَ
بَيْنَ سِهَامِ صَائِديْ الْحَجَلِ البَرِيّ
فَوْقَ تِلالٍ لا تُجَاوِرُنا!.
مَا أيْتَمَ الغَيْمَ ،والبُيُوتَ، والمُنَشِدِيْنَ،
و المَراعِي الّتي تَأَلّمَتْ لِمَهَالِكِيْ!
وأيْتَمَني!
أنَا غَرِيْبُكَ يَا غَرِيْبُ
مُنْذُ أقَمْتَ فَوقَ سَرِيْرِي ،
واتّخَذْت الّذي آتَاهُ لِيْ خَالِقِي وَلِيْمَةً فَارِهَةْ .
"(من ديوان مزامير ملكي صادق)
ليس من السهل أن يتحدث الإنسان عن ألمه/عن وجعه الشخصي، فهذا يستدعي منه استحضار ما يثير مشاعره ويهيجها، من ثم سيصاب بالاضطراب والتوتر، ويصبح منفعلا/غاضبا، ولا يحسن الحديث/التكلم، لكن الشعراء والأدباء يستطيعون تقديم هذا الألم بطريقة (ناعمة/هادئة) وكأنهم يتحدثون عن موضوع (لا يهمهم) أو يمت لهم بصلة، وهنا تكمن أهمية الأدباء فهم يقدمون موضوعا قاسيا بألفاظ وطريقة هادئة، رغم أن ذلك الموضوع يرسخ أكثر في ذهن المتلقي ولا يصيبه التوتر/الاضطراب الذي يلازم طرح الموضوع/الفكرة.
الشاعر "عبد الله عيسى" يقدم واقعه كفلسطيني في التشرد بطريقة استثنائية، فرغم أنه يتحدث عن نفسه إلا أنه يتحدث نيابة عن الشعب الفلسطيني في الوقت ذاته، وهنا، كان من المفترض أن تزداد حالة التوتر/الغضب عنده، لكنه استمر في هدوئه وتألقه.
ولكي نبين تألق الشاعر سنتوقف عند ما جاء في قصيدة من "أيتم النور في قلبي" حيث نجد حضور الأنا بقوة من خلال: "قلبي، أيتمني، لي (مكررة)، إلهي (مكررة)، كأني، غيري (مكررة)، أقول، تراني، رأيتني، علي، أنا (مكررة)، كنت، علمتني، تجاورنا، لمهالكي، وأيتمني، سريري، لي، خالقي" وهذا ما يجعلنا نقول أن القصيدة تبدو وكأنها شخصية، لكنها في حقيقة الأمر تحمل هموم الفلسطيني، وهذا ما تم الإشارة له من خلال: "تجاورنا، ما أيتم البيوت الغيم، والمنشدين، المراعي" من هنا القول أن الشاعر استطاع المزج/الجمع بين همومه الشخصية وهمومه الوطنية/القومية.
هذا على صعيد الأنا ونحن في القصيدة، لكن تستوقفنا الألفاظ المكررة "لي، أيتم/أيتمني (مكررة خمس مرات)، إلهي، غيري، أنا" فنجد "لي، للغريب/غريب/غربتك (مكررة أربع مرات)، تراني/رأيتني" متعلقة بالماضي والحاضر: "ما كان لي ولم يعد لي" وفي الوقت ذاته تخدم/تؤكد فكرة الأنا الموجوعة/المتألمة، وهذا يأخذنا إلى فاتحة القصيدة:
"ما أيتم النور في قلبي وأيتمني" التي فتحت أبواب (التكرار) أمام الشاعر، ف"أيتم" المتعلقة بالشاعر جعلته (أسيرا) للحالة التي يعانيها، بحيث لم يستطع التخلص من ألمه/وجعه، فبدا مسكونا باليتم وما يسببه من غربة، التي نجدها في تكرار "غيري"، فجاءت "غيري" التي يتلاقى فيها حروف الغين والراء والياء مع لفظ "غريب" مما يجعل "اليتم" ناتج عن الغريب: أنا غريبك يا غريب"، وهذا يشير إلى ألم الشاعر وما يعانيه.
لكن ما يحسب للشاعر أنه يقدم علاقة الغريب بغربته بأكثر من طريقة، من خلال الطرح المباشر: "أقول للغريب"، ومن خلال الألفاظ وتكرارها، وإذا ما أخذنا وحدة القصيدة ودائرة (أنا والغربة وما فعله الغريب" التي تدور حولها القصيدة نتأكد أن الشاعر أصبح (أسير) لغربته بحيث لم يستطيع نسيان بهاء الماضي والخصب الذي كان: "الأرض، المغني، القطا، الرقص، الحجل، تلال، الغيم، البيوت، المنشدين، المراعي" وإذا ما توقفنا عند هذه الألفاظ سنجدها متعلقة بالمكان/الأرض وبالإنسان، وهذه إشارة غير مباشرة من الشاعر إلى علاقة الفلسطيني بالمكان/بالأرض، ونلاحظ أن البهاء/الفرح الإنساني كان حاضرا من خلال: "المغني، الرقص، المنشدين" وإذا ما علمنا أن فرح الطبيعة أثر وانعكس على الشاعر:
"القطا التي علمتني الرقص"
يكون الشاعر قد وحد وجمع جمال الطبيعة بجمال الإنسان وما يفعله من رقص وغناء، وهذا تأكيدا للوحدة الجامعة بين الفلسطيني والمكان/الأرض.
نعود إلى الألفاظ المكررة "إلهي" حيث يشكوا الشاعر ألمه/غربته، أليس الله هو من نلتجئ إليه وقت الشدة؟، هذا اللجوء طبيعي/عادي نجده عند كل البشر، وهناك آيات قرآنية تتحدث عن هذا الأمر: "هو الذي يسيركم في البر والبحر، حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجائهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم، دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين" سورة يونس، الآية 22، لكن ما يستوقفنا ليس تكرار "إلهي" بل "الآلهة" التي تجعلنا نسأل: لماذا هذا الخروج عن السياق الوحدانية التي بدأت بها فاتحة القصيدة؟، وهل لهذا التقهقر نحو الوثنية ما يبرره؟.
إذا ما توقفنا عند المقطع المتعلقة بالإلهة نجده ناتج ومتعلقة بأفعال الغريب: أقول للغريب... أنا ذبيحة الغوث في مكائد الآلهة" فالشاعر يخاطب الغريب بلغة وثنية التي يفهما، وهذه إشارة ـ غير مباشرة من الشاعر ـ إلى العقلية/المنطق الرجعي/الوثني/الديني الذي يعتمد عليه الغريب في أذية الفلسطيني، لهذا نجده يعود إلى استخدام الوحدانية في خاتمة القصيدة عندما قال:
"واتخذت الذي آتاه لي خالقي وليمة فارهة"
وهذا يأخذنا إلى المقارنة بين فعل الفلسطيني وعلاقته بالأرض: "صوت المغني، القطا التي علمتني الرقص، المنشدين" وبين فعل الغريب على الأرض "وليمة فارهة" فالفلسطيني مهتم بالفرح الروحي "الرقص والغناء" وهذه إشارة إلى الترف المادي الذي جعله ينتج ويهتم بالرقص والغناء، بينما الغريب مهتم بالفرح المادي/الجوع، وتعبئة بطنه.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر
Abdulla Issa



