|
إسمُ الوردَة : ثيمة الجريمة في رواية لباموك
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 1710 - 2006 / 10 / 21 - 10:04
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
أولاً ـ لبْسُ القصة البوليسية
القصة البوليسية ، صنفٌ روائيّ لا يخلو من إلتباس ؛ خصوصاً في التقييم النقديّ ، المعاصر . كلاسيكياً ، عُرفَ هذا الصنفُ بشغفٍ غامر لدى القراء ، حتى أنه طغى على الآثار الاخرى من " الرواية الشعبية " ؛ كحكايات المغامرة والقصص التاريخية . إلا أنه كصنفٍ روائيّ ، فيه ما فيه من إثارة ومتعة ، ما كان لشعبيته إلا أن تتتخطى حدودَ الزمن ، محتفظة ً بدرجتها ، الرفيعة ، في مراتب الأدب . فالقصة البوليسية ، وفقاً لبنيتها الفنية ، يتوفر فيها ، على الأقل ، أحد شروط الإبداع ؛ وهوَ لذة القراءة . إن حبكتها مبنية ، كما هوَ معروف ، على لغز الجريمة والبحث عن القاتل . علاوة ً على أنّ الحوار فيها يهيمن على مساحة السرد ، مسترسلاً فيما بين شخصيات القصة ، القلقة ، والمحقق الذكيّ ؛ وبالتالي ، إهمال تفاصيل السرد من وصفٍ ومونولوج داخليّ وخلفيات وتناص ، المميزة للأصناف الاخرى من الرواية . لا غروَ إذاً أن يكون الشخصُ " المدمنُ " على القصة البوليسية ، قارئاً كسولاً ـ إن صحّ التعبير ؛ بما إعتاده على السهولة في القراءة : وقبل كل شيء ، توافره على مقدار كبير من المتعة في تواصله بلغز الجريمة ، وتتبعه المنبهر لمغامضها المكتنفة أجواء الحدث ، وصولاً إلى حل عقدتها في الصفحات الأخيرة من القصة . كل هذا ، يجعل القاريء أسيرَ الأثر الكلاسيكيّ ، ويحول بينه وبين حقيقة الأدب ؛ كنصّ منفتح على كافة أشكال الإبداع ، وفي الآن نفسه على قراءاتٍ متعددة .
ما أن تنطق بكلمة " رواية بوليسية " ، حتى يهينمُ عليها إسمُ " أجاثا كريستي " ( 1890 ـ 1976 ) ؛ الروائية البريطانية ، الذائعة الصيت في العالم أجمع . لا ريبَ أنّ العصرَ الحديث ، المضطردة في كلّ عقدٍ فيه إنجازاتُ العلم وإكتشافاته ، قد هيأ لكاتبتنا هذه " المواد الأولية " لقصصها الفاتنة ، المثيرة . كانت الرواية البوليسية في أوروبة ، قد بدأت تجدُ رواجاً كبيراً مع المؤلف كونان دويل ؛ صاحب الشخصية الشهيرة ، المختلقة ، " شرلوك هولمز " . غيرَ أنّ قصصه ، المسلسلة ، بقيتْ متسمة بغلبة لغز الجريمة على أجواء السرد وحواره ، جاعلة شخصية البطل محورها . مع أجاثا كريستي ، ستتناهى الرواية البوليسية إلى ذروة كمالها ؛ وبوصفها صنفٌ أدبيّ ، خالص ، قادرٌ على إستجلاب رضى العامة والنخبة ، على حدّ المساواة . طريقة الكاتبة ، في إعداد مواد كلّ من رواياتها ، لا يمكن إلا أن تحيلنا إلى كبار كتاب الواقعية الجديدة في عصر الحديث ؛ أمثال بروست وجويس وتوماس مان . فضلاً عن صحة الإحالة نفسها ، سواءً بسواء فيما يخصّ ولوغ كاتبتنا إلى أعماق نفسيات شخصياتها أم إهتمامها باللغة سرداً وحواراً أم إغنائها الأثر المكتوب بالإستعارات والأحاجي والتناص . إنّ أعمال أجاثا كريستي ، الروائية ، ربما تطابقُ شروط النقد الحديث في تقييمه للأثر الكلاسيكي ، الخالد ؛ كمنتج أدبيّ يتخطى موقعه الزمنيّ ، بوصفه نصاً منفتحاً على المالانهاية من القراءات المقاربة . (1)
