|
عن ( قتل الأنبياء / ألحد ملتحد )
أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن-العدد: 7592 - 2023 / 4 / 25 - 04:49
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
السؤال الأول يقول الله تعالى عن بني إسرائيل أنهم كانوا يقتلون الأنبياء بغير حق، فهل هناك قتل للأنبياء بحق؟ إذ كيف يقول الله تعالى {ويقتلون النبيين بغير الحق} وقتل النبيين لا يكون إلا بغير حق، فلم قال: {بِغَيْرِ الحق} وقتل الأنبياء لا يكون إلا على هذا الوجه؟ ثم إذا كان للآية الكريمة مفهوم مخالفة (أي قتل للأنبياء بحق!)، فيكون لمفهوم المخالفة في هذه الحالة كارثة و طامة كبرى!! طبعا مفهوم المخالفة: هو لازم ناشئ عن معنى لفظ مركب حكمه يخالف حكم ملزومه. فهل يصح لأحد أن يقول: أما مَنْ قتل نبيًّا بحق فلا مانع من ذلك لاستحالة إتيان النبي "عليه السلام والبركات" فعلاً يستحق عليه القتل. وقد تقرر في علم الأصول أن من موانع إعتبار مفهوم المخالفة، كون تخصيص الوصف بالذكر لموافقته للواقع فيرد النص ذاكرًا لوصف الموافق للواقع ليطبق عليه الحكم، فتخصيصه بالذكر إذن ليس لإخراج المفهوم عن حكم المنطوق، بل لتخصيص الوصف بالذكر لموافقته للواقع . الاجابة أولا : 1 ـ تكرر عن كفار بنى إسرائيل أنهم كانوا يقتلون بعض الأنبياء بغير حق . قال جل وعلا : 1 ـ/ 1 ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (61) البقرة ). 1 / 2 ـ ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (112) آل عمران ) . 1 / 3 ـ (وَقَتْلَهُمْ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) آل عمران ). 1 / 4 ـ ( وَقَتْلِهِمْ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (155) النساء ). 2 ـ ولا ننسى: 2 / 1 : أن فرعون موسى كان يطارد بنى إسرائيل ومعهم موسى وهارون عليهما السلام . 2 / 2 : أن أكابر قريش فكّروا فى قتل خاتم المرسلين ، قال جل وعلا : ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) الأنفال ) بل و تعرّض للقتل فى إحدى المعارك ، قال جل وعلا : ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144) آل عمران ). 3 ـ جعلها رب العزة جل وعلا حكما عاما بإضافة قتل المصلحين السائرين على طريق الأنبياء فى الاصلاح . قال جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنْ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21) آل عمران ). ليس هناك أنبياء بعد خاتم النبيين عليه وعليهم السلام ، ولكن الجهاد السلمى فى الاصلاح وفق الدين الالهى مستمر . وحدث ويحدث وسيحدث إضطهاد للمصلحين ، ووارد قتلهم . 4 ـ والمستفاد هنا هو المساواة بين الأنبياء والمصلحين فى موضوع قتلهم بغير حق أو بغير الحق ، وبالتالى فلو إرتكب نبى أو مصلح جريمة قتل يكون قتله قصاصا هو الحق . إن لم يرتكب جريمة القتل يكون قتله بغير حق أو بغير الحق . ثانيا : 1 ـ لا يوجد اى بشر معصوم من الذنوب . لو يؤاخذ الله جل وعلا البشر بظلمهم ( ومنهم الأنبياء ) ما ترك على الأرض دابة . قال جل وعلا : 1 / 1 : ـ ( وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (61) النحل ) 1 / 2 ـ ( وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً (45) فاطر ). هذا الاهلاك يعنى وقوع البشر فى الكبائر ومنها القتل ، ويكون القصاص من القاتل عدلا ، ويكون واردا أن يقع فى جريمة القتل نبى من الأنبياء ، لأنه ليس معصوما ، ولأن الحكم فى الآيتين السابقتين يشمل الجميع . بالتالى يكون القصاص منه عدلا وبالحق . إما إذا لم يرتكب قتلا يكون قتله بغير الحق أو بغير حق . 2 ـ عدم عصمة الأنبياء يؤكدها تعرضهم للحساب مثل بقية البشر ، بل إن التأكيد على حسابهم أقوى من التأكيد على حساب بقية البشر ، فالله جل وعلا يجعلهم فى كفة وبقية البشر فى كفة أخرى ، وعددهم لا يقارن بعدد بقية البشر ، قال جل وعلا : ( فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (7) الأعراف ). وهذا يشمل خاتم النبيين ، قال له جل وعلا وعن خصومه وقومه : 2 / 1 : ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31) الزمر ). 2 / 2 : ( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44) الزخرف ). 3 ـ إذن وقوعهم فى الذنب مؤكد . ووقوع بعضهم فى الكبائر ومنها القتل وارد . والله جل وعلا لم يقصّ فى القرآن الكريم سيرة كل الأنبياء ، وفى قصص أى نبى لم يذكر كل تفصيلات حياته . 4 ـ ولأن قتل كفار بنى إسرائيل بعض الأنبياء جاء فى معرض الانكار عليهم كان لا بد من التذكير بأنه بغير الحق وبغير حق . لأنه لو كان بحق أى بسبب يوجب قتل النبى فلا شىء فى هذا .
