|
نقاط لتأريخ هذه الحرب
المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)
الحوار المتمدن-العدد: 7595 - 2023 / 4 / 28 - 00:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هذه نقاط لإوضاح بعض عوامل إنهيار الجزء العسكري من الدولة في عاصمة السودان (ابريل 2023 ).
1- عوامل كبيرة قديمة أدت إلى الحرب: (أ) رفض النخب منذ ما قبل عام 1953 الأساليب والحلول الجذرية لمنع الاحتقانات الطبقية المختلفة فتراكمت السلبيات التي لم تعالجها أرباع وأنصاف الحلول في المدن وفي الأرياف بل تباينت حالاتها إلى شمال وجنوب لدرجة ان الدولة إنقسمت وصارت دولتين شمالية وجنوبية ثم أضحت داخل منهما قوتين عسكريتين متنافرتين.
(ب) تداخل سلبيات حرية التملك الانفرادي التجاري البسيط والرأسمالي داخل كل دولة من الدولتين مع ترابط النخب المحلية مع النخبة العسكرية الأقوى في منطقتها وفي عموم كل دولة من دولتي السودان.
(ج) تمايز مصالح النخب المحلية داخل كل دولة باين القوة العسكرية في الدولتين إلى قوة كبيرة تواشج قيادتها نخب المدينة ومواليهم في الريف وقوات ريفية القيادة يواشج كلامها نخب المنطقة الريفية وبعض عشائرها لكن مع تناغم أو تنافر متذبذب مع قوة العاصمة حسب الضغوط والاغراءات الداخلية أو الدولية.
(د) إستمرار أنانيات وازدواجات النخب في إعادة إنتاج الأزمات والنزاعات القديمة التي سادت السودان الموحد وتكرارها في دولتيه الجديدتين الشمالية والجنوبية.
(هـ) إضعاف تكرار النزاعات لوحدة النخبتين العسكرية النخبة الكبيرة والنخبة المساعدة داخل كل دولة مع تنازعهما على قيادة تأمين المجتمع والدولة ودور كل قوة منهما في مجلس إدارة موارد الشعب خاصة مع ميل كل قوة للتحكم المنفرد في هذا المجلس وفي موارد الشعب.
2- نتائج إنفجارية: (أ) زيادة الاحتقانات مع تمسك النخب بأرباع وأثلاث الحلول كشكل وحيد لمعالجة الأزمات الداخلية-الخارجية
(ب) تأزم سلامة ووجود وبقاء طل طبقة في مجال انتاج البضائع وفي مجال تبادلها بالنقود سواء في السياق الرأسمالي الخارجي المسيطر وفي السياق الداخلي لتبعية أطراف السودان لمركزه الإقتصادي السياسي.
(ج) إحتدام الصراع الطبقي باستهلاك حالة التركيم الرأسمالي البدائية لجهد وخيرات إنتاج غالبية كادحي المجتمع بتعاون أو تنافس مع العلاقات ما قبل الرأسمالية ومع وكلاء الامبريالية واندغام الصراع الطبقي في الصراع السياسي والعسكري الإثني الشكل وفي أنشطة أحزاب النخبة للتحكم في موارد وتفكير الناس.
(د) سيطرة الأنانية الرأسمالية وإقتصاد إنتاج التخلف -ذو القطاعين التقليدي والحديث- على أشكال المعيشة وأكل الرسملة لسواسية الحقوق والمواطنة وإفسادها لأشكال الإتساق العامة اللازمة لصحة أي بناء إجتماعي.
(هـ) إرتباط أشكال الظلم الإقتصادي السياسي والإجتماعي والثقافي بالرسملة البدائية وتحكم أقطابها في مفاصل وإدارات الحكم حتى صارت سلبياته الإجتماعية رافعة ضخمة للأنشطة الرأسمالية والعسكرية بدرجة كشفت كذب التضليل الليبرالي الشائع في العالم عن "حياد الدولة".
(و) تغير طبيعة "الحركات" الإقليمية التركز وانطفاء كلامها ضد مظالم دولة التراكم الرأسمالي بحكم إبتعاد مواثيقها واتفاقاتها عن مقاومة الجذور الرأسمالية للتفاوت الاقتصادي والطبقي داخل كل إقليم من أقاليم السودان وكذا إبتعاد مواثيقها وأنشطتها عن مقاومة الجذور الرأسمالية التفاوت بين أقاليم السودان. بحيث ان الأساليب السياسية لحركات المقاومة صارت مجرد شكل لإدخال تحسينات على التراكم الرأسمالي البدائي المدمر لكل الأقاليم.
(ز) تفاقم الأزمات بنكوص أنشطة ومفاوضات حركات المقاومة العسكرية السياسية التي كانت متمركزة في الريف عن جذرها الثوري باسم تحقيق السلام أولاً وتأجيل مسائل وترتيبات العدالة حيث صارت أنشطة معززة لاصطفاف برجوازي جديد الشكل تتقاسم فيه بعض عناصرها سلطة الدولة البرجوازية مع غالبية النخبة القادمة من مدن الوسط النيلي. مبررة هذه المشاركة النخبوية بأنها شكل للتغيير من الداخل والتقدم السلمي نحو شراكة أكبر في المجالات =العسكرية والإقتصادية بين [نخبتي] العاصمة والريف.