إذا وضعنا القصة البوليسية جانباً ، يصحّ لنا النظرَ إلى ثيمة الجريمة بوصفها ليست أكثرَ الأساليب إثارة ً في الرواية المعاصرة وحسب ، بل وأيضاً أفضلَ المواضيع المتاحة لمضمون النصّ كيما يكشف أزمة البطل النفسية وجوهر أعماقه . هذه الثيمة ، بدا كما لو أنها " تسللت " من الرواية البوليسية إلى أختها ، الواقعية ؛ مع ملاحظة أنّ الأخيرة ، إنما تتقمّصها كشكل للسرد غالباً ، فيما الأولى كشكل ومحتوى وهدف ، معاً : وهوَ ما عنيناه ، بتوصيف النقد للقصة البوليسية ، كصنف روائيّ . لعل إدغار ألن بو ( 1811 ـ 1849 ) ، بوصفه من رواد الأدب القصصي ، كان السباق إلى الإغتراف من ثيمة الجريمة ، بإدراكه أهميتها ، آنفة الذكر . لم نرث من هذا الكاتب العبقريّ سوى أعماله في القصة القصيرة ، الغرائبية . إنه يذكرنا بكلا خصلتيْه بزميله في الإبداع ؛ الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس ، الذي جاء بعده بقرن كامل لكي يطوّر تقاليد الرواية السحرية ؛ بالرغم من حقيقة / مفارقة كونه كاتباً قصصياً ، لا روائياً . وعودة إلى الأول ، ألن بو ، لنجدَ أنّ أشهرَ مجموعاته القصصية ؛ " القط الأسود " (2) ، متمحورة عموماً حول فعل الجريمة بوصفه قدراً لا مفرّ منه ، وكما لو أنه مصيرٌ مواز لحياة البطل ومنتهاها ، التراجيديّ . بيدَ أنّ موضوع الجريمة ، أدبياً ، سيرتبط بإسم الروائي العظيم دستويفسكي ( 1821 ـ 1881 ) ؛ بما أنه غلبَ على أعماله المهمة . ففي أشهر رواياته ، " الجريمة والعقاب " ، المستلهمة إسماً ومحتوىً تلكَ الثيمة ، الموسومة ، نلاحظ ُ فعلَ القتل وهوَ متواشج بـ " فكرة " البطل ، عن الإنسان المتفوق ( السوبرمان ) . ويذهب بعض النقاد إلى أنّ دستويفسكي كان متأثراً وقتئذٍ بشدة بالكاتب بلزاك وروايته " الأب جوريو " ؛ التي تردُ فيها فكرة عن إمكانية الإغتناء بقتل موظف صيني . ويبدو أنّ رواية بلزاك ، في زمن كاتبنا الروسي ، كانت متداولة بين شبيبة " بطرسبورغ " . بيدَ أنّ دستويفسكي طوّر الثيمة ، مبتدعاً فكرة اخرى هيَ " الحائل " ؛ التي تجعلَ القاتل شخصاً مثقفاً تنتابه هواجس عن العقبات المحيلة بينه وبين طموحه المنزه عن الأغراض المصلحية ، الشخصية . وهذا كاتبنا الروسيّ ، في عام 1865 ، يكتب إلى ناشره بخصوص مسودة " الجريمة والعقاب " ، شارحاً طبيعتها : " إنها رواية سايكولوجية عن جريمة ؛ السلوك فيها معاصر ، وأوضاعها أوضاع السنة الحالية " . (3)
ثانياً ـ إيكو وباموك ؛ عالمان متقاطعان
إشارتنا الأخيرة ، عن تأثر دستويفسكي ببلزاك ، تجعلنا في موقع كاتبيْن من زمننا ؛ هما أمبرتو إيكو وأورهان باموك ، ينتمي كلّ منهما إلى عالم مختلفٍ عن الآخر . إننا هنا ، في هذا المبحث ، بصدد مقاربة عمليْن روائييْن ، يفصل بينهما نحوَ العقديْن من الأعوام . إنّ " إسم الوردة " لإيكو ـ التي ظهرت عام 1980 ـ كانت بمثابة هزة قوية ، إعتكبَ غبارها مشتملاً بنيان الأدب في العالم كله (4) . لا غروَ إذاً أن يتناهى تأثير رواية الكاتب الإيطاليّ هذا ، إلى مشارف أدبنا في المشرق ؛ خاصة ً حينما نعلمُ أنّ مرامي سردها قد أسحقتْ بعيداً ، حتى إتصلتْ بعالمنا الإسلاميّ ـ القروسطيّ : وكان لنا ، في هذا الإتجاه ، وقفة مع رواية اخرى ؛ هيَ " عبور البشروش " للروائي السوري سليم بركات ، المتأثرة بدورها بـ " إسم الوردة " فكرة وفضاءً ورؤىً ؛ بحسب وجهة نظرنا ، طبعاً (5) . قولنا ، آنف الذكر ، عن إنتماء إيكو وباموك إلى عالميْن مختلفيْن ؛ هما الشرق والغرب ، يجب ألا يؤوّل كما لو أننا نضعُ فاصلاً ما ، جغرافياً أو فكرياً ، بين أدبيْهما . وهذا ما سبق وأكدنا عليه بخصوص تقاطع رواية الكاتب الإيطاليّ مع رواية كاتبنا السوريّ ، بركات . هذا دونما أن نسلو حقيقة ، أنّ هذه الأخيرة ـ على عكس الروايتيْن موضوع مبحثنا ـ كان زمنها معاصراً ومتداخلاً هنا وهناك بخلفيات تاريخية . والمفارقة ، في تطرقنا هنا إلى عالميْ إيكو وباموك ، هوَ أنّ عالم القرون الوسطى ، المشترك في كليْهما ، ليسَ سوى عالماً مستعاداً في " إسم الوردة " ؛ فيما هوَ مستمرّ في واقع الحال بالنسبة لـ " إسمي أحمر " : فإذ تقطعُ سلطة البابا المسيحية ـ المفقودة في عصرنا الراهن ـ مع التاريخ ؛ فإن سلطة المراجع الدينية ، الإسلامية ، متواشجة مع التاريخ ، لكونها تحديداً ما فتئتْ في عصرنا هذا محتفظة ً بكل قوتها وسطوتها .. !
ربما يصحّ لنا ثقة الجزم ، بأنه لم يحظ الشرقُ المسلم ، في عمل قصصيّ ، غربيّ ، بكل هذا الزخم من رموزه الثقافية والدينية ، كما كان الأمرُ في رواية " إسم الوردة " لإيكو. إنّ العكس صحيحٌ ، في هذه المعادلة ؛ حينما نضعُ في أحد طرفيْها رواية " إسمي أحمر " لأورهان باموك (6) . هنا وهناك ، تزلف كلّ من كاتبيْنا الصراعَ الدينيّ في عالمه ، الشاسع ، عطفاً على صراع متواز مع العالم الآخر ، الخارجيّ المختلف دينياً ، والمتماثل في شدة عنفه مع الصراع الداخليّ . وبعبارة أوضح ، أنّ مفهومَ " الهرطقة " ، في مثال العالم الروائي لـ " إسم الوردة " ، المُسمّي فرقاً مسيحية معارضة للبابا ؛ هكذا مفهوم ، كان متماهياً على الدوام مع مفهوم آخر ، هوَ " الكفر " ، في إشارة للمسلمين الذين كانت خلافتهم العثمانية ، آنئذٍ ، في أوج قوتها وسطوتها : هيَ ذي " فكرة " الجريمة ، لدى " يورغ " ؛ العجوز الأعمى في الرواية الإيطالية ، تحيلنا إلى ذلك المفهوم ، آنف التوصيف ، للهرطقة الدينية وأصحابها . وفي الآن ذاته ، إحالة لفكرة " الحائل " ، المفترض وقوفه كمدماكٍ كيديّ ، أمامَ طموح ذلك القاتل المنزه عن المصلحة الشخصية الأنانية ؛ فكرة ، كانت من السمو ، على إعتقاده ، أنها شكلتْ حافزاً رئيساً له ، لدى إرتكاب جريمته . إنّ المجرم هنا ، يجاهد للحيلولة دون إطلاع نقاشي الدير الكاثوليكيّ على كتابٍ ، محرّم ، مضروبٍ عليه نطاق محكم من الكتمان والسريّة . ولكنّ فضول أولئكَ الفتية النقاشين ، لمعرفة محتوى الكتاب ، يوقعُ بهم الواحد إثر الآخر ، في حبائل القاتل .
