|
قراءة أولية في كتاب الدولة المستحيلة
أحمد سعد عبيد
الحوار المتمدن-العدد: 7574 - 2023 / 4 / 7 - 16:00
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
الدولة المستحيلة فرضية يسعى الكاتب الى اثبات خطئها يقدم وائل حلاق دراسة مقارنة بين الدولة الوطنية الحديثة وبين نظام الحكم الإسلامي، ويستند في المقارنة على نماذج محددة، ويقدم عناصر المقارنة بين النظامين من نماذج ومفاهيم الدولة الحديثة قانونياً. وينظر إلى كل منهما من منظور البعد الأخلاقي ومدى توفره في كل منهما. الفصل بين السلطات يتناول وائل حلاق السلطات الثلاث في الدولة (السلطة التشريعية - السلطة التنفيذية - السلطة القضائية) في كل من الدولة الوطنية الحديثة ودولة الخلافة الإسلامية؛ فيتناول مبدأ الفصل بين السلطات في كل من الدولتين ويستخدم نقد هانز كلسن لهذا المبدأ ليصور أن هذا المبدأ غير حقيقي، ويغيب عن وائل حلاق الردود التاريخية على كلسن والتي تناولت مبدأ (الرقابة المتبادلة بين السلطات) والذي أشار في الكتاب إلى چيمس ماديسون ودوره في وضع الرقابة المتبادلة بين السلطات في الدستور الأمريكي وتناول الرقابة القضائية على القوانين، فتناول الرقابة المتبادلة بين السلطات على أنها انقاص وفشل لمبدأ الفصل بين السلطات دون أن يتناول ما يدرسه طلاب السنة الأولى في كليات الحقوق بأن المبدأين مكملين لبعضيهما، وأنهما ضروريان سويا. ويتناول الفصل بين السلطات في الدولة الإسلامية ويوضح مدى وجود هذا المبدأ ومدى تحققه ويفند الآراء التي تنتقد عدم وجوده ويحاول توضيح عناصره. ثم يتناول كل سلطة من سلطات الدولة ويقارن وجودهما في الدولتين، فيتناول السلطة التشريعية ويوضح أن التشريع في الدولة الإسلامية لا يضعه الحاكم الاسلامي بينما هو موجود مسبقا ولا يستطيع الحاكم مخالفته، بينما التشريع في الدولة الحديثة يضعه البرلمان المكون من أحزاب ويضعه السلطة التنفيذية من خلال اللوائح ويسنه القضاء من خلال السوابق القضائية. ويقارن مع الدولة الإسلامية مدى وجود ذلك ويوضح دور المفتي ودوره وأنه يعلو القاضي والحاكم في مسألة التشريع. ويتناول مبدأ سيادة القانون ويوضح أن سيادة القانون متحققة في الدولة الإسلامية أكثر من الدولة الحديثة، وذلك على الرغم من لجوئه في المقارنة إلى نموذج كارل شميت صاحب نظرية سيادة الحاكم وليس سيادة القانون. يرى حلاق إن الشريعة هي التشريع، ولا سلطة تشريعية في الإسلام ولا رقابة قضائية في الحكم الإسلامي؛ بينما لو درسنا تاريخ التشريع في الإسلام وتقنين الشريعة الإسلامية فمن الممكن تأويل التاريخ بغير ذلك، ذلك التاريخ الطويل الذي وصل إلى إشكالية إن مصدر التشريع هو الشريعة الإسلامية في الدساتير الحديثة، والقضاء الإسلامي على مدى تاريخه استند إلى مدونات مدارس الفقه وقواعد الفقه الكلية والفرعية في أحكامه، وله سلطة تقديرية كبيرة في القضايا المعروضة أمامه، وأن القضاء في الاسلام لو لم يعرف مصطلح السوابق القضائية إلا أنه عمل في قضائه بآراء الفقهاء السابقين فالقاضي كان غالبا قاضي وفقيه، ويعمل رأيه فيما يستجد بعدما لم يجد في مصادر الشريعة من قرآن وسنة وعمل أهل المدينة والإجماع وغيرها من المصادر حسب اختلاف ترتيبها طبقا للمدرسة الفقهية. ويتناول السلطة التنفيذية في كل من الدولتين ويوضح أن الحاكم الاسلامي خاضع للشريعة ولا يستطيع أن يخالفها، بينما في القانون السلطاني (تدوين الدواوين وموظفي الدولة جيش وقضاء وعمال وظائف) يستطيع أن يفعل ما يشاء، بينما الحاكم في الدولة الحديثة يمارس السلطة التنفيذية (استخدم الولايات المتحدة) بأسلوب به تدخل رئاسي. وتناول السلطة القضائية ووضح أن الدولة الإسلامية تتمتع فيها بأكبر قدر من اليقين