أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبد الحسين شعبان - بشتاشان -خلف الطواحين-... وثمة ذاكرة..شهادة وليست رواية (الحلقة الثانية)














المزيد.....

بشتاشان -خلف الطواحين-... وثمة ذاكرة..شهادة وليست رواية (الحلقة الثانية)


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 7596 - 2023 / 4 / 29 - 22:13
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


بشتاشان: وقفة تأمّل
(الحلقة الثانية)

"إن أكثر المعارك تجري بأوامر من رجال يفتقدون إلى الكثير من المعلومات،
لنصل في النهاية أن الجنود البسطاء هم الذين يُقتلون ويُقاتلون،
فيما الكبار يقرؤون الخرائط ويصدرون الأوامر"
تولستوي

ظلّ الالتباس والغموض يلفّ قضيّة بشتاشان، خصوصًا في ظلّ الصمت أو عدم الإفصاح أحيانًا عمّا حدث، فضلًا عن التباين والاختلاف في المواقف. والأمر لا يتعلّق بالمرتكب أو الضحيّة، سواء برواية الحدث أو تفسير أسبابه ودوافعه ومسوّغاته، ناهيك عن نتائجه وما يترتّب عليه، بل انتقل ذلك أحيانًا إلى فريقي المرتكبين والضحايا، وامتدّ الأمر ليشمل طائفة من الشخصيات القريبة والبعيدة عن مسرح الحدث وشهوده وتداعياته القانونية والسياسية والاجتماعية والأخلاقية والدينية، خصوصًا حين ظلّت الصورة غائمة وضبابية، لغياب الأجوبة الشافية والمنطقية إزاء ما حدث.
وبالطبع فزوايا النظر تختلف من شخص إلى آخر ومن جهة إلى أخرى، لكن مجموع ما دوِّن وما رويَ وما شوهد وما سُمع وما توبع لاحقًا يُعطي تصوّرًا أوضح لما حدث في بشتاشان التي ظلّت تنتظر وستبقى حتى تنجلي الحقيقة، علمًا بأن جزءًا كبيرًا من الرأي العام لم يعرف بالواقعة إلّا في وقت متأخّر، وهو ما شكّل صدمة حقيقية له. ولكي لا يبقى ما حدث في كهف النسيان، كان لا بدّ من كشف الحقيقة، وتوثيق ما حصل وتحديد المسؤوليات، فلم تكن مجزرة بشتاشان قضاءً وقدرًا أو نجمت جرّاء زلزال أو إثر انفجار بركان أو حدوث كارثة طبيعية كي يختفي أي أثر للضحايا، بل إنه بفعل فاعل دبّر بليل وأحيك في الظلام.
وعلى الرغم من مرور أربعة عقود من الزمن، إلّا أن ما عُرف عن بشتاشان لم يكن في الواقع سوى "إشارات غامضة" "وشذرات ونُتف" من أحاديث متناقضة ومسموعات مبهمة ومرويّات مبتورة أحيانًا، أو بضعة قصاصات ومقالات نقديّة أو تجريحية أو دفاعات في أحيان أخرى، الأمر الذي يتطلّب إعادة قراءة ما حصل بقلب حار وعقل بارد، ليطّلع الجميع على تفاصيل ما حدث وخلفياته بأنفسهم دون انحيازات مسبقة أو آراء جاهزة، ودون إغفال أو عبور أو نسيان لجزء من تاريخ الحركة الأنصارية من جهة، وتاريخ المعارضة العراقية في الثمانينيات من جهة أخرى، بما لها وما عليها. وهو ما جاء في حديث الصديق لؤي أبو التمن في الشام العام 1985، ومثل وجهة النظر هذه أو ما يشبهها وردت على لسان الصديق طارق الدليمي والصديق ابراهيم الحريري، بل كان أكثر من صديق يستوضح عن الحقيقة ويطالب بمعرفة التفاصيل الدقيقة، كما طلب مني البروفيسور طارق يوسف اسماعيل أكثر من مرّة أن يسمع القصّة كاملة، باعتباري أحد الناجين من المجزرة.
وإذا كان صحافيًا متميّزًا وباحثًا مدقّقًا مثل الصديق سهيل سامي نادر يقول أننا لا نملك سوى "معلومات قليلة أو غامضة" ويقصد بذلك عمّا حدث في بشتاشان، تعليقًا على ما نشره الرفيق قادر رشيد "أبو شوان" عن "مجزرة بشتاشان"، "بشتاشان - بين الآلام والصمت" في صحيفة الناس التي ترأس تحريرها الصحافي والمؤرّخ حميد عبد الله، فكيف والحال هذه مع شخصيات وجهات أخرى بعيدة؟ وكان قد كتب عمودين تقديمًا وخاتمة لما نشره بمناسبة مرور 32 عامًا على مجزرة بشتاشان أهداها إلى صديق صباه في المدرسة الشهيد نزار ناجي يوسف، وذيّل ذلك بقوله "كنت أُدرك بحزن أن ما تبقى لكاتب هو أن لا يشترك بمؤامرة الصمت، وأن يخلص لنفسه ويواصل الكلام حتى وهو يعرف أنه لا أحد يسمع".
