أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد حسين يونس - منظومة الإنكماش و العصيان المدني















المزيد.....

منظومة الإنكماش و العصيان المدني


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 7587 - 2023 / 4 / 20 - 07:29
المحور: المجتمع المدني
    


منذ تخرجي من الجامعة ..و إعتمادى علي نفسي لكسب تكاليف الحياة .. وأنا مهموم ببكرة .. لا أتوقف عن عمل الخطط لتأمين حياتي ماديا و مهنيا .. و إعادة التخطيط كلما تغيرت الظروف ..حالة من القلق تنعكس علي مسار حياتي .. و علاقاتي الأسرية .. و مسئولياتي .
و لكنني ما أن تجاوزت الثمانين و إعتزلت العمل .. بدأ هذا الحرص يقل تدريجيا .. و الإهتمام بالأخرين يتقلص ..لقد أصبحت ضيفا خفيفا علي الحياة منفصما عن المجتمع مستسلما للقدر..لا أخطط لأى شيء ..و لا أنتظر أى تغيير .. . لا أهتم بقضايا العالم حولي ..و لا حروبه ..أو وباءاته ..حتي يقولون له ((إلبس الكمامة أو تعالي خد تطعيم )).فأنزعج لتغيير نمط السكون في حياتي
لقد بهت ما كنت أهتم به في شبابي ..فالمتبق من العمر قليل .. و نهاية المشوار إقتربت ..والمسئولية إنحسرت ..و لا داعي للقلق مهما جرى حولك
فتوقفت عن تجديد رخصة القيادة .. و الباسبورت .. و قد لا أحتاج لتجديد البطاقة الشخصية لو حسن حظي و غادرت قبل إقتراب الموعد .
تخلصت من كل ما أملك عدا ملابسي .. و لم يعد لي حسابات في البنوك إلا ذلك الذى يستقبل معاشى الشهرى .. أذهب للحصول علية كما لو كنت مساقا لحتفي .( لامؤاخذة الناس هناك متتعاشرش ) .
لا يراودني أمل في تغييرقريب ..و لا أطيق التعامل مع موظفي الدولة .. أو الجيران أو حتي البواب أو المكوجي ..وعندما أسمع أن السد الإثيوبي قد يؤثر علي الحياة كما أعرفها .. أدير وجهي و أبني رايي للمجهول .. قائلا .. ((المفروض أن يهتموا بهذه المشكلة ))..فلم تعد تخصني .
العيش بدون إلتزامات مادية و معنوية . أو رؤية مستقبلية .. أو أمل و توجهات تعمل علي تحقيقها .. يجعل الحياة راكدة ..تنتظر تغيرات ما لتتحرك علي سطحها بعض الأمواج .. التي أرجو الا تكون توسونامي أو نوة
النسمات التي تحرك سطح بحيرة الحياة الراكدة..كل حين .. هي ماتشات كرة القدم الخاصة بالنادى الذى أشجعه (فقط ) لا أشاهد الفريق القومي أو أى فرق أجنبية أو مصرية أخرى .. أتحمل الإنفعال لمدة 90 دقيقة حتي تنتهي المباراة .. فاقول لنفسي مكنش له لازمة الإنفعال هكذا .دول ناس محترفة بتجرى علي أكل عيشها ..
هذه الماتشات المحدودة بمرور الوقت أصبحت تمثل مشكلة في حياة الكهل ..أود التخلص منها فقد فتحت نافذة علي فساد المجتمع الذى يدير المنظومه و ظلمه و تطرفه في المعاداة إلي أقصي درجات التدني .
كان في نيتي ..أن أكتب اليوم عن هذه المشكلة مدى تدهور أخلاق من ينظمون لعبة كرة القدم ( الإتحاد .. و الحكام .. و الإعلام ..و الرابطة ..و الوزير ) و من هم خلفهم يدعمونهم أو يحرضونهم علي التعصب متخفين .
و لكنني فضلت أن أقترب للموضوع بصورة أخرى فنقرأ سويا ما كتبه الدكتور جمال حمدان في الباب العاشر من كتاب ((شخصية مصر دراسة في عبقرية المكان )) بعنوان ((آفاق الزمان وأبعاد المكان )) فصله الثالث (( الاستمرارية والانقطاع )) فهو أكثر بلاغه و دقة و يصلح للتعبير عن رؤيتي رغم بعده عن رياضة كرة القدم .
((لاشيء يقينا ككلمة الفرعونية يلخص و يشخص مأساة مصر السياسية المستمرة بلا انقطاع طوال التاريخ والمجسدة بلا حياء في صميم حياتنا المعاصرة
فلقد صارت هذه الكلمة التعسة (السيئة السمعة )علما علي الطغيان المصرى البشع البغيض في كل مراحله حتي وإن إختفت التسميات والمسميات أو تطورت الاشكال والشكليات .
