أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - محمد ماجد ديُوب - أوديب وفرويد والإستنتاج القاتل















المزيد.....

أوديب وفرويد والإستنتاج القاتل


محمد ماجد ديُوب

الحوار المتمدن-العدد: 7585 - 2023 / 4 / 18 - 02:47
المحور: الطب , والعلوم
    


أوّل مالاحظته بعد قراءتي لمسرحيّة شكسبير أوديب الملك واستنتاج عالم النّفس الأشهر في العالم المعاصر ذلك الإستنتاج الذي أراه الأخطر بين كلّ طروحات علم النّفس المعاصر والذي هو وكما سمّاه فرويد : عقدة أوديب والذي لاحظته قدتكرّر مرّاتٍ عديدةٍ مع كلّ قراءةٍ جديدةٍ لهذه المسرحيّة
إنّ هذا الإستنتاج وهذه العقدة قادا فرويد من وجهة نظري وقادا من أتى من بعده في هذا المضمار وخصوصاً في مضمار معالجة أمراض النّفس عند المرضى النّفسانيّين إلى السّير في الطريق الخطأ
في المسرحيّة حدث أمرٌ غايةٌ في الخطورة والفظاعة هو لبّ فكرة المسرحيّة هو قتل أوديب لأبيه وزواجه من أمّه وهذا لعمري من أفظع مايحدث لأيّ كانٍ عاقلٍ أو شبه عاقل وبنى فرويد علماً قائماً بذاته على ما استنتجه من حصول هذا الحدث : أعني عقدة أوديب
هذا الحدث الذي وقع وفقاً لنبوءة عرّافٍ يخدم الآلهة في طيبة كعقابٍ ل لايوس والد أوديب على فعلٍ شائنٍ يوماً إرتكبه مع إبن مضيفٍ له إذ قام بالإساءة لقيم الضّيافة واغتصب هذا الإبن
فالعقوبة فحواها هو أنّه سيكون ل لايوس ولدٌ يقوم بقتله والزّواج من أمّه
لقد باتت هذه العقدة التي وضع فكرتها بناءً على استنتاجه من هذه الحدث السيّد فرويد مصدر رعبٍ حقيقيٍّ لكلّ أبٍ وأمّ وكما أرى باتت تأخذ علم النّفس العلاجي في مسارٍ غير ذي نفعٍ بتاتاً دعونا نقرأ الجزء الأهم في مسار أحداث هذه المسرحيّة والذي لم يعره السيّد فرويد أدنى إهتمامٍ
قبل الخوض في تفاصيل القراء الجديدة علينا التّوقّف طويلاً عند فكرة أنّ المسرحيّة وقعت في زمنٍ كان فيه كلّ البشر يؤمنون إيماماً عميقاً قويّاً وراسخاً بما يُسمى خرافة الآلهة وأحاديثها لسدنة المعابد التي تُعبد فيها وإجابتها عن كلّ ماتُسأل عنه بخصوص أيّ سائلٍ أيّاً كان وكأنّ هذه الإجابات أقداراً لامفرّ منها مهما حاول ذلك من تخصّهم تلك الإجابات ويؤمنون بأنّ هذه الإجابات ستتحقّق لامحالة
تقول تلك النّبوءة أنّه سيكون لملك طيبة ولدٌ سيقتل أباه ويتزوّج بأنّه كما ذُكر سالفاً كعقوبةٍ من الآلهة للسيّد لايوس على فعلته الشّنيعة مع إبن مضيفه
فكيف كان تصّرف لايوس وزوجته جوكاستا بعد معرفتهما بأمر النّبوءة وهنا مربط الفرس كما يُقال في الأمثلة الشّعبيّة والذي لم يعره السيّد فرويد أيّاهتمامٍ فقفز رأساً إلى إتّهام أوديب بما وصفه كما ورد في علم النّفس المعاصر وألصق به تهمة الشّذوذ وسمّا مافعله : عقدة أوديب ....؟
لم يستطع لايوس قتل الطّفل وترك الأمر لوالدته جوكاستا كي تقوم بالمهّة نيابةً عنه هل في هذا مؤشّر ما على قوة غريزة الأبوّة عند لايوس وانتصارها على عمق إيمانه بالآلهة و بما قالته هذه الآلهة ...؟
فكيف هو حالة غريزة الأمومة عند جوكاستا إذاً ....؟
دفع لايوس بالطّفل إلى والدته جوكاستا التي فيها غريزة الأمومة وهي التي تتفوّق بما لايقاس على غريزتها الجنسيّة وغريزتها في طلب الطّعام للبقاء على قيد الحياة والإستمرار فما كان من جوكاستا إلا أن دفعت بالطّفل إلى الخادم ليرميه في الجبل طعاماً لضواري البريّة ولكن ذلك الخادم إنتصرت فيه الإنسانيّة وباطنها الرّحمة لذلك الطفل فعهده إلى راعٍ فيبقيه على قيد الحياة وربّا وأقول ربّما عرف ذلك الخادم بقصة النّبوءة وكان يكره لايوس وزوجته فلم يرمٍ الطّفل إلى الوحوش بل إلى راع أملاً منه بتحقّف النّبوءة وبذلك يتخلّص من سيّديه لايوس وجوكاستا ..............؟!
