|
حماس أفيون الوطنية
سليم النجار
الحوار المتمدن-العدد: 7577 - 2023 / 4 / 10 - 14:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
"الوعي بالوطن" لا شك أن إشكالية الوعي تُعد من أكثر الإشكاليات التي حظيت باهتمام كبير من قِبل السياسيين والفلاسفة على مدار التاريخ الفكر السياسي، وإن كانت هذه الإشكالية قد لاقت رواجًا ضمنيَّا في العصور القديمة فإن البحث عنها ومحاولة صياغة مفهوم لها، والبحث عن متطلباتها ومعوقاتها كانت أكثر وضوحًا في الوقت الحاضر. ويعود ذلك لأننا مع التقدم التكنولوجي تداخلت لدينا المفاهيم، وتضاربت القيم بتغير الوعي إلى الحد الذي أصبحنا معه ننظر إلى الثابت بعين المتغير، وننظر إلى المتغير بعقلية الثابت، الأمر الذي ترتب عليه دوراننا في حلقة مفرغة، فلم نعد ندرك ماهية الثابت ولا مفهوم المتغير، الأمر الذي يقودنا إلى التساؤل عن ماذا نعني بكلمة الوعي؟ ومن الإنسان الواعي؟ وما أهم المعوقات التي تحول بيننا وبين الوعي؟ وبعيداً عن جمود الكلمة كمصطلح، لا بد الإشارة إلى أن الوعي وبشكل محدد ومختصر مرداف لمعرفة الإنسان بما له وما عليه، وبعبارة أخرى يعي حقوقه، وفي ذات اللحظة يعرف معرفة جيدة قد تصل إلى حد اليقين ماهية واجباته، ومرد ذلك لأن معظم المشكلات التي يعيشها الإنسان المعاصر مترتبة على المطالبة بما له من ناحية، وتجاهل ما عليه من الناحية الأخرى على كافة الأصعدة المختلفة. وإذا ما طبقنا ما تم ذكره عن أهمية الوعي والأسئلة المطروحة في هذا السياق على الوضع الراهن في ما يحدث بنابلس المتفاعل، -دما وسياس - يومَا بعد يوم؟ لقراءة البيانات والتصريحات التي تصدر عن(حركة حماس) ما هي إلا صورة صحفية مفعمة بالإيحاءات، ترسم ظِلالُها "الخريطة الإيرانية والأمريكية والطريق الإسرائيلي"، أو إن شئت فلك أن تبدّل مواقعَ الصفه والموصوف فلا فرق. وهنا الفارق بين قادة "حماس" الذين يعيشون البعد غير الإنساني -بطبيعة الحال اللاوطني وأنصارهم تكفيهم لمسات أزرار وصور "قادتهم" على شاشات الفضائيات ينتظرون منهم التعليمات تحت يافطة السمع والطاعة- (عقيدة الأخوان المسلمين)، ففي مواجهة عنيفة في شوارع نابلس تقطع الأنفاس بين السلطة الوطنية الفلسطينية وبين أهل السمع والطاعة الذين يفتون في نظرية النضال الوطني دون أدنى ممارسة في التطبيق، والكل من أهل السمع والطاعة يفتون بمنطق يوحي بالعلم، لكنه علم يفرض قوانيه دون اختبار، وإذا وقع الاختبار فقد سبق الفعل مؤثرا على الفلسطنيين والتاريخ. ويفتون بمنطق المستجد على القوة والمأخوذ بسطوتها دون إحساس بمأساة الوطن الفلسطيني الرازح تحت أخبث إحتلال إحلالي عرفته البشرية كالإحتلال الإسرائيلي. ومن هذا المنطق نذهب للقول أن "حماس" ذاهبة للعنف المعلن والممارس على أرض الواقع في نابلس ليس غاية، بل وسيلة لتحقيق ما هو سياسي- الإستلاء على الضفة الفلسطينية بمباركة إسرائيلية، ورضا أمريكي، وتشجيع إيراني، ولكن ما يحدث أن الوسيلة تفوق الغاية أهمية، وهذا ما سيؤدي إلى الدمار الشامل. إن فقدان الوعي وباختصار شديد مرادف لفقدان الإنسان لإنسانيته، الأمر الذي يقودنا إلى التساؤل حول ما هي النتائج التي تترتب على فقدان الوعي وغيبة الحرية من منظور وطني فلسطيني؟ إن الإرهاب هو النتيجة الأولية المترتبة على فقدان الحرية والوعي، كما هو حاصل الآن في شوارع نابلس من نهب وسرقة للممتلكات العامة. إن النتيجة الطببعية والمنطقية والتلقائية عودة إسرائيل لمناطق السلطة الوطنية الفلسطينية، لكن هذه المرة العودة مدعومة من مشروع سياسي تقوده حماس، من اجل المفاوضات مع هذا المحتل واستلام السلطة عبر مساومات تمتمد اطرافها ومساحتها الجغرافية من الإقليم حتى إيران التي تريد من هذا المشروع ان يكون ورقة فعالة في يدها لتفاوض امريكيا في ملفها النووي، واللافت في هذا السياق أن العم سام معجب بلعبة إيران عبر الدمى "الحمساوية" لأنها تعرف وبعبارة أدق تدرك أن إيران ليست معنية لا من قريب أو بعيد بالمشروع الوطني الفلسطيني -بقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس- وإذا كانت الحرية السياسية هي التي تخلق من الإنسان موجودا سياسيا، وتكسبه إنسانيته، كما تمارس السلطة الوطنية عبر ممارستها السياسية واقعا وتطبيقا في مختلف مناحي الحياة الفلسطينية من انتخابات تشريعية ونقابات واتحادات طلابية في الجامعات ونقابات مهنية وعُمالية، لأن السلطة الوطنية تؤمن بضرورة عدم فقدان الحرية السياسية التي يفقد الإنسان معها إنسانيته، و "حماس" التي لا تؤمن لا بالحريات السياسية إلا بما يخدم أجندتها التي تتجلى صورتها في الإستلاء على الضفة الفلسطينية. وإذا ما أردنا أن نرقى إلى التحرر الوطني من الإحتلال الإسرائيلي ونرقى إلى الحياة الإنسانية، فلا مفر من البحث عن الوعي، وبعبارة أعم إن كانت غيبة الوعي هي سبب المشكلة، الأمر الذي يقودنا في نهاية المطاف إلى التساؤل: متى يكون الوعي ثقافة شعبنا الفلسطيني؟ هذه الحلقة الأولى من سلسلة مقالات سأتناول فيها مسألة الوعي وانعكاساته على الواقع الفلسطيني.
#سليم_النجار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يا طالع الخوف لحسن الهضيبي
-
أي مفهوم ودوافع للإخوان المسلمين في زمن التفكك العربي الشامل
...
-
مصيدة الإخوان المسلمين للمعرفة
-
الإخوان المسلمين كومبارس الظلام
-
الإخوان المسلمين ذكريات لا مذكرات
-
لويس عوض ذاكرة العرب التنويرية
-
الإخوان المسلمين مذكرات محمد مهدي عاكف
-
ذاكرة لم تنطفئ نائل البرغوثي
-
أوكوزيون الإخوان المسلمين في الوطن العربي
-
كذبة اسمها الإخوان
-
الإخوان المسلمين سؤال الماضي..سؤال الحاضر
-
المثقفون والإسلام
-
الإسلام السياسي متسول للحياة
-
الإسلام السياسي فاقد الذاكرة
-
عطر الحياة وقصص أخرى للقاص الأسير سائد سلامة
-
للسجن مذاق آخر/ نصوص أسامة الأشقر
-
أيام الرمادة نواف العامر
-
رواية ستائر العتمة وليد الهودلي
-
رواية تحت عين القمر معتز الهيموني
-
رسائل في التجربة الاعتقالية وائل الجاغوب
المزيد.....
-
العقل المدبر وراء -ديب سيك-: من هو ليانج وينفينج؟
-
بانتظار قرارات القضاء.. البحرية الإيطالية تنقل إلى ألبانيا 4
...
-
احتجاجات حاشدة في دالاس ضد سياسات ترامب للهجرة وترحيل الأسر
...
-
العراق.. الأمين العام لمنظمة -بدر- يعلق على إقالة رئيس هيئة
...
-
رويترز: صور تظهر تشييد الصين منشأة كبيرة للأبحاث النووية
-
مجلس الشيوخ الأمريكي يعرقل مشروع قانون لفرض عقوبات على الجنا
...
-
انفجار في سفينة حاويات في البحر الأحمر
-
إعلام إسرائيلي يكشف عن وعد -حماس- لأسرتي البرغوثي وسعدات
-
رئيسة الحكومة الإيطالية تخضع للتحقيق القضائي بعد قرار الإفرا
...
-
مصر.. الجامعات تحسم مصير طلاب المنح الأمريكية بعد تعليق إدار
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|