أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الصراع بين الطبيعة التكوينية وضرورات السلام؟














المزيد.....

الصراع بين الطبيعة التكوينية وضرورات السلام؟


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7572 - 2023 / 4 / 5 - 00:29
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كثير من علماء النفس الأجتماعي وعلماء الأجتماع الوظيفي يشيرون إلى جانبية مهمة من طبيعة البشر، ألا وهي أنه نظرا لكونه من الجنس الحيواني في الأصل وتطور من خلال العقل لينفصل إلى جنس مستقل متميزا عن الطبيعة الحيوانية بقدرته على التحكم بوجوده وإدراك ذاته التي بحاجة للتطوير، هذا التحول لم يترك في الإنسان طبائع تتقاطع مع طبيعته الأولى ومنها حبه للصراع أو ميله الدائم للصراع، فالوجود الحياتي عنده عبارة عن سلسلة من الصراعات المستمرة التي لا تنتهي بدأ من الصراع من أجل البقاء وأنتهاء بالصراع من أجل الجنة، هذه الطبيعية التي نكاد نستكشفها بشكل واضح في الأزمات والظروف الغير مواتية، تبين لنا أن الأصل الحيواني في الإنسان غالب على المعرفة وعلى الإدراك وعلى التطور مهما حاول الإنسان أن يتكيف مع الواقع بالأستفادة من التعقل ومن المعرفة والتجربة التاريخية، لذا كثيرا ما كنت أردد (أن ضع الإنسان أمام خيارات مأزومة سرعان ما يظهر الطبع القديم فيه إن لم ينجح عنده العقل بأن يفتح أبوابه المغلقة سريعا)، هذه المقدمة أسوقها في تناولي لموضوع الصراعات الفكرية أو الأيديولوجيات المتصارعة وأثرها على السلام الإنساني العام.
ومن هنا فأنا أجزم بالمقدمة أن كل فكر أو أيديولوجية تقوم على مبدأ أعتماد الصراع أساسا للبقاء، وتجعله محورا فلسفيا في تفكيرها على أنه الخيار التمامي الكمالي الذي لا مفر منه، لا بد أن أين يكون مصدرها أو ذات جذور من التفكير المؤسس التلمودي، الصراع للصراع منهج وأسلوب حيواني سبعي إقصائي وليس طريقة عقلانية لفهم حركة الوجود، النظرية الكونية التي يعتمدها العقل الراشد خاص والديني المسالم تقوم على مبدأ المنافسة من أجل المشاركة، ومن جلال وجود الأضداد والتناقض الذي يعتبر قضية أساسية في التكوين الوجودي والتكييف المستهدف للتطور، ولا تقوم على مبدأ تحويل الوجود إلى قطب منتصر وقطب خاضع له نتائج صراع إقصائي، بل لا بد من وجود القطبية النوعية كحتمية منطقية للديمومة والرقي.
فكل الصراع الطبقي أو الصراع الديني وحتى الصراعات البينية التي تقدم على أنها حتميات تاريخية ناتجة عن طبيعة الواقع وواقع الحياة العامة بتفاصيلها الكثيرة، هي في الحقيقة والمراد منها أصلا تحريض فكري على نسف العلاقة الديناميكية التي تسير الوجود وتضمن الحفاظ على سيرورته المتصاعدة من خلال المنافسة الطبيعية اللازمة، إذا الصراع لأجل مبدأ الصراع بهدف تمكين جهة واحدة من التحكم والسيطرة على مجريات الوجود الكوني أو حتى المحدود بمديات الصراع، ومن ثم يصار لاحقا إلى التحكم بالوجود من خلال ما يعرف بالعقل الكوني المرتبط بمفهوم شعب الله المختار، هو خيار أيديولوجي مبني على تزاحم الأنا المريضة بالعظمة، مع الأخر المختلف أو الذي ينظر له بالدونية أو عدم الأحقية بالتزاحم أو المنافسة، وهي من مبدئيات الروح الأنتقامية لمجموعة من البشر تظن أن الوجود لها ومسخر لخدمتها بما فيه البشر.
