|
تحسين القدرة الشرائية للمواطنين يتطلب مراجعة شاملة للسياسة الاقتصادية والاجتماعية للدولة
عبد السلام أديب
الحوار المتمدن-العدد: 1710 - 2006 / 10 / 21 - 10:08
المحور:
الادارة و الاقتصاد
في حوار هاتفي أجرته السيدة فيروز بنعزيز الصحافية بجريدة المستقل مع عبد السلام أديب بصفته باحث جامعي حول رأيه في التدابير الجبائية ضمن مشروع القانون المالي لسنة 2007 الذي عرضه وزير المالية والخوصصة على مجلس النواب عشية الأربعاء 17 أكتوبر 2006، تم التطرق إلى طبيعة التدابير الجبائية التي جاء بها مشروع القانون المالي ومدى تأثيرها على القدرة الشرائية للمواطنين، وإلى الجوانب التي من شأنها تحسين هذه القدرة الشرائية التي تأثرت بشكل عميق إثر الزيادات الصارخة في أسعار المواد والخدمات الأساسية. وفيما يلي نص الحوار الذي صدر في جريدة المستقل يوم الجمعة 20 أكتوبر 2006. سؤال - ما قولكم بخصوص الإصلاحات الأخيرة التي عرفتها الضريبة على الدخل ؟ وما هو الدافع من ورائها؟ جواب: يتوقع مشروع القانون المالي لسنة 2007 التقليص من المعدل الأعلى للضريبة العامة على الدخل من 44 % إلى 42 % ، كما يتوقع رفع الشريحة المعفاة من الضريبة العامة على الدخل من 20.000 درهم إلى 24.000 درهم كما سيتم اضافة معدل ضريبي جديد بنسبة 40 %. عموما فإن هذا التعديل لن يضيف شيئا لذوي الدخل المنخفض كما هو الشأن بالنسبة للموظفين المرتبين في السلاليم الدنيا من السلم 1 إلى السلم 9، لأن المداخيل التي لا تتجاوز 2.500 درهم في الشهر لن تستفيذ من أي عائد جراء تخفيض الضريبة لأنها ببساطة معفية من الضريبة، أما شرائح الدخل المتراوحة ما بين 3.000 درهم فما فوق فالاستفادة تبدأ من 43 درهم وتصل إلى حدود 400 درهم بالنسبة لشرائح الدخل العليا. فالاشكال هنا هو أن التدابير الحكومية القاضية برفع الأسعار، قد خفضت من مستوى أجور الجميع، خاصة أجور ذوي الدخل الضعيف والمتوسط، فلوأخذنا فقط الزيادات التي وردت على أسعار الماء والكهرباء فسنجدها أعلى من تلك الامتيازات الضريبية التي أتت بها الحكومة، علما أن ذوي المداخيل الضعيفة قد تقلصت أجورهم ذون أن تمنح لهم الحكومة مقابل هذا التخفيض وهو ما يعطي شرعية للمطالبة برفع مستوى الأجور لمواجهة الغلاء المتفاحش وهو الدور الذي يجب أن تؤكد عليه المركزيات النقابية في حوارها مع الحكومة وإلا أعتبرت متواطئة في ضرب القدرة الشرائية للمواطنين. ويمكن القول أن الدافع إلى تقليص معدلات الضريبة على القيمة المضافة هو في نفس الوقت التغطية على الزيادات الأخيرة في المستوى العام للأسعار، وكذا تمرير هدية جبائة مغرية لرأس المال لم يتم حسمها بعد أي التخفيض من الضريبة علفى الشركات ب 3 أو 7 نقاط وهو ما سينقل معدل هذه الضريبة من 35 % إلى 33 % أو تنزيلها إلى 28 % فقط، والذي ستستفيذ منه الشركات الكبرى على الخصوص. كما أن هذا الاجراء سيموه على الزيادة في معدلات الضريبة على القيمة المضافة بدعوى اختزال معدلاتها من 4 معدلات أي 7 % و10 % و14% و20 % إلى معدلين فقط أي 10 % و20 %، وهذا الاجراء من شأنه الزيادة أكثر في المستوى العام للأسعار. هذا مع العلم أن الحكومة تدفع نحو الإلغاء النهائي لصندوق المقاصة. إذن فكل هذه الاجراءات تشكل استجابة لتوصيات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من حيث تطبيق حقيقة الأسعار وتحريرها، وكذا اغراء المستتثمرين الأجانب بمستوى الأرباح التي يمكنهم تحقيقها في بلادنا، ومحاولة تعويض خزينة الدولة عن الموارد التي تتخلى عنها نتيجة تفكيك الرسوم الجمركية وتخفيض معدلات الضريبة على الدخل وعلى الشركات. سؤال - كيف كان رد فعل النقابات العمالية؟ جواب : لا يمكن الحديث عن رد فعل النقابات لأنه خجول جدا، بل ومتواطئ في الكثير من الأحيان، وهنا أتحدث عن القيادات التاريخية للمركزيات النقابية، أما المناضلين في هذه النقابات فالكثير منهم يراقب ويتحسر ويحاول التعبير عن رفضه لما يحصل، ومطالبة الحكومة باضافة نقطة أو نقطتين هناك، و كالمطالبة برفع الحد الأدنى للأجور إلى 2.500 درهم وهو مطلب أصبح متقادما بفعل الاجترار، فحتى الحوار الاجتماعي الجاري تبدو كما لو أنها محاولة للالتفاف على الاحتجاجات التي عبرت عنها أزيد من 44 تنسيقية لمناهضة ارتفاع الأسعار عبر مختلف المدن المغربية. وأيضا لمحاولة تمرير القانون المالي لسنة 2007 دون مشاكل. سؤال: - ما هي في رأيكم الإصلاحات والتدابير اللازمة لتحسين القدرة الشرائية للمواطن المغربي؟ جواب: السياسة الاقتصادية التي تراهن عليها الحكومات المتعاقبة تقوم أساسا على مبدأ تحقيق النمو عبر التصدير والتوجه الخارجي للاقتصاد، ومعلوم أن هذه السياسة أثبتت عقمها، فهي وإن كانت تنمي المدن الساحلية التي يتم التصدير عبر موانئها، فإنها تؤدي إلى استغلال وحشي للأيدي العاملة للمراهنة على "التنافسية" وخلق انكماش السوق الداخلي بفعل ضعف القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار ووجود اقتصاد تقليدي يعاني من الكساد في مختلف المدن المغربية الداخلية مثل مراكش ومكناس وفاس ووجدة والراشيدية وما يحيط بهذه المدن من قرى، حيث تتزايد البطالة والتهميش الاجتماعي نظرا لتدهور الانتاجية الداخلية. إن تحسين القدرة الشرائية للمواطنين في هذا الواقع يتطلب مراجعة شاملة للسياسة الاقتصادية والاجتماعية للدولة، لأن هذه السياسة إذا لم تكن في خدمة المواطن المغربي وخاصة الطبقة الفقيرة والمتوسطة، فهي بالضرورة سياسة لا شعبية. لكن إلى حين اقرار ديموقراطية اقتصادية واجتماعية حقيقية، يمكن المطالبة حاليا برفع الحد الأدنى للأجور والزيادة الملموسة في أجور ذوي الدخل المحدود لمسايرة الزادات في الأسعار والمحافضة على دينامية العرض والطلب الداخلي، اضافة الى الغاء الضريبة على مستوى أعلى من الأجر (5.000 درهم). لكن مع الالتفات إلى التدهور الحاصل في الخدمات العمومية ومنها على الخصوص تدهور قطاعي التعليم والصحة العموميين، فالمبالغ المالية التي يعلن عنها في القانون المالي والمخصصة لهذين القطاعين لا يعني شيئا أمام المعاينة الملموسة لوضعية المدارس والمستشفيات سواء من حيث محتوى التعليم أو تكدس الأقسام الدراسية بالتلاميذ وتراجع أعداد هيئة التدريس نتيجة المغادرة الطوعية أو من حيث ما تعانيه المستشفيات من خصاص في التجهيزات وفي الأطباء وفي كيفية الاستفادة من العلاج الذي أصبح مكلفا وضعيف الجدوى. إضافة إلى ما سبق البحث عن ايجاد حلول لاستيعاب الأيدي العاملة العاطلة من حاملي الشهادات وحاملي السواعد، فهذه الشرائح هي الأكثر تضررا من الغلاء والتضخم خصوصا بالنسبة لسكان العالم القروي.
#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خلفيات حركة مناهضة ارتفاع الأسعار في المغرب
-
الحرب الأمريكية الصهيونية على لبنان ودروس المقاومة
-
احتجاجا على تسليع خدمات مياه الشرب والانارة
-
مأزق أنظمة التقاعد في المغرب
-
احتجاجا على ارتفاع الأسعار
-
اختلالات زمن العولمة
-
اقامة الديموقراطية في المغرب من وجهة نظر حقوقية
-
المبادرات السياسية للمطالبة بدستور ديموقراطي
-
المخزن يدجن الطبقة السياسية المغربية
-
حصاد الهشيم لسبع سنوات من الأداء الاقتصادي
-
في تقييم سبع سنوات من الأداء الاقتصادي والاجتماعي
-
نص الحكم
-
اشكالية غسيل الأموال في المغرب
-
نهب الثروات
-
مجموعة -أونا- ، هل تنمي ثروة الملك أو الثروات الوطنية؟
-
قراءة في كتاب الأستاذ علي فقير حول التشكيلة الاجتماعية والصر
...
-
مؤشرات التشغيل والعطالة في المغرب
-
قراءة نقدية لقانون مالية 2006
-
محاكمة رمزية لنهب المال العام تقام لأول مرة في المغرب في انت
...
-
صك الاتهام: محاكمة رمزية لخمسين سنة من نهب وإهدار للمال العا
...
المزيد.....
-
سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 22 نوفمبر 2024
...
-
ارتفاع أسعار النفط والذهب بعد تحذيرات بوتين
-
سعر الذهب اليوم الجمعة 22 نوفمبر 2024
-
تقرير: ترامب يدرس تكليف وارش بوزارة الخزانة
-
سعر غير مسبوق.. -البتكوين- تسجل رقما قياسيا جديدا
-
“لحظة بلحظة الآن”.. انخفاض سعر الذهب اليوم في مصر الجمعة 22
...
-
-البتكوين- تسجل رقما قياسيا جديدا
-
بمواصفات منافسة.. Oppo تطلق حاسبها الجديد
-
كم سعره اليوم؟.. أسعار عيارات الذهب اليوم في العراق الجمعة 2
...
-
بعد اجتماع البنك المركزي بتثبيت سعر الفائدة .. سعر الدولار ا
...
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|