|
سلم رواتب الموظفين الجديد... نقد وتعليق
احمد طلال عبد الحميد
باحث قانوني
(Ahmed Talal Albadri)
الحوار المتمدن-العدد: 7576 - 2023 / 4 / 9 - 02:50
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
تناقلت وسائل الاعلام والتوصل الاجتماعي تسريبات حول جدول سلم رواتب الموظفين الجديد المزمع اقراره ، ولمن يطلع على السلم الجديد ان صح مانشر فأنه يثير علامات الاستفهام والتعجب في طريقه التعامل مع فئات الموظفين الهشة التي تعاني من الفقر والغبن الوظيفي الذي ولد مايعرف بادبيات الاداراة بالاغتراب عن المؤسسة التي ينتمي اليها الموظف بسب غياب الرضا الوظيفي ، ويمكن ان نؤشر على هذا الجدول المفارقات القانونية الاتية : 1. تضمن الجدول الجديد زيادة الرواتب الاسمية للموظفين بلغت نسبة (110%) لموظفي الدرجة العاشرة صعوداً الى نسبة (10%) لموظفي الدرجة الاولى وهي اعلى درجة يصلها الموظف بعد قضاء خدمة وظيفية فعلية تفوق الـ (30) سنة ، وهذا الامر ان كان مقبولاً بهدف زيادة الرواتب الاسمية للموظفين من الدرجة (10 – 4) باعتبار ان رواتبهم الاسمية متدنية وتقليل الفوارق العمودية في سلم الراواتب بين الدرجات العليا والدنيا في السلم وان الزيادة وصلت الى اعلى من (100%) للدرجة العاشرة ، الا ان معدي السلم تجاهلوا معيار سنوات الخدمة والتدرج الوظيفي وضربوه عرض الحائط ، اذ ان اهم امتياز يتحصل للموظف بعد خدمة طويلة هو الامتياز المالي الناجم عن تدرجه بالوظيفه وهو حق وليس مكرمة . 2. لوحظ ان سلم الرواتب الجديد قد الغى كافة المخصصات الواردة في القوانين النافذه وقرارات مجلس الوزراء ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر المخصصات الواردة في قانون رواتب موظفي الدولة والقطاع العام رقم (22) لسنة 2008 وهي مخصصات الشهادة والمنصب والاعالة والاطفال والموقع الجغرافي والحرفه ، اضافة لماورد من مخصصات في القوانين الاخرى التخص طوائف معينة من الموظفين كمخصصات الخدمة الجامعية ومخصصات اللقب العلمي والمخصصات الممنوحة للقضاة واعضاء الادعاء العام وموظفي هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية مقابل صرف مخصصات مقطوعة مقدارها (80%) من الراتب الاسمي موزعة بنسبة (50%) تحت مسمى مخصصات تحسين معيشه وبنسبة (30%) تحت مسمى مخصصات خطورة وهذا مخالف لنص المادة (18) من قانون رواتب موظفي الدولة سابق الذكر ، وبذلك فقد اهدر معدي السلم معيار الشهادة عندما ساوى الموظف بدون شهادة مع الموظف الحاصل على شهادة الدكتوراه وهذا اخلال بمعيار العدالة الذي ينشده معدي السلم لان العدالة المقصودة تتمثل بالمساوت لمن هم في مراكز قانونية متماثلة وليس مساواة موظف الدرجة (10) مع موظف الدرجة (1) من السلم ، كما ان الغاء المخصصات الواردة في التشريعات الاخرى تتطلب تدخل تشريعي وان مثل هذا الالغاء سيجعل الزيادة النسبية في الرواتب الاسمية معدومة القيمة ، وسيتم تدوير المخصصات لتوزيعاها على الدرجات الدنيا مما يسبب ضرر للدرجات العليا ، في حين كان يفترض من واضعي السلم تحقيق العدالة من خلال رفع نسب المخصصات المستحقه لهذه الفئات المقررة في القوانين النافذه لتقليل الفارق العمودي والافقي للرواتب دون الغاء هذه المخصصات وتقرير مخصصات مقطوعه للجميع رغم تفاوت المراكز القانونية من حيث الشهادة والخدمة والدرجة الوظيفية والخبرة ، لذا فأن هذا السلم عبارة عن اعادة تدوير المبالغ ضمن اطارها ولا يتضمن اي زيادة بل على العكس تم انقاص الراوتب والمخصصات من حيث النتيجة . 