القانوني وان الإجراءات فيها بسيطة وسهلة وهناك سرعة في الإجراءات القضائية ولا تحتاج إلى متخصص فأي رجل عامي يستطيع التوجه إلى القاضي ليمارس حقه في التقاضي ويستخدم لغة قضائية سليمة، وأن العلم بالقانون منتشر، بينما الدولة الحديثة هناك إجراءات طويلة ومعقدة وتحتاج إلى متخصص لأن العلم بالقانون يحتاج إلى جهد كبير لتنوع مصادره بين الاصدار والسوابق القضائية واللوائح التنفيذية. فبينما يضع وائل حلاق فرضية أن الدولة الإسلامية مستحيلة الوجود؛ يضع مقاربات ومفضلات للنظام الإسلامي على حساب الدولة الحديثة، فيوضح أن عناصر الدولة الحديثة ومبادئها أكثر تحققا في نظام الحكم الإسلامي. فهو يثبت خطأ فرضيته. تطبيق الأخلاقي على الديني والقانوني. استخدام دراسة علم اجتماع القانون أو علم الاجتماع الديني في الدراسات القانونية والدينية ليس معناها تجريد الديني من الدين ولا تجريد القانوني من القانون، ولكن دراسة التأثير المتبادل بين الديني – الأخلاقي، والتأثير المتبادل بين القانوني – الأخلاقي، أو بحث تأثير الأخلاقي في كل منهما، ومن ثم مقارنتهما وليس كما قدم حلاق، حيث أخلى الديني من الديني والقانوني من القانون، ولم يفعل ذلك على أساس التحييد أو الموضوعية، ولكن قدمه في تحيز واضح ليثبت أن الحكم الإسلامي أكثر أخلاقية من الدولة الحديثة، وغيب فكرة أن القانون الوضعي مستمد من الاخلاق في الغالب، وأن مصطلح القانون الطبيعي قائم على فكرة إن الانسان له اخلاقيات مفطور عليها وأن الجرائم هي الاستثناء. استخدامه للإطار الأخلاقي غير صحيح لأن الحكومة الإسلامية قائمة على أساس ديني وليس أساس أخلاقي؛ فالأخلاقي يستمد قوته من ذات الفرد الداخلية وعادات وتقاليد المجتمع. مع شعوره بالالتزام دون وجود عقوبات؛ بينما الديني يستمد قوته من وجود قواعد منزلة من الإله يترتب على مخالفتها عقوبة دنيوية وعقوبة في الآخرة. ويغيب عنه التفرقة بين القواعد الأخلاقية والدينية والقانونية؛ فالأخلاق تسري في المجتمعات وتسود من خلال اعتقاد الفرد أن الأخلاق ملزمة وعندما يسود هذا الاعتقاد في المجتمع والجماعة التي يعيش فيها الفرد تتحول إلى (عادة)، هذه العادات والتقاليد والأعراف الأخلاقية تستمد قوتها من الاعتقاد بأنها ملزمة على مستوى الفرد، والخوف من رفض الجماعة واستهجان المجتمع الذي يعيش فيه الفرد في حالة مخالفته لها. بينما الديني يستمد قوته من وجود شعور بالالتزام سببه وجود عقوبات دنيوية وعقوبات في الحياة الأخرى -فيما بعد الموت- فهناك عقوبة على مخالفة القواعد الدينية. بينما القانوني يستمد قوته الإلزامية من الدولة التي تعاقب على مخالفة قواعد القانون، باستخدام قوتها الرادعة للحفاظ على النظام العام في المجتمع بعناصره وإقرار الضبط في المجتمع. ويغيب عن حلاق بعض المعايير القانونية في الإجابة عن اسئلة قانونية؛ ليخرج بنتائج خاطئة بسبب نقص المدخلات، فالنقص في المعلومات مثل الخطأ في المعلومات يؤدي إلى نتائج خاطئة؛ فالسلطة التنفيذية عندما تضع لوائح تنظيمية لنفسها تضع هذه اللائحة لتلزم نفسها بالقانون وتعمل مبدأ سيادة القانون الذي يطبق عليها كما يطبق على المواطن وليس مجرد دور تشريعي كما يقدم، ويغيب عنه أيضا مبدأ سمو القوانين وتدرجها على الرغم من رجوعه في مصادره إلى هانز كلسن وكتابه القانوني. مدى توافق الدولة الوطنية الحديثة مع الشريعة الإسلامية يبرز حلاق أنه (لا ينبغي تفسير اطروحاتي بأن الحكم الإسلامي لا أمل فيه فإذا كان لزاما عليه أن يواجه هذا المصير، فإنه بذلك يشاطر الحداثة مصيرها ذاته فحسب. ويظل السؤال هو هل يمكن أن تفسح مجالا للحكم الإسلامي في المستقبل؟) وقول وائل حلاق: (وإذا أراد المسلمون اليوم تبني قانون الدولة الوضعي