فالسلاطين و المماليك في العصور الوسطي هم كما أوشك المقريزى أن يضعها فراعنة ولكن مسلمون ، مثلما كان الفراعنة أنفسهم أباطرة وقياصرة وأكاسرة ولكن مصريون هذا بينما عد محمد علي بعد ذلك آخر المماليك العظام وأول الفراعنة الجدد .
إن الفرعونية بوضوح مطلق الآن هي لاشك أبرز مثلما هي أسوأ مظاهر الاستمرارية في كيان مصر .
أما العلاقة بين الحاكم والمحكوم فهي تقليديا علاقة قهر و مقت و إكراه وكره، استبداد وحقد ،بينما العلاقة بين الحكومة والشعب هي الريبة والعداوة المتبادلة بكل التفاهم الصامت إن لم تكن الأولي العدو الطبيعي للثاني في نظر البعض .
بالمثل ، فإذا لم تكن مصر –لحسن الحظ – لم تعرف ( طبقة حاكمة ) وراثية علي غرار سلالات الارستقراطيات الأوروبية فإنها - لسوء الحظ أكثر- عرفت غالبا (العصابة الحاكمة)، ولا نقول الحثالة الحاكمة .. بمعني عصبة مغتصبة تستمد شرعيتها من القوة غير الشرعية ومن هنا فلنثن
كانت مصر الطبيعية حديقة لا غابة ..فقد كانت علي العكس بشريا غابة لا حديقة .. وإن كانت زراعيا مزرعة لا مرعي .. فقد كانت سياسيا مرعي لا مزرعة للاسف.. بالتالي فكثيرا ما كانت مصر الي حد بعيد حكومة بلا شعب سياسيا .. وشعب بلا حكومة اقتصاديا . ))
اللة يا أستاذ .. نذكر القارئ أن هذا الكتاب الذى نقتبس منه طبع من أربعين سنة عام 1983
((وهذا ما يصل بنا فى النهاية الى ذروة النظام ـ وذروة المأساة أيضا . لقد كانت مصر أبدا هى حاكمها ، وحاكمها هو أكبر أعدائها ، وأحيانا شر أبنائها .
وهو على أى حال يتصرف على أنه ( صاحب مصر ) ، ( ولى النعم ) ، أو الوصي على الشعب القاصر الذى هو ( عبيد إحساناته )
وظيفته أن يحكم ووظيفة الشعب أن يُحكـَم ، وأن الشعب الأمين هو شعب آمين ، والمصرى الوطنى الطيب هو وحده المصرى التابع الخاضع ، إن لم يعتقد حقا أن المصرى لا يكون مصريا إلا إذا كان عبدا أو كاد .!
والحقيقة أن حاكم مصر طول تاريخها الماضى إن لم يكن ينظر غالبا الى الوطن كضيعته الخاصة والى الشعب كقطيع ، فقد كان على أحسن تقدير يتبنى فكرة الراعى الصالح والرعية التوابع
أى فكرة الأبوة وألابوية العتيقة.Paternalism الطيبة أو القاسية بحسب الأحوال، وبحيث كان الحكم المطلق أشبه عمليا بالحكم الرومانتيكى
والدولة الفردية أقرب فى الواقع الى الدولة الشخصية Personal State .
وبالمقابل أو فى الاتجاه المضاد، ولكن للمزيد من الأسف والأسى أيضا ، فإن مصر المحافظة أبدا المفرطة الاعتدال جدا والتى لا تؤمن بالطفرة ولكن بالتدريج الوليد أساسا ، لم تعرف الثورة الشعبية بالكاد ولكن الانقلاب العسكرى فقط وذلك منذ الفراعنة والمماليك حتى اليوم بلا استثناء ولا إختلاف )).
(( وهكذا بقدر ما كانت مصر تقليديا ومن البداية الى النهاية شعبا غير محارب جدا أو الى حد بعيد فى الخارج ، كانت مجتمعا مدنيا يحكمه العسكريون كأمر عادى فى الداخل
وبالتالى كانت وظيفة الجيش الحكم أكثر من الحرب .. ووظيفة الشعب التبعية أكثر من الحكم ، وفى ظل هذا الوضع الشاذ المقلوب كثيرا ما كان الحكم الغاصب يحل مشكلة الأخطار الخارجية والغزو بالحل السياسى وأخطار الحكم الداخلية بالحل العسكرى
أى كان يمارس الحل السياسى مع الأعداء والغزاة فى الخارج والحل العسكرى مع الشعب فى الداخل، فكانت دولة الطغيان كقاعدة عامة إستسلامية أمام الغزاة بوليسية على الشعب. ))
الراجل ده عبقرى .. بلاكورة بلا نيلة تأملوا في البلوى اللي إنتم فيها .
عن برتولت برخت ((لا تتشبث بالموجه.. التي تتكسر علي قدميك.. طالما وقفت في الماء فسوف تتكسر عليهما امواج جديدة ))... نعم .. لهذا سأغادر الماء و أتوقف عن متابعة أى نشاط .. لتكتمل منظومة الإنكماش والعصيان المدني . . الله يغمهم البعدا خلوا حياتنا متتعاش.