بما أنّ مسألة التأثير ، هيَ متوالية أدبية ـ إن صحّ المصطلح ـ فلننظر الآن إلى ثيمة الجريمة ، من منظور مقاربتنا لرواية باموك ؛ المتأثرة ، وفق تقديرنا ، برواية إيكو . على صعيد الحكاية ، نجدُ ثيمة الجريمة هيَ المُشكّلة حبكة " إسمي أحمر " . ها هنا القاتلُ ، المتخفي بين ثلة من نقاشي القصر الهمايوني ، يواجهُ أيضاً ما يمكن نعته بـ " الحائل " ؛ المتمثل بزميل له في المهنة ، حاولَ تعطيل مشروع للدولة ، يُفترض فيه إظهار عظمتها كخلافةٍ حامية للإسلام بمواجهة أوروبة ، العدوّة : والمشروع ، عبارة عن كتابٍ مزيّن برسوم تجسّم أشكالاً من المخلوقات ، على غرار الفنّ الأوروبيّ . وبالتالي ، سيكون هذا الكتابُ مخالفاً للتقاليد الإسلامية ، المشددة على أنّ التصوير هوَ من خاصيّة الخالق ، وحده ؛ مما يفرض على القائمين بالمشروع ، كتمان سرّه عن أيّ كان ، لحين إنجازه . وإذاً ، فجريمة القتل هنا ، ما كانت لترتكب لولا أنّ الضحية َ شاءَ الحيلولة دون المضيّ بمشروع سام ؛ بحسب قناعة القاتل . هذا الأخير ، والحالة تلك ، كان بوهم نفسه يرتكبُ فعلَ الجريمة منزهاً عن أيّ مصلحة ذاتية ، أنانية . على أنه ما لم يكن بحسبان الرجل ، أنّ فعل القتل هذا إنما سيكون الحلقة الأولى لسلسلة من الجرائم ، سيكون ُ ضحاياها من زملائه النقاشين ؛ هؤلاء الذين سيدفعهم فضولهم ، أيضاً ، إلى إستكناه مغامض الكتاب السريّ . عندَ باموك ، إذاً ، كما كان الأمرُ عند إيكو ، فالقاريء مشدودٌ إلى إحالةٍ متصلةٍ بفكرة " الحائل " المترسخة في ذهن القاتل : وهيَ الفكرة التي سبق وبلغت كمالها في نموذج راسكولنيكوف ، بطل رواية دستويفسكي " الجريمة والعقاب ؛ والتي عرضنا لها في مستهل هذا المبحث .
الحبكة البوليسية ، تطغى على " إسم الوردة " ، كما على قرينتها ، المفترضة ، " إسمي أحمر " ، سواءً بسواء . لعلّ الكاتب إيكو ، لدى تخطيطه للرواية التي بأيدينا ، كان قد إستعاد من مخزون ذاكرته ، العميق ، هذه الحبكة أو تلك من قصص أجاثا كريستي ، البوليسية : لعلها قصة " جرائمُ أ ب ج " ؛ المنذورة حبكتها لقاتل يوقعُ بضحاياه أبجدياً ، حتى أنه يدعُ أمام كل جثة علامة من تلك الأحرف الأبجدية : وهوَ ما يذهبُ إليه رمز " سفر الرؤيا " ، الإنجيلي ، في رواية " إسم الوردة " ؛ حيث المجرم يصرع كل واحد من ضحاياه وفقَ إشاراتٍ مستلة من ذلك الكتاب المسيحي . أو أنّ إيكو ربما إستوحى قصة " صرخة في العتمة " لكريستي ؛ التي تقومُ حبكة سردها على رحلة ( سافاري ) ، تمّ التخطيط لها مسبقاً من لدن القاتل ، بهدف الإنتقام من أشخاص محددين ، له بهم معرفة مسبقة ؛ وكانت جرائمه تتمّ وفقا لأيام الأسبوع ، السبعة ، وبإستعماله نصُباً بعددها ، متساقطة الواحدة تلو الاخرى مع سقوط الضحايا (7) . قبل كل شيء ، لدينا تماثل واضح لهذه القصة الأخيرة مع رواية " إسم الوردة " ، لجهة دلالة رمزَيْ " الرحلة " و " الأسبوع " : الرمز الأول ، تبتده به الحكاية ، بحادثة لقاء بطليْها في الطريق إلى الدير الفرنسيسكاني . والرمز الثاني ، نعثر عليه منذ قراءتنا لفهرست الكتاب ؛ هذا المقسوم إلى سبعة فصول كبرى ، معنونة بأسماء أيام الأسبوع ؛ والتي بدورها تشهدُ على الجرائم ، السبعة . فضلاً عما كان يجري ، في قصة كريستي هذه ، بين القاتل والمحقق " بوارو " ، من لعبةٍ نراها متكررة كذلك في رواية إيكو ؛ فيما يخصّ القاتل ومحققها " غوليامو " : هنا وهناك ، إذاً ، كان ثمة لعبة ، ثنائية ، بين هذين الشخصين ؛ متحددة بقيام أحدهما ( القاتل ) بإصدار إشاراتٍ مبهمة ، محذرة ، تقود الآخر ( المحقق ) إلى الجريمة التالية ، متيحة له الوصول متأخراً دوماً مما يحولُ دون منعها .
