الاستثمار الأجنبي المباشر في سورية بداية القرن الواحد والعشرين

مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد - جامعة دمشق

الحوار المتمدن-العدد: 7591 - 2023 / 4 / 24 - 12:27
المحور: الادارة و الاقتصاد
    

نتيجة للدور الهام الذي تلعبه الاستثمارات الأجنبية المباشرة في توفير التمويل المطلوب لإقامة المشاريع الاستثمارية ونقل التكنولوجيا والمساهمة في خلق المزيد من فرص العمل وتعزيز قواعد الإنتاج والتصدير وتحسين المهارات والخبرات الإدارية وتحقيق مزايا تنافسية للاقتصاد الوطني ورفع مستويات الدخل والمعيشة. اتسمت بيئة الأعمال الدولية في بداية القرن الواحد والعشرين باحتدام التنافس على رؤوس الأموال الأجنبية بين مختلف الدول.
ومع اشتداد التنافس بين الدول على جذب الاستثمارات الأجنبية من خلال إزالة الحواجز والعراقيل التي تعيق طريقها ومنحها الحوافز والمزايا والضمانات التي تسهل قدومها ودخولها إلى السوق المحلي. من هذا المنطلق، سارعت سورية بتهيئة بيئة الاستثمار الجاذبة، وقامت بسن تشريعات تمنح حوافز للمستثمرين الأجانب.
1 - تعريف الاستثمار الأجنبي المباشر:
يعرف الاستثمار الأجنبي المباشر وفقاً لدليل إعداد إحصاءات ميزان المدفوعات الصادر عن صندوق النقد الدولي عام 1993، على أنه (الاستثمار الدولي الذي يعكس حصول كيان مقيم «شركة أو مؤسسة أو مصرف» في اقتصاد ما على مصلحة دائمة في مؤسسة مقيمة في اقتصاد آخر. ويشار إلى الكيان المقيم باصطلاح «المستثمر المباشر»، وإلى المؤسسة باصطلاح «مؤسسة الاستثمار المباشر».
2 - أهمية الاستثمار الأجنبي المباشر في الاقتصاد السوري:
للاستثمار الأجنبي المباشر أهمية كبيرة في الاقتصاد السوري بسبب قلة مصادر تمويل المشاريع الاستثمارية، وفي ظل تصاعد مؤشرات المديونية وتضخم التكاليف المرافقة لاقتراضها من العالم الخارجي وتجاوز أرقام خدمة الدين مبلغ الدين نفسه. لذلك فإن فرص التغلب على نقص وقلة مصادر التمويل تنحصر في جذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر من جهة وتنشيط الاستثمار المحلي.
3 - القيمة الدفترية للاستثمار الأجنبي المباشر:
يتم حساب القيمة الدفترية للاستثمار الأجنبي المباشر (رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر) استناداً إلى ستة عناصر رئيسة في الميزانية العمومية للشركة وهي:
• (حصة المستثمر الأجنبي من رأس المال المساهم به +
• حصة المستثمر الأجنبي المباشر من الأرباح المحتجزة +
• المطلوبات طويلة الأجل +
• المطلوبات قصيرة الأجل أو الحسابات الدائنة لمجموعة المستثمرين المباشرين –
• مطالبات الموجودات قصيرة الأجل أو الحسابات المدينة على المستثمر المباشر –
• مطالبات الموجودات طويلة الأجل على المستثمر المباشر).
وقد بلغت قيمة رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر في سورية (75022338) ألف ليرة سورية لـ (140) شركة ممن توفرت فيها البيانات أو المعطيات الستة المذكورة سابقاً ومنها (1235453) ألف ليرة سورية.
4 - تطور الاستثمار الأجنبي المباشر في سورية:
يتم توضيح أهم تطورات الاستثمار الأجنبي المباشر في سورية من خلال المؤشرات التالية:
تركزت معظم مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في سورية في محافظات دمشق وحلب وريف دمشق بنسبة 65,5 % من إجمالي عدد المشاريع، دمشق 33,7 % حلب 18,5% ريف دمشق 16,3%.
أما توزع مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في سورية حسب النشاط الاقتصادي فقد حاز نشاط الصناعات التحويلية أعلى نسبة من عدد المشاريع 41%.
وفيما يتعلق بعدد عمال مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في سورية وتوزعهم حسب الفئات فكانت أعلى نسبة لفئة العمال من 1 – 5 عامل وشكلت 54,5% من إجمالي عدد المشاريع.
وتوزعت مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في سورية حسب جنسية المستثمر على الشكل التالي: المستثمرون السوريون بنسبة 32,8% الأردنيون 8,8% العراقيون 7,6 % ثم السعوديون بنسبة 7,1%. وكان أكبر رأسمال مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في سورية حسب جنسية المستثمر بعد السوريين المستثمرين القطريين والكويتيين ثم من الجنسية البريطانية ثم الكندية.
أ - نسبة الاستثمار الأجنبي المباشر من الناتج المحلي الإجمالي:
بلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي في سورية لعام 2008 حوالي (2291529) مليون ليرة سورية وبلغت نسبة الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الناتج المحلي الإجمالي (3,27 %).
ب - نسبة الاستثمار الأجنبي المباشر من التكوين الرأسمالي:
بلغت قيمة التكوين الرأسمالي في سورية لعام 2008 حوالي (408725) مليون ليرة سورية وبلغت نسبة الاستثمار الأجنبي المباشر منها (18,36%)، استحوذ قطاع الاتصالات أعلى نسبة بلغت (4,10 %) تلتها الكابلات بنسبة (2,02 %).
ج - قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر حسب بلد المنشأ:
بلغت قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر في سورية حسب جنسية المستثمر (65367597) ألف ليرة سورية وكانت أعلى نسبة استثمار أجنبي في سورية بعد السوريين هي المملكة العربية السعودية ( 5,95% ) ثم الأردن (5,33%) ثم لبنان ( 4,71% ) وبلغت قيمة الأسهم غير معروفة الجنسية (27,5 %) تقريباَ .
5 - قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر حسب النشاط الاقتصادي:
بلغت قيمة مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في سورية في قطاع الاتصالات أعلى نسبة (25,98%) من رصيد الاستثمار الأجنبي يليها قطاع الوساطة المالية بنسبة (17,27%) ثم إمدادات الكهرباء بنسبة (11,28%) يليها قطاع الصناعات الاستخراجية بنسبة (6,98%) ثم الفنادق والمطاعم بنسبة (5,88%). كما بلغت أعلى نسبة استثمار أجنبي مباشر حسب التصنيف الصناعي في قطاع الاتصالات بنسبة (29,28%) ثم قطاع البنوك بنسبة (19,42%) ثم قطاع التأمين بنسبة (10,97%).
6 - عدد العاملين في مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر حسب الجنس:
بلغ عدد العاملين في مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في سورية 13,494 منهم 300 عامل أجنبي بنسبة 2,22% وعدد العاملين المحليين 13194 عامل بنسبة 97,77%. يلاحظ انخفاض نسبة العاملات النساء في مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في سورية حيث لم تتجاوز نسبة 12,99% قياساَ لنسبة العاملين الرجال التي بلغت 87,01% وأعلى نسبة تشغيل للعمالة كانت في شركات النفط بنسبة 22,4% ثم في السياحة بنسبة 8,3%. مع ملاحظة أن مجموع العاملين في شركات الاستثمار ليس مؤشراَ كافيا إذ أن بعض الشركات لم تصرح بعدد العاملين لديها وأتت صفحات العمالة والأجور خالية من البيانات وبلغ عدد الشركات التي صرحت بعدد العمال فيها 142 شركة من أصل 178 شركة شملها المسح.
7 - قيمة الصادرات والواردات في مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر:
بلغ عدد شركات الاستثمار الأجنبي المباشر في سورية التي وردت فيها بيانات عن الصادرات فقط 39 شركة وبلغت أكبر قيمة صادرات نسبتها 24,77 % من القيمة الإجمالية في نشاط الصناعات الغذائية. كما بلغت أعلى نسبة واردات شركات الاستثمار الأجنبي المباشر في سورية في شركات النفط بنسبة 67% من إجمالي الواردات.
قيمة الإنفاق على التقنية الجديدة في مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر
بلغت أعلى قيمة إنفاق على التقنيات الجديدة في شركات الاستثمار الأجنبي المباشر في سورية في شركات الاتصالات بنسبة 61,84% من إجمالي الإنفاق، ثم تلتها شركات النفط بنسبة 31,16%.
هناك آراء عديدة تقليديه تؤكد أن المساهمات الأجنبية في رأس مال المشروعات المحلية (الاستثمار الأجنبي المباشر) ليس مرغوباً فيها بصفة عامة في الدول النامية، ولا يجوز تشجعيها، إلا أن هناك آراء أخرى تدعوا إلى جذب المزيد من (الاستثمار الأجنبي المباشر)، باعتباره الأداة التي يعول عليها في حل المشاكل التي تجابه اقتصاديات الدول النامية.
ورغم اتفاقنا على أهمية الاستثمار الأجنبي المباشر في اقتصاديات الدول العربية، وبخاصة في الدول التي تعاني من شح الموارد المالية المتاحة، فلا يجب أن نخدع أنفسنا، ونعتبر الاستثمار الأجنبي المباشر يحمل معه الحل الشامل، لكل المشاكل التي تعاني منها اقتصاديات الدول العربية، لأن التنمية الشاملة والمستدامة في هذه الدول تقع في المقام الأول على عاتق الدول العربية وحدها، ويظل الاستثمار الأجنبي المباشر عنصراً مكملاً للاستثمار المحلي، وليس بديلاً عنه.
كلية الاقتصاد - جامعة دمشق

#مصطفى_العبد_الله_الكفري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات