أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زكريا كردي - قصّة كهفِ أفلاطونْ ..














المزيد.....

قصّة كهفِ أفلاطونْ ..


زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)


الحوار المتمدن-العدد: 7560 - 2023 / 3 / 24 - 19:14
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هي قصةً شهيرة معروفةً ، كتبَ فيها عشراتٌ بلْ مئاتُ المباحثِ والمقالاتِ ، وتدارسَ مغزاها ودلالتها الواسعةِ كثير منْ العلماءِ والمفكرينَ . وذلكَ لكونها واحدةٍ منْ أشهرِ الرموزِ الفلسفيةِ العميقة للفيلسوفِ اليونانيِ أفلاطونْ.
موضوع القصةُ باختصارِ شديدٍ :
هو أنَ مجموعةً منْ الأشخاصِ عاشوا طوالُ حياتهمْ في كهفٍ ، مقيدينَ بالسلاسلِ في مواجهةِ جدارٍ ، ومنْ خلفهمْ شعلةٌ كبيرةٌ منْ النارِ ، وبينَ النارِ والسجناءِ هناك أشخاص يحملونَ أشياءً مختلفة، تلقي بظلالها على الحائطِ . وبالتالي يمكنُ للسجناءِ فقطْ رؤيةَ الظلالِ، وسماعِ أصداءِ الأصواتِ ، التي يصدرها الحراسُ والأشخاصُ الذينَ يحملونَ الأشياءُ .
ثمَ في أحدِ الأيامِ ، يتحررَ أحدُ الأسرى منْ أغلالهِ في غفلةٍ منْ حراسهِ ، ويغادرَ مكانهُ في الكهفِ . و بينما يشقُ طريقهُ إلى الخارجِ ، أعمتهُ أشعةُ الشمسِ، فكافحَ كثيرا للتكيفِ معَ ضياء العالمِ الحقيقيِ، الجديدِ كلياً بالنسبةِ لهُ .
لكن في النهايةِ وبعدَ طولِ عناءٍ ، نجده قد تأقلمٌ معَ واقعهِ الجديدِ ، بالذاتِ حينُ رأى الشمسَ والنجومِ وكلِ شيءٍ آخرَ للمرةِ الأولى ، عندئذٍ أدركَ قدْ تحررَ ذهنيا وليسَ جسديا فقطْ ، وفهمَ أنَ ما كانَ يؤمنُ بأنهُ حقيقةٌ لاغبارْ عليها ، قطعيةً اليقينِ والثبوتِ والدلالةِ ، كانَ مجردَ صدى باطل أوْ ظلٍ للحقيقةِ . لكنْ للأسفِ ، الحريةُ (كعادتها ) لمْ تدمْ طويلاً ، لذلكَ الفاهمِ الفارِ منْ القطيعِ ، فقدْ تمَ القبضُ عليهِ ، وأجبرَ على العودةِ إلى الكهفِ . .
بالطبعِ في البدايةِ ، عيناهُ اللتانِ تعودتا على الضوءِ ، لنْ ترى شيئا لأولِ وهلةِ بسببِ الظلمةِ الشديدةِ . ثمَ يبدأُ بالتضايقِ جدا ، منْ محاولةِ التعودِ مرةً أخرى على ظلامِ الكهفِ ، فيحاولُ إخبارُ أهلهِ وزملائهِ السجناءِ بتجربتهِ . وبما رآهُ وعقلهُ ، لكنهمْ لمْ يكتفوا بإنكارِ ما يقولُ ، بلْ هاجموهُ وزجروهُ بشدةٍ ، موقنينَ تماما ، أنهُ إنسانٌ مجنونٌ ( لحسنِ الحظِ حينها ، لمْ تكنْ كلمةُ " كافرٍ " قدْ ابتدعتْ بعد ) . وبأنهمْ - وللهِ الحمدِ - مؤمنينَ متأكدين ومطمئنينَ تماما ، بأنَ التصوراتِ والخيالاتِ التي في أفهامهمْ ، والظلالُ االتي يرونها في أمامهمْ ، هيَ الحقيقةُ الوحيدةُ فقطْ .
كما هوَ واضحٌ ، يستخدم أفلاطونْ هذا الرمزِ لإظهارِ قوةِ التعليمِ وأهميةِ التفكرِ والبحثِ عنْ المعرفةِ ، ومدى أهميةِ وضرورةِ تجاوزِ ما يتمُ تقديمهُ إلينا منْ معارفَ وأفكارٍ واعتقاداتٍ . حيثُ يمثلُ الكهفُ التصورُ المحدودُ للواقعِ الذي يمتلكهُ الكثيرُ منْ الناسِ ، بينما يمثلُ السجينُ المفرجُ عنهُ أولئكَ الذينَ تحرروا منْ هذا التصورِ المحدودِ ويطلبونَ المعرفةَ بعدهُ .
ما أودُّ قوله، هو أن هذهِ القصةِ الشائعةِ لأفلاطونْ، تمثلُ رمزاً قوياً ، مازال حاضراً في طرائقِ تفكيرنا حتى يومنا هذا .
فالنارُ تمثلُ المعرفةُ الزائفةُ والمعتقداتُ الموروثةُ التي يقدّمها لنا المجتمعُ . بينما الشمسُ ترمزُ إلى المعرفةِ الحقيقيةِ التي لا يمكننا اكتسابها إلا منْ خلالِ التعليمِ والتجربةِ والتكيفِ والتنويرِ العقليِ .
تخيلُ الآنِ أنكَ الشخصُ الذي أجبرَ على النظرِ إلى الحائطِ .
إذنْ ما تراهُ هوَ واقعكَ . أنتَ لا تعرفُ أيَ شيءِ أفضلَ . بل أنت لمْ ترَ أبدا أيَ شيءٍ آخرَ ، وكلَ ما تعرفهُ هوَ ما تراهُ وتسمعهُ، أوْ ما رأيتهُ أوْ سمعتهُ منْ قبلٌ ، رغم كلِ شيءٍ.. هذا ما يحدثُ للجميعِ ، حتى لمن يخال فهمه خارجِ الكهفِ .
لكن في المقابل ، دعونا نفكر معاً :
منْ منا متأكدٌ تماماً ، بنسبةِ 100. !! أنهُ خرجَ منْ الكهفِ ورأى النورُ الحقيقيُ ؟ بالتأكيدِ مثل هذا الادعاءَ بالمعرفةِ التامةِ، سيكونُ نوعُ الغطرسةِ.
ناهيك عن أن هذا القول بحد ذاته - في تقديري - ليس بعيد الشبه أبداً ، عن حال الاضطرارُ إلى النظرِ إلى جدارِ الأشباحِ، المليئ بالعقائدِ الثابتةوالمتخيلة ، التي اعتدنا فيها على تلكَ الطريقةِ الجذابةِ والمقنعةٌ .
الأن يبقى السؤالَ لكلِّ منّا :
تُرى في أيِة مرحلةٍ منْ قصةِ الكهفِ أنتَ الآنَ ؟ هلْ تعتقدُ أنكَ رأيتُ النورُ ؟ أوْ هلْ تشكُ في أنَ رحلةَ معارفكَ برمتها ، هيَ مجرد مسرحيةٌ هزلية ، تتداخلُ فيها حدودُ الضوءِ أوْ الظلِ التي تراها ؟ . ماذا تعرفُ أوْ تعتقدُ أنكَ تعرفُ ؟
ماذا لوْ كانتْ حياتكَ المعرفيةُ وهم ، وكل الوعيُ الذي تحملهُ ذاتكَ ، هوَ مجردُ وميضٍ خافتٍ مثلٍ الضوءِ الخادعِ في كهفِ أفلاطونْ . . ! !؟



