أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كريم عامر - وداعا شهر النفاق














المزيد.....

وداعا شهر النفاق


كريم عامر

الحوار المتمدن-العدد: 1715 - 2006 / 10 / 26 - 11:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


للمرة الأولى منذ أن كنت فى الخامسة أجد فى نفسى الشجاعة الكافية لرفض صيام شهر رمضان هذا العام ، على الرغم من كافة المصاعب والعوائق والتحديات التى صاحبتنى أثناء تنفيذ هذا القرار الذى أعاد لى قدرا من إرادتى التى كانت مسلوبة منى عندما كنت أجد نفسى مضطرا للقيام بممارسات وأعمال عن غير إقتناع كامل بها لمجاملة من حولى ليس إلا .
ولقد خرجت من هذه التجربة الناجحة بتصورات جديدة عن مجتمع الفاترينات الذى نعيش فيه والذى يحتم على المرء أن يبدى قدرا من من النفاق للمجتمع الذى يعيش فيه حتى يحظى برضا من حوله حتى وإن كان من داخله مختلفا معه تمام الإختلاف .
فمنذ عدة أعوام تقدم أحد أعضاء مجلس الشعب بمشروع قانون يجرم من يجاهر بالإفطار فى نهار رمضان ، وهو الأمر الذى يمثل دعوة صريحة لغير الصائمين لنفاق المجتمع وإقناع من حولهم بأنهم صائمون مثلهم على الرغم من أن شعيرة الصيام يفترض أنها شأن خاص بين الصائم وإلهه ، ولكن ما يحدث حولنا من قطعنة لمجتمعاتنا على الطريقة الإسلامية جعلت الصيام يتحول من عمل تعبدى خاص بالمؤمنين الذين يرغبون فى أدائه إلى عادة يجب إتباعها فى الظاهر حتى لا تثير مشاعر الصائمين ، وكأنه يجب على غير الصائم أن يمتنع عن الطعام والشراب أمام الصائمين حتى يساعدهم على تأخير رغبتهم فى الطعام والشراب حتى موعد الإفطار !! .
وعلى الرغم من أن مشروع القانون هذا لم ير النور ، إلا أن هذا القانون مطبق بصورة أو بأخرى فى الشارع المصرى - كنموذج معاش - حيث نجد المقاهى والمطاعم تغلق أبوابها حتى ساعات الإفطار ، ولا يسمح ببيع المأكولات السريعة والعصائر والمشروبات أثناء النهار بحجة أنه يفترض أن يكون الجميع صائمون وأنه على المفطر أن يحتجب بعيدا عن أعين الناس بدعوى أنه مبتلى بهذا الأمر وعليه أن يستتر أثناء قيامه به !!! .
تحول شهر الصيام إلى مزاد نفاق علنى ، يتسابق فيه الجميع لإثبات أنهم أكثر نفاقا من غيرهم بشتى الصور ، فمن الطبيعى جدا أن تجد الكثيرين لا يطيقون الصيام ويفطرون أو تجدهم لا يؤدونه لأنهم غير مقتنعون به أو غير مؤمنين أساسا بوجوبه أو غير مسلمين من الأساس حتى يصومون ، ولكن نظرة الناس لهم تجبرهم على أن يظهروا أنهم صائمون حتى يتجنبوا النظرات الدونية التى يوجهها المجتمع لمن يخرج عن أعرافه ويخالف ما إجتمع عليه الغالبية العظمى من الناس .
وإن حدث أن أفطر أحدهم فى نهار رمضان بصورة علنية ، فلا تسل عن كم الإهانات التى يتلقاها سواء بصورة مباشرة أو إن وجد أعين الناس تلاحقه بالنظرات النارية والفضولية التى يخيل اليه أنها تقتحمه من الداخل وتود لو أن تتحول الى خناجر قاسية تطعنه حتى أن يلفظ أنفاسه الأخيرة .
عندما كنت طفلا فى المدرسة الإبتدائية ، كان زملائى يزفون زميلهم المفطر فى نهار رمضان بأغنية تقول كلماتها " يا فاطر رمضان .. يا خاسر دينك ... سكينة الجزار .. تقطع مصارينك " ( المصارين هى الأمعاء الدقيقة ) ، فهكذا كنا نربى ونحن أطفال على هذه الأغنية ذات الكلمات القاسية التى نتمنى أن تقطع أمعاء المفطر فى نهار رمضان ، والأمر يمثل جزءا لا يتجزأ من النظرة التى نتلقاها نحن المفطرين فى نهار رمضان من المجتمع والناس من حولنا .
كنت فى القاهرة مع أحد أصدقائى الجمعة الماضية ، وقبل موعد الإفطار بوقت قليل أحسسنا بالجوع فقررنا تناول الغداء فى أول مكان نجده فى طريقنا ، ويبدو أن حظنا السىء وضعنا أمام أحد فروع مطاعم كنتاكى فى وسط البلد ، فأخذنا ما نريد وتوجهنا لتناوله فى الصالة ولم أكن أضع فى بالى أن موعد الإفطار لم يحن بعد ، وفوجئت بالصالة مملوءة عن آخرها بعائلات يبدو أنهم ينتظرون مدفع الإفطار حتى يتناولون إفطارهم ، فبادرت أنا وصديقى بالجلوس وسطهم وتناول الطعام ، كل ماحدث هو أن منضدتنا تحولت إلى مسرح والجميع يتفرجون علينا وكأننا قادمان من كوكب آخر ، وتحول تناولنا للطعام إلى عذاب لا يحتمل من كم النظرات التى كانت تلاحقنا ممن حولنا .
فى ليلة العيد أرسلت العديد من الرسائل لأصدقائى أقول لهم " كل عام وأنتم بخير " ، وكنت أتحدث مع صديقة لى غير مسلمة وبادرت بتهنئتها هى الأخرى ، فإعترضت قائلة أنها غير مسلمة ، فوجدت نفسى أوضح لها موقفى بالقول أننى أهنئها على إنتهاء شهر النفاق وليس لمناسبة أخرى .
إلى كل إنسان إضطر لأن يظهر للناس وجها غير وجهه الحقيقى أثناء هذا الشهر ...
إلى كل من عانى نظرات الناس وتعليقاتهم الساخرة والهجومية جراء عدم مجاراته لهم فى منافقة المجتمع ...
إلى كل إنسان إحترم ذاته وإرتد عن الإسلام ... :-
" كل عام وأنتم جميعا بخير " .



#كريم_عامر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو القضاء على التجنيد القسرى
- لا إله إلا الإنسان
- عُهرٌ مُباح !!
- إلزامية التجنيد وحرية الفرد
- الدور الذى يمكن أن تلعبه نشر ثقافة الحقوق المدنية فى مكافحة ...
- من يأخذ لنا بثأرك يا إيرين ؟
- هوية الفرد فى مواجهة القطعنة
- إلى إبنة الذئب .. الشهيدة الحية
- منال القبرصية تعرى مجتمع الذكور العربى
- تهديد جديد للإعلام المستقل : السلطات المصرية تمنع هالة المصر ...
- - شيفرة دافنشى - .. وسقوط الأقنعة !
- مجتمعاتنا .. وثقافة الموت
- المدونات : إعلامنا البديل
- أيها المصرى : إعرف عدوك - دعوة للمقاطعة
- إكرام الميت دفنه !
- رسالة لن تصل ... إلى عبد شاكر ...
- جامعة الإرهاب .. وتواطؤ أمنى مفضوح
- الإرهاب يحطم الأبواب
- حرية الفرد فى مناخ قمعى
- وحطمت القيود الأزهرية !


المزيد.....




- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- ليبيا.. سيف الإسلام القذافي يعلن تحقيق أنصاره فوزا ساحقا في ...
- الجنائية الدولية تحكم بالسجن 10 سنوات على جهادي مالي كان رئي ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كريم عامر - وداعا شهر النفاق