أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ثامر عباس - الاسطوغرافيا العراقية والدعوة للتحول من الأعلى الى الأسفل















المزيد.....


الاسطوغرافيا العراقية والدعوة للتحول من الأعلى الى الأسفل


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7578 - 2023 / 4 / 11 - 08:18
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



(( كل موضوع في التاريخ يستدعي ويتطلب إشكالية – فردنان برودويل ))

بداية ماذا نعني بمصطلح (الاسطوغرافيا) الذي يشكل محور هذه المقالة وجوهر مضمونها ؟ . وقبل أن نشرع بالإجابة حريّ بنا الإقرار بأننا لا نبغي المزايدة على ذوي الاختصاص (المؤرخين) ، ولا نرغب في أن نبدو كمن يدس أنفه في حقل ليس من شانه ، ولذلك نجد أنفسنا مضطرين لاختيار سبل الإيجاز والاختصار فنجيب بالقول ؛ انه (علم دراسة التاريخ) . أو بمعنى آخر انه (دراسة طرق البحث والاستقصاء في شؤون الماضي ) كما يقول المفكر والمؤرخ عبد الله العروي . ونظرا"لقلة تداول هذا المصطلح في أدبيات السرد التاريخي والاجتماعي العراقي الصادر في معظمه عن بنية عقلية تمتاز بالطابع التقليدي في النظر الى قضايا الواقع ، والتي من جملة خصائصها النفور من التعاطي مع كل مصطلح أو مفهوم يدعو الى التجديد في طرق البحث التاريخي ، ويحضّ على التحديث في أساليب التنقيب الحضاري ، خشية التعرض للمسلمات والزحزحة لليقينيات القارة بين تلافيف الوعي الجمعي .
وإزاء هذا الإصرار على الرفض والتشدد في الممانعة لعل سؤال يطرح نفسه ؛ هل حقا"لدينا (استطوغرافيا عراقية) - كما لدى بقية المجتمعات - يمكنها ، ابتداء ، الشروع بإعادة قراءة التاريخ العراقي قراءة (نقدية) و(موضوعية) خارجة عن مألوف السرديات التقليدية المتكاثرة والمتناسلة ، تنأى بنفسها – قدر الإمكان - عن أهواء التحزبات والفئويات والعصبيات التي لازمت (صناعة) تاريخنا المحشو بالمبالغات والتلفيقات منذ قرون ، بحيث لن يكون لها معيار آخر سوى (الشك) في كل ما كتب عن مواريث ماضينا الملتبسة ، و(التساؤل) عن كل ما قيل بشأن ما ألفناه من سرديات أسطورية ومرويات تاريخية أكل عليها الدهر وشرب ، ولكنها برغم ذلك لا زالت تتحكم بنوابض وعينا ومفاتيح سلوكنا كما لو أننا كيانات مخدّرة وآلات مسيّرة ، لا تدرك ما يجري عليها ويدور حولها ؟! .
ومن هذا المنطلق ، فان الادعاء بامتلاكنا مثل هكذا (استطوغرافيا) عراقية استطاعت أن تفرض وجودها الواقعي وتؤكد حضورها الرمزي ، لا يعدو أن يكون سوى ادعاء مبالغ فيه لا أساس له من الصحة بضوء واقع تاريخي لا زال محل خلاف واختلاف . وإذا ما تحرينا الدقة ، فان كل ما توفرنا عليه لحد الآن لا يتعدى حدود (العنعنات) السردية و(الإحالات) النصيّة التي امتلأت بها متون الكتب التراثية والمصنفات التاريخية بغثها وسمينها ، دون أن يتمكن أصحابها من إضافة شيء ذا قيمة نوعية الى رصيد العلم والمعرفة يمكن البناء عليه والانطلاق منه ، كما لمسنا ذلك في تجارب من سبقونا في هذا المضمار . هذا من ناحية ، أما من ناحية ثانية ، فانه من باب الإنصاف القول ؛ انه بقدر ما برع السرد التاريخي العراقي في تدوين حياة الملوك الطغاة والسلاطين البغاة والأمراء الغزاة ، والتركيز على دسائسهم الداخلية وصراعاتهم الخارجية للتمكن من حيازة مقاليد السلطة والتلاعب بمقدرات الدولة ، بقدر ما أهمل الالتفات الى حياة الشعوب المقصية ، والجماعات المهمشة ، والفئات المنبوذة التي كانت تقارع الظلم الاجتماعي ، وتغالب البؤس الاقتصادي ، وتناوئ القهر السياسي .
ولعل هذا الأمر هو ما ساهم بطمس غنى وثراء ما يسمى بالتاريخ (الشفوي) للشعوب المغلوبة من جهة ، وإبراز قوة وسلطان نظيره المدعو بالتاريخ (المكتوب) للأسر الغالبة من جهة أخرى . حيث تم في هذا السرد الاختزالي والأحادي الجانب ، (تغليب) الأحداث والوقائع المرتبطة بالبنى (الفوقية) المعبرة عن الأنشطة والفعاليات التي كان يحلو لنخب السلطة ممارستها ، على حساب (تغييب) الأحداث والوقائع المتعلقة بالبنى (التحتية) المعبرة عن هموم الطبقات الفقيرة ومعاناة الفئات المسحوقة ، بحيث أفضى هذا المسلك الانتقائي الى طغيان الطابع الأيديولوجي المرفوع الى مصاف (الأسطرة) و(الأمثلة) ، على بقية ما يناظره من أنواع السرد الأخرى ؛ الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والتاريخي . أي بمعنى الاحتفاء بكل ما له علاقة بالإيديولوجيات التمجيدية للسلطات بخصوص التسويق (لانجازاتها) الوطنية ، والطوباويات التبجيلية للحكام بخصوص التزويق (لسلوكياتهم) الأبوية ، هذا دون أن تنال الاجتماعيات والعقليات والسيكولوجيات حقها المشروع في الإشارة أو الإشادة ، بما يتناسب ودورها في سيرورة التاريخ وصيرورة الحضارة . من منطلق ان صناعة الأول وابتداع الثانية هما انجاز حصري تختص به علية القوم من طبقات الخاصة (ملوك وسلاطين وزعماء وأمراء) ، دون أن يكون (لأراذل) القوم من طبقات العامة (المهمشين والمقصيين والمستبعدين) دور في ذلك الانجاز الحصري . بمختصر العبارة أن صناعة التاريخ تبدأ من (الأعلى - القمة) وليس من (الأسفل - القاعدة) .
