|
الطبالة الصغيرة؛ جان لوكاريه
مهند طلال الاخرس
الحوار المتمدن-العدد: 7573 - 2023 / 4 / 6 - 00:34
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
"الطبالة الصغيرة" رواية لجان لوكاريه ومن ترجمة عبدالحميد الجمال،وتقع على متن ٦١٦ صفحة من القطع المتوسط، وهي من اصدارات وترجمة دار الهلال في مصر سنة ١٩٩٣، علما بان الرواية صدرت بطبعتها الاولى سنة ١٩٨٣.
الرواية تندرج تحت مسمى الادب البوليسي؛ فهي تتناول حرب الموساد ضد الفلسطينيين وتسلط الضوء على كثير من جوانب هذا الحرب الخفية واهدافها الغير معلنة، اضافة لكونها تستحضر كثير من صور تلك الحرب الخفية بحيث تستعرض وبشكل بوليسي لبعض العمليات التي قام بها الموساد ضد القضية الفلسطينية ومناصريها ويتتبع سير بعض هذه العمليات ويسبر عمقها ، كل هذا ضمن بناء روائي وفني مميز مما تسبب له بكثير من المتاعب، فروايته هذه خالفت السائد في اوروبا مز حيث استيلاء الصهاينة على اذان الاوروبيين واحتكارها لطرفهم، فجائت هذه الرواية لتناصر القضية الفلسطينية وتدحض كثير من الافتراءات والاكاذيب الصهيونية الخبيية والمغرضة وذات المقصد المدروس بعناية من حيث امتلاكها لناصية الصدق لوحدها فقط، وتشويه صورة الفلسطيني واظهاره بمظهر الدموي والمتخلف والمتعصب والمعتدي على اليهود وحضارتهم والكاره للغرب وتقدمه وجماله. الرواية تتناول الصراع العربي الإسرائيلي في فترة الثمانينيات،وتدور احداثها في اوروبا وان كانت طبيعة الحوارات والبناء الفني للرواية تستدعي بعضا من الصور والحوارات التي تنشأ في المهجر والشتات ويكون مردها في فلسطين، اضافة لاستحواذ بيروت والمخيمات الفلسطينية على كثير من الاحداث بصفتها عاصمة الثورة في الشتات..
بطلة الرواية ممثلة بريطانية تدعى "شارلي"، مبتدئة ومغمورة تعمل في أحد مسارح لندن ذات ميول يسارية وراديكالية وتتعاطف مع الفلسطينيين وقضيتهم.
من ناحية ثانية تطل شخصية أخرى هي "مارتن كيرتز"، ضابط إسرائيلي نجا من الهولوكوست في طفولته، يوكل إليه جهاز الموساد مهمة اقتفاء آثار شاب فلسطيني خبير في التفجيرات يدعى "خليل".
هذا الشاب الفلسطيني متهم بتنفيذ عمليات تفجير ضد أهداف إسرائيلية. يسعى مارتن إلى إقناع رؤسائه بتجنيد الممثلة شارلي، خصوصاً أنها تجسد نموذج المناضلين الأوروبيين المؤيدين للقضية الفليسطينة ما يعني إمكان استغلالها للوصول إلى خليل.
تتعقد الاحداث وتتشابك ثم ماتلبث ان تتقاطع الخطوط وتقع شارلي في شباك الموساد، فيبتزونها ويضغطون عليها كي تقبل بإداء دور مماثل لشخصيتها في الحياة ويرسلونها أولاً إلى لبنان كي تتدرب على العمليات الفدائية في أحد المخيمات الفلسطينية، ثم يجندونها في مهمة القضاء على خليل ويدفعونها للتقرب منه بهدف الحصول على ثقته اولا وتحصيل ما تستطيع من معلومات وتحركات قم استدراجه إلى الفخ.
تقع تشارلي في حب خليل لكن بعد فوات الوقت. فالشاب فخليل سيلقى حتفه في النهاية في حادثة سيارة على طريق سالزبورغ وميونخ، وتحوم حول حادث السيارة شكوك واقاويل كثيرة فكل الدلائل تشير الى انه حادث مفتعل وعن طريق متفجرات ص ٣٨٠ .
في صفحة ٣٨٨ يلقى القبض على تشارلي وتخضع للتحقيق. وفي ص ٤١٨ يتبين في التحقيق -وحسب ادعاء المحققين- ان الفتاة الهولندية التي كانت تقود السيارة تقوم بمهمات ورحلات وجولات ومأموريات من اجل عشيقها الفلسطيني بل ان لارسين زرعت القنابل نيابة عنه مرتين اوثلاثة. صفحة ٤١٨ يتم عقد صفقة سرية بين المخابرات مع الفتاة الهولندية لارسين وذلك من خلال وضعهاوايقاعها في ظرف استخباراتي وامني ونفسي صعب ومعقد وذلك بهدف اصطياد شركائها في الخلية.ص ٤٢٢ يطلب منها المحققون الانتساب للتنظيمات الفلسطينية والاختلاط معهم والتقرب اليهم بغية اختراقهم وبهدف الوصول لخليل. ص ٤٧٥ تتوالى الاحداث وتتصاعد وتحضر سيرة مجزرة تل الزعتر وذلك على لسان حوار بين كريم وياسر وتشارلي.
