أحمد رباص
كاتب
(Ahmed Rabass)
الحوار المتمدن-العدد: 7558 - 2023 / 3 / 22 - 04:48
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
من هذا المنظور، تظل القاعدة السادسة، التي تفرض تحديد أبسط حقيقة في سلسلة من الحقائق المستخلصة من بعضها البعض، هي "السر الرئيسي في المنهج، ولا يوجد شيء أكثر فائدة في كل هذه الرسالة"(يقصد كتاب القواعد).
لماذا؟ لإنها تتوافق مع نوع من الرؤية للعالم، وهو أمر مذهل حقا، والتي وفقا لها "يمكن ترتيب كل الأشياء في شكل سلسلة [...] بحيث يمكن لها التعرف على ذواتها الواحدة انطلاقا من الأخرى".
لذلك فإن الأشياء إما مطلقة أو نسبية من وجهة نظر المعرفة. إنها مطلقة عندما تكون قابلة للمعرفة من تلقاء نفسها (يقول ديكارت: عندما تحتوي في نفسها، "في حالة خالصة وبسيطة، على الطبيعة التي عليها يقوم السؤال"، أو كذلك "الأبسط والأسهل، لأجل الاستخدام الذي نفرده لها في الجواب عن الأسئلة").
يشارك النسبي في أحد جوانب المطلق، الشيء الذي يسمح لنا باستنباط الأول من الثاني بالمرور عبر سلسلة.
يقدم ديكارت أمثلة عن المطلق: السبب، البسيط، الكوني، الواحد، المتساوي، المتشابه، الحق، إلخ.. وبالمثل يقدم امثلة عن النسبي: المركب، الخاص، المتعدد، غير المتكافئ، غير المتماثل، المائل، إلخ..
إليكم جوهر المنهج الذي تم الكشف عنه في كتاب القواعد:
هذه الحدود النسبية تبتعد اكثر عن المطلقة بحيث أنها تحتوي على المزيد من العلاقات من هذا النوع، التابعة لبعضها البعض؛ وتحذرنا القاعدة الحالية من أننا يجب أن نميز كل هذه العلاقات، وأن نحترم ارتباطها المتبادل باعتباره نظامها الطبيعي، حتى نتمكن من الانتقال من الحد الأخير إلى الأكثر مطلقية، مروراً بكل الحدود الأخرى".
على سبيل التلخيص، "سر المنهج بأكمله موجود هنا: في كل الأشياء، حدد بعناية ما هو الأكثر مطلقية".
لاحظ أب الفلسفة الحديثة أنه لا يوجد سوى عدد قليل من الطبائع الخالصة والبسيطة، يمكن امتلاك حدسًا عنها على الفور ومن تلقاء نفسها. وهذه هي الطبائع التي يجب "تحديدها بعناية" لأنها توجد عند انطلاق كل سلسلة.
يواصل ديكارت عرض سلسلة من القواعد الثانوية التي تحدد فقط نقاطا معينة معينة من القاعدة الأساس المعروضة هنا.
وهكذا تصر القاعدة السابعة على حقيقة أن العلم المكتمل هو العلم الذي تحتضن فيه عبر حركة متواصلة كل سلسلة القضايا التي يتم استنباطها من بعضها البعض، ويجب أن يكون هذا التعداد كافياً ومنظمًا.
في الواقع، بمجرد نسيان الرابط، مهما كان غير مهم، تنكسر السلسلة على الفور، وينهار كل يقين الاستنتاج.
تحذر القاعدة الثامنة من التوقف في البحث إذا لم نجد حدسا مرضيًا بإمكانه إثبات صحة المرور من قضية إلى أخرى في استنباط (بمعنى آخر، في سلسلة من القضايا).
تعود القاعدة التاسعة إلى فكرة الاهتمام بالأشياء غير المهمة والسهلة بدلاً من المشكلات المعقدة. يتعلق الأمر بعكس رد الفعل النفسي الطبيعي للعالم.
يجب تشجيع العقل على التدرب على الأسئلة التي تم حلها بالفعل من قبل علماء آخرين، حتى يكتسب الحكمة (القاعدة العاشرة). يخبرنا ديكارت أنه تعاطى لهذا التمرين منذ سن مبكرة.
نجد في شرح القاعدة هذه الجملة الرائعة: "المنهج [...] ليس في الغالب شيئا آخر غير الملاحظة الدقيقة لنظام ما".
(يتبع)
#أحمد_رباص (هاشتاغ)
Ahmed_Rabass#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