فكم هو مؤلم مثل هذا النص؟ وكم تضعك تلك التساؤلات أمام مسؤولية أخلاقية وإنسانية ووطنية لكي تقدّم ما لديك من معلومات بتجرّد وإخلاص أمام القرّاء، وفي ذلك خدمة للحقيقة واستجابة لنداء الضمير، فعسى أن نراجع تجاربنا للاستفادة من دروسها وعبرها، وإعادة قراءة التاريخ بحثًا عن الحقيقة التي ينبغي أن تكون لها الأولوية وليس لغيرها، مع الأخذ بنظر الاعتبار القيم الإنسانية، بما فيها قيم العدالة والإنصاف.
أعرف أن الكثير من الضغوط الفعلية المباشرة وغير المباشرة، النفسية والمادية، حالت وتحول دون تقديم البعض شهادته، أو تقديمها بصورة "ملطّفة" أو منقوصة أو مقصودة بمعنى "موجّهة"، هدفها تبرئة هذا ووضع المسؤولية الكاملة على عاتق ذاك، كما أن البعض الآخر حاول أن يتجاوز الحدث وطبيعته وتفاصيله وما حصل ليختزله إلى "مجرد خلافات بين القوى الوطنية" و"صدامات راح ضحيّتها بضع عشرات من القتلى الشهداء"، وهناك من يحاول أن يلبس ثوب الحكمة ليزعم أن المصلحة الوطنية تقتضي عدم الإتيان على ما حصل أو التوقف عنده، بل ينبغي نسيانه وحذفه من تاريخ الحركة الأنصارية. وفي أحسن الأحوال تذهب التبريرات للقول أن ذلك ليس أوانه، وأن الوقت لم يحن لبحثه وكشف المستور بشأنه. وهي التبريرات ذاتها التي كانت تُقدّم بصيغة إيجابية، لكنها ملغومة خلال فترة الجبهة الوطنية مع حزب البعث 1973 - 1979، لاسيّما بخصوص ضحايا انقلاب 8 شباط / فبراير 1963 الدموي.
وإذا كان البعض أدلى بشهادته للتاريخ انطلاقًا من شعوره بالمسؤولية، فإن البعض الآخر انعقد لسانه لدرجة تشعر إزاءه بالشفقة. وحين يضطّر إلى ذكر ما حصل يُبقى على دور فلان ويهمل دور آخر، حتى إن كان من الأبطال، مثلما هناك من يتطرّف فيضع المسؤولية على عاتق الضحايا بلحاظ تقصير الإدارات الحزبية في تأمين مستلزمات الحماية الكافية وأخْذ الاستعدادات الضرورية والاحتياطات المناسبة، فضلًا عن غياب خطّة طوارئ، والخطأ الكارثي في اختيار الموقع لعدم صلاحيته عسكريًا، ناهيك عن مجمل السياسة العامة والسياسة التحالفية بشكل خاص.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السودان من الانقلاب إلى الانقلاب
- عن شيء اسمه -السيادة-
- نداء عاجل من مجموعة السلام العربي بشأن تطورات الوضع في السود ...
- منطق ويستفاليا
- -المبعوث- - عامان في العراق
- صورة الجواهري: الشاعر والشعر
- رسالة من د. شعبان إلى الأصدقاء في مؤتمر القمة الثقافي العربي
- ما الذي يُقلق واشنطن؟
- في ثقافة العنف واللّاعنف
- «دين العقل وفقه الواقع» لعبد الحسين شعبان (1) و (2)
- حوارة - غارنيكا
- الصحافة والعدالة
- العراق في الوثائق البريطانية
- لهذه الأسباب أُعدم فهد
- الجيل والهويّة
- عصبة مكافحة الصهيونية ونقض الرواية -الإسرائيلية- 4
- دردشة مع نوري عبد الرزاق (الحلقة الخامسة والأخيرة)
- عصبة مكافحة الصهيونية ونقض الرواية -الإسرائيلية- 3
- عصبة مكافحة الصهيونية ونقض الرواية -الإسرائيلية- 2
- فيما يسمّى ﺑ -الإمبريالية الثقافية-


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبد الحسين شعبان - بشتاشان -خلف الطواحين-... وثمة ذاكرة..شهادة وليست رواية (الحلقة الثانية)