والحال انه لكي تستحيل (الاستطوغرافيا) العراقية الى حقيقة واقعة تستحق إسباغها بالشرعية المعرفية ، عبر تخلصها من طابعها (المؤمثل) وتخليها عن خطابها (المؤدلج) ، والنظر من ثم الى الفعل التاريخي – الحضاري لا بالمنظور (التجزيئي) و(الاختزالي) الذي دأبت عليه الكتابة التاريخية لحد الآن ، وإنما بالمنظور (التركيبي) و(التفاعلي) لمناشط الإنسان وهو يمارس حياته وينسج علاقاته في إطار بيئته الايكولوجية ، وحاضنته السوسيولوجية ، وخلفيته الانثروبولوجية ، وطبيعته السيكولوجية . فانه يتحتم عليها (الاستطوغرافيا) القيام بخطوتين متزامنتين ومتعارضتين في نفس الآن ؛ الخطوة الأولى وتتمثل بالإقلاع نهائيا"عن وظائف (التضليل) و(التجهيل) لعقول الأفراد والجماعات ، من خلال العبث بأحداث التاريخ ومخزون الذاكرة ، عبر عمليات الاختلاق في الحالة الأولى والتلفيق في الحالة الثانية . أما الخطوة الثانية فتشتمل على كسر قيود الممانعة الذاتية (التحريم) الديني – القيمي ، وتخطي حواجز الممنوعات الموضوعية (التجريم) السياسي – الاجتماعي ، والتي من شأنها حمل المؤرخين والباحثين على تغيير وجهة أبحاثهم ودراساتهم صوب تيارات الأعماق الفاعلة والمؤثرة ، بالاعتماد على مناهج التحليل والتأويل (الحفرية) و(النقدية) التي تستهدف التنقيب في رواسب المتخيل والنبش في طمى اللاوعي ! . بحيث تظهر أمامنا (الأحداث) التاريخية و(الوقائع) السياسية معراة من كل أردية (التلفيق) و(التزويق) ، التي طالما أخفت الجرائم وطمطمت المظالم المرتكبة بحق البلاد والعباد ؛ تارة باسم الدين / المقدس ، وتارة باسم الوطن / الرمز ، وتارة باسم المجتمع / الكيان ، وتارة باسم الدولة / السيادة ، وتارة باسم الزعيم / البطل ! .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المحنة العراقية : السلطة ضد الدولة
- مفارقات المثقف المؤدلج وفخ (الهجنة) الايديولوجية
- أرشيف الماضي وقاموس المعاني : قراءة في المقاصد والحدود
- السبق الحضاري في المجتمع المعطوب : فاعل عراقة أم عامل إعاقة ...
- الشخصية العراقية ورواسب الهجنة الايديولوجية
- القاع والقناع : احتباس الوعي بين التاريخ والايديولوجيا (حالة ...
- السياسة والفلسفة : تقارب أم تضارب ؟!
- الاطر الحضارية للعلوم الانسانية
- مفارقات المجايلة في سيكولوجيا الجماعات العراقية
- مجتمع الاصطناع .. وفقدان الأمثولة المعيارية
- مناقب الجمهور ومثالب النخبة !
- هل الى صحة العقل من سبيل ؟!
- العامل الاقتصادي وبندول الشعور الوطني
- السؤال الموارب : هل حقا-أنا مثقف ؟!
- مصطلح (البدوقراطية) بين حق التأسيس وحق الاقتباس
- مزالق الايديولوجيا ومآزق الايديولوجيين !
- الايديولوجيا ضد الايديولوجيين !!
- خراب العقلية العراقية وطراز المثقف النيتشوي !
- صراع العقيدة والمعتقد : بين الفتاوى الدينية والتعاويذ الطائف ...
- الثقافة والديمقراطية .. تزامن أم تعاقب ؟


المزيد.....




- -معاد للإسلام-.. هكذا وصفت وزيرة داخلية ألمانيا المشتبه به ا ...
- -القسام-: مقاتلونا أجهزوا على 3 جنود إسرائيليين طعنا بالسكاك ...
- من -هيئة تحرير الشام- إلى وزارة الخارجية السورية.. ماذا تعرف ...
- جزيرة مايوت المنسيّة في مواجهة إعصار شيدو.. أكثر من 21 قتيلا ...
- فوائد صحية كبيرة للمشمش المجفف
- براتيسلافا تعزز إجراءاتها الأمنية بعد الهجوم الإرهابي في ماغ ...
- تغريدة إعلامية خليجية شهيرة عن -أفضل عمل قام به بشار الأسد ...
- إعلام غربي: أوروبا فقدت تحمسها لدعم أوكرانيا
- زعيم حزب هولندي متطرف يدعو لإنهاء سياسة الحدود المفتوحة بعد ...
- أسعد الشيباني.. المكلف بحقيبة وزارة الخارجية في الحكومة السو ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ثامر عباس - الاسطوغرافيا العراقية والدعوة للتحول من الأعلى الى الأسفل