3. ان تعديل سلم الرواتب محكوم بمبدأ ( الزيادة ) والزيادة تشمل الرواتب ونسب المخصصات وليس العكس ، وهذا مانصت عليه المادة (3/ثانياً) من قانون رواتب موظفي الدولة والقطاع العام رقم (22) لسنة 2008 المعدل التي اجازت لمجلس الوزراء تعديل مبالغ الرواتب المنصوص عليها في جدول الرواتب الملحق بهذا القانون في ضوء (ارتفاع ) نسبة التضخم لتقليل تاثيرها على المستوى المعيشي العام للموظفين ، ولاشك ان الوضع الاقتصادي في ضوء ارتفاع سعر صرف الدولار الموازي في الاسواق ، وفي ضوء ارتفاع اسعار المواد الغذائية وايجارات العقارات في تضخم عالي ، وان اقرار هذا السلم سينقص القدرة الشرائية لكافة فئات الموظفين وسيؤدى الى ارتفاع الاسعار بحجة زيادة رواتب الموظفين، في حين ان ان الجدول من حيث واقعه لايتضمن زيادة في مقدار المبالغ المرصدة لرواتب الموظفين في الموازنة وان الامر لايعدو سوى اعادة تدوير وتوزيع المبالغ على السلم ودرجاته والتي ستنطلي على عامة الموظفين المبتهجين بالزيادة المنشودة . 4. ان جوهر فلسفة الاصلاح المالي الحقيقي وتحقيق العدالة والوفرة المالية لخزينة الدولة تتمثل في تقليل رواتب الرئاسات الثلاثة ومخصصاتها ورواتب اعضاء مجلس النواب والذي يفترض منحهم مكافئة شهرية مؤقته لحين انتهاء تكليفهم بخدمتهم النيابية ، مع الغاء رواتبهم التقاعدية شأنهم شأن كل النواب في العالم لان هذه الرواتب والرواتب التقاعدية تشكل عبئاً على الخزينة العامة ، والمكافأة البرلمانية تنماز بخصائص ( كونها تتعلق بالنظام العام ومتساوية في مقدارها ومحمية بموجب القانون وتدفع لمدة محدودة ، خلال فترة العضوية فقط لتغطيه نفقات النائب وتكون خاضعه لضريبة الدخل وغير مبالغ في مقدارها ) وفي ذلك يقول العميد بارتملي ( ...ان السخاء في تحديد المكافئة البرلمانية لن يحول بين النواب والرشوة ، فمن ييقبل الرشوة سوف يفعل سواء اكان راتبه كبيراً ام محدوداً ....) ، وكذلك يقول الدكتور محمد عبد الله العربي ( ان الافراط في المكافأة يذكي الطمع في الكراسي النيابية التي يشغف بها ادعياء السياسة للحصول على مغانمها ....) ، وهذا ما معمول به في امريكا و فرنسا وايطاليا ومصر ولبنان والجزائر وفلسطين و موريتانيا ، وبالجدير الاشارة الى ان المادة (48) من قانون المجلس التاسيس العراقي نصت على تقاضي عضو المجالس النيابية مكافئة برلمانية مقدارها (3000) روبية تدفع اليه على شكل اربعه اقساط ، كما قرر القانون الاساسي العراقي لسنة 1925 في المادة (35) منه مكافأة شهرية لعضو مجلس الاعيان مقدارها (50) دينار طيلة مدة العضوية . 