|
العقل العراقي عصي على الاحتلال
جمال محمد تقي
الحوار المتمدن-العدد: 1711 - 2006 / 10 / 22 - 00:16
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
سره فيه متألق بالمطلق ، ولا يمكن امتلاكه ، يريد احتواء السر كله ، ولانه كذلك فهو لاينفك يقاوم من يحاولون العبث بمقدراته ، ولانه المعي وحار وحيوي وغير متلقي فهو جامح ، ولانه منطقي فهو متسق مع ذاته ، انه شديد التنوع بالقدرات والخلجات التي لا تقر بالتدني او التروض المفروض ، ولانه متعافي من الدونية ، فها هو عدوه يحتار به ! العقل العراقي شكاك بطبعه ، عنده النفي مبتدأ لصيق لاي تعليق على خبر يرده ، فهو بالفراسة يمنح نفسه فرصة اعادة صياغته بمنطقه هو ، محتويا اياه بنفي نفيه ، معيدا انتاجه وبكيف جديد ! لا . . مرادفة لاي رد على جملة خبرية عنده ، ولا ابتداءا ، ولا بكل اللسن لكل جمل السمسرة المكشوفة والمتسترة ! ان يحتلون هذا العقل امر غير عقلي ! لقد احتلوا البلاد ، احتلوا الثروات ، احتلوا الاذاعة والتلفزيون ، احتلوا الصحف ، احتلوا وزارة الدفاع ، احتلوا القصر الجمهوري ، احتلوا كل المعسكرات ، وانهمكوا في التخريب ، اذاعوا كل ما في جعبتهم من بيانات معلبة ، وانتظروا ان يخرج الناس اليهم بالهتاف ، فخرجوا عليهم بما لا يطاق من صنوف المنازلات التي لا يمكن ان يقال عنها الا انها تليق به . قتلوا اكثر من 650 الف من المواطنين ، اغتصبوا الرجال قبل النساء في المعتقلات ، وحملوا معهم اقنعة عراقية زائفة في كل الخطولات ، انتجوا افلاما عن الديمقراطية وحقوق الانسان واستخدموا اخر صرعات الاكسسوارات ، ومنها كانت صناديق جمع التوكيلات المزورة ، كان الاستفتاء جنازة شفافة تفضح نفسها بنفسها ، روعوا الناس بقطع الرؤوس والتموين والكهرباء والماء وكل الخدمات ، تفننوا في تركيب حربا طائفية وعرقية قبلية ، لتغطي بدخانها على فشلهم في تصفية كل الحسابات مع العقل العراقي ! اصدروا فتاويهم المتأمركة وفبركوا احزابا للطوائف والاحياء ، ونشروا الفساد . ولان للعراق عقل لا يحتل ، فشلت سيناريواتهم على كل الابعاد ، والمقاومة تشتد ، والحال يؤشر لوثبة عظيمة لا تعيقها سدود الاوغاد .
العقل العراقي حاد :
كالسيف كالحقيقة ذاتها ، كالسراط المستقيم ، ميزان للمسلمات والبديهيات والبراهين الدفينة ، له عمق في جذور متصلة بالحبل السري الذي يغذي اجنة الضمائر الحية ، لماح ، كالماس لا يصدأ ، قد تغطيه الاتربة او النوائب ، دعكه كفيل باخراج مارده المدهش من قمقمه السحيق ! لقد صنعوا الهرج والمرج بين فئات الحل والعقد ، وخلطوا اوراق ، الحق بالباطل ، اوراق الدعارة بالدين والسياسة ، فصار المشهد متداخلا ومن الصعب الفرز فيه بين المومس وشيخ الطريقة والقواد وبين العمل السياسي واللواط ، بين اليسار وليمين ، بين العمامة والقلنسوة والشروال والملابس الداخلية ، بين الليبرالي والشيوعي والشاذ جنسيا ، بين السحاق وتقيء الوحم ، الحلم والوهم ، بين الايات الشيطانية والايات الرحمانية ، بين الجدل والدجل ، بين الشطارة والبغاء ، بين الحكمة والجهل ، بين الدم والنفط ، بين الماء والبول ، بين الكهرباء والبلاء ! وحده العقل الماسي ، العقل العراقي يراى المشهد وشخوصه عرايا في بونوراما قل مثيلها ، حتى كربلاء تصغر امام هول معاني ما يراه ، يراى المخصيين دون اقنعة الفحولة ، يرى المنقبين والمنقبات مثقوبين ومثقوبات ، يرى رهبانا بينهم يتلذذون بالتحرش الجنسي بالاطفال ، يرى بريمر ينكح في مكتبه بالقصر الجمهوري جواريا طائعات عربيات وكرديات وتركمانيات وكلدانيات واشوريات ومندائيات ، وما ملكت ايمانه ، يرى رجالا من الشمال والجنوب يتخنثون له بملابسهم الداخلية متمنين عليه ان يسرهم بمنيه على وعسى ان يكون منه المن والسلوى ! يرى جون ابي زيد يعجب في سره بطلعة صدام وتماسكه ! يرى ما لا يراه الاخرون ! يرى ما لا يراه المحتلون ! يرى ما لا يراه المعممون والاغوات وقحاب السياسة والعورات ، يراهم ناقصين عقلا ودين ! يرى هذا العقل الحاد ببصره وبصيرته ان القادم من الاحداث سيكون لواحق ، فالامر محسوم ومجزوم ! الاحتلال مهزوم مهزوم مهزوم يا ولدي ! والعملاء في الدين والسياسة مسحوقون لا محال ! اما الدستور وفدرالية البغال فهي ستمسح من الذاكرة كما مسح قرآن مسيلمة الكذاب ! طنينهم صحفهم ومحطاتهم ومواقعهم ومراكز دراساتهم ورجالاتهم المتمنطقين والمتسفسطين والطبالين لفكر وفلسفة الاحتلال وتداعياته يبقى طنين ذباب سينتهي بمجرد انتهاء طعم وطعام الاحتلال الذي يغري الذباب بالتجمع حوله ! العقل العراقي يرى المقاومة هي التي ستعيد توحيد البلاد التي قسمها الاحتلال ، المقاومة هي التي سترمي فدارليتهم ودستورهم الاقطاعي التقهقري الى مزابل التاريخ ، المقاومة ستجعل الامبراطورية الامريكية تخرج من طورها الى حيث حتفها !
هذا العقل يخاطب عقول الاخرين ويتساءل بعقل :
يحاولون غسل الادمغة بالتكرار والاجترار والترغيب والترهيب والترويع والتبضيع دون جدوى! متى واين كانت الصحف الصفراء والمواقع والاعلانات مدفوعة الثمن ، وما تزركشه وترتشه من صور مخادعة وكلام معسول عن الحكام ، وخدام الاحتلال مقياسا ، واستطلاعا نزيها لما يراود الناس ؟ متى واين كانت الاذاعات والقنوات التلفزيونية الرسمية او المشتقة منها تشكل الحاوية الطبيعية لما يراود المشاهدين والمستمعين ؟ متى واين كان المحتلون صادقين في الاجابة على تساؤلات شعوبهم وعلى اتهامات المقاومين ؟ متى واين كانت العبر تأخذ بنتائج تزييف الحقائق بالتصفيق والهتاف والخروج لتأدية واجب تفرضه الاجهزة السلطوية والميليشياوية والدينية المنحرفة والمغرضة والغارقة بحسابات الخسارة والربح حتى اذنيها ، فهل كل خروج نحو صناديق الاقتراع هو تعبير ديمقراطي ، ولو كان الامر كذلك فان القاء الفضلات في صناديق الزبالة وحاوياتها ستكون قمة المشاركة الديمقراطية ، ديمقراطية الزبالة ! متى واين كانت الوطنية تعني تقاسم الوطن وشؤونه مع المحتلين ؟ متى واين كانت النخب الفكرية والثقافية والعلمية والاجتماعية اسيرة لذاتيتها على حساب مجتمعاتها ؟ متى واين كان اليسار او اليمين ذراعين طيعين للمحتلين ؟ متى واين كان هناك برلمان يمثل شعبه ينشغل بتقسيم الوطن الى غنائم اقطاعية في الوقت الذي يذبح كل ساعة 10 من ابناء هذا الشعب بيد المحتلين وفرق موته ؟ متى واين تجد برلمان محترم يسد اذنيه عن سماع خبر مقتل اكثر من نصف مليون مواطن من مواطنيه دون ان تهتز له شعرة ؟ هل سمع احدكم بدستور يسمح بعدم احترام الدولة التي يدستر لها ؟ ؟ هكذا مشروع لا يتعاشر مع العقل والمنطق العراقي الذي يتلذذ بتعقب الاسباب قبل النتائج مصيره الفشل المؤكد ، والنصر كل النصر للعقل العراقي المزود بدفعه الذاتي غير المقيد .
#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثلاثة اذا ذكروا ذهب العراقيون لقضاء حاجتهم !
-
خذوا الحكمة من افواه جنود العدو!
-
النحس يلاحق حكومة الاحتلال غير الدائمة !
-
امريكا تمهد لمرحلة القواعد الدائمة في العراق
-
حركة عدم الانحياز مطالبة بالانحياز
-
محمود درويش تجاوز النوبل مرتين
-
ايران بين مزدوجين
-
من يحزر في يد من خاتم بغداد ؟
-
نظرتان متقابلتان
-
11 سبتمبرحريق في الرايخشتاغ الامريكي
-
البراءة الكبرى
-
من يوميات الحب السري في بغداد
-
الحرية للكاتبة العراقية كلشان البياتي
-
عصامية نجيب محفوظ
-
الى الاخ سامر ومن خلاله الى كل من يهمه الامر
-
يريدون انفجارا ذريا للعناصر الاجتماعية المشعة في العراق
-
الحرب السادسة ليست اخر حروب المنطقة
-
انهيار البورصة السياسية في العراق الجديد
-
اقطاعية شمال العراق نموذج للديمقراطية الدموية في العراق الجد
...
-
عزل لبنان عن الصراع العربي الاسرائيلي مهمة مستحيلة
المزيد.....
-
تحليل: رسالة وراء استخدام روسيا المحتمل لصاروخ باليستي عابر
...
-
قرية في إيطاليا تعرض منازل بدولار واحد للأمريكيين الغاضبين م
...
-
ضوء أخضر أمريكي لإسرائيل لمواصلة المجازر في غزة؟
-
صحيفة الوطن : فرنسا تخسر سوق الجزائر لصادراتها من القمح اللي
...
-
غارات إسرائيلية دامية تسفر عن عشرات القتلى في قطاع غزة
-
فيديو يظهر اللحظات الأولى بعد قصف إسرائيلي على مدينة تدمر ال
...
-
-ذا ناشيونال إنترست-: مناورة -أتاكمس- لبايدن يمكن أن تنفجر ف
...
-
الكرملين: بوتين بحث هاتفيا مع رئيس الوزراء العراقي التوتر في
...
-
صور جديدة للشمس بدقة عالية
-
موسكو: قاعدة الدفاع الصاروخي الأمريكية في بولندا أصبحت على ق
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|