وسيادتها فإن ذلك يعني بلا شك قبولا بقانون نابع من إرادة سياسية، أي قانون وضعه أناس يغيرون معاييرهما الأخلاقية ما تتطلب الظروف الحديثة، وأن تُنحَّى جانبًا المبادئ الأخلاقية للقرآن والشريعة التي قامت على الأخلاق لقرون، لمصلحة قوانين متغيرة صنعها الإنسان). قول جانبه الصواب فهو يغيب عنه قواعد القوانين المدنية في البلاد العربية والتي تنص على مصادر القانون وإلى أي شيء يلتجئ القاضي في حالة لم يجد نص في القانون الوضعي؛ فعلى سبيل المثال وليس الحصر، القانون المصري يستند: (المادة 1 من القانون المدني المصري فقرة 2: "تسري النصوص التشريعية على جميع المسائل التي تتناولها هذه النصوص في لفظها أو في فحواها، فإذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه، حكم القاضي بمقتضى العرف، فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية، فإذا لم توجد فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة). ويغيب عنه أيضاً الدستور المصري وتواتر وجود نص (مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع) في الدساتير المتعاقبة في مصر باختلاف الاتجاهات. وذلك يؤدي إلى غياب فكرة من اين يأتي المشرع بالقوانين لدى حلاق؛ فالقانون الوضعي ليس قانون يضعه أناس يغيرون معاييرهم الأخلاقية كما يقول، لكن القوانين الوضعية تسعى لتتجدد وتتغير بحسب وجود مستجدات مثل التطورات الحديثة العلمية وضرورة وجود قانون ينظمها، وحالة تغير العادات والتقاليد والأعراف في المجتمعات والتي تؤدي إلى تعديل القانون ليست مخالفة للشريعة الإسلامية، فالفقه الإسلامي نفسه يتطور فيما لم يرد به نص. فمصادر التشريع (القرآن الكريم - السنة) مصادر ثابتة في كل المدارس الفقهية والمذاهب وبالتالي هي ثابتة النص، ولكن يتغير التفسير والمدلول بين المذاهب طبقا للمكان والزمان. بينما مصادر التشريع الإسلامي (الإجماع- القياس- المصالح المرسلة - وغيرها...)، نجد أنها ممكن القول عنها أنها شبيهة بالقانون الوضعي حيث يقوم (المفتي- الفقهاء- أهل الحل والعقد - الفقيه- ...) بمقام السلطة التشريعية في الدولة الوطنية الحديثة. والقول بعدم إمكانية استخدام الدولة الحديثة في إطار نظام الحكم الإسلامي قول غير صحيح لأن هناك دول قائمة على أساس ديني موجودة في ظل نظام الدولة الوطنية الحديثة سواء كانت إسلامية (إيران، السعودية) أو يهودية (الكيان المحتل). بل لو نظرنا إلى قوانين صدرت حديثا في الإمارات والسعودية نجد أن هناك قواعد قانونية منقولة بالحرف من كتب قواعد الفقه الكلية مثل قانون الاثبات السعودي وقانون الاثبات الاتحادي في الإمارات. وأن العديد من المبادئ القانونية الوضعية موجودة في القواعد الإسلامية بشكل أخر مثل: عدم جواز الدفع بالجهل بالقانون = المعلوم من الدين بالضرورة. فعلى الرغم من إمكانية الاتفاق مع فرضية وائل حلاق التي يعمل على إثبات خطأها في كتابه، إلا أنه يعاني من نقص في المعلومات والمداخلات التي يقدمها في تحليله ومقارنته، والمعلومات الناقصة مثلها مثل المعلومات والمداخلات الخاطئة تؤدي إلى نتائج خاطئة. والقول بعدم إمكانية توافق الدولة الحديثة مع الشريعة الإسلامية نتيجة وصل إليها بناء على معطيات خاطئة وفساد في الاستدلال ونقص في المعلومات. فالوصول إلى نتيجة أن المستقبل قد يحمل رؤية مختلفة يجعل من وجود الدولة الإسلامية غير مستحيل هو استشراف ظني غير مبني على معطيات سليمة، و(قد) ربما لا يؤكد الاحتمال ولا يرفضه، نتيجة تقع تحت مظلة النهايات المفتوحة للأفلام الدرامية. المواطنة والحرب والتضحية بالنفس في الحرب عند وائل حلاق. يتناول وائل حلاق في مقارنته بين الدولة الوطنية الحديثة وبين نظام الحكم الإسلامي دور المواطن في الحرب أو الجهاد، فيبرز أن الجهاد أما فرض عين أو فرض كفاية في الإسلام ويوضح ويبرز حالات الإعفاء من الجهاد والأولويات المقدمة على الفرد مثل حق الدائن وحق بر الوالدين، ويبرز أن الدولة الإسلامية لا يوجد بها تجنيد جبري، ويوضح أن الجهاد في الإسلام يمجد (الموت في سبيل الله واعلاء كلمته)، بينما الدولة الوطنية دون المستوى في ذلك، لأنه لا تخضع إلى التزام أخلاقي في ذلك. وانه لا توجد إجابة منطقية على سؤال لماذا على الفرد التضحية بنفسه من أجل الآخرين، فهل يجب أن يضحي المواطن بنفسه من أجل دولة لا تعرف قيمةً ولا واجبًا أخلاقيًا ولا خيرًا خارج خيرها؟ ويُغيّب حلاق أن مفهوم المواطنة في نظام الحكم الإسلامي قائمة على أساس ديني وان مفهوم (أهل الذمة) في مفهوم الحكومة الإسلامية ينفي تدخل غير المسلمين في الجهاد والدفاع، وأن هناك ضريبة في مقابل الدفاع عنهم. وهو ما يتنافى مع مفهوم المواطنة في الدولة الوطنية الحديثة، فغير المسلمين لا يشاركوا في الجهاد بينما المواطن يشارك ويجند بغض النظر عن دينه، طالما كان مركزه القانوني يسمح بذلك وتنطبق عليه شروط التجنيد. الدولة الوطنية الحديثة اختراع يلبي احتياج المجتمع للضبط. والدولة جاءت كتطور طبيعي (الفرد- الأسرة- الجماعة أو القبيلة- المجتمع المحلي- المجتمع الإقليمي- الدولة)، وليست مجرد اختراع أوروبي، بل جاءت كاختراع اوروبي من أجل تلبية احتياجات الإنسان المتطورة وكنتيجة ضرورية لتلبية احتياجاته في وجود الضبط، وفي النظريات والأفكار المختلفة التي ظهرت لترفض وجود فكرة الدولة مثل قديما (الشيوعية- الاناركية) فشلت البديل المقترح في التطبيق (نظام الكميونة) فحتى الاتحاد السوفياتي عندما طبق فكرة السوفيتات (الكميونات) قدمها في إطار الدولة وبرر وجود الدولة كضرورة مرحلية من أجل الوصول إلى الشيوعية الكاملة؛ فكل المعتقدات النظرية التي هاجمت مفهوم الدولة فشلت في الممارسة. وحديثا في العولمة والتي تتشابه في تطور المراحل التاريخية في الشيوعية لا تستطيع نظام العولمة الاستغناء عن وجود الدولة في تطبيق العولمة (كما وضح حلاق نفسه)، حتى أنه في تدويل القوانين وجعلها عالمية لا يتم الاستغناء عن دور الدولة سواء من خلال توقيعها على اتفاقيات أو مواثيق أو أقرها القانون المرغوب عولمته من خلال نظامها التشريعي الداخلي. ففرضية إن الدولة الوطنية الحديثة هي سبب المشكلة وليس حل المشكلة هي فرضية خيالية تخلو من أي معطيات توضحها أو تثبتها، وما يطرحه وائل حلاق من أن المشكلات لم تنتبه لها المجتمعات الا عندما نظمت نفسها في شكل دولة قول غير صحيح ولا يستند على اي اساس ومخالف لتلبية احتياجات الإنسان المتطورة. فالدولة خلقت من أجل تلبية احتياجات الإنسان في وجود ضبط للمجتمع. وأيضا غيب وائل حلاق الانتقادات التي توجه إلى الدولة الدينية في حديثه عن نظام الحكم الإسلامي، مثل أن الحاكم يتحول إلى حاكم باسم الإله، وأنه يتم الجور باسم العدل، وغيرها الكثير من الانتقادات التي تقدم للنظم الدينية في الحكم. العولمة ونظام الحكم الإسلامي. ويرى أن نظام الحكم الإسلامي لا يتوافق مع الشكل الحالي أو المستقبل للعولمة، وأنه ايضا لا يتوافق مع أطروحة استمرار الدولة مع العولمة في علاقة جدلية. بينما تواترت الدراسات في نظم الحكم الإسلامي إن الإسلام أمة وليس دولة، وفكرة عالمية الإسلام، سواء استندت إلى نصوص شرعية، أو محاولات إثبات عقلية. وسواء كانت افكار عالمية الاسلام تنكر فكرة الدولة، أو تحاول أن تكون أوسع منها، ففكرة عدم توافق الحكم الإسلامي مع العولمة ينتفي مع فكرة عالمية الاسلام، سواء كهدف أو فكرة. تعليق على الترجمة العربية استخدم المترجم مصطلحات (الذات- الرعوية - المكلف) بديلا عن