أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي2023: دور وأهمية التضامن والتحالف الأممي للطبقة العاملة - سعود سالم - إمكانية الثورة المستحيلة














المزيد.....

إمكانية الثورة المستحيلة


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7596 - 2023 / 4 / 29 - 14:24
المحور: ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي2023: دور وأهمية التضامن والتحالف الأممي للطبقة العاملة
    


العالم القديم يحتضر. والعالم الجديد تأخر في الظهور. وبين النور والعتمة تولد الوحوش.
أنطونيو غرامشي
“Il vecchio mondo sta morendo. Quello nuovo tarda ad arrivare. E in questo chiaroscuro, nascono i mostri.”
Antonio Gramsci

عندما يلقي الإنسان المعاصر نظرة ولو جانبية، على العالم "كما هو"، بأنظمته الشمولية المعقدة ومؤسساته وشركاته الرأسمالية العملاقة والجيوش الضخمة المسلحة بأعتى الأسلحة الفتاكة من القنابل الذرية والصواريخ المحملة بالرؤوس النوويه والتكنولوجيا النانوية والإلكترونيه والتي أصبحت تجعل الفرد مجرد هدف للدعاية التجارية العالمية، عندما يعي الإنسان كل ذلك تتبخر فجأة فكرة إمكانية تغيير العالم، ويتبخر الأمل البسيط الذي ما يزال يتحرك حيا في صدور الذين يحلمون بـ"الثورة".
الثورة تبدو مستحيلة اليوم في أية بقعة من العالم، ونقصد الثورة الإجتماعية التحررية وليس الثورات المضادة المنظمة من قبل المخابرات السرية والعلنية. الثورة تبدو مستحيلة ليس لأن المجتمعات البشرية تخلصت من الفقر والتفاهه والتعاسة والإستغلال والإستعمار والعنصرية وبقية القائمة من الآفات الناتجة عن فيروس الكابتال وتحولاته المتعددة، بل العكس هو الذي يجعلنا نتسائل عن سبب هذه الإستحالة، الفقر يزداد يوما بعد يوم، والحروب المتعددة تحصد أرواح الأبرياء في كل مكان، حتى في أوروبا نفسها، ويزداد الإستغلال والعبودية الإختيارية ويزداد الأثرياء ثراء لدرجة جنونية .. فما الذي يجعل الأمل في الثورة والتغيير يتقلص ليصل درجة الصفر رغم أن الأسباب التي يمكن أن تبرر هذه الثورة وتشعل شرارتها الأولى توجد اليوم أكثر من الأمس؟
ربما أحد الأسباب يعود إلى النجاح الساحق للديانة الرأسمالية في تعمية المواطنين وتدجين الفكر وتسميم العقل النقدي وتفجيره ليتحول إلى عقل مفتت ومشتت بين مئات القضايا الجانبية ونسيان قضية الثورة الإجتماعية. ولا نعني بالقضايا الجانبية قضايا لاأهمية لها أو قضايا ثانوية، وإنما القصد هو أن نجاح هذه القضايا أو فشلها يرتبط عضويا بقضية واحدة وأساسية وهي قضية القضاء على الرأسمالية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن الدفاع عن البيئة ومحاولة إنقاذ الكرة الأرضية من الإحتراق دون التخلص من الرأسمالية التي تسمم الأنهار والبحار وتثقب الأرض والسماء، كما أنه من المستحيل القضاء على النظام الرجالي ةالةصول إلى المساواة الكاملة بين الرجال والنساء دون القضاء على الرأسمالية ومؤسساتها العسكرية والدينية.
والرأسمالية ليست كائنا مجردا أو فكرة إفلاطونية تتسكع بين السحب، الرأسمالية كائن حقيقي يتمظهر واقعيا في ترسانة رهيبة من الأسلحة الدعائية الوبائية التي لا مثيل لها في السابق من ناحية الأثر والفعالية وسرعة الإنتشار. فقد خلقت الرأسمالية العالمية الأسلحة المناسبة لنشر ديانتها، فشيدت معابدها وعينت أنبيائها وكهنتها الذين يقومون بالدعوة لها ليل نهار دون كلل. فقد جندت المدارس والجامعات والكنائس والمساجد ولكن أيضا المؤسسات العلمية والمعامل والمختبرات وأجهزة الإعلام والمؤسسات الثقافية والفنية والإقتصادية والسياسية من أجل تسويق بضاعتها الليبرالية وإقناع العالم بعدم وجود بديل آخر لهذا الإله العدواني، وقد يعترف البعض من الذين لا يستطيعون تعمية المواطنين البسطاء لأسباب أخلاقية، بأن هذه الديانة لها مساوئها ومشاكلها الجانبية العديدة، مثل الحروب والفقر والمجاعة .. إلا أنها البضاعة الوحيدة المتواجدة في السوق، وليس هناك إختيار آخر.
إن الرأسمالية لا يمكنها أن تزدهر بدون اللجوء إلى العنف بكل أنواعه، غير أنها منذ البداية فضلت العنف الملون بنوع من الحرية والإنسانية، وفضلت العبودية الإختيارية والعمالة المأجورة على الرق وعبودية السوط والسلاسل الحديدية. وجيوش العمال اليوم في العالم يستطيعون في ظرف أسبوع واحد من الإضراب العام أن يوقفوا هذه الآلة المتوحشة، غير أنه كما سبق القول، لقد أخذ السم طريقه إلى القلب وليس هناك أي مصل وقائي ضد الرأسمالية العالمية، بالإضافة إلى أن النظام أصبح من الضخامة والتعقيد بحيث أصبح المواطن يشك في قدرته على إدارة حياته بنفسه أو مع المواطنين الآخرين دون اللجوء إلى المؤسسات الرأسمالية، فكيف سينتج كل هذه الأشياء التي تملأ الأسواق وكيف سيدير الإنتاج والطاقة ومشاكل الدفاع والأمن والصحة والتعليم .. إلخ، وأصبح المواطن، في غياب الوعي الطبقي وغياب الفكر الثوري مقتنعا بضرورة الدولة والسلطة والجيش والدين ورجال الأعمال.
ولكن حتى لا نزيد المواطن اليائس إحباطا، نقول بأن المجتمعات لا تخضع لقانون القضاء والقدر، فهي تستطيع على الدوام النهوض من غفوتها وقلب الموازين والقوانين السائدة، وأحيانا بدون مبرر عقلي واضح. ونأمل أن يكون ما يحدث اليوم في فرنسا وبريطانيا واليونان وبقية الدول الأوروبية شرارة الثورة وبداية صحوة عمالية وإجتماعية لثورة حقيقية تزيح هذا الكابوس المرعب عن صدور الكادحات والكادحين.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديموقراطية والرأسمالية: المعادلة المستحيلة
- الجريمة والعقاب
- خرافة الطبيعة البشرية
- جبل قاسيون
- فوضى السطور
- حكاية قابيل وهابيل
- جدلية القاتل والمقتول
- لوحة
- البداية الثانية
- بضاعة الفن
- ذعر الرأسمالية من غضب الشارع
- -بنك فلويد- ضد الحرب والإحتلال
- الحركة والثبات عند هيرقليط
- النساء والإنتاج الفني
- هايدغر ولغز اللوغوس
- الصياد والطريدة
- النساء وفخ التاريخ
- حرية النساء والفن
- الغضب الساطع الذي لا يأتي
- اللوغوس


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي2023: دور وأهمية التضامن والتحالف الأممي للطبقة العاملة - سعود سالم - إمكانية الثورة المستحيلة