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتاب -ذرة تراب على جبين عاشق شخصيات فلسطينية معاصرة سيرة ذات ...
- الناقد في كتاب وقفات مع الشعر الفلسطيني كميل أبو حنيش
- الأسير والمرأة في مجموعة -عطر الإرادة- سائد سلامة
- كتاب المجلس بولول فوه الكتاب المقدس لقبائل الكيشي مايا
- العهد العربي، المسيحية المشرقية على مدى ألفي عام سميح غنادري
- الحالة النفسية في مجموعة -العبور دون جدوى- فايز محمود
- جمالية النص والتمرد في -دفاتر المطر- ليلى السايح
- الفرح في قصيدة -حوارة- عبد الناصر صالح
- الريف الأردني في مجموعة -أقاصيص أردنية- عيسى الناعوري
- المرأة الشرقية ومشاكلها في رواية -رحلة إلى ذات امرأة- صباح ب ...
- أدبية الكتابة في -بعيدا عن استعراض المنصة، شاهد إثبات- محمد ...
- الأسئلة في -دهان عربي- للأسير محمد جوهر --دهان عربي
- الجيوش العربية في رواية بير الشوم فيصل حوراني
- واقعية القيادة في رواية -بير الشوم- فيصل حوراني
- الفلسطيني والمكان في مأساة في طيرة حيفا، شهادة وجدانية للدكت ...
- وقفة مع كتاب -الكتابة في الوجه والمواجهة- للكاتب فراس حج محم ...
- مناقشة رواية -ذاكرة على أجنحة حلم - نزهة الرملاوي
- -إلى حوارة- للشاعر نبيل طنوس
- الصوفية والأسطورة في -أنا صاحب البئر- عبد الله عيسى
- التنوع في -مقعد لغائب، نصوص شعرية- نبيل طنوس


المزيد.....




- التمثيل السياسي للشباب في كردستان.. طموح يصطدم بعقبات مختلفة ...
- رشاد أبو شاور.. رحيل رائد بارز في سرديات الالتزام وأدب المقا ...
- فيلم -وحشتيني-.. سيرة ذاتية تحمل بصمة يوسف شاهين
- قهوة مجانية على رصيف الحمراء.. لبنانيون نازحون يجتمعون في بي ...
- يشبهونني -بويل سميث-.. ما حقيقة دخول نجم الزمالك المصري عالم ...
- المسألة الشرقية والغارة على العالم الإسلامي
- التبرع بالأعضاء ثقافة توثق العطاء في لفتة إنسانية
- التبرع بالأعضاء ثقافة توثق العطاء في لفتة انسانية
- دار الكتب والوثائق تستذكر المُلهمة (سماء الأمير) في معرضٍ لل ...
- قسم الإعلام التطبيقي بكليات التقنية العليا الإماراتية والمدر ...


المزيد.....

- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - طريقة تقديم الألم في قصيدة -من أيتم النور في قلبي- عبد الله عيسى