ص ٤٨٣ وعبر تصاعد الاحداث وتوالي الحوارات تظهر فكرة وراي محوري يقول" ان الوقت قد حان لمقاتلة الكيان الصهيوني في كل العالم. وبان الجنس اليهودي كله هو بمثابة قاعدة حربية صهيونية. ان فرصتنا الوحيدة هي ان نشد العالم من اذنيه ونرغمه على ان يصغي لنا". في صفحة ٦٠٢ تبلغ الاحداث ذروة التعقيد وتكون بطلتها تشارلي فيحتار القاريء بوضع تشارلي، هل هي مناصرة للقضية الفلسطينية ام هي مجندة لصالح الموساد؟ وهذا ما يتضح في قادم الصفحات وحتى النهاية عند صفحة ٦١٦.
تتعقد الامور اكثر واكثر عند ص ٦٠٦ وحتى ٦٠٨ فيخلص الكاتب وعلى لسان الرواي بان كثير من الاعمال الارهابية المرتكبة او التي ترتكب وتنسب للمقاومة بهدف تشويه صورتها وتقديمها للعالم بصورة الارهابي، فكثير من هذه الاعمال ان لم يكن كلها تثير الريبة؛ وعند التدقيق والتمحيص والتحقيق فيها يتضح دائما ان المنفع والمستفيد منها جهة واحدة فقط ، وهي غالبا ماتكون اسرائيل، وبان كل هذه الاعمال الارهابية المنسوبة زورا الى المقاومة انما تظهر فيها لمسات الموساد وهذا ما يوقنه العارفون بدواخل الامور والممسكون بزمام القضية.
هذه الدراما البوليسية والقدرة على الدخول الى عوالم التجسس وسبر اغواره وكشف خباياه ما كان لتنجح في هذه الرواية لولا طبيعة عمل الكاتب الاصلية والتي سمحت له بالقدرة على الحصول على المعلومة، وبربطها بغيرها، واضافة القدرته على تقمص الشخصيات بحرفية.
وهذا يقودنا للتعريف بجون لو كاريه اكثر وبما يفي بالغرض.
جون لوكاريه هو اسم مستعار للكاتب ديفيد كورنويل، الذي يتوجه الكثيرون بوصفه ملك رواية الجاسوسية.
وقد وصلت رواياته، التي تتسم بأنها مبنية على بحث دقيق ومستفيض ومكتوبة بأسلوب مميز، إلى جمهور واسع عبر تحويلها إلى أعمال سينمائية وتلفزيونية ناجحة.
ولد ديفيد جون مور كورنويل في 19 أكتوبر/تشرين الأول عام 1932 في منطقة بول بمقاطعة دورسيت. وكان والده، الذي يعرف باسم روني، محتالا محترفا في مجال التأمين، وقد وصفه أحد كتاب السيرة بأنه "رجل مخادع اسطوري، لم يتلق سوى تعليم بسيط، لكنه يتميز بجاذبية هائلة وخيارات ذوقية هابطة ولا يمتلك قيما اجتماعية".
لقد منحت هذه السمات لكورنويل الشاب مدخلا مبكرا إلى فنون الخداع والتعامل المزدوج التي ستشكل لاحقا مادة كتاباته الأثيرة.
وقد هجرت والدته العائلة عندما كان بعمر خمس سنوات، لذا اخترع الصبي ديفيد حكاية خيالية عن أن والده كان يعمل في الخدمة السرية ليبرر غيابه المتكرر عن المنزل.
وبعد أن أكمل دراسته في مدرسة شيربورن، انتقل إلى جامعة بيرن لدراسة اللغات الأجنبية.
وقضى خدمته العسكرية في سلك الاستخبارات العسكرية، يُدير عملاء ثانويين في الجبهة الشرقية قبل أن ينتقل للدراسة في كلية لينكولن بأكسفورد، حيث حصل منها على درجة البكالوريوس.
وبعد أن عمل في التدريس نحو سنتين انتقل للعمل في وزارة الخارجية. وفي البداية أعطي منصب سكرتير ثانٍ في السفارة البريطانية في بون.
وخلال الزمن الذي قضاه هناك، عمل في قسم السجلات الاستخبارية، وبدأ بتدوين أفكار أولية لقصص جاسوسية خلال رحلاته بين العمل والبيت.
#مهند_طلال_الاخرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جسر على نهر الاردن؛ أسامة العيسة
-
جسر بنات يعقوب؛ حسن حميد
-
الخرز الملون؛ محمد سلماوي
-
نصفي الآخر؛ شفيق التلولي
-
الجنة المقفلة؛ عاطف ابو سيف
-
الكتاب الاسود عن يوم الارض 30 اذار 1976
-
حنظلة؛ بديعة النعيمي
-
الف يوم في زنزانة العزل الانفرادي؛ مروان البرغوثي
-
انا والمُحقق والزنزانة؛ سعيد ابو غزة
-
مقاومة الاعتقال؛ مروان البرغوثي وعاهد ابوغلمة
-
بانتظار القمر؛ مي الصايغ
-
تيسير قبعة الانسان والقضية؛ وليد نويهض
-
فتح من البندقية الى السرداب؛ عبدالقادر ياسين
-
الليلة عيد راس السنة
-
نوبة حنين لفلسطين
-
الحياة وقفة عز، عزمي منصور
-
تحسين فؤاد صايمة، الحياة وقفة عز
-
دروس وتجارب ثورية؛ التضحيات والنتائج
-
الليلة عيد راس السنة، الى فتح في عيدها 58
-
نوبة حنين
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|