السؤال الثانى ما هو الفرق بين ألحد وملتحدا ؟ وما رأيك فى إنتشار الالحاد فى العالم ، ولهم مواقع كثيرة جدا فى الانترنت ، ويقولون كلام صعب جدا . الاجابة واقعيا لا يوجد إلحاد بمعنى إنكار وجود الخالق جل وعلا . أعتى الملحدين لا يستطيع إنكار الله جل وعلا بقلبه ، وإذا وقع فى محنة شديد دعا ربه جل وعلا مخلصا له الدين . فرعون موسى عند الغرق أعلن إسلامه . أخيرا : مصطلح ( الالحاد ): ألحد / يلحد : يختلف معناه حسب حرف الجرّ الآتى بعده ، كالآتى : 1 ـ ( لحد / يلحد الى ) بمعنى الميل الى .. ومنه قوله جل وعلا : ( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103) النحل ). 2 ـ ( لحد / يلحد فى ) بمعنى الطعن فى . ومنه قوله جل وعلا : 2 / 1 : ( وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180) الاعراف ) 2 / 2 : ( إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40) فصلت ) 3 ـ ( مُلتحد ) من ( إلتحد الى ) أى إستجار ولجأ . ومنه قوله جل وعلا : 3 / 1 : ( قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنْ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (22) الجن ) 3 / 2 : ( وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (27) الكهف ).
#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن ( وضع المدينة إقتصاديا / خبت أخبت / يدرك )
-
العضل فى منع الزواج من المشركين المُسالمين : ( 1 ) معنى الاي
...
-
( منكر للقرآن الكريم / سليمان والجن / زى المرأة )
-
خزعبلات الدين السنى : العضل فى الزواج ( 1 )
-
عن ( البخّاخة / الاعتكاف / لا يستأخرون ولا يستقدمون / العوض
...
-
عن ( زكاة الفطر / الصلاة بالموبايل / رسل من الجن / حيرة ديني
...
-
المحرمات فى الزواج فى الاسلام
-
( دين ابن سلمان / القراءة فى العهد القديم والجديد / الاصطفاء
...
-
تمهيد : بين النكاح والزواج
-
( عبادات رمضان / البنات فى الميراث / ضياع التعليم /تحويل الذ
...
-
مدخل عن تشريعات الأحوال الشخصية بين الاسلام ودين السُنّة الذ
...
-
عن ( ميراث / سرقة المشركين / البورصة و الصوم نائما / التهجد
...
-
القاموس القرآنى ( ولد ) ومشتقاته
-
عن : ( تعقيب على موضوع: عذاب النار عدل .. ) و العدل والكفر)
-
المرأة في عقوبة القصاص في القتل والجراحات
-
عذاب النار عدل ونعيم الجنة فضل
-
( اللعان ) بين الاسلام والدين السُنّى
-
عن تسمُّع الجن والشياطين
-
عقوبة رمى المحصنات : بين الاسلام ودين السُنّة
-
عن ( رد على أخ مسيحى / من حيث لم يحتسبوا / من الذى سمّانا مس
...
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|