قد يعترض البعض على ما ذكرت ويذكرني بالتناقض الذي جاء في الكلام، فمرة أذكر أن الصراع طبيعية حيوانية متأصلة بالبشر ولا يمكننا التخلص منها، في مكان أخر أذكر أن الصراع من أجل الصراع هم فعل مختار ومراد من مجوعة من البشر، هذا التناقض قد يهدم الفكرة ويجعلها عرضة للكثير من تاى علميو، الحقيقة التنازع والصراع فعلا طبع بشري طبيعي وهذا لا خلاف عليه، ولكن وهنا جوهر القضية هذا الصراع مشروط بتوفر عوامله المحركة أولا، ثم اوفر البيئة الحاضنة والمشجعة عليه ثانيا، وأحيرا وثالثا الفائدة من الصراع ومحركاته، أي البحث عما بعد الصراع، لو نظرنا وعلى الأقل بعيدا عن التاريخ ودققنا في الصراعات الحالية أسبابها مبرراتها عواملها المصنعة "الحراك الخفي" الذي يشعل الصراع، سينكشف لنا أن التناقض لم يكن موجود أصلا، التفرقة ضرورية إذا بين الصراع الطبيعي المرتبط بعوامله الذاتية نتيجة أشتداد المزاحمة وقوة التنافس اللا مسيطر عليه، وبين الصراع المختار والمراد لعلاته البعيدة المتضمنة واحدة من مظاهر القوة (المال أو السلطة أو كلاهما).
من المعضلات الأساسية التي واجهها الوجود الإنساني كنتيجة لواقعية وطبيعية روح الصراع والتكوين الذاتي له، أنه أيضا بشكل أو بأخر يميل إلى السلام والأمان والبحث عنهم لأنهما يجعلان من وجوده سهلا ومتاحا، هذا التناقض واحد من دوافع التطور والنمو المعرفي ويشكل حدوث أحدهما تجربة وقيمة مضافة للثراء الفكري عنده، لكنه وأقول أيضا أنه لم يحاول أن يؤطر السلام كخيار أولي ورئيسي وأساسي ويجعل منه القاعدة الأوجب، لا سيما أن خيار الصراع وإن كان في بعض الحالات شكل توعا من الحلول السريعة والتي تنهي إشكال وجودي وليس غالبا، إلا أنه خيار مكلف ومؤذي ويجرح إنسانية الإنسان حتى المنتصر ويترك ندوبا كبيره في ضميره، فضروريات السلام وبالتجربة تتقدم على كل مبررات الصراع ودوافعه، ومع ذلك لا يتردد أن يشعل في كل مرة هذا التنازع خاصة إذا كان دمويا وقاسيا، ليصل إلى مرحلة لاحقة أن يدفع ثمن السلام بأضعاف قيمته الحقيقة عندما كان متاحا أن لا يخوضه منذ البداية.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكفر والكافرين والعقل المتخشب في الدلالة والمقصد
- الإيمان الطوعي والإيمان المتغلب
- بلاغيات ... من وحي التكوين 2
- بلاغيات ... من وحي التكوين
- ذكر إنما أنت مذكر... ح 6
- ذكر إنما أنت مذكر... ح 5
- ذكر إنما أنت مذكر... ح 4
- ذكر إنما أنت مذكر... ح 3
- الرسول والرب والغراب
- ذكر إنما أنت مذكر... ح2
- ذكر إنما أنت مذكر...
- الكتابة بدون هدف...
- حكاية الطين والرمل والحجر
- رمضانيات...ولكن.
- لا مهديا بعد كتاب الله ورسوله. ح2
- لا مهديا بعد كتاب الله ورسوله. ح1
- قراءة في المتغيرات العراقية القادمة
- حرزف.... وأزرار
- أنا والطريق
- خرافات


المزيد.....




- ترامب يعلق على رفض بايدن إمكانية مهاجمة إسرائيل لمواقع إيران ...
- ترامب لإسرائيل: اضربوا منشآت إيران النووية
- وزير كويتي سابق: لن تكون هناك أزمة حدودية مع العراق إذا حسنت ...
- أنباء عن استهداف شقة في شمال لبنان بـ -مسيرة-
- بايدن: الفرق الأميركية والإسرائيلية على تواصل دائم بشأن التط ...
- إسرائيل: مقتل جنديين في هجوم بمسيرة -من الشرق-
- لأول مرة منذ بداية الحرب.. الجيش الإسرائيلي يستهدف طرابلس شم ...
- الجزائر تستغرب من عدم تحديد الجناة في تفجير -السيل الشمالي- ...
- المغرب.. رصد عوامل تعرض 40% من تلاميذ المملكة للتحرش الجنسي ...
- بايدن -قلق- مما سيفعله ترامب في الانتخابات الرئاسية، في أول ...


المزيد.....

- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الصراع بين الطبيعة التكوينية وضرورات السلام؟