أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد بقوح - كانطيات : كانط ومحكمة العقل (1)














المزيد.....

كانطيات : كانط ومحكمة العقل (1)


محمد بقوح

الحوار المتمدن-العدد: 7562 - 2023 / 3 / 26 - 01:11
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



1- النص الفلسفي بالنسبة لكانط، بمثابة فضاء المحكمة، تضم موقع القاضي الذي هو كانط نفسه كفيلسوف حامل لمطرقة الاحكام، والمتهم هنا هو العقل الفلسفي، الممثل في تاريخ الفلسفة و الفيلسوف، بنوعيه الدوغمائي و التجريبي. أما الضحية التي يزعم كانط انه يجب إنصافها أخلاقيا، بعيدا عن غرور العقل الفلسفي السائد، فترتبط بالعقل البشري، كمادة خام، وموضوع للتفكير الفلسفي.
2- في نقده العملي للعقل، كطبيعة تفكر تلقائيا، انتصر كانط للعقل البشري، بعد تشريحه من الداخل، والكشف عن آليات اشتغاله الأساسية، ضمنها آلية الاستعداد القبلي، وذلك ضدا على العقل الفلسفي المهيمن، كتاريخ للفيلسوف المنظر والمتأمل في ظاهرة العقل، وأيضا كذات بشرية معنية بالبحث عن حقيقة سؤال العقل، الذي وجد نفسه بالضرورة يحكم ويفكر بشكل دائم.
3- التفلسف أهم و أرقى من الفلسفة. لهذا، يفضل كانط تعلم الأول مقارنة مع الثانية، باعتبار أن التفلسف يحرر الإنسان، ويقرب صاحبه من سؤال الفلسفة، أكثر مما تفعله الفلسفة نفسها.
هكذا إذن، وبسبب رؤيته الفلسفية القاعدية، تميزت كتابات كانط بأربع مواصفات أساسية، تجمع بين النظري والعملي، وترتبط كل واحدة منها بمبحث فلسفي معين، نذكرها على الشكل التالي:
أ- خاصية العمق، مرتبطة بمبحث الحق
ب- خاصية الامتداد، مرتبطة بمبحث الانفتاح والتحديث
ج- خاصية الأصالة، مرتبطة بمبحث الواجب و الأخلاق
ه- خاصية الدقة، مرتبطة بمبحث العدل.
4- التفلسف الكانطي جوهر مجرد، عكس الجوهر السبينوزي، يبحث عن وهم المطلق داخل جاذبية الحدود، التي فرضها كانط كفيلسوف متعال و أخلاقي، على العقل البشري. يكون كانط هنا بذلك قد قام باغتيال العقل، كقدرة ممكنة منفتحة، لا نهائية، وطبيعة إنسانية هائلة، تحتاج بالضرورة إلى عنصر الحرية لتفكر، خارج إطار حدود وصاية رقابة المؤسسة، سواء بمعناها اللاهوتي او السياسي او الاجتماعي والثقافي. مهما قيل، عن قيمة كانط الفلسفية كمفكر تنويري وحداثي، يظل متنه الفلسفي المفارق، عملا فلسفيا صارما، يؤسس لسلطة التقليد ضد جرأة الابداع الحر، على الأقل في نظرنا، مطمئنا مهادنا، بل مصالحا إلى حد التماهي، مع روح التصور الفلسفي الأفلاطوني السائد، هو الذي جعل مدينته - أي كانط - كفضاء مكاني مغلق (كوينسبيرغ)، حيث عاش زمنه التاريخي الطويل (1724-1804)، شبيهة إلى حد بعيد بمدينته الفاضلة، يعني فلسفته المحضة، داخل أسوار العقل الباردة..
5- إن سوء الفهم عند الفلاسفة، سواء القدامى منهم كأفلاطون، أو المحدثين كديكارت وهيوم مثلا، هو الذي فرض عليهم، وفق كانط، أن يؤسسوا مغالطة نظرية فلسفية: ميتافيزيقا لاهوتية أو دوغمائية مفارقة للعيان الحسي، ومجانبة للصواب الأخلاقي والعملي، أي للواقع البشري، كوضع عام يجب أن يكون فيه الإنسان أسعد الكائنات الحية. لكن، سوء فهم.. ماذا ؟ هنا، يتدخل كانط بإعادة طرح نفس الإشكال الفلسفي المنهجي القديم، الذي سبق أن طرحه الفلاسفة ذاتهم، والذين انتقدهم صاحبنا في فلسفته، لكن، فعل ذلك من منظور مختلف، يسميه كانط، بمنظور الاستعمال المحض للعقل. أي، توجيه عمل العقل، بطريقة تجعله يشتغل ذاتيا انطلاقا من طاقته وقدراته القبلية، تلك الوجهة الخالصة التي يعتبرها كانط فعالة، وجذابة، وسليمة، وذات قيمة علمية ومصداقية أخلاقية عالية، من حيث التفكير في أمور المعرفة والميتافيزيقا.
6- لقد تفلسف كانط بتحفظ كبير، أضفى على فلسفته نوعا من التردد واللبس. نعني غموض موقفه الفلسفي من مسألة السلطة. يجوز لنا النظر إلى الرجل كقس في معطف فيلسوف، لأنه كان منشغلا أكثر بمشروعه الفلسفي، ذي المرجعية التنويرية المرتبطة بطبيعة عصره (القرن 18)، لكنه، في مسار حياته، عرف كشخص متدين. رغم أن هذا الجانب لا يبرر موقفه ذاك. إن إقتناعه الكبير بدور العلم والعقل، في تقدم المعارف وحياة الشعوب وتطور المجتمعات، لم يكن يشك فيه اثنان. كانت جميع كتبه تنطق بذلك. لهذا، تميزت الكانطية، كفلسفة عميقة، تعمل العقل والحرية، داخل أسوار الذهن الخالص وحدود الضرورة، بخضوعها الفكري في عمقها لسلطة الرقابة، سواء بمعناها السياسي أو اللاهوتي. و أوصح دليل على ما نذهب إليه، إهداءه كتابه التحفة (نقد العقل المحض) كخادم مطيع، إلى معالي وزير الدولة الملكي الألماني تسد ليتس البارون. في الواقع، كان كانط يجسد بفلسفته، عكس الطرح الفلسفي لصاحب مطرقة الفلسفة، نيتشه، الذي وصف الأول بقاضي المحكمة.



#محمد_بقوح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة الإنفصال ضد سلطة الاتصال (نسق التعليم نموذجا)
- مسألة الملك والأخلاق والكتابة عند عبد الرحمن بن خلدون
- الفلسفة ضد حراس الميتافيزيقا
- الدولوزية - من أجل فكر فلسفي مقاوم (2)
- الدولوزية - من أجل فكر فلسفي مقاوم
- سعيد ناشيد: محنة الفكر المضاد في المغرب
- الفلسفة والحق في العيش المشترك
- كورونا كمنعطف للتفكير الفلسفي
- رهان العلاقة بين التربوي والإداري في المغرب
- الإرتقاء بالفعل القرائي عند المتعلم في السلك الإبتدائي
- نيتشه راقصا على جليد جثامين المدينة
- سوس ماسة في القرن التاسع عشر من خلال كتاب: أخبار ابراهيم الم ...
- كورونيات (9)
- كورونيات (8)
- كورونيات (7)
- كورونيات (6)
- كورونيات (5)
- كورونيات (4)
- كورونيات (3)
- كورونيات (2)


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد بقوح - كانطيات : كانط ومحكمة العقل (1)