5. لم يتضمن قانون رقم (28) لسنة 2019 والخاص بالغاء امتيازات المالية للمسؤولين في الدولة اي نص يعالج تخفيض الرواتب الاسمية والمخصصات المرتبطه بالرواتب للمسؤولين المشمولين بهذا القانون، عدا بعض المخصصات كمخصصات العلاج والضيافه ، وهذا يقتضي اعادة النظر برواتب هذه الفئات لتحقيق العدالة وتقليل الفارق العمودي بين هذه الفئات وفئات الموظفين الهشة المحصورة من الدرجة (10 صعودا الى 1) من سلم الراواتب . لما تقدم ندعو اللجنة المكلفة بوضع هذا السلم ومجلس النواب مراعاة الملاحظات اعلاه عند مناقشة واقرار السلم واخضاعه لمعايير موضوعية وتحقيق العدالة لمن هم في مراكز قانونية متماثلة وفقاً للخدمة والشهادة والتدرج الوظيفي والخبرة وتقليل الفارق العمودي بين رواتب ومخصصات الرئاسات الثلاث ورواتب اعضاء مجلس النواب وبين موظفي الدولة الاخرين المحصورين في سلم الرواتب ...والله ولي التوفيق . د.احمد طلال عبد الحميد البدري بغداد 4/4/2023
#احمد_طلال_عبد_الحميد (هاشتاغ)
Ahmed_Talal_Albadri#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سانت ليغو ...وخطورة التلاعب بنسبها
-
تعليق على قرار المحكمة الاتحادية العليا رقم (232/اتحادية /20
...
-
تعليق على قرار المحكمة الاتحادية العليا بالعدد ( 24/اتحادية
...
-
اضواء على قانون الواردات البلدية رقم (1) لسنة 2023
-
حق العامل في الدفاع عن نفسه
-
اصلاح النظام القانوني لرواتب ومخصصات موظفي القطاع العام
-
اصدار التشريع عمل تنفيذي
-
الادارة وقوانين الشفافية
-
تلازم الحَوْكَمَة والديمقراطية
-
أضواء على قانون تنظيم عمل المستشارين رقم (3) لسنة 2022
-
تحديات مبدأ المساواة في سوق العمل
-
السياسات القضائية لتحقيق العدالة الإدارية
-
سحب العمل ...لايعد فسخا للعقد الاداري ....
-
حرية البحث العلمي... تنافي الضمان
-
الرجعية الإدارية....وقوى الجذب ......
-
لا سند للحجر على رأي الاستاذ الجامعي ....
-
ديوان الرقابة المالية ...والامانات الضريبة
-
المحكمة الاتحادية العليا وضوابط العدول الذاتية عن الاحكام ال
...
-
حق العامل في الطعن بقرار إنهاء خدماتة
-
مكافأة نهاية الخدمة للعاملين في القطاع الخاص وفقا لقانون الع
...
المزيد.....
-
مقارنة ردة فعل بايدن على مذكرتي اعتقال بوتين ونتنياهو تبرزه
...
-
كيف أثر قرار إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت على دعم
...
-
سفير ايران الدائم بالأمم المتحدة: موقفنا واضح وشفاف ولن يتغي
...
-
سفير ايران بالأمم المتحدة: أميركا وبريطانيا تساهمان في استمر
...
-
كنايسل تنتقد ازدواجية المعايير لدى الغرب تجاه مذكرات الاعتقا
...
-
-المملكة المتحدة ستفي بالتزاماتها القانونية-.. لندن تعلق على
...
-
5 شهداء وعشرات الإصابات بقصف الاحتلال خيام النازحين بخانيونس
...
-
شهيدان وأكثر من 20 جريح بقصف الاحتلال خيام النازحين بخانيونس
...
-
مدفيديف: روسيا تدعم قرارات الأمم المتحدة لحل الصراع الفلسطين
...
-
مذكرة اعتقال نتانياهو.. هل تتخذ إدارة ترامب المقبلة -خطوات ع
...
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|