#زكريا_كردي (هاشتاغ)       Zakaria_Kurdi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبرةُ - تَاجِرُ اَلْبُنْدُقِيَّةِ - ..
- المِهنْ الآيلة للزوال بسبب ثورة الذكاء الاصطناعي القادمة
- العِلْم الحَقيقي وَالعِلم الزَّائف ..!
- تَوضِيح حَوْل مَعنَى - النَّظريَّة العلْميَّة -
- لِلنَّاسِ فِيمَا يُفكِّرون مَذاهِبْ..
- أَحزان الشّاب - فارتر- .. ل غوته
- حَدِيثُ اَلدِّيمُقْرَاطِيَّةِ . . ( 2 )
- دِينُ اَلطَّبِيعَةِ عِنْد - جَانْ جَاكْ رُوسُّو -
- سؤالٌ أكْبر مِنْ إجابَتهِ ..
- كتاب - هَكذَا تَكلَّم زرادشْتْ -
- كِتَاب - تَطوُّر مَفهُوم الإله -
- لَسنَا وحْدنَا فِي هذَا الكوْن 2
- لسنا وحدنا في هذا الكون ..!!
- حَدِيثُ اَلدِّيمُقْرَاطِيَّةِ .
- رسالةٌ إفتراضية..
- أفكارٌ حول أهمية الإنسان -جبران خليل جبران-
- رسالة حول التسامح ..
- لإرهاب عدو الانسانية جمعاء..
- هلْ يوجد لدى الإنسان إرادة حرّة أمْ أنّها مُجرد وهم.؟
- الفرق بين التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي


المزيد.....




- الجيش الأوكراني يتهم روسيا بشن هجوم بصاروخ باليستي عابر للقا ...
- شاهد.. رجل يربط مئات العناكب والحشرات حول جسده لتهريبها
- استبعاد نجم منتخب فرنسا ستالوارت ألدرت من الاختبار أمام الأر ...
- لبنان يريد -دولة عربية-.. لماذا تشكّل -آلية المراقبة- عقبة أ ...
- ملك وملكة إسبانيا يعودان إلى تشيفا: من الغضب إلى الترحيب
- قصف إسرائيلي في شمال غزة يسفر عن عشرات القتلى بينهم نساء وأط ...
- رشوة بملايين الدولارات.. ماذا تكشف الاتهامات الأمريكية ضد مج ...
- -حزب الله- يعلن استهداف تجمعات للجيش الإسرائيلي
- قائد الجيش اللبناني: لا نزال منتشرين في الجنوب ولن نتركه
- استخبارات كييف وأجهزتها العسكرية تتدرب على جمع -أدلة الهجوم ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زكريا كردي - قصّة كهفِ أفلاطونْ ..