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وباء إنقلابات العسكر
- مصطفي صفوان و تطوير اللغة
- و أصبح شهبندر التجار من الضباط .
- ذكريات مسن في الثمانين(2 )
- ذكريات مسن في الثمانين
- كراتين الأحسان في إستاد القاهرة .
- إنت من الأشرار يا علي
- كفاية إنجازات إلهي يسعدكم
- نعم .. إسرائيل هي العدو
- إنتبهوا الإنقراض السادس قادم
- أحزان (مارس ) سبعين سنة عساكر
- عندما نغترب في بلدنا
- تقدم و إرتداد الحركة النسوية عبر قرن
- علم إستئناس الشعوب
- تأملات في المسألة المصرية
- متي نفتح جرح الهزيمة وننظفه
- الحكام يأكلون الحصرم و الناس تضرس
- متين دولار بس يابخيل !!
- عندما فقدنا الإحساس بالجمال
- وسرقوا تعبنا .. وجهدنا


المزيد.....




- يوم أسود للإنسانية.. أول تعليق من الرئيس الإسرائيلي على أوام ...
- حماس: أوامر اعتقال نتنياهو وجالانت تصحيح لمسار طويل من الظلم ...
- رفض إسرائيلي لقرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو ...
- منظمة الفاو تحذر من وصول المجاعة إلى أعلى درجة في قطاع غزة، ...
- مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت والضيف.. كل ما نعرفه للآ ...
- مذكرة اعتقال ضد نتنياهو.. أول تعليق من مكتبه وبن غفير يدعو ل ...
- زلزال سياسي: المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال في ...
- حماس ترحب بإصدار المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال بحق ن ...
- حماس تحث المحكمة الجنائية الدولية على محاسبة جميع القادة الإ ...
- هولندا تعلن استعدادها للتحرك بناء على أمر الجنائية الدولية ب ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد حسين يونس - منظومة الإنكماش و العصيان المدني