إنّ فحوى القصّة ومغزاها العميق هو أنّه يكمن في رفض الأب ولكلّ عذره النفس - أخلاقي والقيمي حسب أخلاق وقيم كلّ العصور منذ القدم حتّى يومنا هذا بقد كان مصير أوديب بين يدي والديه دونما سببٍ سوى فعل أبيه المشين والذي إرتأت الآلهة أنّ هذا سيكون ثمنه فهل علينا تحميله مالم يخطر على باله بل وهرب من والديه بالتّبنّي عندما عرف بالقصّة فهو لم ولم يرد أن يكون قتل أبيه على يديد ولم يفكّر مطلقاً بالزّواج من أمّه فليس ذلك من الأخلاق التي يتربّى عليها الطفل أي طفلٍ في الوجود مهما كانت مشاكل أبيه مع أمّه أو مهما كانت مشكلة أيٍّ منهما فلن يخطر في باله مجرّد خاطرٍ مهما كان صغيراً في الوقت الذي يُزرع في لاوعي كلّ طفل أنّ أبويه هما الملجأ والملاذ الآمن له في حياته إلى أن يصبح قادراً على العيش من دونهما وهذا الزّرع هو أشبه تماماً بإيمان لايوس وجوكاستا بأنّ النّبوءة محقّقةٌ لامحالة
هنا أجد أن مصير أوديب هو وربّما كان لسببٍ وحيدٍ هو هروب الأبوين من حلّ مشاكلهما والتي تحدث كثيراً في العادة بين الأزواج بعد قيامهما بالعيش المشترك تحت سقفٍ واحد فكلٌّ منهما يريد أن يكون هو ربّ الأسرة الحقيقي والمتحكّم بمصير كلّ فردٍ من أفرادها وخصوصاً من قبل الأمّ التي تعيش منذ إنزالها عن عرش الآلهة على من يد من كتبوا التّوراة ومن أتوا من بعدهم من أصحاب الدّانات الإبراهيميّة حيث تم إلحاق المرأة بزوجها تماماً وهي ماتزال تكافح ليكون لها كلمتها في مملكتها الصّغيرة التي كما تعتقد بقيت لها وأعني بيتها وأسرتها
هنا وعوضاً عن معالجة الأمر بين الزّوج والزّوجة وإعادتمها إلى الإيمان بفكر المشاركة التّكامليّة بينهما في إدارة الأسرة نهرب إلى تحميل أولادهما المسؤوليّة عبر تحميلهم فكرة العقدة الأوديبيّة وإخضاع من يُظن أنّه صار يشعر بها وهي غير موجودةٍ في الأصل للعلاج من داءٍ ليس له وجود إذ لا يجوز أخلاقيّاً ولاعلميّاً أن يكون الطّفل هو الهدف البديل عن أبويه في العلاج فهذا الطفل هو ضحيّة العلاقة السّيئة بين الأبوين وهو من يدفع ثمنها قلقاً وخوفاً من المستقبل فعوضاً عن البحث عن جذور المشكلة عند الأبوين يقوم الطّب النّفسي بالبحث عنها في المكان الخطأ أعني عند الطفل
إن موقف جوكاستا الماثل في عدم قدرتها على قتل إبنها على الرّغم من إيمانها الشّديد والعميق بأ،ّ النّبوءة سوف تتحقّق وكان هذا الإيمان هو السائد يومها في مجتمع طيبة اليونانيّ أعني الإيمان بما يقوله العرّافون عن آلهتهم تواتراً متّصلاً لايرقى الشّك إلى أقوالهم تلك يدفعنا إلأى السّؤال هل كانت هي نفسها ترغب في لاوعيها أن تتحقّق النبوءة وترتاح من الأب ....؟
لكن ماذا عن عدم قدرة لايوس على الإقدام على فعل القتل وهو المعنيّ الأول بالجريمة لاحقاً كمعاقبٍ على فعلٍ مشينٍ ارتكبه كما أسلفنا .....؟
إن عدم قتل الطّفل هو برأينا هروب من المواجهة عند لايوس الأبّ وهو عند جوكاستا إمعانٌ في استمرار المشاكل بينهما مهما كانت النّتائج على كلّ الأطراف وكثيراً مانلحظ ذلك في إصرار الزّوجة على موقفها من الأب أيّاً كان المتدخّل لإصلاح ذات البين بينهما ويحدث الطّلاق غالباً في نهاية الأمر
من ناحية أخرى إذا أردنا تأويل القصّة ومجرياتهاعلى طريقة فرويد فإنّنا أنّ عدم قدرة لايوس وجوكاستا على قتل أوديب وترك مصيره بين يدي الخادم لهو دلالةٌ على أنّها يرضخان للعقيدة وتنهزم في لاوعي كلٍّ منهما غريزة الأب وغريزة الأمومة لصالح الخرافة ( الدّين ) وهنا الكارثة التي هي الإيمان بالوهم أو الخرافة أو الدّين حديثاً سمّه ماشئت
يجب علينا القول في هذا المقام أنّ الموروث المعرفي عند الإنسان هو الذي سينتصر في النّهاية ليس لأن ذلك قدرٌ محتومٌ بل لأنّ الإنسان نفسه هو من يؤمن بأنّ هذا الإنتصار قادمٌ لامحالة فيبدأ بتحييد قدرته على الفعل سلفاً
هنا كما أرى عقدة الإيمان بالوهم تبدأ انّ تكون قاتلةً كما قتلت لايوس وجوكاستا وأوديب لاحقاً
تلك هي عقدة الصّراع بين الوهم والواقع ولنسمّها عقدة الموروث القاتل أو لنسمّها أيّ إسمٍ تشاؤونه
إنّ الواقع يقول بغير ماتقول هذه الموروثات ونستمرّ في العيش تحت رايات الصّراع الخفيّ والإستسلام المّذلّ لما يقوله هذا الموروث القاتل
متى ننتفض على موروثاتنا القاتلة ونعيش كما يجب أن يعيش الإنسان ذو العقل والتّفكير السّليم .لاكما عاش لايوس وجوكاستا وقد رأينا ماذا حدث للمستقبل عندهما ....؟