مصطلح المواطنة؛ فمصطلح المواطنة في القانون يتسع لحقوق الأقليات وعدم التمييز سواء على أساس ديني، أو عرقي، أو جندري، أو غير ذلك. وهو ما لا يتوفر في نموذج الحكومة الإسلامية ووجوده مفترض في الدولة الوطنية الحديثة. من الدارج أن يقابل القارئ -خلال قراءة كتاب مترجم - احساس وجود شيء غامض في الترجمة، ولا اقصد هنا وجود مفردات معجمية مثل استخدام (محايثه) و(يتماهي)، لكن أقصد (الدلالة)، دلالة المصطلحات القانونية، لأن مثلاً دلالة مصطلحات واختلاف ترجمتها ممكن يؤدي إلى فهم مختلف للموضوع. تصوري عن اختلاف المصطلحات ودلالتها ممكن أقول عنه المثال التالي: Separation of Powers: Rule of Law´-or-Rule of the State? الفصل بين السلطات: سيادة القانون أم سيادة الدولة؟ وليس (حكم القانون أم حكم الدولة) مثل اختيار المترجم، لأن وجهة نظري أن حكم القانون هو تطبيق أحكام القانون بغض النظر عن أي شيء، لكن سيادة القانون تشمل في دلالتها بالإضافة إلى حكم القانون مفهوم سيادة القانون وسموه على الحاكم. وإشكالية هذا العنوان هو بحث الجدل بين سيادة القانون وسيادة الدولة، وهو جدل في فلسفة القانون مستمر، وهذا الجدل الفكري دار بين كارل شميت وهانز كالسن (وهما من استخدم المؤلف افكارهما) على مدار سنوات، فبينما شميت كان يتحيز إلى سيادة الحاكم، حيث الحاكم هو ممثل الدولة، كان كلسن يتحيز إلى سيادة القانون حيث إن القانون يطبق على الجميع سواء حاكم أو محكوم، فسيادة القانون ليس مجرد تطبيق حكم القانون لكن دلالته أكبر وأوسع من وجهة نظري. ويمثل مقال شميت "القائد يحمي القانون" تعبيره عن هذه الفكرة حيث قدم كارل شميت دور هتلر كأعلى شكل من أشكال العدالة الإدارية. بينما هانز كلسن -ممثل نظرية القانون البحت Pure Theory of Law، والتدرج الهرمي لسمو القوانين- كان موقفه مخالف لموقف كارل شميت، فبينما كلسن يعتمد على هوية القانون والدولة، كان شميت يركز على أولوية الاهتمامات السياسية للدولة. من يجب أن يكون حارس الدستور؟ كان رد كيلسن على كارل شميت في خلافهما حول الرقابة الدستورية؛ فكان شميت يعتبر أن الرايخ هو حارس الدستور. ويرى أولوية الاهتمامات السياسية للدولة على التزام الدولة بسيادة القانون.
#أحمد_سعد_عبيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماندورلا ............ و الرصيف الاخر للعالم .
-
مسعدة و زغلول
-
صباع حشيش
-
الفقيه يهجو البشر ويمدح البهائم والحشرات
-
ايروتك مترو المثييييييييييييير ححححححححححاه
-
أفكار حول التحرش الجنسي في مصر
-
نجيب محفوظ والجمالية
-
القاهرة الفاطمية
-
ملاكي الخواجة مجدي
-
النصوص المحرمة في رواية عزازيل
-
من اجل الوصول للموضوعية
-
اللقاء الثاني
-
أوهام جسدية
-
ترانيم عن العشق والحياة 1
-
علاقة انترنتية
-
حتي لا تكون طائفية
-
تكامل وتناقض الانتماء الايدولوجي
-
التمثيل النيابي للأقباط في مصر
-
مادة 2 من دستور مصر
-
بطاقة تموين
المزيد.....
-
مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا
...
-
وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار
...
-
انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة
...
-
هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟
...
-
حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان
...
-
زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
-
صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني
...
-
عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف
...
-
الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل
...
-
غلق أشهر مطعم في مصر
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|