(ح) زيادة تداخل الأزمات الطبقية والإثنية: فمنذ إكثار الاستعمار البريطاني للسودان (منذ سبتمبر 1898 إلى 1 يناير 1956ً) لخدمات التعليم والصحة والعمل الحكومي والتجارة في مدن شمال السودان صارت نخب الشمال وجزءاً كبيراً من ثقافتها نخباً مسيطرة على مجالات التجارة والتعليم والعدل والحكومة والعسكرية والإعلام والحزبية إلخ بشكل أضحى فيه الكلام عن "دولة الجلابة" مبرراً لصعود وترقي عناصر الإنتهازية إما بإسم حماية هذه الدولة والكلام عن "الوحدة الوطنية" أو بإسم تفكيك هذه الدولة الهرمية باسم "المساواة" و"حقوق الهامش" وفي الحالتين زادت أرباع الحلول وسلبياتها.
(ط) بحكم تجمع النخب القديمة والجديدة في قمة الدولة الهرمية بإسم تحقيق السلام صارت أنشطة الدولة المدنية والعسكرية أنشطة متناقضة وإن إتسمت بتمركز النخب في المدينة والريف من ثم بإسم تحقيق السلام تقلص حجم الحرب بين قوات الحكومة المركزية وقوات النخب في الريف وزاد التوتر العسكري بين قواتهما في المدن
3. ملامح الكارثة الناتجة من تراكم الأزمات: (أ) في نوع أخير جديد من ثقافة أرباع الحلول انتهت في عشرية الألفينات مسيرة المطالب النمطية والمطالب الثورية لفئات السياسة السودانية، الى فكرة تلفيقية خلاصتها زيادة أعضاء مجلس إدارة شركة/دولة السودان بدون تغيير الطبيعة الطبقية للدولة أو إلغاء حرية التملك والنشاط التجاري الهبتلي للنخبة الرأسمالية وبدون تغيير في شكل ومضمون الحكم يتيح امكانات تنمية أكبر أو تقاسم موارد يكثر الفائدة للمنتجين فزاد الاحتقان.
(ب) باعتماد أرباع الحلول إحتدمت بين النخبة القديمة المدينية المتكلمة عن "الوحدة الوطنية" والنخبة الجديدة الريفية المتكلمة عن المساواة وحقوق الريف حالة من التوتر والنفاق شملت ثلاثة مجالات رئيسة هي: (أ) مجال التجارة الخارجية والداخلية والذهب، (ب) مجالات تنظيم الحكم والادارة العامة، (ج) المجال العسكري والأمني.
(ج) مع تضخم أدوات تسلط التراكم الرأسمالي البدائي وأهمها في بلد نزاعات القيادة العسكرية لشؤون الأمن، تواشجت الأمور الأمنية والعسكرية مع عمليات الإستثمار والتجارة الداخلية والخارجية لأكبر نخبتين وتحول سياق التوافق والتناقض التجاري إلى شأن سياسي عسكري بل نزاع سياسي مسلح وحرب لها ألف مستفيد.
الختام: بشكل عام تؤشر الحرب التي دمرت عاصمة السودان وكثير من قواته العسكرية وموارده المالية إشارة واضحة إلى إنهيار أكبر لدولة النخب وأنشطة التراكم الرأسمالي البدائي المواشجة لأوضاع المجتمع والدولة وفشل قوامها النخبوي الداخلي في نطاق الدولة وفي النطاق العالمي للتقسيم الإمبريالي للعمل والاستثمارات بين نخب الدول وفشل أساليب الحلول الجزئية ذات التلتيق والجوبيك التي استحسنت الإبتعاد عن القضايا والتغييرات والحلول الجذرية الشاملة المتزامنة والمتنوعة والمتكاملة.
انتهت النقاط
#المنصور_جعفر (هاشتاغ)
Al-mansour_Jaafar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سببا الانفجار
-
لاباسيوناريا La Pasionaria
-
في تبدد الإنتاج الوطني
-
من الميكانيك إلى الكهرباء
-
الليبرالية تولد التطرف
-
تحسيناً للحزبية، الذكاء الاصطناعي ضد أسلوب روزا
-
تأثيل الجزء الليبرالي من كلمة العدل
-
تأثيل فلسفة المثقف الإستعماري الكبير
-
الخطابة الثورية
-
الإعلام الثوري والتغيير الجذري
-
تبرئة كل النخبة وإدانة كل الثائرين
-
تيت تيت .. ديالكتيك النشاط الفوقي والنشاط القاعدي
-
في الحرب ضد النُخب، أهم 40 ضربة أنجزتها الحركة الثورية
-
الإشتراكية كحل لأزمات تسييس الإسلام وأسلمة السياسة
-
ديالكتيك أسلمة السياسة وتسييس الإسلام 1
-
ديالكتيك أسلمة السياسة وتسيس الإسلام..
-
أزمة اليسار طبقية وليست إدارية
-
أسلحتهم
-
مُغني الحب في الإتحاد السوفييتي
-
إنهاء دولة المخاتلة
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|