نظرة إلي التراث

محمد أبو قمر

الحوار المتمدن-العدد: 7579 - 2023 / 4 / 12 - 20:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

ما ينفعش التعامل مع التراث بالتسفيه أو بالسخرية أو بمحاولة الإلغاء ، الطرق دي ضد منطق التاريخ ، التراث ده كان في زمنه إنتاج فكري يتلائم مع حياة عصره ، بالإضافة إلي محاولة المفكرين والفقهاء في الزمن البعيد ده تطوير المفاهيم وتطوير الوعي وتطوير الحياة ذاتها ، والدراسة العاقلة للتراث ده هاتبين الجوانب الجيدة إللي ممكن البناء عليها ، وكذلك الجوانب الضعيفة إللي من الممكن تجاوزها .
المشكلة إللي بنعاني منها دلوقتي هي إننا محصورين بين محاولة رجال الدين جعل أكثر جوانب التراث ضعفا وتناقضا مع تطورات الحياة ومنافاة للعقل حاكما علي الحاضر ، وعلي الجانب الآخر وتحت عنوان التنوير يحاول البعض محو هذا التراث بالكلية بالتسفيه وبالسخرية وبإبراز جوانبه الأكثر خرافية والتركيز علي أكثر جوانبه تحجرا ومدي معاداتها للإبداع وتطور الحياة دون بذل أي جهد لإنتاج منظومة فلسفية وفكرية وثقافية تستوعب ما هو صالح فيه للاستفادة منه والبناء عليه أو للوقوف علي زاوية منه أكثر صلاحية للإنطلاق منها نحو بناء نسق فكري جديد أكثر ملائمة لروح العصر وأكثر قدرة علي مواجهة الجمود والتحجر.
التراث ليس هو فقط ذلك الذي يختزله لنا رجال الدين في ابن تيمية أو الغزالي أو ابن حنبل أو الشافعي أو أبو حنيفة ، وليس هو فقط المليء بالحكايات والمواقف التي تشوه المعارف وتحط الخوف من المآلات الأخروية في قلوب الناس وتعرقل حياتهم ، التراث منظومة فكرية واسعة تزخر بالانتاج العقلاني الذي استفاد منه الغرب في قفزته نحو الحداثة كابن سينا والفارابي وابن رشد وابن طفيل والرازي وابن خلدون وغيرهم من العلماء والفقهاء الذين أثروا الحياة الفكرية والنقدية والعلمية طيلة ستة قرون كاملة من القرن الثامن حتي القرن 13 الميلادي كانت الدولة الاسلامية في أرقي أوضاعها العلمية.
كثير من المفكرين سواء في مصر أو في المغرب العربي وفي العراق والشام أنجزوا محاولات رائعة لإحياء هذا الجانب المضيء في التراث وأنتجوا دراسات عظيمة وعميقة غير أن الأوضاع السياسية في العالم العربي واختلاط الدين بالسياسة يكرران نفس الموقف الذي أدي في القرن 13 الميلادي إلي نكوص الفكر والعلم العربيين حين تمكن الفقه المتحجر من إعاقة العلم والفكر من تحقيق القفزة إلي الحداثة.

#محمد_أبو_قمر (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات