|
الفدرالية: الأقاليم ودستورية تأسيسها..!
باقر الفضلي
الحوار المتمدن-العدد: 1710 - 2006 / 10 / 21 - 10:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في الحادي عشر من تشرين الأول/2006 تم إقرار قانون تأسيس الأقاليم من قبل مجلس النواب، وإكتسب شرعيته طبقا لنصوص الدستور، وأصبح وجوده أمرا قائماّ غير قابل للإجتهاد القانوني من الناحية الشكلية. العملية تمت وليس لدى المرء ما يقوله من حيث سلامة الإجراءات المعلنة، والمتعلقة بإستكمال النصاب وشرعية الجلسة البرلمانية من الناحية الشكلية، ولكن ومع ذلك، فقد جاءت تداعيات ما جرى في تلك الجلسة، لتعكس صورة الواقع السياسي المنقسم والقائم في العراق الآن، ولتعبر عن طبيعة ردود الفعل التي إستتبعت النتائج التي تمخضت عن إقرار القانون.
ليس من المحبذ التمسك بالحديث فقط عن الجانب الدستوري الذي جرى جدل كثير حوله، فقد إختلطت الأوراق وأصبح من المتعذر أحياناّ، التفريق ما بين الهدف والذريعة. وهكذا "يقال" اليوم بأن ما جرى تحت قبة البرلمان يوم 11/10/2006، كان إقراراّ "لفدرالية الجنوب والوسط" الجديدة، التي تواجه ممانعة ورفضا كبيرين من قبل أوساط عديدة، من جميع الكتل السياسية البرلمانية على وجه الخصوص. كما وشنت حملات إعلامية منتقدة للذين كانوا مع التصويت للقانون، وأخرى تشيد بمواقفهم، في الوقت الذي إندفع فيه الطرفان من الجانبين بإتجاه تعميق الهوة بين الأطراف السياسية، دون أن يجري تحديد ما قد جرى تحت قبة البرلمان وما قصدته عملية التصويت من أهداف وغايات..!
هل حقا إن ما تم التصويت عليه وإقراره كان يعني (الفدرالية) بعينها أم كان يعني شيئاّ آخر؟ هذا الأمر لم يحاول منتقدوا المصوتين لإقرار القانون أن يحددوه بالضبط ولا المدافعون عنهم..! بل إقتصر الأمر على التنديد بالمصوتين لصالح القانون، ورميهم بشتى أنواع الأتهامات وأقذعها، ومن جانبهم رد مؤيدوا نتيجة التصويت، بكلام أشد وبردود فعل أقسى وكالوا شتى الإتهامات لمنتقدي النتائج ومعارضيها..! وهكذا عادة، تجري التقييمات في الأمور الخلافية، ويفتقد الخطاب العقلاني المثمر، ويغيب منطق النقد الصحيح، ويكثر الصخب المدوي، وتضيع كلمات الحق بل وحتى الباطل في معمعان الصراخ والهيجان، ناهيك عن دوي المفخخات وأزيز الهاونات، وعويل النساء الثكلى وصراخ الأطفال المفجوعين..! ومع ذلك فقد وردت عدة بيانات وإيضاحات من جانب بعض النواب والكتل السياسية التي دعمت إقرار القانون..! ليس المهم الآن إن كان توقيت التصويت قد جاء في وقته أم لا، فهذا الأمر قد حسمه الدستور سلفا- المادة/115، كما وليس مهماّ أن كان أقر "الفدرالية" أم أقر شيئاّ آخر.؟
المهم في المسألة، هو التساؤل المشروع، فيما إذا كان مجلس النواب قد نجح فعلاّ في وضع النقاط على الحروف، وأزال الغموض الذي يكتنف موضوع (الفدرالية) نفسه، الذي ثبته الدستور، من غير أن يحدد أسس إقامتها ومقوماتها ومسوغات وأسباب تشريعها، وكل ما يتعلق بأشكالها وحدود تطبيقها. أم أنه عمق ذلك الغموض وكرس الإنقسام ووسع شقة الخلاف بهذا الشأن..؟!
لا شك في أن مجلس النواب قد أقر قانون تأسيس الأقاليم الذي نص عليه الدستور/مادة 115، والذي جاء في جميع مواده باحثاّ في طرق تشكيل الأقاليم، وتفاصيل هذا التشكيل، وطرق الإنتخاب والطعن وغيرها من الإجراءات الشكلية الأخرى. إلا أن الملفت للنظر أن القانون المقر قد أغفل هو الآخر الأمر الأهم الذي أغفله من قبله الدستور نفسه. وقد حسب المرء أن المشرعين سيأخذون ذلك بعين الإعتبار ويعالجون النقص الذي شاب الدستور والذي أشرت اليه في أعلاه، عند إقرارهم لقانون تأسيس الأقاليم، ولكن وللأسف أشير، بأن الأخوة ممثلي الشعب كانوا في غاية العجالة من أمرهم، حيث لم يسعهم الوقت للألتفات الى ذلك، رغم قراءتين للمشروع؛ ومن شاهد جلسة المجلس يوم 11/10/2006 من على الشاشة الصغيرة سيدرك ذلك، ولا أقول سيدرك أسبابه..!
إن عدم الوضوح الذي إكتنف "النص الدستوري" في المادة الأولى من الدستور حول نظام الحكم (الإتحادي)، والذي جرى تكريسه مجدداّ في الباب الخامس/ الفصل الأول من الدستور/ المواد/ 113 و 114 و118، المتعلقة بتأسيس الأقاليم، يقف وراء إحدى أكبر المحن التي تواجه البلاد اليوم، ويفسر لنا الغاية التي قصدتها لجنة كتابة الدستور في حينه من وراء ذلك الغموض، وهي اللجنة التي بنيت على أساس مبدأ لا ديمقراطي، هو مبدأ "المحاصصة" ووليده "نظام القوائم" للترشيح للبرلمان، الذي يعبر عن حالة التوازن اللاشرعي والمبني على أسس التقسيم الديموغرافي الطائفي الذي فرضه (بريمر) على القوى السياسية، التي قبلت به لأسباب ترتبط بمصالح أي منها، قبل أن يرتبط ذلك القبول بمصالح البلاد العامة. المبدأ الذي أسست دعامتيه على الإثنية والطائفية..!؟ وهو نفس المبدأ الذي يجري تداوله في الوقت الحاضر ، والتي تعتمده أيضا "مقترحات" لجنة ( جيمس بيكر) وزير خارجية أمريكا السابق حول تقسيم العراق الذي سيطرح أمام الكونغرس الأمريكي، كأحد الحلول لحل أزمة أمريكا في العراق..!؟
إن إقرار الدستور لنظام الحكم (الإتحادي) في البلاد مع إقرار وجود الإقليم الكوردستاني في آن واحد، وإقرار الأقاليم الجديدة فيما بعد- المادة/114، بإعتبارها (إقاليم إتحادية)، دونما أن يعطي صورة واضحة عن طبيعة النظام (الإتحادي) المذكور، وماهيته وشروط تأسيسه وأسس بناءه، وهل أن طابع (الإتحاد) سيكون (فدراليا) أم (كونفدراليا)، وما هي المقومات التي يجب توفرها في (الإقليم) كي يدعى إقليماّ، وما هي مقومات العلاقة (الفدرالية) التي يجب الإحتكام اليها كي تدعى علاقة فدرالية..! والأكثر غرابة، أن قانون (إدارة الدولة المؤقت) الذي يعتبر المورث الشرعي للدستور الدائم ، هو الآخر قد وضع مشروع (الفدرالية)، في حالة من الضبابية المقصودة، وترك الباب مفتوحاّ لكل الإجتهادات والتأويلات. ولعل قراءة المادة الرابعة من القانون المذكور تعطينا بعض الملامح عن هذه الضبابية، وأقول المقصودة، لتضع الجميع فيما بعد، وسط دوامة من الخلافات الشائكة اللامنتهية، ولتنتهي بهذا التناحر الدموي والتجاذب الطائفي المتعصب..! المادة الرابعة: (قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الإنتقالية) ((نظام الحكم في العراق جمهوري, اتحادي (فدرالي)، ديمقراطي, تعددّي, ويجري تقاسم السلطات فيه بين الحكومة الاتحادية والحكومات الإقليمية والمحافظات والبلديات والإدارات المحلية. ويقوم النظام الاتحادي على أساس الحقائق الجغرافية والتاريخية والفصل بين السلطات وليس على أساس الأصل أو العرق أو الإثنية أو القومية أو المذهب.)) ورغم أن قانون إدارة الدولة السابق قد عرف نوع (الإتحاد ) بأنه (فدرالي) إلا أنه لم يكن واضحاّ في تحديد أسس بناء هذه (الفدرالية)، فيما عدا القول بأنها تبنى على: "اساس الحقائق الجغرافية والتأريخية..الخ" كما ورد في نص المادة الرابعة أعلاه، إلا أنه لم يوضح شيئا عن هذه "الحقائق" وترك الأمر في غاية الغموض والتشوش، خاصة بعد أن ذكر الأسس التي لا يصح أن تبنى عليها الفدرالية وحددها في: " الأصل أو العرق أو الإثنية أو القومية أو المذهب "، فجاءت خليطاّ غير متجانس من المفاهيم والمصطلحات التي أزادت الطين بلة، ورسمت صورة هلامية عن تلك الأسس، ووضعت المرء أمام حالة من الحيرة والتخبط عند البحث عن ما تعنيه المادة المذكورة، فيما عدا أنه سيكون أمام (فدرالية) لا طعم لها ولا لون، والذين شرعوا لذلك القانون وحدهم يعلمون ما يبتغون..! فإن كانت الفدرالية لا تؤسس على شيء من كل هذا، فيا ترى أي اسس يمكن الركون لها بعد ذلك..؟ وما تعنيه " الحقائق الجغرافية والتأريخية" وما هي حدودها المرسومة..؟!
أما الدستور نفسه فجاء أكثر وضوحاّ مما جاء في نص المادة الرابعة من قانون إدارة الدولة أعلاه، وإن تطابق معها في النتيجة، فهو قد ألغى كل ما هو ذا علاقة بشأن إسمه (الفدرالية) وإكتفى فقط بذكر (نظام إتحادي) دون لف أو دوران، تاركاّ فك رموز هذا اللغز، لجهابذة السياسيين وذي الإختصاص، ليحددوا فيما بعد أي فدرالية عناها الدستور، ومن قبله قانون إدارة الدولة المؤقت..!؟ وهذا ما كرسته، المادة الأولى / الباب الأول/ المباديء الأساسية من الدستور..!
المادة الأولى: (الدستور الدائم) ((جمهورية العراق دولة مستقلة ذات سيادة، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي (برلماني) ديمقراطي اتحادي.))
إن هذا الإقرار المشوش لمبدأ (الفدرالية) سواء في قانون إدارة الدولة العراقية للفترة الإنتقالية أم في الدستور الدائم قد خلق حالة من الإرباك وعدم الوضوح في المقاصد التي كانت تقف وراء ذلك الإغفال. وللتأريخ أقول، بأن هذه البداية الخاطئة، والتي يبدو أنها كانت مقصودة، من قبل بعض أطراف العملية السياسية، قد وضعت العراق ككيان جغرافي سياسي موحد، على طريق المتاهة والضياع والتمزق، وفتحت الأبواب مشرعة لتدخل من هب ودب في شؤونه الداخلية، والتحكم بمستقبله، ونهب ثرواته..! والمثل العام الذي يقول: بأن (المقولات الخاطئة تعطي نتائج خاطئة) هو ما يؤكده ما آلت اليه الأوضاع في العراق اليوم..!؟ هذا ما دفع ببعض أطراف اللعبة السياسية، أن يفسروا النص الدستوري حسب ما ترتأيه مصالحهم، وأن يفسر ذلك الإغفال، بإعتبارالذي جرى تثبيته دستورياّ بخصوص إقرار إقليم كردستان منذ اللحظة التي أعتبر فيها الدستور قيد التنفيذّ، قد جعل حق تأسيس أقاليم جديدة، أمر ممكن وحق لمن يطلبوه، طالما أنه لا توجد هناك شروط أومعايير معينه يمكن إعتمادها لهذه الغاية، وطالما أن الدستور نفسه قد سكت عن هذا الأمر، فليس هناك من وجه غرابة أن تقدم هذه الأطراف على طلب تأسيس أقليم أو أقاليم جديدة وفقاّ لنص الدستور، حتى لو كان الأمر يتعلق بمسألة خلافية ومصيرية وذات طابع سيادي في ذات الوقت..!؟ ومن جانب آخر فليست هناك في الدستور، من ذكر لموانع معينة من الأسس التي يبنى بموجبها النظام (الإتحادي)، بل جاء النص مطلقاّ وغير محدد، على عكس ما كان عليه الحال في نص المادة الرابعة من قانون إدارة الدولة العراقية الإنتقالية الملغي فيما يتعلق على السبيل المثال: بالأسس المذهبية. وهذا ما أفسح في المجال الى توقع تبني تأسيس أقاليم جديدة حتى وإن كانت على أساس مذهبي، على عكس ما ورد في قانون إدارة الدولة الملغي..!؟
ومن هنا جاء تشريع قانون الإجراءات التنفيذية لتأسيس الأقاليم منسجماّ من حيث الجوهر مع الأسس التي كتب بموجبها الدستور، ومن هنا جاء التمرير السريع لإقراره، وتسهيل شروط الإقرار بالأغلبية البسيطة طبقا لنص الدستور- مادة/115..!؟
حينما يغفل الدستور إيضاح الأسباب والمسوغات التي إعتمدت لإقرار إقليم كوردستان عند نفاذه، وفي نفس الوقت الذي أقر فيه تأسيس الأقاليم الجديدة وفقا (لأحكامه) دون تبيان أو إشارة الى تلك الأحكام، فهو، والحق يقال، إنما يعكس حالة الضبابية والغموض التي رافقت كتابة الدستور نفسه، ووصمته بالعيب والفوضى التي تعم العديد من نصوصه وتناقضها غير المعقول. وهذا ما يدلل على طابع الإستعجال الذي أحاط بكتابته ووضعه قيد التنفيذ وتمريره بهذه السرعة اللامعقولة، وفي ظروف أجمع الكثير من المتخصصين من فقهاء القانون والسياسة على أنها ظروف غير عادية وغير مناسبة لحدث مثل هذا..! ولم يعد بخاف على أحد، المقدمات الخاطئة والمقصودة التي أسس لها منذ البداية_ وهذا ما أشرت اليه أعلاه_ والتي تقف وراء صياغة مثل هذا الدستور، الذي دعمته وروجت له بقوة، بعض أطراف العملية السياسية، والتي إعتبر بعضها أنه ومن خلاله، يمكن تحقيق مصالحه الخاصة، التي يمكن أن لا تتحقق في ظل ظروف أخرى أكثر إستقراراّ، ودستور أكثر دقة ومتانة ووضوح وديمقراطية..! فإن كان هناك من المبررات ما يمكن الركون اليها في إقرار إقليم كوردستان منذ إقرار الدستور، وهذا ما يمكن أن يكون مقنعاّ والى مدى بعيد، لإعتبارات تأريخية وجغرافية وسياسية وديموغرافية إثنية، _وهذا ما أوضحته في عدة مقالات سابقة،* بحيث تم الإقرار وفقاّ لذلك؛ فكيف ياترى يمكن إقرار إقاليم جديدة، مع وجود هذا النقص الواضح والمعيب في أصل الدستور..؟ فألإستقلالية التي كان يتمتع بها إقليم كوردستان قبل سقوط النظام الدكتاتوري من جهة، ومع كل الإفتراضات الأخرى، قد أوجدت من المسوغات والأسباب ما يكفي لإقرار العلاقة مع الإقليم على أساس كونها علاقة (إتحادية فدرالية). فما هي تلك المسوغات والأسباب التي يمكن أن تكون مقنعة، لإقرار أي إقليم جديد، إن لم يكن الحد الأدنى منها على أقل تقدير، متماثلاّ مع تلك التي إفترض المرء توفرها عند إقرار إقليم كوردستان..؟!
إن ما جرى تحت قبة البرلمان في الحقيقة يوم 11/10/2006، لم يكن غير إقرار تحديد الإجراءات التنفيذية الخاصة بتكوين الأقاليم، ولم يكن عملية إقرار لإقاليم معينة بعد، أو تفعيل علاقة (إتحادية) بين الأقاليم المفترض تأسيسها وبين الحكومة الإتحادية. فهذا أمر قد تم تأجيله الى ما بعد مرور ثمانية عشر شهرا من تأريخ الإقرار.
ولما كان أمر إقرار أقاليم جديدة من الأمور السيادية والمصيرية، وحيث أن قانون تحديد الإجراءات التنفيذية الخاص بتكوين الأقاليم ، هو الآخر قد أغفل ، بل تناسى كلياّ أهمية وضع شروط وضوابط محددة للتعريف بما يعنيه مصطلح (الإقليم) والأسس التي يمكن إعتمادها لإعتبار منطقة جغرافية ما، كونها إقليما أو تتوفر فيها شروط العلاقة الإتحادية الفدرالية، فإنه ومن الواجب أخذ الأمر في الإعتبار وفي غاية الأهمية ، وضرورة التوصل الى إتفاق مشترك من قبل الكتل البرلمانية، يأخذ بالإعتبار كل ذلك. وأن على لجنة تعديل الدستور المنصوص عليها في المادة/142 تفعيل ذلك بما يردم أية هوة للإختلاف، ويعالج النقص الجوهري في الدستور، ويعزز المسيرة السياسية ويضعها في الطريق الصحيح الآمن، بعيدا عن الصراع الدموي القائم، والذي وللأسف الشديد وبسبب من الإصرار والإستعجال في تمرير و إقرار القانون الجديد قد فاقم من الحالة المزرية وخلق أجواءّ أكثر تشاؤما، في وقت يتطلع فيه المواطن الى بصيص أمل في الخروج من بحر الدم الغارق فيه، رغم ما قيل ويقال: - بأن مدة تأجيل تنفيذ القانون هي صمام أمان ، وبعد ذلك يمكن النظر بأمر الفدرالية المناسبة..!؟؟ فالتشريع الذي تم في الحادي عشر من آب /2006 قد فتح الباب لتأسيس الإقاليم، وليس هناك من أهمية تذكر لتأجيل التنفيذ من الناحية الموضوعية، طالما إن جذر المسألة الرئيسي، التي قسمت صفوف العراقيين وشطرت المجتمع الى مكونات متعارضة متقاتلة، منذ إقرار الدستور/ 2005 ، والتي لا زالت تفتك بالمكون العراقي وتمزق أشلائه، حيث كرست الطائفية المذهبية أساساّ في إعتماد أي شيء، وفي مقدمتها موضوعة تأسيس الأقاليم. إن جذر هذه المسألة لا زال هو المفتاح لتشضية أكبر وطريق غير محمود العواقب. فبدلا من أن يساعد إقرار قانون التأسيس _ وهو إستحقاق دستوري_ على التخفيف من حدة الفتنة المستعرة، ويعمل بإتجاه حقن نزيف الدم العراقي المهدور بسبب صراع المصالح، نراه من الناحية الأخرى، قد أستغل من قبل المتصيدين في المياه العكرة ومنحهم فرصة الإستفادة من ذلك، وصب الزيت على النار، مما يفاقم حدة ذلك الصراع في هذا الظرف العصيب الذي تمر به البلاد، وكل ذلك تم تحت ذريعة "المستحق الدستوري"، وإغفالاّ للمستحق الوطني المصيري..!
وليس الهدف من هذا القول هو التخلي عن تنفيذ المستحق الدستوري، بقدر ما هو تأكيد عل أهمية المستحق الوطني في مثل ظروف البلاد الحالية، وإعطاء أهمية قصوى الى ضرورة إيجاد التوافق اللازم للإتفاق على معالجة المأزق الخلافي من خلال إجراء التعديلات المناسبة في الباب الخامس/ سلطات الأقاليم من الدستور، بالشكل الذي يتفق عليه الجميع، ويحقق مصلحة المجتمع بكل مكوناته، ويعزز قيام مبدأ (الفدرالية) على أسس صحيحة وليست هلامية إفتراضية. ويعطي للمادة /142 من الدستور، قيمتها الموضوعية، ويعكس الأغراض التي شرعت من أجلها، وخاصة في معالجة القضايا الخلافية، وفي مقدمتها قانون الأقاليم، وغيره من المسائل الخلافية الأخرى، قبل التعجيل بحسم تلك الأمور من خلال إستعجال تشريعها وقطع الطريق أمام أية محاولة لإعادة النظر في معالجة النواقص التي تكتنفها.
فالأقاليم التي يفترض تأسيسها لاحقاّ، لا بد وأن تكون على أقل تقدير، مستوفاة لشروط وأسباب ومسوغات تأسيسها، كما هو عليه الأمر بالنسبة لإقليم كوردستان اليوم، وذلك لتجنيب البلاد من الوقوع في دوامة من العنف والعنف المضاد، وإنقاذ الوطن من شر التمزق والتشضي، وقطع الطريق أمام كل من يطمح بجعله ساحة لتصفية حساباته مع الآخرين، والحفاظ على النسيج والسلم الإجتماعي التأريخي. وتطويق الإرهاب وقطع كل أسباب إستمراره وتفاقمه..! بذلك نكون قد ساعدنا على تثبيت النظام (الإتحادي) الفدرالي، وفق ظوابط وأسس واضحة ومتينة، بعيداّ عن أي إحتقان طائفي وأسس المذهبية..! ________________________ *- راجع مقالاتنا الأخيرة حول (الفدرالية : ما هو المبتغى..؟) المنشورة في الموقع http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=78183
#باقر_الفضلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفدرالية: ما هو المبتغى..؟
-
برلمان بلا قيود وديمقراطية بلا حدود..!
-
المؤتمر الثامن: نحو البرنامج...!
-
الملف النووي الإيراني: أسئلة وأجوبة..!؟
-
القضاء: هل كان صدام دكتاتوراّ..؟
-
إشكالية (الحرب ضد الإرهاب) وحقوق الإنسان(*)..!2-2
-
إشكالية -الحرب ضد الإرهاب- وحقوق الإنسان..! 1-2
-
العراق: إشكالية الفدرالية والتوازن الإجتماعي..!
-
المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي العراقي: وقفة أولية..!
-
الدستور: إشكالية علم العراق..!
-
المندائيون يستغيثون...!
-
الأنفال : مسؤولية المجتمع الدولي..!
-
الملف -النووي- الإيراني، خطر على من..؟!*
-
القرار (1701): إشكالية النصر والهزيمة..!
-
هل يمتلك العراقيون نفطهم...؟
-
ما هي الديمقراطية المطلوبة من المجتمع العربي..؟*
-
الشرعية الدولية واساليب معالجة ازمة الخليج..! -5
-
المليشيات المسلحة : الحاجة والضرورة والبديل..!
-
ألشرعية ألدولية وأساليب معالجة أزمة ألخليج..! -4
-
ألدستور: ”فدرالية ألوسط وألجنوب”..!
المزيد.....
-
-حالة تدمير شامل-.. مشتبه به -يحوّل مركبته إلى سلاح- في محاو
...
-
الداخلية الإماراتية: القبض على الجناة في حادثة مقتل المواطن
...
-
مسؤول إسرائيلي لـCNN: نتنياهو يعقد مشاورات بشأن وقف إطلاق ال
...
-
مشاهد توثق قصف -حزب الله- الضخم لإسرائيل.. هجوم صاروخي غير م
...
-
مصر.. الإعلان عن حصيلة كبرى للمخالفات المرورية في يوم واحد
-
هنغاريا.. مسيرة ضد تصعيد النزاع بأوكرانيا
-
مصر والكويت يطالبان بالوقف الفوري للنار في غزة ولبنان
-
بوشكوف يستنكر تصريحات وزير خارجية فرنسا بشأن دعم باريس المطل
...
-
-التايمز-: الفساد المستشري في أوكرانيا يحول دون بناء تحصينات
...
-
القوات الروسية تلقي القبض على مرتزق بريطاني في كورسك (فيديو)
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|