#محمد_ماجد_ديُوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا بعد زلزال تركيّا....؟
- نساؤكم
- عودّ على بدءٍ حول فرضيّة الإنفجار الكبير
- إلى دعاة التّغريب والنيوليبراليّة
- هل هو حقّاً صراع إرادات ...؟
- ويسألونك عن الرّوح والحياة بعد الموت
- لماذا القداسة ...؟
- كورونا والعالم
- الله وملائكته عربٌ
- كلامٌ في الحبّ من منظورٍ علميّ
- القرآن والعلم
- في التّربية
- كلامّ في الفلسفة
- كانتا رتقاً ففتقناهما
- الولادة الثّانية
- بين الفلسفة والعلم ...الإنسان من حتميّة نيوتن إلى حتميّة ميك ...
- أهل السّنة والجماعة
- حديثٌ في السّياسة
- أوراق خريف
- أعلن الآن صمتي وموتي


المزيد.....




- بعد انتشارها فى أمريكا نتيجة جزر عضوى.. ما هى البكتيريا الإش ...
- الصحة العالمية: حالات الكوليرا بلغت 486760 ألفا و4018 وفاة ف ...
- تصاعد نسب التلوث.. رائحة الكبريت تُقلق البغداديين
- كل ما تريد معرفته عن الالتهاب الرئوي عند كبار السن.. الأعراض ...
- الأعراض الأولى لسرطان القصبة الهوائية والوقاية منه
- أطعمة ومشروبات تجنبها عند تناول المضادات الحيوية
- الضغوط تتزايد على عمالقة التكنولوجيا.. ماذا يعني قانون الأسو ...
- الحكومة الأميركية تطلب من القضاء إجبار غوغل على بيع -كروم-
- ” سجل الآن من هنا “.. التسجيل في مسابقة الشبه الطبي في الجزا ...
- مخدر الاغتصاب GHB .. مراحل تأثيره السلبى على الجسم وكيف يحدث ...


المزيد.....

- هل سيتفوق الذكاء الاصطناعي على البشر في يوم ما؟ / جواد بشارة
- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - محمد ماجد ديُوب - أوديب وفرويد والإستنتاج القاتل