قلنا أنّ شكل الحبكة في القصص البوليسية ، إعتمِدَتْ بشكل أو بآخر في رواية باموك . وبما أننا في صدد مقاربتها برواية إيكو ، فلنتناولها من زاوية الرمزيْن ، سالفيْ الذكر ؛ وهما الرحلة والأسبوع / بإفتراضنا سالف الذكر ، عن أصلهما في تلك الرواية البوليسية ، الموسومة ، لأجاثا كريستي : فبطل " إسمي أحمر " ، يؤوب إلى مسقط رأسه ( استانبول ) ، بعد رحلة مطولة قضى معظمها في إيران . ما أن يكاد يجدُ إستقراراً في مدينته ، حتى تفجأهُ جرائم غامضة ، تقع على مدار إسبوع من الزمن ويكون أول ضحاياها والد زوجته ؛ هذا المفتتحُ السردَ بمناجاةٍ شجية ، ومحتدة في آن ، يعطي خلالها القاريء شيئاً من لغز الجريمة ومسبباتها . ولكن تقسيم فصول الرواية ، عند باموك ، لم يكن بالضرورة معتمداً أيام الإسبوع ، كما رأيناه لدى إيكو . إذ توالت عناوين الفصول في " إسمي أحمر " على الوتيرة ذاتها من أصوات الضحايا ، المتساقطين تباعاً ؛ إلى صوت قاتلهم ، بالذات ، المتماهي مرة ً على الأقل بشخص أحد النقاشين ؛ وإلى أصوات اخرى للبطل وزوجته وآخرين . ومثل رواية إيكو ، تشتركُ رواية باموك في إلتقائها بالقصة البوليسية ، عند منعطفٍ بارز : وهوَ تخفي القاتل عن الشبهات ، ولعبته مع المحقق ( أو القائم بمقامه ، جدلاً ) ، الموصوفة آنفاً ، وحتى لحظة إنكشاف حقيقته الإجرامية ، في خاتمة السرد .
الهوامش
1 ـ رولان بارط ، درس السيميولوجيا ـ الطبعة العربية في الدار البيضاء 1986 ، ص 61 2 ـ إدغار ألن بو ، القط الأسود ـ الطبعة العربية في بيروت 1986 3 ـ ريتشارد بيس ، دستويفسكي : دراسة لرواياته العظمى ـ الطبعة العربية في دمشق 1976 ، ص 46 4 ـ أمبرتو إيكو ، إسم الوردة ـ الطبعة العربية في تونس 1993 5 ـ يُنظر في دراستنا : عبور البشروش عبر فضاءات إسم الوردة ـ المنشورة في المواقع الإلكترونية على ثلاث حلقات عام 2006 6 ـ أورهان باموك ، إسمي أحمر ـ الطبعة العربية في دمشق 2001 7 ـ روايات أجاثا كريستي هذه ، غير متوفرة لديّ حالياً ، وقد إعتمدتُ هنا على ذاكرتي
للبحث صلة ..
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أورهان باموك والإشكالية التركية
-
معسكراتُ الأبَد : شمالٌ يبشّر بالقيامَة 2 / 2
-
العثمانيون والأرمن : الجينوسايد المتجدد
-
غزوة نوبل ، العربية
-
معسكراتُ الأبَد : إلتباسُ التاريخ والفنتاسيا
-
مقامُ المواطَنة ، سورياً
-
الوحدة الوطنية ، المفقودة
-
حوارُ أديان أمْ حربٌ صليبيّة
-
نصرُ الله والعَصابُ المُزمن للفاشية الأصولية
-
سليم بركات ؛ الملامحُ الفنيّة لرواياته الأولى
-
خيرُ أمّةٍ وأشرارُها
-
إعتذار بابا الفاتيكان ، عربياً
-
وليم إيغلتن ؛ مؤرخ الجمهورية الكردية الأولى
-
الثالوث غيرَ المقدّس
-
الحادي عشر من سبتمبر : خمسة أعوام من المعاناة
-
الجريمة والعقاب : طريق نجيب محفوظ في بحث مقارن 3 / 3
-
الأعلام العراقية والإعلام العربي
-
علم الكرديّ وحلمه
-
الجريمة والعقاب : طريق نجيب محفوظ في بحث مقارن 2 / 3
-
محفوظ ؛ مؤرخ مصر وضميرها
المزيد.....
-
لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء
...
-
خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت
...
-
# اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
-
بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
-
لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
-
واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك
...
-
البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد
...
-
ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
-
الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
-
المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5
...
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|